لم تعد تقلبات العلاقة بين الحزب الحاكم وتكتل اللقاء المشترك ذات أهمية للمتابع للشأن السياسي كما لم تعد معالجة أزمات البلد مربوطة بما ستصل إليه تلك العلاقة. التهيئة للحوار التي ظلت منذ 17يوليو الماضي تراوح عند نقطة الصفر ليتم تعطيلها نهائياً ،جاءت نتائجها عكسية فقد عاد الفرقاء كالعادة إلى حرب البيانات وتبادل الاتهامات بتعطيل الحوار وتأزيم الحياة السياسية. لقد شن المؤتمر الشعبي العام هجوماً لاذعاً على اللجنة التحضيرية للحوار الوطني المنبثقة عن تكتل اللقاء المشترك وذلك كردة فعل مبالغ فيها على ما تضمنه بيان للأخيرة تحدثت فيه عن تعاطفها مع المنتخب الوطني لكرة القدم إزاء تعرضه لهزائم قاسية بسبب الفساد الإداري والسياسي وانتقادها استمرار عسكرة المدن وموقفها حول مجمل القضايا والأزمات في البلاد بما فيها توقف الحوار. غير أن ذلك أثار هيجان المؤتمر الذي وصف لجنة الحوار بلجنة حوار (الطرشان)، ونسبت وسائل الإعلام المؤتمرية إلى مصدر مسئول قوله "إن البلد لا يمكن أن يهرول خلف- من وصفهم- بمجموعة من الكاذبين والفاسدين سياسياً واخلاقياً وماليا المتعوسين في اللقاء المشترك أو فيما يطلقون عليه اللجنة التحضيرية، لان اليمن أكبر منهم والديمقراطية خيار لا رجعة عنه والانتخابات يملكها الشعب ولم تفقد شرعيتها أو جمالها، حضرتموها أو غبتم عنها فلن ينقص منها شيئ". وعبر المصدر المؤتمري عن استغرابه للحالة التي وصلت إليها اللجنة ، وإصدارها البيانات التي قال إنها تشكل إزعاجاً للحياة العامة وتشوه الصورة الناصعة البياض لليمن. وتابع الحزب الحاكم : إن تلك البيانات التي لا تسمن ولا تغني من جوع ولم يعرها أي قارئ أي اهتمام ناهيك عن الشعب أو الشارع الذي يدعون أنها موجهة إليه لان تلك اللجنة ومن تتشكل منهم يعيشون خارج التاريخ ويحاولون في أيام السبت أن يتذكروا ماضياً غابراً يظنون أنهم سيعودون إليه ويا ليتهم يعرفون أنهم لن يصنعون شيئا لان من تجاوزهم الزمن ونبذهم الشعب لا يستطيعون تحريك ساكناً مهما ملأوا الأرض ضجيجاً. وعن نفى اللجنة التحضيرية ما جاء في حديث رئيس الجمهورية حول طلب المعارضة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات من القضاة، خاطب الحزب الحاكم اللجنة بقوله " ألا لعنة الله على الكاذبين" داعيا اللجنة والمشترك إلى اتفاق المبادئ الذي نص على تشكيل اللجنة العليا للانتخابات من القضاة والاتفاقات التي تلتها . وزاد " كفى كذباً وتهويلاً وتهريجاً فالمؤتمر الشعبي العام وعلى رأسه الرئيس قد بذل كل ما بوسعه لإقامة الحوار وإنجاحه فلم يجد منهم إلا الجحود والنكران واللعب على الوقت وإضاعته والتهرب من الانتخابات". وأضاف: مضت سنتان منذ فبراير ولم يرق لهم الحوار ولا الإصلاحات ، مؤكدا عدم تأجيلها لمرة ثانية وأن المؤسسات الدستورية لا تستمد شرعيتها منهم ولا تحتاج إلى مباركتهم سواء أصدروا البيانات" يوم سبتهم أو يوم لا تسبتون" . وأكد أن الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس علي عبدالله صالح وباركته السلطة التشريعية التي باركت اتفاق 23 فبراير قد تم إجهاضه من قبل العابثين في اللقاء المشترك الذين لم يحترموا لا اتفاقاً ولا توقيعاً منذ عرفتهم الحياة السياسية . وكانت اللجنة التحضيرية قالت في بيان صادر عن اجتماعها الاستثنائي الخميس الماضي إنها وقفت أمام مجمل القضايا والتطورات على الساحة الوطنية، وعبرت عن قلقها الشديد إزاء ما تشهده هذه الأوضاع من تداعيات خطيرة جراء إصرار السلطة الاستمرار في سياساتها الخاطئة و التعاطي غير المسئول مع الأوضاع العامة في البلد، والتي كان آخرها وقف مشاركتها في التحضير والإعداد للحوار الوطني الذي شكل بارقة أمل للشعب اليمني من اجل الخروج بالوطن من أزمته الراهنة، واعتبرت ذلك هروبا من استحقاقات الإصلاح والتغيير الوطني الذي أصبح ضرورة ومطلب إجماع وطني يحظى بالتأييد الإقليمي والدولي. وفي هذا السياق اعتبرت اللجنة التحضيرية المصغرة للحوار الوطني اتفاق 23 فبراير اتفاقاً دستورياً ينص على التمديد لمجلس النواب بغرض استكمال الحوار الوطني حول إصلاح النظام السياسي والنظام الانتخابي والتعديلات الدستورية والحوار حول قانون الانتخابات واللجنة العليا للانتخابات، مؤكدة أن اتفاق 23 فبراير هو المرجعية الوحيدة التي تمنح السلطة التشريعية شرعيتها، وان التمديد للمؤسسات الدستورية إنما كان بهدف انجاز عملية الإصلاح الوطني الشامل وفي مقدمته إصلاح النظام السياسي والانتخابي . ولفتت إلى أن أي تصرف انفرادي من قبل الحزب الحاكم بالذهاب نحو تعديل القانون بصورة انفرادية عمل غير دستوري وما يترتب على ذلك من إجراءات، سواء فيما يتعلق بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات أو إجراء الانتخابات تعد أعمالاً غير دستورية وغير شرعية . وربطت اللجنة في بيانها بين استضافة اليمن لخليجي عشرين والتهدئة التي ظهر عليها المؤتمر المتزامنة معها .كما عبرت عن قلقها لما رافق بطولة خليجي 20 من عسكرة للمدن واعتقالات لا مبرر لها سوى ما قالت إنه الترويج لانتصارات وهمية تبرر المظاهر العسكرية والأمنية. وقالت إن السلطة كعادتها أفسدت مظاهر النجاح وشوهته بمواقفها الداخلية والخارجية وتوظيف هذه الفعالية الرياضية لأغراض سياسية سطحية، بالاستقواء بها على الحياة السياسية والانقلاب على التوافقات والجهود الوطنية الرامية لإخراج اليمن من أزماته القائمة" واعتبرت "الخطاب السياسي التصعيدي اللاحق محاولة للتغطية على مظاهر الفساد التي رافقت هذه الفعالية". واستنكرت اللجنة التحضيرية عملية التضليل والدعاية في الخطاب السياسي الرسمي، ونفت ما جاء في حديث رئيس الجمهورية حول طلب المعارضة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات نفيا قاطعا، وأكد ت أن كل الاتفاقات التي تمت معلنة للرأي العام وهي في مجملها مكرسة لانجاز إصلاح وطني شامل ولن يتم القبول بأي تعاط جزئي للقضايا. واستهجنت اللجنة التحضيرية للحوار الوطني السعي الحثيث والمتواصل من قبل السلطة نحو إفساد الحياة السياسية ومحاولة جر المشترك للتوافق معها ومسايرتها في ارتكاب الجرائم السياسية التي تنتهك الدستور والقانون والدخول في انتخابات مزورة ، منبهة إلى أن الأزمة الوطنية بلغت من العمق والاتساع والخطورة حداً لا يحتمل توصيفه كصراع أو خلاف بين السلطة والمعارضة، وإنما هو في حقيقته وجوهره صراع قائم بين قلة فاسدة استحوذت واستولت على مقدرات الدولة وتتهرب من الإصلاحات وترى فيها ما يهدد مصالحها الخاصة الضيقة، وأغلبية محرومة مصلحتها في التغيير والإصلاح الوطني الشامل وهي تسعى جاهدة لتحقيق هذا الهدف" حسب زعمها. وجددت التأكيد على الاستمرار في الحوار مع كافة الأطراف الوطنية في الداخل والخارج ومع كافة الأطراف المؤمنة بضرورة تغيير الأوضاع الوطنية، المنحازة لمطالب أبناء الشعب في الإصلاح والتغيير والعمل سويا للخروج بالوطن من مأزقه الراهن. ونوهت اللجنة التحضيرية للحوار الوطني إلى أن الجهود التي بذلت خلال الفترة الماضية كانت تتجه نحو إقناع السلطة بالانضمام إلى مسار الإصلاح والتغيير عبر حوار وطني شامل يجمع كل الأطراف. وثمنت الجهود التي بذلتها قيادة المشترك وشركاؤه خلال المرحلة الماضية والتي أدت -حسب بيانها- إلى الكشف عن أطراف في السلطة متضررة من عملية إصلاح النظام السياسي والانتخابي عبر رفضها المطلق لعملية التحضير والإعداد للحوار، وشراكة كل الأطراف الوطنية في هذه العملية من خلال تعطيل الاتفاقات الموقعة والتسويف وإضاعة الوقت وشن الحملات الإعلامية المضادة . محملة هذه الأطراف مسؤولية العبث بالحياة السياسية والإساءة للحوار الوطني وتشويه مضامينه وحذرتها من مغبة الاستهانة والتجاهل لما يشهده اليمن من أزمات معقدة وطاحنة لن تفضي في حال استمرارها إلا إلى كوارث و تداعيات خطيرة قد لا يكون بمقدور احد تلافيها. المؤتمر الشعبي العام وفي ظل لهجته التصعيدية، فقد شمل هجومه حتى الشخصيات الوطنية المناضلة لمجرد وقوفها إلى الصف المناوئ لسياساته ومن ذلك ما نشره موقع الحزب الحاكم "المؤتمرنت" من تعريض بالمناضل محمد سالم باسندوة رئيس اللجنة التحضيرية للحوار وذلك كردة فعل على ما جاء في مقابلة معه حول الانتخابات النيابية بأنها لو جرت فإنها سوف تجري بالإنترنت. ونسب الموقع إلى مصدر إعلامي تعليقه على ذلك بالقول "إن باسندوة آخر من يعلم في شئون اليمن وليس له أي صلة بها ومن الأفضل له أن يواصل اهتماماته بالشئون الصومالية الخبير فيها" هذا التصعيد المؤتمري جاء بعد أن كان الرئيس علي عبدالله صالح شن هجوماً على معارضة الخارج والداخل وذلك في كلمته التي ألقاها بمناسبة الثلاثين من نوفمبر-ذكرى استقلال الجنوب- ودعا أحزاب اللقاء المشترك لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة في ابريل المقبل "وقال ندعو لانتخاب لجنة عليا للانتخابات من رجال السلطة القضائية، مستقلة، ليست من أي حزب سياسي ونحن بهذا نلبي طلب المعارضة". وبحسب المعلومات فإن الرئيس أقر الأسبوع الفائت خمسة عشر قاضيا بديلا للجنة الانتخابات الحالية وأن رئاسة مجلس النواب قد تسلمت الأسماء فعلا وناقشت الفكرة مع الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم ،مشيرة إلى أن القضاة هم من رؤساء استئناف المحافظات وإن من بين هؤلاء ثلاث قاضيات. ويأتي هذا الخيار بحسب اتفاق قبل عامين مع المشترك والذي تم تحت إشراف الاتحاد الأوربي تجاوزته اتفاقات أخرى. وكان الحوار بين المؤتمر الشعبي العام الحاكم والمعارضة اليمنية توقف اثر إعلان الحزب الحاكم نهاية اكتوبر الماضي عزمه إجراء انتخابات مع أحزاب ثانوية ممثلة في التحالف الوطني المعارض.