تفاقمت المشاكل الصحية في اليمن المضطرب بسبب الاحداث القائمة وعادت الامراض السارية (المعدية) في الانتشار والتوسع، وباتت اليمن على حافة كارثة انسانية بسبب انتشار الامراض. وكانت برامج تعمل عليها اليمن منذ سنوات مع الدول المانحة والمنظمات الدولية من أجل مكافحة الامراض السارية في البلاد الا أن توقف تلك البرامج والمشاريع بسبب الاحداث تسبب في عودة تلك الامراض. وتدهورت كل الاوضاع في اليمن منذ حوالي عشرة اشهر بسبب الاحتجاجات المطالبة باسقاط النظام وبسبب توسع دائرة الصراعات وما رافقها من عمليات نزوح لم تتمكن الاجهزة المختصة من محاصرة الامراض السارية، وهو ما ادى الى اتساع رقعتها. وقال مختصون يمنيون ان شبكات وبرامج التحصين ضد الامراض السارية تأثرت بشكل كبير بسبب الاحداث، مما ساهم في تفشي الامراض السارية واتساع رقعتها وحدوث انتكاسة بعد ان كانت شارفت اليمن على القضاء على عدد من الامراض السارية. وتعد اهم الامراض السارية في اليمن: الحصبة – السل الرئوي – الكوليرا - التهابات الكبد الفيروسية – شلل الاطفال. وقال الدكتور علي محمد الصبري، استاذ طب المجتمع والصحة العامة بكلية الطب بجامعة صنعاء، رئيس الجمعية اليمنية للصحة العامة، بان اليمن تعاني من انتكاسة كبيرة في الجانب الصحي بسبب الاحداث الجارية منذ اشهر. واكد الصبري لوكالة انباء (شينخوا) بان معظم البرامج الصحية في اليمن تضررت بسبب الاحداث . وتابع أن معظم البرامج الممولة من الدول المانحة والمنظمات الدولية توقفت شبه كليا وربما تم تأجيل تنفيذها الى حال استقرار الاوضاع ، وهذا ساهم في تفاقم الوضع الصحي وانتشار الامراض السارية في البلاد ، خاصة وان التمويل الوطني غير كافي اصلا. واوضح الصبري بقوله "بسبب عدم الاستقرار السياسي في البلاد تدهورت الخدمات الصحية، وهناك اعتلال في صحة المجتمع حاليا، وتأثر كبير في برامج التحصين، ولمسنا انتشار الكثير من الامراض السارية والامراض المنقولة وهو ما يعد اخلال بالمنظومة الصحية البيئية". واكد رئيس الجمعية اليمنية للصحة العامة، ان هناك تراجعا في نسبة التحصين ما مقداره حوالي من 40% الى 50% ، مشيرا الى ان اليمن كانت شارفت على القضاء على الكثير من الامراض السارية، لكن بسبب الاحداث هناك انتكاسه وعودة وربما توسع في انتشار الامراض السارية. وفي السياق ذاته، قال الدكتور صابر حزام، اختصاصي صحة عامة، ان الاحداث الجارية في اليمن اثرت بشكل كبير على برامج مكافحة الامراض السارية في البلاد ، مما ادى إلى عودة انتشار تلك الامراض واتساع رقعتها. وقال حزام لوكالة أنباء (شينخوا) ان عددا من المشاريع الممولة من الدول المانحة توقفت بسبب الاحداث القائمة، وان عددا من الامراض السارية بدأت تنتشر مجددا خاصة في مناطق الصراعات التي تشهدها البلاد منذ اشهر. واكد حزام ان شبكة التحصين لعدد من الامراض تدمرت شبه كليا، وان عملية نزوح الاهالي وغياب الكادر الصحي وكذلك غياب الرقابة بسبب الاحداث الجارية ساهم في عودة الامراض السارية في اليمن. وتابع "هناك اشكاليات كبيرة في مواجهة الامراض السارية حاليا حيث انعدمت شبه كليا اللقاحات، وكذا اشكالية نزوح الاهالي بسبب الصراعات إلى مناطق لا تتوفر فيها لقاحات اصلا ، كل ذلك ساهم في عودة الامراض السارية في البلاد". واشتكى مرضى من عدم مقدرتهم الحصول على اللقاحات الخاصة بامراضهم بسبب الاوضاع غير المستقرة في البلاد. يقول سلطان احمد (34 سنة) يسكن احدى ارياف مدينة تعز (256 كم) جنوب العاصمة صنعاء، "اعاني من مرض السل الرئوي وقد قرر لي الاطباء اخذ جرعة لقاحات لمدة ثمانية اشهر، واخذت الدفعة الاولى من اللقاح ، قبل شهرين، وحاليا لم اعد قادرا على الحصول على باقي اللقاحات بسبب تعرض المستشفى الخاص بصرف اللقاحات في المدينةبتعز للتخريب بسبب المواجهات القائمة هناك بين قوات الحرس الجمهوري ومسلحين قبليين". ويؤكد احمد، "حاليا توقفت عن اخذ اللقاحات الخاصة بالمرض، وهو ما قد يسبب لي انتكاسه، وهذا يعني استمرار المرض والمعانة، متمنيا ان تقوم الجهات المختصة بايجاد حلول لذلك وان تنفرج الاوضاع في القريب". من جهتها، اعتبرت الحكومة اليمنية بان حملات التحصين تأثرت في البلاد بسبب الاحداث القائمة وقلة الموارد الخاصة بتنفيذ حملات التحصين. واكتفى الدكتور ماجد الجنيد وكيل وزارة الصحة اليمنية بقوله لوكالة انباء (شينخوا) بان هناك تراجعا في التحصين، حيث تأثر بسبب الاحداث القائمة التي تمر بها البلاد منذ اشهر .. مشيرا بان هناك شحة في الموارد سواء المرصود محليا أو الدعم الخارجي بشأن تنفيذ حملات التحصين. وكان وزير الصحة العامة والسكان الدكتور عبدالكريم راصع قال امس (الاثنين) انهم حاليا في اطار التحضيرات والتجهيزات للحملة الوطنية ضد شلل الأطفال والتي من المقرر تنفيذها خلال الفترة من 14 إلى 16 نوفمبر القادم. وناشد الوزير اليمني الآباء والأمهات والسلطات المحلية وجميع الفعاليات الرسمية والأهلية والسياسية التعاون مع فرق التحصين لإنجاح هذه الحملة التي تعمل بمهنية وحيادية وتذهب إلى جميع المواطنين دون أن تسألهم عن انتماءاتهم الحزبية واتجاهاتهم السياسية. حسبما ذكرت وكالة الانباء اليمنية (سبأ) وكانت قالت مدير عام البرنامج الوطني للتحصين الموسع التابع لوزارة الصحة العامة والسكان الدكتورة غادة الهبوب اثناء لقاءها ممثل منظمة الصحة العالمية بصنعاء (الاحد) الماضي ان تداعيات الأزمة السياسية التي تمر بها اليمن أثرت على معدل التغطية بالتحصين بنسبة 6 بالمائة انخفاضا حيث وصل معدل التغطية إلى 71 بالمائة مقارنة بمعدل التغطية في نفس الفترة من العام الماضي. هذا وحذرت منظمات دولية من تردي الاوضاع الانسانية بسبب تدهور الاوضاع الصحية في اليمن، ومن تراجع نسبة التحصين للامراض السارية في البلاد. وقالت منظمة اليونسيف الاربعاء الماضي" إن تحصين الأطفال في اليمن تراجع بنسبة 40% في بعض المناطق، مما أدى إلى انتشار شلل الأطفال والحصبة وتراجع متزايد للخدمات العامة في بلد على حافة كارثة إنسانية". وقالت غيرت كابيليري، ممثل المنظمة في اليمن: "لدينا هنا العديد من القضايا الإنسانية المزمنة التي ينبغي معالجتها، وإن الأوضاع الإنسانية تصل في أحيان كثيرة إلى درجة كبيرة من التعقيد لم يسبق لها مثيل في تجاربنا ضمن المجتمع الإنساني الدولي".