يتعاطى الكثير من اليمنيين مع فرضية الانقلاب المسلح لجماعة الحوثي على الشرعية الانتخابية التي يمثلها الرئيس عبد ربه منصور هادي باعتبارها جزءاً من سيناريو متوقع ومتسق مع الحضور القسري للحوثيين على واجهة المشهد السياسي والأمني في البلاد منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول المنصرم . واعتبر الأكاديمي اليمني المتخصص في علم الاجتماع السياسي الدكتور عبد الرحمن أحمد علي المقرمي في تصريح لصحيفة "الخليج" أن الحوثيين تجاوزوا بسيطرتهم المسلحة على العاصمة صنعاء الخط الأحمر وتهاون الرئاسة والجيش في التعامل مع هذا التجاوز غير المسبوق وهو ما أصبح معه الانقلاب المسلح المحتمل على الرئيس هادي تطوراً متوقعاً وغير لافت ومجرد تحصيل حاصل فرضته حالة صادمة من انكفاء الدولة وسقوط رمزيتها السيادية بدء من 21 سبتمبر المنصرم . وأشار الدكتور المقرمي إلى أن تهديدات الحوثي الأخيرة بفرض الشراكة بشكل قسري وما أعقبه من اختطاف مدير مكتب رئاسة الجمهورية ليست سوى مقدمات لتنفيذ مخطط انقلاب وشيك لن يكترث الكثير من اليمنيين وتحديدا الشرائح المجتمعية البسيطة لإدانته أو إبداء قدر من التعاطف مع الرئيس، لاعتبارات تتعلق بالشعور العام السائد لدى معظم هذه الشرائح بأنه خذلهم وتسبب بضعف مواقفه في تشجيع جماعة مسلحة ومتمردة على اجتياح العاصمة والعديد من المحافظات الشمالية والتطاول على الدولة وسياديتها المفترضة . من جهته حذر الخبير اليمني المتخصص في إدارة الأزمات الدكتور فضل عبد الكريم سيف الأهدل من خروج الأوضاع في العاصمة صنعاء والبلاد عن السيطرة . وأشار عبدالكريم إلى أن اليمن في طريقه إلى الانزلاق في أتون حرب داخلية جراء التصعيد المستمر للأوضاع من قبل جماعة الحوثي وتفاقم الأزمات وجبهات الصراع المسلح في العديد من المحافظات سواء الشمالية أو الجنوبية . وأشار الدكتور الأهدل إلى أن سوء إدارة الرئاسة اليمنية للأزمة مع جماعة الحوثي منذ بداية توسعهم خارج حدود محافظة صعدة بأقصى شمال البلاد، وتعطيل أدوات الدولة المتاحة في التصدي لتوغلهم الذي وصل إلى حد السيطرة على العاصمة السياسية لليمن وهيمنة حسابات ضيقة من قبيل إقصاء بعض مراكز القوى القبلية والعسكرية والسياسية المؤثرة والمتنفذة على التوجهات الرئاسية التي كان يفترض أن تتعامل بالكثير من الحزم مع أي تجاوز يستهدف سيادة الدولة، كل ذلك أفضى بالضرورة إلى خريطة من الفوضى السياسية القائمة حالياً . وأعتبر رئيس تحرير صحيفة "الأولى" الأهلية محمد عايش أن قرار تنحية الرئيس هادي قد اتُخذ لدى الحوثيين ويجري الأمر حتى اللحظة بالطريقة نفسها التي تمت بواسطتها الإطاحة بحكومة باسندوة، منوهاً بأن القبائل تتجمع حول صنعاء وعلى رأسها قبيلة أرحب، والشعارات هذه المرة ستأخذ توجه "رفض تقسيم اليمن" . ونوه عايش بأن اعتقال مدير مكتب الرئاسة، يبدو أيضاً خطوة أولى في الطريق لإسقاط هادي، وتهدف الخطوة، في ما تهدف إليه، إلى عزل الرئيس أولاً وتجريده من واحدة من أهم قنوات تواصله، واتصاله، بما حوله خصوصاً السفارات والبعثات الدبلوماسية بل وعواصم إقليمية ودولية، وهو بن مبارك" .