توقفت عقارب الساعة بعد منتصف ليل (السبت) ، وحبس أنصار الريال والبارسا أنفاسهم ترقباً لأحداث أقوى مباريات كرة القدم على مستوى العالم، ولما لا وهما يضمان بين صفوفهما لاعبين تتجاوز قيمتهم المالية المليار دولار، ونجوماً من كل القارات ومدربيْن ضمن الأفضل في العالم. دخل الفريقان المباراة بهدفين مختلفين، الريال بهدف الاقتراب من حلم بطولة الليجا الاسبانية لأنه في حال فوزه يتسع الفارق مع برشلونة إلى 6 نقاط مع مباراة أقل الفوز فيها يدفعه أكثر من نصف الطريق لبلوغ هدفه، والبارسا بهدف إثبات أنه الفريق الأفضل في العالم، بالإضافة إلى رد الروح بطولة الدوري أوشكت على دخول غرفة الإنعاش، فماذا حدث. آفاق ريال مدريد من أحلامه الجميلة على كابوس مزعج في ملعبه وبين أنصاره بثلاثية مقابل هدف، تناوب على تسجيلها أليكسس سانشيز وتشافي هيرنانديز وسيسك فابريجاس، بعدما أحرز كريم بنزيمه للريال في الدقيقة الأولى لتظل هيمنة البلوجرانا على الكلاسيكو، ربما يدفع هذا الكابوس الداهية البرتغالي جوزيه مورينيو لمراجعة حساباته في بعض اللاعبين خصوصاً لاعبي الوسط والطرف الأيمن، وواصل جوارديولا تفوقه الدائم على غريمه التقليدي بفضل ذكائه في التعامل مع المباراة وبفضل كتيبة من النجوم يصعب تواجدهم في أي فريق آخر. لماذا خسر الريال دخل الريال المباراة وهو منهزم نفسياً مثل ما قال مدربه جوزيه مورينيو عقب المباراة، فبعد بدايته بأفضل سيناريو من الممكن أن يحدث بعد تقدمه بهدف في الدقيقة الأولى اثر هدية من فالديز عندما مرر الكرة لدي ماريا تصل مسعود أوزيل الذي سدد تصطدم بالمدافعين وتصل كريم بنزيمه الذي سدد داخل الشباك، لكنه لم يستغل تقدمه المبكر، وكأن لاعبي الريال لم يصدقوا أنهم تقدموا على البارسا فرأينا حالة من الارتباك كاد على إثرها أن يحقق ميسي التعادل عندما تعثر سيرجيو راموس وخطفها ميسي وسدد كرة قوية حولها ايكر كاسياس إلى ركنية. خسر الريال لأنه خسر كرات كثيرة في منتصف الملعب الذي جاهد فيه لاسانا ديارا وتشافي الونسو لمواجهة رباعي برشلونة، انييستا، تشافي، هيرنانديز، وبوسكيتش، وكان الأولى بمورينيو الإبقاء على احد المهاجمين دي ماريا أو اوزيل على مقاعد البدلاء والدفع بلاعب وسط كسامي خضيرة، أو الدفع بكونتراو في المنتصف مع وجود اربيللوا كمدافع أيمن، مورينيو كان يملك حلولاً عدة ولكنه تعامل بعنجهية ونسى انه يلعب أمام البارسا. وكعادته في المباريات الكبرى سواء مع الريال أو مع منتخب البرتغال لم يظهر كريستيانو رونالدو بمستواه الكبير المعهود عنه، وكان كل همه هو التسجيل بأي شكل، ولم يلعب جماعياً مع زملائه رغم أنهم أحوج ما يكون للجماعية أمام فريق يمتلك أفضل المواهب في العالم، فرأيناه يسدد عندما يكون التمرير هو الحل الأفضل أحيانا، ويفعل العكس أحياناً أخرى، وليس أدل على ذلك من فرصة الدقيقة الخامسة والعشرين عندما أضاع هدفاً محققاً بعد تمريرة كريم بنزيمه لكن أنانية رونالدو ضيعت الفرصة، وكان الأفضل تمرير الكرة لدي ماريا الخالي من الرقابة ولكنه سدد بجوار القائم الأيسر، ولو مررها لأصبحت النتيجة هدفين نظيفين، ثم في الشوط الثاني وقبل الهدف الثالث للبارسا أضاع هدفا برأسه لا يضيع بسبب تعاليه على الكرة لترتد هدفاً ثالثاً لبرشلونة، ما دفع جماهير الريال لإطلاق صافرات الاستهجان عليه، فقد ذكرت صحيفة الماركا أن الجماهير في ملعب البرنابيو أبدت ضيقها وانزعاجها الشديد من أداء رونالدو في اللقاء الذي أصابهم بالإحباط، بل وصل الحال بأن أطلقت الجماهير صافرات الاستهجان في كل كرة كان يستلمها الفتى البرتغالي بعدما ارتفعت النتيجة ل3/1 على حد قول الصحيفة المدريدية. ونقلت الماركا كلمات لأحد المشجعين صرخ بها في وسط المدرجات قائلاً (في كل مرة أشعر بنفس الشيء أمام برشلونة..!). وانتهت الصحيفة في تقريرها بأن (رونالدو خيب الآمال بكثرة الكرات التي فقدها وكثرة التسديدات بدون هدف كما كان إضاعته لفرصة عظيمة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير). ساعد برشلونة على الفوز أيضاً بعض الأخطاء بتشكيل الريال مثل وجود كونتيراو الأعسر على الجهة اليمنى، وإن كان هذا الأخير قدم مباراة كبيرة دفاعياً، لكنه غاب عن الجانب الهجومي، وكذلك إخلاء منتصف الملعب للاعبي المنافس، ففي الوقت الذي يلعب فيه بوسكيتش، تشافي، انييستا، وفابريغاس في متصف ملعب برشلونة، لم يواجههم غير لاسانا ديارا وتشافي الونسو، وكذلك فاز برشلونة لأن نجوم الريال جميعاً غابوا عن المباراة ولم يحضر للسنتياغو بيرنابيو إلا كريم بنزيمه وايكر كاسياس الذي تصدى لمحاولات عدة من لاعبي برشلونة. لماذا فاز البارسا فاز البارسا أولا : لأنه الأفضل في العالم بلا منازع ولو كان الريال، فاز لأنه يملك مدرباً كبيراً جداً عرف كيف يلعب مع منافسه، لأنه يملك ميسي، تشافي، انييستا، فابريغاس، والقطار السريع الجديد اليكسس. ثانيا: لأن مدربه تعامل بذكاء مع المباراة حتى في الشوط الأول الذي كان فيه الريال أفضل نسبياً لم يعطه الفرصة للقضاء على حظوظه في المباراة، وعدل من طريقة لعب فريقه في الشوط الثاني عندما حرك بويول إلى مركز المدافع الأيمن وأعاد بوسكيتش بجوار بيكيه ثم دفع بداني الفيش كجناح أيمن وحرك فابريغاس للجهة اليسرى ما أعطاه زمام الأمور في المباراة. ثالثا: لأن مدربه أعطى فريق الريال حقه ولم يتعامل من منطلق انه الأفضل، ولم يفعل مثل مورينيو الذي تعامل بعنجهية مع البارسا من خلال التشكيل، علاوة على تواضعه الجم بعد المباراة فحفظ للريال حقه كفريق كبير خلال المؤتمر الصحفي، عكس مورينيو الذي أعاد كل أسباب الخسارة للحظ وللهزيمة النفسية عند اللاعبين، ولو قدر الله له الفوز لمأ الدنيا ضجيجاً. والسؤال إذا كان لاعبوك مهزومين نفسياً وهم يلعبون للفريق الأكثر تاريخاً وجماهيرية في العالم وواحد من أغنى الفرق إذا لم يكن أغناها في الكرة الأرضية، ولم تستطع زرع الثقة، وهم النجوم الكبيرة في عالم الكرة، فيهم فما هو عملك؟ كما أن إعادة كل شي للحظ فيها تجنٍ كبير على برشلونة، نعم كان هناك حظ في الهدف الثاني، لكن الحظ يذهب للمجتهد فقط؟ مبروك للبارسا الأداء الراقي، وهنيئا لعشاق الليجا رجوع الروح لبطولة كادت أن تموت فأعادها البرسا للحياة.