لم يكن هادي ليتخذ قرارات حازمة دون الإعتماد على منظومة أمنية تحميه وتحمي قيادات الدولة ودون إنشاء قوة عسكرية جديدة تتمثل مهمتها الرئيسية في حماية الرئيس وقيادة الدولة فبدون تلك المنظومة الأمنية والقوة العسكرية سيظل هادي ضعيفاً ومرهوناً لمن يحقق له الحماية ويضمن أمنة الشخصي ناهيك عن عجزة عن إتخاذ أي قرار جرئ فالحديث عن منزله الذي يتعرض كل يوم للرصاص وإطلاق النار يهز كيان الدولة ويمس السيادة الوطنية ويعبر عن مدى ضعف هذا الرجل وقلة حيلته ولكن يبدو أن الحديث عن منزل الرئيس لن يطول فهادي شمر عن ساعديه وقرر إمضاء التغيير والبداية في ضمان أمنه الشخصي وتقليم أظافر الرئيس السابق وإعادة لحمة الجيش الوطني وهيكلته وفق معايير وطنية ومؤسسية فليس من المعقول أو المنطقي أن يظل الرئيس يعمل وحوله قوة عسكرية تم تشكيلها وفق ما يتفق مع سياسات سلفه الذي لا يزال حتى اللحظة يعمل على تصفية حساباته مع خصومة السياسين وإن كان هذه المره الشعب بأكمله. الحرس الجمهوري قوة لحماية صالح : عند العودة الى تاريخ قوات الحرس الجمهوري والذي أنشئت مطلع الثمانينات كقوة بسيطة حول العاصمة صنعاء حيث سلمت لها فيما بعد مهام حماية القصور الرئاسية وزاد الإهتمام بها عقب حرب 94م بعد تولية نجل الرئيس السابق كقائد عليها وبالتالي أصبح الرئيس السابق ينظر اليها كقوة حامية للسلطة وبديل حقيقي للجيش الذي عمل الرئيس السابق على إضعافة والزج به في حروب داخلية سيما في المناطق الشمالية بينما ظلت قوات الحرس تواصل تدريباتها وتحصل على التسليح الجيد ويتسع تواجدها وإنتشارها لتشمل كل المحافظات واصبحت تسيطر على أهم المواقع منها الجبال المحيطة بالعاصمة ومن أجل بناء قوات الحرس سخر الرئيس السابق إمكانيات الدولة في سبيل ذلك حيث تم إعتماد الميزانيات المالية المهوله لهذه القوة وعقد صفقات التسليح المختلفة وتوسيع المعسكرات وإضافة عدد كبير من الألوية على قوام قوة الحرس الجمهوري . كيف كان التجنيد بقوات الحرس ؟ خلال العشر السنوات الأخيرة قبل قيام الثورة الشعبية كان يتم فتح باب التجنيد للإلتحاق بقوات الحرس الجمهوري وفق شروط خاصة ويتم الإعتماد على الضباط السابقين والمشهورين بولائهم لنجل الرئيس والرئيس في تزكية أعداد كبيرة من الشباب للإلتحاق بقوات الحرس إضافة الى المشائخ المقربين من الرئيس السابق ومن مناطق معينه فالألوية الرئيسية بالحرس خاصة اللواء الأول والثاني والثالث والرابع والخامس عادةً لا يتم تجنيد إلا من مناطق سنحان وبلاد الروس وآنس والحيمتين وبني مطر والمحويت ولا يتم قبول أي شخص من منطقة أخرى إلا بعض الحالات النادرة وخلال العام 2009م وقبل إندلاع الثورة بعامين كلف نجل الرئيس أحد أهم مشائخ محافظة المحويت في إستقدام اكثر من ثلاثة ألف شاب من المحافظة لتجنيدهم وضمهم الى قوات الحرس وحينها جمع هذا الشيخ كل اولئك الشباب في ساحة منزلة الكائن شمال غرب العاصمة ليلقي لهم التعليمات الهامة وكلها تصب في خانة الولاء للوطن المرتبط بالولاء لنجل الرئيس . شروط الإلتحاق : من خلال متابعتي لعملية التجنيد في قوات الحرس قبل عامين كان يتم الحرص على أن يكون الشاب أقل من 20عاماً وان لا يكون له مؤهل علمي جيد حيث كانت الاولوية لخريجي التعليم الأساسي وكان يتم قبول البعض بشرط القراءة والكتابة فقط ولعل السبب في ذلك يكمن في ضمان ولاء هؤلاء الجنود وتربيتهم وفق ما تريده قيادات الحرس وكان لا يتم قبول الكثير من الشباب من خريجي الثانوية من محافظات كتعز وإب وريمة مالم يحصلوا على تزكية بعض الضباط أو المشائخ واعضاء مجلس النواب وهذا يرتبط بمدى علاقة أولئك المشائخ بقائد الحرس . الحرس الخاص : أما الحرس الخاص فقد كان الرئيس السابق يحرص كل الحرص على أن يتم تشكيل هذه القوة وفق شروط ومعايير فائقة الدقة من أهمها التزكيات والضمانات وأيضاً المناطقية فالحرس الخاص أغلب جنودة ينتمون الى مناطق معينة ولهذا فعند إنتقال السلطة الى الرئيس الجديد فقد كان من اولى أولوياته هي النظر في هذه القوة المحيطة به والذي تم تشكيلها وفق مقاس الرئيس السابق وبما يتفق مع بقاءة في السلطة أكثر وقت ممكن بل وبما يهيئ عملية التوريث لنجله . ما جدوى تشكيل قوة الحماية الرئاسية ؟ الجميع يتفق في أن القرارات الأخيرة للرئيس هادي تصب في مصلحة مشروع التغيير وهي في نفس الوقت تجعل هادي أكثر قدرة على إتخاذ قرارات حازمة اخرى وهذا لن يأتي دون وجود قوة عسكرية تحمي الرئيس هادي الممثل للشرعية الجديدة فلن يظل مرهون صراعات قوى النفوذ ولن يستمر كرئيس في ظل جيش تتقاسمة قوى النفوذ والقادة العسكريين خاصة من أبناء الرئيس السابق ولهذا فإن قرار تشكيل قوة جديدة تتجاوز القوى الموجودة وتعمل على تحييد المؤسسة العسكرية وإعادتها الى حاضنة الوطن كان إيجابياً على حد كبير ولكن يظل التساؤل حول الكيفية الذي سيتم بها تشكيل هذه القوى وهل كان قرار الرئيس صائباً بخصوص ضم ألوية من الحرس الجمهوري والفرقة الاولى مدرع لتشكيل هذه القوة أم أننا سنشهد صراعاً جديداً ستكون ساحتة هذه المرة قريبة جداً من الرئيس بل وفي القوة الذي يقع على عاتقها حماية رأس الدولة ؟ وبالنظر الى طريقة التجنيد سواءً في الحرس الجمهوري أو الفرقة الأولى مدرع سنجد أن هذه القوة بالصعوبة في مكان أن تلتحم وتندمج في وقت قياسي بل تحتاج فيه الى أشهر إضافة الى حسن إختيار القادة وبشروط عسكرية وأمنية عالية بحيث يتم تشكيل القوة من الالوية المذكورة في القرار الجمهوري وبضم عشرات الشباب من مختلف المحافظات اليها بحيث يتم خلط كل تلك الألوية بحيث تتماهى مع بعضها وأن يتم تمييزها بزي معين وإخلاء معسكرات الحرس الخاص لها وبعض معسكرات الحرس الجمهوري وبحيث تصبح قوة تتلقى اوامرها من الرئيس نفسه وتحدد مهامها في حماية رأس الدولة والشرعية الدستورية المتمثلة بالرئيس هادي . لماذا الحماية الرئاسية ؟ إن ما جعل هادي يُقدم على هكذا قرار هو صعوبة البقاء كرئيس في ظل إنقسام الجيش حيث يعمل على هذا الإنقسام ويساعد على الإختراقات الأمنية وتستطيع الجماعات الخارجة عن القانون العمل في ظل هذه البيئة للقيام بعمليات أمنية قد تستهدف رأس الدولة وقيادات عليا كما حدث بميدان السبعين في مايو الماضي , ولهذا فإن الأمن الشخصي لرئيس الجمهوري أصبح من أهم الأولويات فبدون امن شخصي وقوة حامية للرئيس بعيدة عن الولاءات الضيقة لن يستطيع الرئيس تحقيق أي تقدم أو إتخاذ أي قرارات بل سيصبح الرئيس رهيناً لتلك القوة الذي لن تتوانى في الضغط على الرئيس في كل ما يريد فعله تحت ذريعة الحماية ولعل ما دفع هادي الى إتخاذ مثل هكذا قرار هو إدراكة الحقيقي بأن عملية التغيير لا يمكن لها أن تتم في وقت واحد وأن تقليم أظافر الرئيس السابق لابد ان تتم وفق خطوات معينة وبحذر وبطئ شديدين إضافة الى علمه بولاءات قادة الحرس من ضباط وصف ضباط لنجل الرئيس وصعوبة تغيير بعض قناعاتهم في الفترة الحالية ولهذا فإن قوة الحماية الرئاسية ستمكن الرئيس هادي من إتخاذ قرارات أكثر حزماً في الفترة المقبلة . مخاوف أمنية : لعل الصراع الدائر بين بقايا النظام السابق خاصة في الجيش والأمن سيثير بعض المخاوف من إمكانية تحقيق إختراق أمني سريع لقوات الحماية الرئاسية عبر زرع عناصر معينة تقوم ببعض المهام في فترة لاحقه ومنع ذلك سيكون بإتخاذ إجراءات أمنية مشدده لإختيار الجنود وطريقة دمجهم مع بعضهم إضافة الى طريقة التدريب والتوعيه والذي يجب أن تكون بعيدة تماماً عما هو معتمد في ألوية الجيش الأخرى فتشكيل قوة ثالثة ليس بالأمر السهل خاصة إن كان الأمر يتعلق بأمن رأس الدولة ولهذا فإن إختيار قادة هذه القوة وضباطها وصف الضباط ينبغي ان يكون وفق معايير وشروط وطنية .