الاحتراب الدائر في الجوف بين الحوثيين والإصلاح لا يخرج عن كونه حرباً من أجل وضع اليد على المحافظة استباقا لسقوط الدولة من أجل تقوية التفاوض للحصول على موطئ قدم في السلطة القادمة باعتبار التواجد على الأرض بالإضافة إلى كون هذه الحرب تنطلق من خلفية مذهبية لم تبدأ الآن وإنما منذ مابعد الوحدة بعد أن عمل النظام على إحياء الفكر الزيدي من خلال إنشاء حسين بدر الدين الحوثي لجماعة الشباب المؤمن بغرض إضعاف الإصلاح في صعدة والمناطق القبلية الشمالية وقد أصبحوا بعد ذلك خنجرا في خاصرة النظام بعد انتصارهم بحروب ستة خاضوها معه وانتهت بسيطرة الحوثيين على كامل صعدة مع امتدادهم إلى محافظات عدة لعل أقوى تواجد لهم في حجةومأربوالجوف التي يسيطرون فيها على مايقارب احدى عشر مديرية من مجموع ثلاثة عشر والذي ينافسه حزب الإصلاح بقيادة الشيخ أمين العكيمي المرتبط بالسعودية أيضا. وتمثل محافظة الجوف أهمية قصوى للطرفين باعتبار أن سيطرة الحوثيين عليها ستمكنهم من استكمال السيطرة على كامل الحدود الشمالية مع المملكة السعودية وكذا التمدد الى محافظات اقصى الشمال عمران وفي مأرب التي يحظى الحوثي فيها بتواجد قوي بعد أن انضم إليه الشيخ مبارك المشن الزايدي وعشرات من مشائخ المنطقة وفي حال السيطرة على محافظة حجة بما فيها جزيرة ميدي فإن ذلك سيعني حصول الحوثيين على منطقة كاملة ستكون أشبه بجنوب لبنان مع أفضلية أن شمال اليمن يملك ثروة نفطية وهو بالتأكيد مايزعج النظام السعودي الذي لن يكون سعيدا بالتأكيد بمنطقة شيعية ستمثل اليد الثانية لإيران بعد الجنوب اللبناني. ولذا فإن الإصلاح لن يقف مكتوف الإيدي أمام تمدد كهذا وسيقاتل من منطلق عقدي وفكري ومصلحي وهو ماعبر عنه في تصريحات صحفية رئيس فرع الإصلاح في الجوف وإن متواريا خلف الثورة التي يراد اجهاضها بحسب إشارته رغم أن الإصلاح حاول منذ بدأ الاقتتال في الجوف عدم إعلان الخلاف وتسويقه إعلاميا ربما لعدم إعطاء الفرصة للنظام للتشفي وتقديم الثورة وكأنها تحمل بوادر اقتتالها في خبيئة اتفاقها على إسقاط النظام ولكنه وبعد اشتداد المعارك وتزايد أعداد القتلى خرج رئيس المشترك الذي يحاول تقديم القتال باعتباره بين المشترك ككل وبين الحوثيين إلى الصحافة ليتهم السلطة ممثلة بجهاز الأمن القومي وإيران بدعم الحوثيين في الجوف من اجل السيطرة على المحافظة التي سقطت بأيادي من أسماهم الثوار في مارس الماضي. وأشار إلى أن قيادة الثورة وأحزاب المعارضة في صنعاء، تواصل محاولة عدم إظهار حقيقة ما يجري في الجوف من اقتتال بين الثوار، لكنه أكد أن الوقت حان ليعرف العالم ما يجري في هذه المحافظة، وأضاف: «لقد أجبرونا على الحرب»، وقال إن الحرب تجري بمختلف أنواع الأسلحة وأن هناك عددا كبيرا من القتلى وأن هناك منازل كثيرة دمرت خلال المواجهات. وذكر الشيخ الحسن أبكر، وهو أيضا قيادي في مؤتمر قبائل بكيل اليمنية، أن الحرب الدائرة بين القبائل الموالية ل«المشترك» والحوثيين هي سجال «لكننا والحمد لله نصدهم ونردعهم»، كما كشف أن وساطة قادتها بعض القيادات في أحزاب اللقاء المشترك بين الطرفين وفي مقدمتها الشيخ يحيى منصور أبو إصبع، الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني المعارض، فشلت في وقف المواجهات المسلحة. واعتبر أبكر أن السيطرة على المحافظة هو بغرض المحافظة عليها حتى يأتي نظام جديد وفيما مازالت المعارك تدور وفقا لحسن أبكر في منطقة سدباء على ضواحي مدينة الحزم عاصمة الجوف ، ومديرية الغيل فقد أوضح أبكر لنيوز يمن أنه تم التوصل لاتفاق لانهاء الاقتتال " لكن من قال إنهم بلاطجة النظام اعترضوا الحوثيين وأطلقوا النار عليهم ، مما أدى إلى إفشال الاتفاق رغم نفينا لذلك وحكمنا الحوثيين بذلك لكنهم لم يستعموا لصوت العقل.. القتال الدائر في الجوف يؤكد أن التوافق على إسقاط التظام لايعني بأي حال وجود انسجام بين الأطراف خاصة وأن مثل هذه المعارك وإن كانت تقتصر على التشابك بالأيدي والعصي قد انتقلت إلى ساحات التغيير وخاصة في صنعاء وهو ما يمكن أن يجهض الهدف الأساس من الثورة التي لم تتمكن رغم نبل مقصدها من التقريب بين الأطراف وجعلهم يقبلون ببعضهم بعضا رغم كونهم في خندق واحد. فحدة الاقتتال في الجوف الذي أنتج عشرات القتلى من الطرفين حتى بداية الأسبوع ومازال نزيف الدم مستمرا يوحي بالخوف من القادم أكثر مما يخلق اطمئنانا وبالذات حين يعيد الإصلاح السبب إلى النظام والرئيس فيما هم يذكرون بسقوطه كل يوم وإن ماتبقى هم بقايا النظام الفاقدون للشرعية والتأثير بحسب قولهم وهو مايمكن أن يهز مصداقيتهم وبالذات في مسألة البحث عن أعداء خارجيين وداخليين. وكان قال رئيس ملتقى شباب بكيل حسن أبو هدرة لنيوزيمن إن المعارك التي تدور بين الحوثيين وعناصر المشترك حرب مفتعلة، وتتدخل فيها أطراف خارجية . وقال إن إيران تدعم الحوثيين لأجل تواجدها في المنطقة، فيما السعودية تدعم المشترك وقبائل اخرى تخوفاً من توسع الحوثي في المناطق الحدودية معها والتي ترتبط بها بحدود استراتيجية من جهة نجران والشرورة وهى حدود صحرواية شبه مفتوحة. وقال الباحث في الفكر الاسلامي مجيب الحميدي لوكالة انباء (شينخوا) بان ما يحدث الآن من مواجهات بين الحوثيين "الشيعة" والاصلاحيين " الاخوان المسلمين" هو صراع مفتعل ومدعوم من دول خارجية ويدور بمعزل عن القيادات الحوثية والاصلاحية . واوضح الحميدي أن الصراع يدار عبر مشائخ قبائل في محافظة الجوف وبدعم وتمويل اجنبي لا علاقة للقيادات او الحكومة اليمنية فيه ، وانما يدار عبر ارتباط المشائخ القبليين بدول خارجية ،مشيرا إلى أن الصراع القائم في الجوف صراع له ابعاد سياسية اكثر مما هي مذهبية . كما قال محمد سيف حيدر الباحث في مركز سبأ للدراسات ومدير تحرير مجلة ((مدارات استراتيجية)) بان الصراع القائم حاليا بين جماعة الحوثيين والاصلاحيين خاصة خلال هذه الفترة تحديدا يندرج ضمن خانة الصراع السياسي المستفيد من الخلافات المذهبية ،مشيرا الى ان الاختلاف ما بين الجماعتين قائم على الاختلاف في النظرة السياسية في اليمن وهناك جذور تاريخية تمتد الى الصراعات السياسية منذ الخمسينيات. وأشار إلى أن الامر لا يتعلق بالتكفير ما بين الحوثيين والاصلاح وانما يتعلق بالسيطرة على الفضاء السياسي لتوسيع الدعوة والنفوذ السياسي في شمال اليمن. إلى هنا والأمر لم ينته إذ مازال الوضع -ليس في الجوف فقط وإنما في محافضات النزاع المتبقية- معرضاً للانفجار والتصاعد وبالذات في حال ماسقطت الدولة أو ماتم التوافق على حكم يقوم على الحكم المحلي كامل الصلاحيات أو فيدرالي بجعل اليمن عدة أقاليم وهو مالا يريده الإصلاح ويرى استبداله بحكم مركزي قوي.