بينما يسعى المجلس الانتقالي للثوار حثيثاً لاستعادة المرافق الأساسية في العاصمة طرابلس، يحاول الثوار الليبيون تضييق الخناق على مسقط رأس القذافي في مدينة سرت من جهتي الغرب والشرق، حيث يأملون في العثور على القذافي. أعلن الثوار الليبيون اليوم (28 اغسطس/آب 2011) أن خميس، أحد أبناء العقيد معمر القذافي والذي أُعلن مقتله مرارا منذ بداية النزاع من دون تأكيده، قد يكون قتل أمس السبت في اشتباك مع موالين للقذافي. وقال المتحدث العسكري باسم الثوار، العقيد أحمد عمر باني، في مؤتمر صحافي في بنغازي (شرق) إن لواء مقاتلين من الثوار في مدينة ترهونة على بعد 80 كيلومترا جنوب شرق طرابلس قد اشتبك السبت مع قافلة عسكرية تضم عددا من سيارات المرسيدس، وأن سيارتين من القافلة أصيبتا في تبادل للنيران، فاشتعلتا وقُتل ركابهما. وأضاف العقيد باني أن "من الصعب جدا تحديد هوية الجثث المتفحمة، لكن الجنود الذين أُسروا في المكان قالوا لنا إنهم ينتمون إلى الحرس المقرب من خميس" القذافي. وخميس، أصغر أبناء معمر القذافي، يبلغ من العمر 28 عاما، وهو قائد أحد أكثر الألوية فاعلية ضمن القوات الموالية للقذافي. الثوار يحاصرون سرت ميدانياً، أعلن محمد الفورتية قائد الثوار في مصراتة أن قواتهم تضيق الخناق على مسقط رأس القذافي في مدينة سرت من جهتي الغرب والشرق. وصرح الفورتية ل"فرانس برس" أن قواتهم وصلت إلى مسافة 30 كيلومترا غربي سرت، وأنهم اقتربوا لمسافة 100 كيلومتر إلى الشرق منها بعد سيطرتهم على بن جواد الواقعة على الطريق بين سرت وبنغازي. وتقع سرت على بعد 360 كيلومترا شرق طرابلس. وتعد سرت المعقل الرئيسي الأخير للزعيم الهارب بعد تمكن الثوار من دخول طرابلس والسيطرة على مقر القذافي في باب العزيزية حيث بات التركيز الآن على العثور على القذافي نفسه. ورغم أن أحدا لا يعرف أين يوجد القذافي حاليا إلا أنه ثمة تكهنات بأنه قد يتواجد في سرت يحتمي بين مؤيديه من أبناء القبائل هناك. وقال الفورتية إن محادثات تجري مع زعماء القبائل في سرت لتسليم المدينة دون قتال، مضيفا أن المحادثات تقتصر على أعيان القبائل فقط دون إجراء اتصالات مباشرة مع قوات القذافي، على حد علمه. غير أن محمود شمام، المتحدث بلسان المجلس الوطني الانتقالي، حذر من أن المفاوضات لتسليم سرت دون قتال "لن تستمر إلى الأبد". وفي غرب ليبيا، أفادت مراسلة "فرانس برس" أن معارك بالأسلحة الثقيلة دارت اليوم، الأحد، بين القوات الموالية لمعمر القذافي والثوار الليبيين للسيطرة على بلدة رقدلين. واندلعت المعارك ظهرا بعد نصب كمين للثوار في هذه البلدة الواقعة جنوب غرب زوارة على بعد نحو ستين كلم شرق الحدود التونسية. وفي بنغازي صرح العقيد أحمد عمر باني، المتحدث العسكري للثوار، أنه تم تحرير أكثر من عشرة آلاف سجين من سجون نظام معمر القذافي منذ دخول الثوار طرابلس، لكن قرابة 50 ألفا آخرين لا يزالون في عداد المفقودين. وأعرب باني عن قلقه على مصيرهم، في حين "يكتشف العديد من سكان طرابلس في هذه الأثناء مقابر جماعية في محيط مراكز الاحتجاز السابقة وسجن أبو سليم". عودة الحياة ببطء إلى طبيعتها وفي العاصمة يبدو أن الحياة بدأت تعود إلى طبيعتها بعد ستة أشهر من الانتفاضة، غير أن أصوات إطلاق رصاص متقطع سمعت ليل السبت / الأحد. ويعمل الثوار لاستعادة المرافق في العاصمة بسرعة، ويوجهون مناشدات للمساعدة، في الوقت الذي حثت جامعة الدول العربية في وقت مبكر الأحد مجلس الأمن الدولي على الإفراج عن مليارات الدولارات من الأرصدة الليبية المجمدة. وقال مسؤولون في المجلس الوطني الانتقالي الليبي إن 70 بالمائة من المنازل في وسط طرابلس لا تتوافر فيها المياه الجارية بسبب الأضرار التي لحقت بالشبكة، غير أنه يتم توزيع مياه الشرب من المساجد. وقال عبد العبيدي نائب رئيس المجلس الانتقالي في طرابلس إن مشكلة المياه ناجمة عن "مشكلات فنية" خاصة ما يتعلق بالضخ، نافيا أن يكون الأمر "متعلقا بعمليات تخريب"، وذلك بعد يوم من قول رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل إن نقص المياه وانقطاع الكهرباء في طرابلس راجع إلى "عمليات تخريب من جانب قوات القذافي". ومن جانبه حذر محمود جبريل رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي، الذي ترأس الوفد الليبي في اجتماع الجامعة العربية، من خطورة "عدم الاستقرار" في ليبيا ما لم يتمكن المجلس من دفع رواتب الموظفين واستعادة الخدمات اللازمة للمواطنين. وقد عاودت تونس فتح معبر رأس جدير الحدودي مع ليبيا بعدما أغلقته لستة أيام، وفق ما أوردت وكالة الأنباء التونسية الرسمية. وذكرت الوكالة التونسية أن حركة الأشخاص والسيارات على المعبر كانت محدودة. وأعلنت وزارة الداخلية التونسية اعتقال ليبي موال للقذافي وثلاثة تونسيين في جنوب شرق البلاد متهمين بالتخطيط لهجمات على الثوار الليبيين الذين لجأوا إلى تونس.