موقع القناة صنعاء : الهجوم الانتحاري على السفارة الأميركية في اليمن والذي قتل فيه 17 شخصاً وأعلنت جماعة الجهاد الإسلامي التابعة لتنظيم القاعدة مسؤوليتها عنه ليس إلا حلقة من سلسلة لن تنتهي من الهجمات التى يخطط تنظيم القاعدة لشنها على أماكن السفارات الأجنبية والمصالح الحيوية في اليمن .. والمراقبون يؤكدون ان الحرب بين الطرفين بدأت ، وستكون حرباً بلا نهاية !. وقد رفع تنظيم القاعدة من عدد هجماته ضد مصالح حكومية وأجنبية داخل اليمن في الأشهر القليلة الماضية، وبذلك أثبت عدم صحة الشائعات التي تروج بوجود علاقة بين القاعدة وحكومة الرئيس صالح التي عرفت بقدرتها على احتواء قيادات القاعدة القدامى. ويقول أحد الباحثين المتابعين للحركات الإسلامية إن قيام حكومة الولاياتالمتحدة الأميركية باغتيال أحد أبرز قيادات القاعدة في اليمن عقب الهجوم على المدمرة الأميركية (يو إس إس كول) في 2001 في ميناء عدن، وحملة الاعتقالات الأمنية التي نفذتها الحكومة اليمنية ضد القاعدة قد ولد فترة من الهدوء النسبي بين سنة 2004-،2005 لكن هذا الهدوء النسبي تغير تماما بعد هروب 23 من مقاتلي القاعدة من سجن الأمن السياسي في ،2006 حيث كان من بين الفارين القائد الجديد لتنظيم القاعدة في اليمن ناصر الوحيشى ، الرجل الأكثر خطورة في اليمن والذي تدرب في أفغانستان ولديه خبرة واسعة من خلال تدربه وتعامله مع أسامة بن لادن، وعلاوة على ذلك فهذا الرجل يستنكر سياسة جيل القاعدة القديم مع الحكومة اليمنية وذلك حينما هدد بقوله (سنقاتل الحكومة اليمنية ولن نتعاون معها). ووفقا لتقارير المراقبين فقد صممت العمليات الإرهابية الأخيرة بهدف إضعاف الحكومة اليمنية، حيث استهدفت القاعدة المنشآت النفطية والشركات الأجنبية العاملة في حقول النفط في اليمن وكذلك قطاع السياحة، وتسود اليمن مخاوف من أن تجدد الهجمات الإرهابية للقاعدة والانفلات الأمني ربما يعرض العلاقة الدبلوماسية بين حكومتي اليمنوالولاياتالمتحدة للخطر. وقد عادت القاعدة من جديد تحاول نبش مخالبها في جسد اليمن وتستهدف المواقع السياحية والمنشآت النفطية لكي تقصم ظهر الاقتصاد الوطني ، ورغم محاولات السلطات اليمنية التهدئة مع القاعدة، إلا أنها لا تلبث أن تفاجئ الشارع اليمنى بما يجعلها دوما في صدارة الأحداث. ويأتي التصعيد من جانب تنظيم القاعدة ضد الحكومة اليمنية فى إطار رد الفعل الحاد من التنظيم بعد العملية الأمنية التى نفذتها وحدات من قوات الجيش والشرطة اليمنية ضد خلية تنظيم القاعدة بمدينة تريم فى محافظة حضرموت، وكما يرى كثير من المتابعين والمهتمين بالشأن اليمنى، فإن تلك العملية الأمنية أشعلت من جديد نيران الحرب وفتحت الباب أمام مواجهة واسعة وحرب مفتوحة بين اليمن وخلايا تنظيم القاعدة التى تتوزع هنا وهناك فى أكثر من منطقة يمنية. ووفقا لتقارير إعلامية أصدرتها جهات استخبارية يمنية فإن من بين المعلومات المهمة التى تم التوصل إليها أن خلايا تنظيم القاعدة فى اليمن كانت تخطط للالتحام بخلايا القاعدة بالخليج فى إطار ما يسمى تنظيم قاعدة الجهاد فى جزيرة العرب، إضافة إلى التنسيق فيما بين خلايا التنظيم فى البلدين لتنفيذ عمليات إرهابية مشتركة ضد أهداف محددة فى اليمن والسعودية معاً. أسلحة جديدة وتؤكد المصادر أن أعضاء القاعدة فى الخليج كانوا قد أمدوا أعضاء التنظيم باليمن بمبالغ مالية لغرض شراء كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات وتهريبها، مشيرة إلى أن مهمة تهريب الأسلحة أوكلت لمجموعة من عناصر تنظيم القاعدة والتى من أبرزها عمار الوائلى. وكشفت المعلومات أن خلايا القاعدة عمدت وفى سياق مخططاتها الجديدة إلى جلب أسلحة حديثة لغرض استخدامها عن بُعد فى ضرب الأهداف والمصالح التى عادة ما تكون محاطة بحراسة أمنية مشددة، كالسفارات وشركات النفط وغيرها، ومن تلك الأسلحة قاذفات خاصة بالقنابل والمتفجرات، يتم استخدامها فى إطلاق القذائف وضرب الأهداف عن بُعد والفرار سريعاً وذلك من خلال سيارة متحركة. وبحسب ما كشف عن مصادر التحقيقات فقد تبين أن عناصر تنظيم القاعدة كانت قد لجأت إلى استخدام سلاح جديد فى عدد من هجماتها التى كانت قد استهدفت فيها بعض السفارات والمصالح الغربية فى اليمن، وهذا السلاح عبارة عن قاذفات وقذائف متفجرة مصنعة فى إحدى الدول الأوروبية . وتتميز هذه القذائف والتى استخدمت لأول مرة فى اليمن بأن عملية إطلاقها تتم من على سيارة متحركة ومن مسافات تتراوح عادة بين 500 و600 متر ، كما أنها لا تصدر أصواتاً أو وميضاً عند إطلاقها ولا يسمع دوى انفجارها إلا عند وصولها الهدف، وهو ما يسهل من مهمة العناصر التى تقوم بتنفيذ العمليات ويمنحها الوقت الذى يتيح لها فرصة الهروب ومغادرة المكان والتخفى قبل أن يتم اكتشافها. وقد ثبت من خلال التحقيقات وما كشفته المعلومات التى تم الحصول عليها، أن منطقة القرن الإفريقى وتحديداً الصومال التى تشهد فوضى أمنية، كانت هى المحطة التى تمكنت خلايا القاعدة من الحصول عبرها على هذا النوع من السلاح المتطور وتهريبه إلى اليمن، بل إن القاعدة قد وجدت من هذه المنطقة وفى ظل ما تعيشه من انفلات أمنى وحالة من عدم الاستقرار مركزاً مهماً للتزود بوسائل الدعم والإسناد المختلفة لأنشطتها وأعمالها الإرهابية بما فى ذلك الحصول على فرص التدريب لعناصرها التى تجد كذلك سهولة فى التواصل والتنسيق سواء مع قيادات التنظيم أو خلاياه المنتشرة فى العديد من البلدان. مكان المواجهة وقد بدأت أجهزة الأمن اليمنية حالياً عمليات بحث ومتابعة واسعة لعناصر تنظيم القاعدة فى أكثر من منطقة فى البلاد، ورجحت المصادر أن تكون محافظة مأرب هى مسرح المعركة بين أجهزة الأمن اليمنية والقاعدة، بعد معركة تريم، ومن المتوقع أن الدور سيكون فى هذه المرة على خلية -مأرب- ، حيث يتواجد أبرز قيادة القاعدة فى اليمن وهم ناصر الوحيشى، وقاسم الريمى، وحمزة الضيانى، ويضع الأمن هؤلاء الثلاثة فى مقدمة أهدافه. ولعل ما يرجح أن تكون محافظة مأرب هى محطة المواجهة التالية بين قوات الأمن وتنظيم القاعدة، هو أن السيارتين المفخختين اللتين استهدفتا السفارة الأميركية، وكما تفيد المعلومات الأولية قد تم تجهيزهما وإعدادهما فى مأرب، ومن ثم الانتقال بهما إلى العاصمة صنعاء لتنفيذ تلك العملية التى تمكن حراس السفارة الأميركية من إحباطها، ويشكل اليمن بيئة مواتية لنشاط تنظيم القاعدة لكونه يتسم بالآتى: كثافة بشرية ومجتمع غالبيته من الشباب والفتيان. شح فى الموارد الاقتصادية وتنامى الفقر والبطالة. تفشى الأمية يجعل الحدود بين المذاهب وحتى المعرفة الدينية نقطة ضعف. انفصال الريف عن المدينة يسبب تمركز القيم والخدمات فى مدن محددة. ضعف نفوذ الدولة وغياب برامج إستراتيجية فى مجال التحصين من التطرف. توفر بيئة تسمح بتعدد الأفكار وتسلل الإستراتيجيات الإقليمية والدولية. وحاليا بدأت أجهزة الأمن عمليات تحر وتعقب ومتابعة لمجموعة القاعدة والتى تتحصن فى بعض المناطق القبلية فى محافظة مأرب، وبالذات فى منطقة -عبيدة-، ويعتبر كل من ناصر الوحيشى وقاسم يحيى مهدى الريمى وغالب عبد الله الزايدى وحمزة على صالح الضيانى من أبرز العناصر القيادية لمجموعة القاعدة بمأرب، وقاسم الريمى بالإضافة إلى ناصر الوحيشى ومحمد سعيد على حسن العمدة، هم آخر ثلاثة من أعضاء القاعدة ال(23) الفارين من سجن الأمن السياسى بصنعاء والذين مازالوا طلقاء بعد أن وصل عدد من قتلوا من تلك العناصر فى مواجهات مع قوات الأمن حتى الآن إلى خمسة أشخاص، آخرهم كان حمزة القعيطى الذى لقى مصرعه فى عملية -تريم- الأمنية، فيما بلغ عدد الذين تم القبض عليهم أو سلموا أنفسهم للأمن خمسة عشر شخصاً. وهذه العناصر التى تشير المصادر إلى أنها تتواجد فى محافظة مأرب، تقف إلى جانب آخرين وراء سلسلة من حوادث التفجيرات والعمليات الانتحارية التى شهدها عدد من محافظات اليمن، ووفقا لتقارير استخبارية فإن عدداً من عناصر -القاعدة- التى كثيراً ما تتواجد فى محافظة مأرب. بن لادن الحضرمى وتشير تقارير أمنية إلى أن الخلايا عادة ما تتحصن فى مناطق ذات طبيعة جغرافية قاسية ووعرة، علاوة على ما تمتلكه من قدرات وفنون قتالية عالية فى حرب العصابات، ويحظى التنظيم بشعبية مرتفعة فى اليمن لكون زعيمها أسامة بن لادن يستند إلى خلفية يمنية، فقد ولد بن لادن فى أسرة يمنية مؤلفة من 58 طفلاً، وينحدر أبوه من محافظة حضرموت- جنوب شرق اليمن. أما عمه -والد زوجته- فهو أحمد عبد الفتاح السادة الذى زوجه ابنته. ويعتقد أن حضرموت هى من أشد مناطق اليمن تدينا، فعدد المساجد فى مدينة حضرموت وتريم وحدهما تفوق أعداد مساجد الخليج بأكملها، فهى المنطقة التى تقرر فيها التقاليد الإسلامية نمط الحياة الاجتماعية لسكانه، وينبغى على الشاب الحضرمى الانصياع لقيم القبيلة، وكذا لأوامر العلماء ووجهاء القبيلة الأكبر سنا منذ اليوم الأول من الولادة. ومن خلال دخولها بمثل هذه الصراعات جنت القبائل الكثير من الأسلحة، وهى مازالت تمتلكها حتى اليوم، فضلا عن اكتسابها مهارات قتالية عبر دخولها عملياً فى المواجهات، ومازالت القبائل تمتلك قدرات عسكرية، وقوات من أفراد مدربين بمقدورها استخدامها، والاستفادة منها بوجه أية سلطة حاكمة، ومثل هذا التواصل من رجال القبائل الذين يتعلمون استخدام البنادق منذ نعومة أظافرهم يجعل منهم مقاتلين محترفين ضمن أية منظمة جهادية إذا ما خطر على بالهم ترك قبائلهم، وهم بالفعل يغادرون قبائلهم وبلدانهم مرتحلين إلى الخارج ومعظمهم يذهب إلى المملكة العربية السعودية ودول الخليج لجنى بعض الأموال التى يعيلون بها أسرهم. والعديد من أعضاء تنظيم القاعدة هم يمنيو الأصل، أو عاشوا فى اليمن لفترة طويلة، وسبب التحاقهم بالقاعدة كان يفسر على الدوام على أساس دينى متطرف، وقد يكون مبنياً على رغبة فى كسب مستوى معاشى أفضل، فاليمن واحدة من بين أفقر عشرة بلدان فى العالم ويقال إن بن لادن سخى جداً مع المجندين الجدد فى صفوفه. ومن بين العوامل الأخرى التى تفسر انضمامهم بكثرة إلى تنظيم القاعدة هى قدراتهم فى التخفى، وأسلوب قيامهم بالعمل التآمرى، وخبراتهم فى إنتاج وزرع المتفجرات، وفى المواجهة القتالية مع الشرطة والوحدات العسكرية، وكل ذلك يزداد اتساعا بفاعلية مع الفكر العقائدى المعادى لأميركا. تحالف مع الشيوعيين وكانت تقارير فى صحف يمنية محلية أثارت أيضا ادعاءات تذكر أن عناصر الحزب الاشتراكى اليمنى تلقت تدريبات عسكرية أولية فى عدد من معسكرات أسامة بن لادن وأن هذه العناصر الاشتراكية كانت متورطة أيضا فى تفجير اثنين من سفارات الولاياتالمتحدة، ويعتقد المراقبون السياسيون أن طول الفترة التى مكثها المدربون من الاتحاد السوفيتى، وألمانيا الشرقية، وكوبا، والقادمون من وكالات عسكرية وأمنية وعقائدية فكرية ساعدت الحزب الاشتراكى اليمنى على تعليم آلاف الناس فنون الأعمال ضباطاً للمجندين فى القاعدة، ينقلون لأجيال جديدة من الإرهابيين الإسلاميين معارفهم وخبراتهم التى اكتسبوها من وكالات تلك الدول. ويشير إيفجنى نوفيكوف الخبير الروسى بالشئون الإسلامية فى منطقة الخليج إلى أن المنشآت التدريبية التى أقامها السوفيت للاشتراكيين فى اليمن تحولت إلى منشآت لتدريب الجماعات الأصولية المتطرفة، معززاً اعتقاده بأن خبراء الحزب الاشتراكى اليمنى يؤمنون بأن الولاياتالمتحدة هى عدوهم الرئيسى، وأن هذا التوجه المعادى للأمركة يجعلهم أقرب ما يكونون من المجاهدين الإسلاميين فى تنظيم القاعدة!.