تواصل المجاميع المسلحة، في حزب المؤتمر الشعبي العام، والمدعومة من «أولاد» صالح زحفها على المؤسسات الاعلامية الرسمية لاستردادها بقوة السلاح. وفي تعد غير مسبوق طوقت هذه المجاميع يتقدمهم وكيل وزارة الداخلية محمد القوسى مبنى صحيفة الثورة بصنعاء ومطبعتها الخاصة، ثم أجبرت الطواقم الفنية في الصحيفة، مستعينين بصحفيين تابعين للمؤتمر والأمن، بإصدار صحيفة الثورة بالشكل والمحتوى الذي كان عليه في مرحلة ما قبل الوفاق الوطني. الأمر ذاته امتد الى صحيفة الجمهورية الرسمية في تعز ومكتبها في العاصمة صنعاء، حيث لا تزال المجاميع الملسحة تحاصر مبنى مؤسسة الجمهورية وتنشرالرعب في أرجائها. وقال رئيس تحرير «الجمهورية» سمير اليوسفي، ان هؤلاء المسلحين مدعومين من قبل حزب المؤتمر «وان قيادات مؤتمرية وأمنية دفعت بهم لإسقاط المؤسسات الاعلامية من يد الوفاق». وفي السياق تستعد مجموعة أمنية ومؤتمرية اليوم السبت لتكرار السيناريو نفسه في التلفزيون (الفضائية الأولى) واستعادته للسياسة السابقة التي كان هذا الجهاز ينتهجها أيام حكم صالح. تبدو خطوة مدروسة ومقدمة لسيناريو مدبر إذاً .. ففي اليوم الذي عقد فيه الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام عبده الجندي مؤتمرا صحفيا في صنعاء يوم الاربعاء الفائت، وتهجم فيه على أحزاب اللقاء المشترك وعلى وزير الاعلام شخصياً، زحفت الجموع المسلحة على مبنى مؤسسة الثورة للصحافة والنشر الكائن في شارع المطار في الليل وطوقوه من كل جانب، ثم اقتحموه بعد ساعات وأصدر «البلاطجة» عدداً من صحيفة الثورة لأول مرة في تأريخها، أطلق عليه في الفيسبوك «عدد البلطجية» غضباً لأهداف ثورة سبتمبر الستة كما قيل. لا يعد ذلك انتهاكاً صارخاً لفكرة الوفاق فقط، لكنه اعتداء سافر على وسائل الاعلام وتعريض حياة الصحفيين للخطر. وامضى الزملاء ليلة كاملة محاصرين داخل مبنى «الثورة» يستغيثون بالداخلية وبالنقابة لإنقاذهم غير أن احداً لم يستطع فعل شيء. في اليوم الذي سبق المؤتمر الصحفي لناطق حزب صالح، تعرض وزير الاعلام علي احمد العمراني لمحاولة اغتيال، وفي اليوم الذي تلاه تم اقتحام صحيفة الثورة ولم يضع حدا لذلك الاعتداء، ثم تحرك الفرع «البلطجي» في تعز واتجه صوب مؤسسة الجمهورية للصحافة والنشر وفعل الشيء نفسه حيث لا يزال المبنى محاصرا حتى اللحظة. وبدأت اخبار استباقية تتسرب حول اعتزام أتباع صالح التوجه صباحا اليوم إلى مبنى الفضائية اليمنية لإسقاطها هي أيضاً. ورغم ان المؤسسات الاعلامية الحكومية لم يطرأ على طواقمها، صحفيين أوفنيين، أي تبديل أو إضافة، ولا تغيرت ادارتها، على أساس حزبي أو مهني، الا ان الأمر جرى بهذه الصورة المستفزة. ما يعني ان السلاح وحده وسيلة المؤتمر في الحكم والثورة على الثورة. خفت صوت «القاعدة» ، وبدأت اصوات أخرى تظهر، ثم أخذت تعلو وتتمدد من يوم لآخر، في محاولة لإعاقة السير باتجاه يوم 21 فبراير الانتخابي. فإلى اقتحام المؤسسات بقوة السلاح ومحاولات الاغتيال الفاشلة لأكثر من شخصية ساندت الثورة الشبابية بدءً بوزير الاعلام والبرلماني بكيل ناجي الصوفي، تم تحريك القبائل ضد بعضها، في عمران والمحويت والبيضاء وحجة، بهدف خلط الأوراق وتأجيل الانتخابات، وقد صرحت بذلك قيادات مؤتمرية بارزة مرارا، كان آخرها تصريح لرئيس الدائرة السياسية في حزب المؤتمر الشعبي عبدالله احمد غانم الاسبوع الماضي بأن الانتخابات الرئاسية قد تتأجل. مجاميع مسلحة تطوق مدينة عمران (شمال صنعاء 40 كم ) بتحريض أمني واضح لعائلة من بكيل ضد عائلة أخرى من حاشد تسكن مدينة صعدة. وتأكيداً لهذا السيناريو تناول موقع المؤتمر نت الخبر بأن «قبائل عيال سريح والغولة تحاصر القشيبي قائد اللواء 310» الذي ينتمي قبليا لحاشد والذي أيد الثورة السلمية، كما وفسر بيان صادر عن المؤتمر الشعبي العام حادثة الاغتيال الفاشلة لوزير الاعلام بأنها حادثة «ثأرية» عمرها 50 عاماً، أي ربما بعد ميلاد الوزير بأيام ! وعلى طول الخطوط الطويلة ترتص براميل التقطعات بين قبيلة وأخرى طريق صنعاء – الحديدة ، ذمار – الحديدة، ينفذها اشخاص ينتمون للمؤتمر ويرتبطون بالأجهزة الأمنية. الوقيعة امتدت الى عدن، حيث سقط جرحى بالرصاص أمس الجمعة، بين ما قالت وسائل إعلام المؤتمر انهم مسلحي الحراك الجنوبي والاصلاحيون، لكن قيادات في الحراك صرحت بأن لا صلة للحراك بإطلاق النار على مسيرة مؤيدة للثورة والانتخابات، وألمح قيادي فيه إلى وجود عناصر لها علاقة بالسلطة قد تكون وراء ما حدث، متهماً جهات لم يسمها تخطط لخلق فوضى في عدن. وقبل أسبوع نشر موقع تابع للمؤتمر خبراً يقول بأن مصادرها تحذر من ان تنظيم القاعدة قد «يسيطر على حريب»، وتقع حريب في محافظة مارب النفطية بمحاذاة بيحان التابعة لمحافظة شبوة النفطية والغازية ايضا. وهو خبر ينطوي على خطورة، من نوع تلك التي حذر منها الرئيس صالح بداية الثورة عليه، في أن ابين ستصبح إمارة اسلامية تابعة للقاعدة. وفي ثاني يوم على دخول القيادي في تنظيم القاعدة طارق الذهب مسجد العامرية في مدينة رداع بتواطؤ الأجهزة الأمنية، كما قيل، بث موقع المؤتمر نت خبرا بصيغة احتفائية متوقعا سيطرة تنظيم القاعدة على مدينة تعز! وتشهد مدينة تعز حالة انفلات غير مسبوقة، وتتحد مصادر عن قيام المؤتمر الشعبي العام بالدفع بمسلحين إلى مدينة تعز هذه الأيام بكثافة. وقد تشهد الايام القادمة مزيدا من حالات التدهور الأمني المخطط لها، خصوصا وهناك تواطؤ واضح لأجهزة الأمن التي لا تزال قبضتها في يد قيادات أمنية تدين لصالح وأولاده بالولاء المطلق. لا يزال المسلحون يسيطرون على صحيفة الثورة ويحاصرون صحيفة الجهورية، ولا يزال اللقاء المشترك ضاغط على أعصابه، كما يبدو، ومثله يبدو الموقف الدولي، حيث لم تصدر حتى الآن إدانات واضحة لما هو حاصل، لكن التجهيز للانتخابات الرئاسية يجري على قدم وساق رغم كل ذلك.