كتب/عمر حمدون تتوالى أستقالات قيادات عليا من عضوية المؤتمر الشعبي العام هذه الأيام ، شملت أعضاء من اللجنة الدائمة واعضاء بمجلس النواب ورجال اعمال وغيرهم في الوظيفة العامة ، ومن خلال تصريحات هؤلاء المستقيلين علمنا ان الأسباب التي ساقوها لتبرير استقالاتهم هي اعتراضهم ورفضهم لقمع المظاهرات والمسيرات السلمية المطالبة بالتغيير من قبل الأجهزة الأمنية والبلاطجة ، وهي المسيرات التي عمت معظم المحافظات بعد ان كانت مقتصرة على محافظات الجنوب منذ مايزيد عن ثلات سنوات مضت ، هذه الاستقالات لاشك بأنها خطوة تعبر في حدها الأدنى عن موقف ادبي وانساني شجاع رافض لاهانة كرامة الانسان وقمعه وذلاله ، من قبل من تعودنا على ممارساتهم القمعية ، وبالقدر الذي يشكر فيه هؤلاء على موقفهم الشجاع هذا ، بالقدر نفسه يستغرب المرء هذه الصحوة المتأخرة انتصارا للانسان ودفاعا عن حقوقه ومطالبه ، اذ كيف لهؤلاء المستقيلين اليوم ...واليوم فقط ان يتخذوا هذه الخطوة الشجاعة المعبرة عن رفضهم وادانتهم لكل هذا البطش والقمع وحتى القتل الذى يتعرض له الانسان في هذه البلاد ؟ ألم يشاهدوا او يسمعوا او يقرأوا كيف كانت تقمع المظاهرات السلمية والاعتصامات والمهرجانات في مناطق الجنوب منذ أكثر من ثلاث سنوات ؟ وكيف كانت الجماهير تشيع الشهيد تلو الشهيد بصورة شبه اسبوعية نتيجة مواجهة قوات الأمن للمتظاهرين سلميا بالرصاص الحي ؟ ألم يعلموا بدك قوات الجيش لمدن وقرى في الضالع وردفان وأبين وغيرها فتهدم منازل على ساكنيها من أطفال ونساء وعجزة ؟ ألم يشاهدوا كيف تم قتل أطفال ونساء المعجلة بطائرات امريكية وبموافقة و ربما بتفويض رسمي من الحكومة اليمنية ؟ ألا يستحق هؤلاء الاطفال والنساء والشيوخ المسالمين في قراهم ان يتضامن معهم يومها هؤلاء الذين قدموا استقالاتهم اليوم ؟ أم ان هؤلاء الشهداء دمهم رخيص في نظر من قدم استقالته اليوم من عضوية المؤتمر ؟ وهم انفصاليون ويستحقون الأبادة والتشريد وحتى السحل والتمثيل بجثثهم – كما حدث للحدي في ابين - ؟ رغم ان اؤلئك الجنوبيين الذين تظاهروا واعتصموا في مدن الجنوب قد خرجوا في مسيرات واعتصامات سلمية مثلما يخرج اليوم آلاف المتظاهرين سلميا في ميادين صنعاء وتعز وإب والحديدة وغيرها مطالبين بالتغيير وباسقاط النظام !!! ان هذه الخطوة – تقديم الأستقالات – ان كشفت عن شيء فانما تكشف عن حقيقة انفصالية تفكير وسلوك هؤلاء المستقيلين ونظرتهم المزدوجة لمفهوم المواطنة في الجمهورية اليمنية ، فابناء الجنوب وفقا لهذه النظرة هم اقل درجة في المواطنة ان لم يكونوا معدومي المواطنة ، وبالتالي لايستحقون من يتضامن معهم او يعبر عن موقف احتجاجي – كتقديم استقالة مثلا –ضد كل مايتعرضون له من قمع وبطش وقتل !!! كما ان هذه الخطوة التي اقدمت عليها قيادات عليا ونواب في المؤتمر تضع زملاءهم من المحسوبين على الجنوب في موقف محرج ومخجل امام مواطنيهم – ان بقي في النفس مكان للحرج والخجل – اذ تكشفهم على حقيقتهم النفعية الضيقة وتظهرهم بانهم مجرد قيادات ضعيفة لاتمتلك القدرة على اتخاذ موقف شجاع مستقل ومعبر عن الذات في المواقف التي تتطلب اتخاذ القرار المسؤول ، عكس زملائهم الآخرين من اعضاء المؤتمر في المحافظات الأخرى الذين عبروا عن موقفهم الرافض لاستخدام الرصاص الحي واساليب البلطجة ضد المتظاهرين سلميا فقدموا استقالاتهم من عضوية المؤتمر اليوم . فهل تجرأ احد من قيادات المؤتمر او نوابه من المحسوبين على الجنوب على تقديم استقالتهم كتسجيل موقف رافض للعنف والقمع والقتل الذي تعرضت له المسيرات السلمية في الجنوب ؟!!لقد اثبتت الأحداث السابقة والجارية مدى ضعف مؤتمريي الجنوب وكم هم مسلوبو الأرادة، هذا في احسن الأحوال اما في أسوئها فقد يراهم الكثير من الناس بانهم مجرد مجموعة افراد لاهم لهم سوى المحافظة على مصالح خاصة وامتيازات يوفرها لهم موقعهم الحزبي او النيابي او الوظيفي وهم حريصون جدا على عدم التفريط بها حتى وان جاءت هذه المصالح على حساب الموقف الأخلاقي الملتزم بالأدبيات الدينية والانسانية . وليس بعيدا عن هذا الموقف المزدوج للمستقيلين موقف بعض العلماء الذين اصدروا بيانا مؤخرا يؤيدون خروج الناس في مظاهرات سلمية وينددون باستخدام السلاح والبلطجة ضد من يتظاهر سلميا ، ولنا هنا ايضا ان نتساءل لماذا كان الصمت من هذا البعض وربما المساندة لقمع الناس المتظاهرين في الجنوب واليوم الرفض والإدانة والتنديد بقمع المسيرات السلمية ؟ ألا لعنة الله على المصالح الدنيوية التي تجعل البعض يعليها على قيم الدين الحنيف وتعاليمه السمحاء. [email protected]