يتصاعد القلق لدى السلطات اليمنية مع استمرار المظاهرات المنددة بنظام الرئيس علي عبد الله صالح، والمطالبة برحيله عن السلطة. ولاحظ مراقبون أن أعداد المشاركين في المظاهرات التي بدأت السبت الماضي، وهو اليوم التالي لسقوط النظام التونسي وهروب رئيسها السابق زين العابدين بن علي، بدأت تتزايد يوماً بعد آخر، في حين بدأت الشعارات تأخذ منحى آخر. وكانت المظاهرات بدأت السبت الماضي بمجموعة صغيرة تحركت باتجاه السفارة التونسية للتضامن مع ثورة الشعب التونسي، غير انها ومع مرور الأيام بدأت ترفع شعارات تندد بنظام الرئيس علي عبدالله صالح وتطالب بتنحيه عن الحكم. وتبدو الأجهزة الأمنية مترددة في اتخاذ الوسيلة المناسبة لمواجهة هذه المظاهرات ففي حين قام أفراد الأمن في اليوم الأول بحماية المظاهرة ومرافقتها الى السفارة التونسية، بدأ الأمن في مظاهرات اليومين الأخيرين بالتصدي لها، وتعرضت مظاهرة اليوم التي كانت الأكبر لقمع شديد وصل حد الاعتداء على المشاركين واعتقالهم، فضلاً عن إطلاق النار في الهواء. ورأى مراقبون أن لجوء الأجهزة الأمنية لقمع هذه المظاهرات رغم صدور توجيهات عليا بعد اعتراضها، يعكس قلقاً لدى السلطات من استمرار الاحتجاجات وتصاعدها. وكان وزير الداخلية قد أصدر تعميماً على قيادة الوحدات الأمنية والعسكرية في أمانة العاصمة والمحافظات بعدم اعتراض أي مظاهرة، والاكتفاء بمراقبتها وحمايتها. وطبقاً للتعميم الذي حصل "المصدر أونلاين" على نسخة منه: يمنع منعاً باتاً إطلاق النار في حالة قيام أي مظاهرة، ويكتفى بمراقبة المظاهرة وحمايتها، وعلى الجميع التنفيذ، ونحملكم مسئولية ذلك. وطوقت قوات مكافحة الشغب والأمن العام مبنى جامعة صنعاء اليوم الثلاثاء، وأطلقت الأعيرة النارية في الهواء لتفريق المتظاهرين كما اعتقلت عدد منهم قبل ان تفرج عنهم مجددا. ومنعت هذه القوات المتظاهرين من الخروج الى ميدان التحرير وسط العاصمة، ما جعل الطلاب يتظاهرون داخل حرم الجامعة مرددين شعارات مؤيدة للثورة التونسية ومنددة بالنظام اليمني الحاكم. وحاولت قوات مكافحة الشغب تفريق المتظاهرين داخل ساحة الجامعة الا انها لم تفلح. وألقى نقيب الأطباء والصيادلة الدكتور عبدالقوي الشميري كلمة دعا اليمنيين إلى الاقتداء بنظرائهم في تونس "حتى تقوم ثورة ضد المستبد اليمني". وقال إن الحكم في اليمن تحول من "استبداد" إلى "استعمار أسري"، مضيفا: "اليمنيون ليس لهم الآن حقوق إلا مثل حقوق العبيد، وسلطة اليمن سرقت قوت المواطنين". وهذه المسيرة تقام لليوم الرابع على التوالي، لكن قوات الأمن صاعدت قمعها للمتظاهرين. ففي اليوم الثاني كان جنود الأمن يرافقون المتظاهرين ويفسحون لهم الطريق، إلا أن قمع الأمن تمثل في اليوم الثالث بمنعهم من التوجه صوب ميدان التحرير. وأمس الاثنين فرقت قوات الأمن مظاهرة خرج فيها المئات من طلاب جامعة صنعاء بالإضافة إلى قيادات حقوقية، وحين وصلت إلى أمام الجامعة القديمة تصدت قوات الأمن لهم، ومنعتهم من التوجه صوب ميدان التحرير، واعتقلت 5 ناشطين. ومن بين الهتافات التي رددت "أين الثورة والوحدة .. أصبحنا ملك الأسرة" و "ثورة ثورة يا شعوب ضد الحاكم المرعوب". وطالب المتظاهرون الحكومة اليمنية بإيجاد حلول سريعة لمشكلة البطالة التي يعيشها أصحاب المؤهلات الجامعية والأكاديمية، داعين إلى التحرر من حكم العائلات حسب قولهم. يشار إلى أن الرئيس علي عبدالله صالح يحكم اليمن منذ العام 1978م، وأعيد انتخابه رئيساً للبلاد في سبتمبر 2006. ويناقش البرلمان مشروع تعديل دستوري يمكن أن يفتح الطريق لبقاء الرئيس في منصبه مدى الحياة، لكن الحزب الحاكم ألمح في رسالة وجهها لأحزاب المعارضة مؤخراً إلى استعداده سحب هذا التعديل.