استعادت ساحة التغيير في العاصمة اليمنية صنعاء والساحات الأخرى المماثلة الموزعة على خريطة 18 مدينة يمنية قدرتها على الانطلاق مجدداً في تصعيد الفعاليات الثورية بعد أيام صعبة من الانقسام الطارئ الناجم عن تفاوت المواقف بين مكوناتها الشبابية حيال التعاطي مع التوقيع على المبادرة الخليجية، وما أعقبه من إجراءات عملية لتشكيل حكومة وفاق وطني بالتقاسم بين حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وأحزاب المعارضة والقوى الممثلة في المجلس الوطني للثورة الشبابية والشعبية . التصعيد الطارئ في الأوضاع الأمنية والعسكرية من قبل القوات الموالية للرئيس صالح في كل من تعزوصنعاء ومديريتي نهم وأرحب، أسهم في إعادة توحيد الارادة الجماعية لمكونات الثورة الشبابية بساحة التغيير وغيرها من ساحات الاعتصام الاحتجاجي المماثلة باتجاه المضي قدماً في تصعيد الفعاليات الثورية الهادفة إلى فرض التغيير الجذري للنظام السياسي القائم . واعتبر الناشط البارز في ساحة التغيير بصنعاء فؤاد أحمد ناصر الثلايا، رئيس ومؤسس ائتلاف “وطن بلا فساد” ل”الخليج” أن التوقيع على المبادرة الخليجية ودخول أحزاب المعارضة في ائتلاف سياسي ناشئ مع الحزب الحاكم على خلاف الإرادة الثورية القائمة بالساحات، أفرز ما يمكن وصفه بالشعور العام السائد لدى مكونات الثورة الشبابية كافة في ساحة التغيير والساحات الأخرى بأن الثورة الحقيقية بدأت منذ لحظة التوقيع على المبادرة الخليجية وبدء إجراءت تشكيل حكومة وفاق وطني . من ناحيته، أكد نورالدين السراجي، أحد الناشطين في ساحة التغيير بصنعاء أن ساحة التغيير تشهد بشكل يومي التحاق مجاميع جديدة من الشباب إلى مخيم الاعتصام وتصاعداً غير مسبوق للزخم الثوري ومظاهر الحماس الجماعي لتحقيق الحسم الثوري، باعتبار أن الثورة التي أشعلتها إرادة الشباب ستتوج بنهاية حاسمة يفرضها الشباب، وليست الأحزاب أو القوى الإقليمية والدولية . وأشار السراجي ل”الخليج” إلى أن الشعور العام بالسخط وعدم الرضا حيال التسوية السياسية المبرمة والموقع عليها في الرياض أفرز حافزاً إضافياً لدى الكثير من الشباب الثائر بساحة التغيير وغيرها من ساحات الاعتصام الأخرى للمضي قدماً في تنفيذ برنامج تصعيد الفعاليات الثورية كون مواصلة تنفيذ هذا البرنامج يمثل في حد ذاته تعبيراً عن الرفض الجماعي من قبل مكونات الثورة الشبابية للمبادرة الخليجية وللتسوية السياسية المبرمة، والتي تمنح الرئيس صالح ضمانات بعدم الملاحقة والمحاكمة، إلى جانب أنه يبرز الخيار الذي اعتمدته الساحات إزاء كيفية تحقيق الحسم المنشود عبر الفعل الثوري وليس التسويات السياسية المبرمة في الغرف المغلقة . من جهته كشف الناشط في ساحة التغيير وعضو ائتلاف “يمن ديمقراطي حر” عبدالرحمن أحمد اليوسفي ل”الخليج” عن طبيعة المخاوف التي سادت أوساط الائتلافات الشبابية المستقلة بالساحة عقب توقيع أحزاب المعارضة، وممثلي المجلس الوطني على وثيقة المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، والمتمثلة في انسحاب الكوادر الشبابية الممثلة لأحزاب المعارضة من ساحات الاعتصام أو تبنيهم لمواقف وتوجهات مغايرة تتقاطع مع الإرادة الثورية الهادفة إلى تحقيق الحسم الثوري، وفرض التغيير الجذري للنظام الحاكم ورفض مبدأ التسويات السياسية والمحاصصة الحكومية . وقال “بعد التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية في الرياض سادت توجسات حقيقية داخل ساحة التغيير وغيرها من الساحات، من احتمالات انسحاب ممثلي أحزاب تكتل اللقاء المشترك المعارض من الساحات، وهم يمثلون نسبة عددية كبيرة أو اتجاههم إلى استغلال حضورهم المؤثر داخل الساحات في تهيئة الساحات لتقبل خيار التسوية السياسية المبرمة في الرياض، لكن هذه التوجسات تبددت بعد أن عبرت كوادر الأحزاب الممثلة في الساحة عن مواقف رافضة للتوقيع على المبادرة، ولمبدأ التغيير الجزئي للنظام الحاكم، ومؤيدة لخيار تصعيد الفعاليات الثورية لفرض التغيير السياسي المنشود بشكل جذري” .