ثلاثة أشهر مضت منذ التوقيع على المبادرة الخليجية التي جاءت بعد عشرة أشهر من الاحتجاجات الشعبية المصحوبة بموجات من العنف لم تسهم كثيرا في توضيح المستقبل السياسي للبلاد ، وبالرغم من نقل صلاحيات صالح لنائبه عبدربه منصور هادي ومغادرته صنعاء تبدو احتجاجات الشارع فشلت حتى الآن في تحقيق أهدافها أو إحراز إصلاحات مؤسساتية حقيقية..فالانقسام بين القوى الموالية والمعادية لصالح باتت أكثر عمقا من أي وقت مضى واقتصاد البلاد في حالة مزرية والظروف الأمنية والإنسانية في تدهور. ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المبكرة المقرة في ال21 من فبراير الجاري لاختيار هادي رئيسا توافقيا،زادت المخاوف من عرقلة إجراء الانتخابات خاصة في ظل حالة الانفلات الأمني وتبادل الاتهامات بين المؤتمر والمشترك بالتحضير لعمليات تخريبية. وتنظر الانتخابات الرئاسية توحيد نشاط المؤتمر والمشترك في الدفع بأنصارهم للمشاركة فيها بفاعلية وقد اتفق الطرفان على تشكيل لجنة عليا تدير الحملة الانتخابية لهادي فضلا عن تشكيل لجان فرعية في المحافظات لذات الغرض. وفيما تناقلت وسائل اعلام المشترك ما وصفته بمخططات لعائلة صالح لإفشال الانتخابات ،ذكر اعلام المؤتمر إن اللواء المنشق علي محسن الأحمر جند 100 ألف في المحافظات لإفشال الانتخابات الرئاسية، مشيرا إلى أن التجنيد تم من عناصر الإخوان المسلمين (حزب الاصلاح) وجامعة الإيمان وبعض المجاميع المسلحة من عناصر حميد الأحمر،حيث تتلقى تدريبها على أيدي قادة تابعين لمحسن، ولهم باع كبير في تفجير الأوضاع وتأزيم المواقف. وقال إن" خطوة المنشق محسن هذه تأتي استعداداً لإفشال الانتخابات الرئاسية القادمة، لا سيما بعد أن تأكد بأن الاحزاب السياسية تحشد أنصارها للمشاركة في الانتخابات،وهو الأمر الذي يعتبره علي محسن خطراً يتهدده في حالة نجاح العملية الانتخابية المقبلة". واتهم حزب الرئيس المنتهية ولايته علي عبدالله صالح حكومة الوفاق الوطني بخرق اتفاق نقل السلطة عندما حذفت صورة صالح من رأس الصفحة الأولى لصحيفة الثورة الحكومية أمس الأربعاء. وكان مئات المسلحين الذي يطلق عليهم «البلاطجة» التابعين لحزب المؤتمر الشعبي العام حاصروا الخميس الفائت مقر مؤسسة الثورة ومنعوها من الصدور بسبب إزالة الصحيفة لفقرة «إضاءة» التي كانت تنشر فيها صورة لصالح واقتباسات من كلامه وقاموا بإصدارها السبت الفائت مشفوعة باعتذار في الصفحة الأولى للشعب وابناء الشهداء. وقال موقع «المؤتمر نت» إن اللجنة العامة والأمانة العامة للمؤتمر عقدت اجتماعاً الخميس الماضي برئاسية الدكتور عبدالكريم الإرياني النائب الثاني لرئيس الحزب. وأضاف ان اللجنة «عبرت عن إدانتها لإسقاط أهداف ثورة سبتمبر الخالدة وصورة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح من الصحف الرسمية». واعتبرت ذلك «سابقة خطيرة وخرقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وانتهاكاً لمبادئ الثورة والجمهورية»، محملة حكومة الوفاق الوطني مسؤولية «هذا العمل غير المسؤول وطالبت بضرورة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمحاسبة من أقدموا على مثل هذا العمل ومن يقفون وراءهم». حسب تعبيرها. وكان المتحدث باسم حزب المؤتمر عبده الجندي هدد بالاستقالة من منصبه كنائب لوزير الإعلام بسبب إزالة صورة الرئيس صالح من صحيفتي الثورة والجمهورية، ووصف تصرفات رئيسي تحرير الصحيفتين ب«الرعناء» رغم أن الأخيرة لم تكن تحتوي على اضاءة. لكنه تم استحداثها بقوة السلاح ابتداء من الأحد الماضي. وقال موقع حزب المؤتمر إن اجتماع قيادة الحزب دعا «كافة أبناء شعبنا اليمني وفي مقدمتهم أعضاء المؤتمر وأنصاره وحلفاؤه إلى حشد كافة الطاقات والإمكانات للمشاركة الفاعلة في الانتخابات الرئاسية المبكرة وتفويت الفرصة على كل من يعتقد انه يستطيع الوصول إلى السلطة من خلال الفوضى والعنف والتخريب وان الديمقراطية والانتخابات هي المدخل الوحيد للتداول السلمي للسلطة وهو المبدأ الذي حرص المؤتمر الشعبي العام والرئيس علي عبدالله صالح على تحقيقه». كما عبر الحزب عن رفضه للاحتجاجات العمالية التي تشهدها بعض المؤسسات الحكومية. وتواصل المجاميع المسلحة، في حزب المؤتمر الشعبي العام، والمدعومة من «أولاد» صالح زحفها على المؤسسات الاعلامية الرسمية لاستردادها بقوة السلاح. وفي تعد غير مسبوق طوقت هذه المجاميع يتقدمهم وكيل وزارة الداخلية محمد القوسى مبنى صحيفة الثورة بصنعاء ومطبعتها الخاصة، ثم أجبرت الطواقم الفنية في الصحيفة، مستعينين بصحفيين تابعين للمؤتمر والأمن، بإصدار صحيفة الثورة بالشكل والمحتوى الذي كان عليه في مرحلة ما قبل الوفاق الوطني. الأمر ذاته امتد الى صحيفة الجمهورية الرسمية في تعز ومكتبها في العاصمة صنعاء، حيث لا تزال المجاميع الملسحة تحاصر مبنى مؤسسة الجمهورية وتنشرالرعب في أرجائها. وقال رئيس تحرير «الجمهورية» سمير اليوسفي، ان هؤلاء المسلحين مدعومون من قبل حزب المؤتمر «وان قيادات مؤتمرية وأمنية دفعت بهم لإسقاط المؤسسات الاعلامية من يد الوفاق». تبدو خطوة مدروسة ومقدمة لسيناريو مدبر إذاً .. ففي اليوم الذي عقد فيه الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام عبده الجندي مؤتمرا صحفيا في صنعاء الاربعاء الفائت، وتهجم فيه على أحزاب اللقاء المشترك وعلى وزير الاعلام شخصياً، زحفت الجموع المسلحة على مبنى مؤسسة الثورة للصحافة والنشر الكائن في شارع المطار في الليل وطوقوه من كل جانب، ثم اقتحموه بعد ساعات وأصدر «البلاطجة» عدداً من صحيفة الثورة لأول مرة في تأريخها، أطلق عليه في الفيسبوك «عدد البلطجية» غضباً لأهداف ثورة سبتمبر الستة كما قيل. ورغم ان المؤسسات الاعلامية الحكومية لم يطرأ على طواقمها، صحفيين أوفنيين، أي تبديل أو إضافة، ولا تغيرت ادارتها، على أساس حزبي أو مهني، الا ان الأمر جرى بهذه الصورة المستفزة. ما يعني ان السلاح وحده وسيلة المؤتمر في الحكم والثورة على الثورة. خفت صوت «القاعدة» ، وبدأت اصوات أخرى تظهر، ثم أخذت تعلو وتتمدد من يوم لآخر، في محاولة لإعاقة السير باتجاه يوم 21 فبراير الانتخابي. فإلى اقتحام المؤسسات بقوة السلاح ومحاولات الاغتيال الفاشلة لأكثر من شخصية ساندت الثورة الشبابية بدءاً بوزير الاعلام ، تم تحريك القبائل ضد بعضها، في عمران والمحويت والبيضاء وحجة، بهدف خلط الأوراق وتأجيل الانتخابات، وقد صرحت بذلك قيادات مؤتمرية بارزة مرارا، كان آخرها تصريح لرئيس الدائرة السياسية في حزب المؤتمر الشعبي عبدالله احمد غانم الاسبوع الماضي بأن الانتخابات الرئاسية قد تتأجل. مجاميع مسلحة تطوق مدينة عمران بتحريض أمني واضح لأ طراف من بكيل ضد عائلة أخرى من حاشد تسكن مدينة صعدة. وتأكيداً لهذا السيناريو تناول موقع المؤتمر نت الخبر بأن «قبائل عيال سريح والغولة تحاصر القشيبي قائد اللواء 310» الذي ينتمي قبليا لحاشد والذي أيد الثورة السلمية، كما وفسر بيان صادر عن المؤتمر الشعبي العام حادثة الاغتيال الفاشلة لوزير الاعلام بأنها حادثة «ثأرية» عمرها 50 عاماً، أي ربما بعد ميلاد الوزير بأيام ! وعلى طول الخطوط الطويلة ترتص براميل التقطعات بين قبيلة وأخرى طريق صنعاء – الحديدة ، ذمار – الحديدة، ينفذها اشخاص ينتمون للمؤتمر ويرتبطون بالأجهزة الأمنية. وتشهد مدينة تعز حالة انفلات غير مسبوقة، وتتحدت مصادر عن قيام المؤتمر الشعبي العام بالدفع بمسلحين إلى مدينة تعز هذه الأيام بكثافة. وقد تشهد الايام القادمة مزيدا من حالات التدهور الأمني المخطط لها، خصوصا وهناك تواطؤ واضح لأجهزة الأمن التي لا تزال قبضتها في يد قيادات أمنية تدين لصالح وأولاده بالولاء المطلق. وتحدثت الانباء عن أن الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ومعها دول الخليج شكلت مجموعات عمل أمنية وسياسية واقتصادية بهدف مراقبة سير الوضع في اليمن، ومنع انفجار أو نشوب أعمال عنف قد تعيق الانتخابات الرئاسية المقررة في21 الشهر الحالي. ونقلت صحيفة "البيان" عن مصادر سياسية قولها إن هناك مخاوف من مخطط اغتيالات لمسئولين وخطف أجانب بهدف عرقلة الانتخابات، بالتزامن مع الحديث عن دعوة الاستخبارات الغربية للمرشح التوافقي عبد ربه منصور هادي بأخذ الحيطة، فيما أفيد عن تشكيل دول الخليج العربي ودول "الفيتو" في مجلس الأمن "مجموعات عمل" لمراقبة الأوضاع. وأوضحت المصادر أن "هناك مخاوف من تفجر الوضع عسكريا بهدف إعاقة إجراء الانتخابات الرئاسية من قبل جهات عسكرية محسوبة على النظام السابق".