حالة من القلق الشديد تسود نظام الرئيس صالح في اليمن . فمنذ الساعات الليل الأولى من مساء السبت الفائت ، انتهت موجة المظاهرات الاحتجاجية في مصر بانتصار ، حول المظاهرات إلى احتفالات أدخلت مصر مرحلة جديدة ، وعكس ذلك دخلت اليمن مرحلة قلق وترقب تمثلت بمظاهرات مستوحاة من مصر وتونس . ووفقا لقراءات الواقع العربي المعاش ، تبدو اليمن الدولة الثالثة المرشحة للالتحاق بمصر وتونس ، كون اليمن البلد الذي يعيش أوضاعا مؤلمة نتيجة النظام الذي يقوده عصابة من زعماء العشائر والمقربون من الرئيس صالح . بعد دقائق معدودة من إعلان تنحي الرئيس المصري المخلوع مبارك عن السلطة ، أجتمع الرئيس اليمني بكبار القيادات الأمنية والعسكرية في البلاد ، الأمر الذي فسره مراقبون بتخوفه من الالتحاق بزميله مبارك . ليلة السبت كانت ليلة فرح وابتهاج لدى الشعب المصري واليمني والعربي برمته ، عكس ذلك كانت ليلة محزنة على مبارك ونظامه الساقط ، لكنها بالتأكيد كانت ليلة مقلقة على الرؤساء والزعماء العرب . صباح اليوم الثاني ،بدأت السلطات اليمنية مذعورة ، وبدأت أنظار سلطاتها الأمنية تتركز اتجاه ميدان التحرير الذي كان مسرحا رئيسا لمظاهرات مصر ، منه أيضا انطلق المصرييون بثورتهم التي تحقق لها النصر المجيد . تبدو السلطة في اليمن مرتبكة ، ودليل ارتباكها ، هو قيامها بنصب خيام في ميدان التحرير ، لجنود وموظفي المؤسسات العسكرية ، الذين اضطرتهم السلطات الأمنية إلى نزع بزاتهم العسكري ، وأمرتهم بارتداء ملابس مدنية ، وكلفتهم بمهمة استثنائية ، محواها أنهم معتصمون مدنيون ، مطالبون ببقاء الرئيس صالح في السلطة . أحد المستوطنين في الخيام ،أكد لنا بأنهم جنود عسكريون ، وأنهم مقيمون بشكل دائم في الخيام ، حيث يتم تزويدهم بالمعونات الغذائية ، من أكل وشراب ، من قبل المسؤولين على هذه الخيام ، الذين ينقسمون بين مسؤولين عسكريين ومدنيين تم تكليف بهذه المهمة من قبل الحزب الحاكم . جزء كبير من أفراد الشعب يعرفون هذا جيدا ، ويعرفون أن المقيمون في ميدان التحرير هم جنود ، وليسوا مدنيون مقيمون بعفوية ومطالبون فعلا ببقاء الرئيس صالح ، وبشكل من السخرية يفسر الكثير من الناس هذا الأمر بغباء حاد ، أكد أفراد الشعب على انه الغباء الذي اعتادت عليه السلطة ممارسته سواء في إدارة نظامها أو في عملية حمايته . ليس ذلك فقط ما فعلته السلطات اليمنية ، بل عملت على قطع الشوارع الرئيسية المؤدية إلى ميدان التحرير ، لتتحول خلالها "ونشات" المرور الإنقاذية لحوادث السيارات إلى خراسانات وحواجز مستوطنة أوساط الشوارع الممتدة إلى ميدان تحرير صنعاء . وجراء هذا الانقطاع للشوارع ، ازدحمت الشوارع القريبة والمجاورة للتحرير ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه ، هل الخيام والطرابيل التي نصبتها السلطة في ميدان التحرير ستحمي نظام الرئيس صالح من السقوط ؟! أم إن طرقا أخرى سيسلكها الشعب إذا ما كان جادا في إحداث ثورة ضد النظام والسلطة . " التغيير " تطلع إلى أجزاء متفرقة من الأوضاع ، وحاول أن يضع قراءة مختصرة للواقع ، ومدى إمكانية التحاق اليمن بمصر وتونس . حديث الشارع في اليمن منقسم بين مؤيد ومعارض لبقاء النظام ، لكن يبدو الجزء المعارض طاغيا على الجزء المؤيد الذي يبرر عدم انجراره وراء المظاهرات المنددة بالتغيير والإصلاح ، بدخول البلاد في " ورطة " . وفيما يتعلق بمبادرات الجزء الأول من الشعب بانطلاق المظاهرات الشعبية والاحتجاجية ، فقد انطلقت المظاهرات خلال اليومين الماضيين في كلا من صنعاء وتعز ، أي إن محاصرة السلطة لميدان التحرير لم تمنع الشعب من إطلاق مظاهراته الشعبية في بقية أجزاء العاصمة والمحافظات اليمنية . هتافات وشعارات ، أطلقها المتظاهرون في صنعاء وتعز ، تقول "ارحل ارحل ياصالح حكمك لم يعد صالح " إضافة إلى العديد من الشعارات المنددة برحيل النظام .