ثعلب يمني ذكي خدع الإمام الشافعي وكبار العلماء بطريقة ماكرة    قطوف مدهشة من روائع البلاغة القرآنية وجمال اللغة العربية    بعد خطاب الرئيس الزبيدي: على قيادة الانتقالي الطلب من السعودية توضيح بنود الفصل السابع    الحرب القادمة في اليمن: الصين ستدعم الحوثيين لإستنزاف واشنطن    الحوثي والحرب القادمة    كيف تفكر العقلية اليمنية التآمرية في عهد الأئمة والثوار الأدوات    الأكاديمي والسياسي "بن عيدان" يعزّي بوفاة الشيخ محسن بن فريد    بمنعهم طلاب الشريعة بجامعة صنعاء .. الحوثيون يتخذون خطوة تمهيدية لإستقبال طلاب الجامعات الأمريكية    تفاصيل قرار الرئيس الزبيدي بالترقيات العسكرية    المشرف العام خراز : النجاحات المتواصلة التي تتحقق ليست إلا ثمرة عطاء طبيعية لهذا الدعم والتوجيهات السديدة .    شيخ حوثي يعلنها صراحة: النهاية تقترب واحتقان شعبي واسع ضد الجماعة بمناطق سيطرتها    الحوثيون يزرعون الموت في مضيق باب المندب: قوارب صيد مفخخة تهدد الملاحة الدولية!    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    الحوثيون يلفظون أنفاسهم الأخيرة: 372 قتيلاً خلال 4 أشهر    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    " محافظ شبوة السابق "بن عديو" يدقّ ناقوس الخطر: اليمن على شفير الهاوية "    رسالة حوثية نارية لدولة عربية: صاروخ حوثي يسقط في دولة عربية و يهدد بجر المنطقة إلى حرب جديدة    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    مأرب تغرق في الظلام ل 20 ساعة بسبب عطل فني في محطة مأرب الغازية    مقرب من الحوثيين : الأحداث في اليمن تمهيد لمواقف أكبر واكثر تأثيرا    ريال مدريد يسيطر على إسبانيا... وجيرونا يكتب ملحمة تاريخية تُطيح ببرشلونة وتُرسله إلى الدوري الأوروبي!    17 مليون شخص يواجهون حالة انعدام الأمن الغذائي باليمن.. النقد الدولي يحذر من آثار الهجمات البحرية    تكريم مشروع مسام في مقر الأمم المتحدة بجنيف    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الحوثيون يستعدون لحرب طويلة الأمد ببنية عسكرية تحت الأرض    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    #سقطرى ليست طبيعة خلابة وطيور نادرة.. بل 200 ألف كيلومتر حقول نفط    آرسنال يفوز على بورنموث.. ويتمسك بصدارة البريميرليج    مكتب الأوقاف بمأرب يكرم 51 حافظاً وحافظة للقران من المجازين بالسند    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و654 منذ 7 أكتوبر    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تصدر بيانا مهما في اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    أول مسؤول جنوبي يضحي بمنصبه مقابل مصلحة مواطنيه    الرئيس الزُبيدي : نلتزم بالتفاوض لحل قضية الجنوب ولا نغفل خيارات أخرى    الرئيس العليمي يوجه بالتدخل العاجل للتخفيف من آثار المتغير المناخي في المهرة    بدء دورة للمدربين في لعبة كرة السلة بوادي وصحراء حضرموت    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    المخا الشرعية تُكرم عمّال النظافة بشرف و وإب الحوثية تُهينهم بفعل صادم!    اسقاط اسماء الطلاب الأوائل باختبار القبول في كلية الطب بجامعة صنعاء لصالح ابناء السلالة (أسماء)    تن هاغ يعترف بمحاولةا التعاقد مع هاري كاين    معركة مع النيران: إخماد حريق ضخم في قاعة افراح بمدينة عدن    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحديدة.. تركها المستثمرون واستبد بها حمران العيون..
نشر في الوسط يوم 22 - 07 - 2009

جنرالات تحولوا إلى بشوات وموظفون إلى ذوات ومواطنون تحت رحمة الإقطاعيات تحقيق/ محمد غالب غزوان بعد قيام الثورة لم تكن صنعاء مدينة آمنة لتشييد مصانع وافتتاح معارض سيارات ومتاجر ويتجول الناس ليلا ونهارا في الشوارع آمنين استمر هذا الوضع في العاصمة لسنوات عدة، تزيد عن احد عشر عاما بعد الثورة، فكانت مدينة الحديدة المدينة الآمنة لإنشاء المصانع وفتح معارض بيع السيارات وكافة المعدات الهامة للزراعة وغيرها وكان الساكنون في الجبال يتجهون إلى الحديدة لشرائها، ففي عام 70م كانت عدد المصانع في الحديدة تفوق ما في صنعاء ثلاث مرات وكافة التجار المخضرمين اليوم كانوا يسكنون الحديدة وكافة متاجرهم فيها أمثال عذبان وبازرعة وشماخ وسابحة وجمعان وغيرهم ممن هاجر إليها من عدن مثل دوكم والحسيني وباعبيد جميعهم كانت الحديدة مدينة السعد لهم وبدون أن تفرض عليهم إتاوات أو يتقطع لهم أو يخطف موظفوهم.. فكيف حال الحديدة اليوم. الحديدة ومديرياتها المتعددة، الحالية منها والتي تم فصلها وضمها إلى محافظات أخرى هي أصل سهل تهامة وتقع عاصمة المحافظة في مدينة الحديدة التي تقع في الساحل الغربي لليمن وأصل المدينة يقع في حواريها الأصلية المتكونة من حارات الشحارية والحوك وسوق مريم وباب مشرف والمطراق والصديقية وسوق الهنود والدهمية التي سكن في أطرافها المهمشون، هذا كان قبل ثلاثين عاما كانت هذه هي أصل المدينة ويسكنها صيادون وتجار وعلماء ومن أشهر أسرها بيت الشحاري وحشابرة ومكي وجون ومعجم وهندي وشراعي وفقيرة وبورجي وكانت أيضا تعيش معهم أسر هاجرت من الجبال القريبة واستوطنت معهم المدينة القديمة واكتسبت لهجتهم مثل البرعي والجبلي والأهنومي وغيرهم الذين تمازجوا مع نسيجها الاجتماعي ومن السادة القادمة من الجبل مكرم والوزان وغيرهما.. هذا بالنسبة للمدينة التي كانت آخر حدودها لا تتعدى الخط العام الذي يسمى شارع صنعاء والذي شق في عهد الإمام ويتجه مباشرة إلى ميناء الحديدة الذي هو الآخر من إنجازات الإمام، ومن ضمن المشاريع التي أقامتها تركيا في الحديدة مستشفى العلفي ومبنى العرضي الذي يقع حاليا في شارع المواصلات ودار البوني الذي يقع في شارع النخيل وكانت الحديدة مدينة غنية في زمن الإمام، فكافة القوافل كانت تتحرك من السهل التهامي في اتجاه الحديدة وهي محملة بالحبوب المتنوعة والتمور والسمن البلدي لتصدره في القوارب التي ترسوا في شواطئ الحديدة وهي قادمة من جدة وارتريا وبعضها من الهند وقيل أيضا من مصر والسودان. وبعد الثورة تمكن بعض الضباط والقيادات من تملك الأراضي على ضفاف شارع صنعاء وشارع الميناء ولكن لم يكونوا بنفس مستوى جنرالات وقيادات اليوم، فبعضهم باع تلك الأراضي فورا وهرع أهل الجبل إلى تملك وبناء الأراضي التي كانت على ضفاف شارع صنعاء من الجانبين فشكلت شبه سور ما زال باديا إلى اليوم، فمن جهة جنوب شارع صنعاء الأغلبية الساحقة للسكان من أبناء الحديدة ويتحدثون بلهجة حديدية أما من بداية جنوب الشارع في اتجاه الشمال فتجد السكان يخلطون ما بين لهجة تعزية حديدة وبرعية تهامية وغيرها من اللهجات ولكن لم يضق أبناء الحديدة من هذا التوغل فالمتوغلون من أبناء الوطن وكيف يضيقون والعهد عهد ثورة والمفاهيم قومية أكبر بكثير من ذلك الاندماج ولكن كان هناك فوج آخر من المغتربين الأوائل في الحبشة والسودان والذين عادوا بعد قيام الثورة مباشرة وكانت أصول أغلبهم من ذمار وعنس ورداع طاب لهم المقام في الحديدة بعدما تنكر لهم أهل مناطقهم بسبب أشكال أبنائهم وزوجاتهم الحبشيات فاختاروا الحديدة وبسطو في أماكن كانت خلاء في ذلك الزمن تسمى الحالي، بحكم بُعدها عن الساحل "عند حفر الآبار فيها يكون مذاق الماء أحلى فسميت الحالي" لكن وسرعان ما حوصرت صنعاء وفر الرئيس عبدالرحمن الإرياني إلى الحديدة حتى يكون في مأمن عند قبائل الحديدة التي كانت أخير من قبائل مأجورة في الجبل الشمالي تكالبت على عاصمتها من أجل إجهاض الثورة، فتحولت الحديدة إلى غرفة عمليات وأخذت تستقبل أفواج المقاومة الشعبية من تعز وإب وغيرها من أجل التوجه إلى خط صنعاء الحديدة من أجل إنقاذ صنعاء من التيار الملكي الذي أطبق الحصار عليها بدعم سعودي أمريكي وبتحرك من مجموعة من المرتزقة من القبائل الشمالية وكان لمدينة الحديدة الدور الأكبر في رفد وتجهيز المقاتلين من أجل إنقاذ صنعاء حتى تم فك حصار صنعاء ثم شهدت بعد ذلك صراعاً عسكرياً بين أنصار عبدالرقيب عبدالوهاب قائد حرب السبعين والتيار الملكي الذي تسلل إلى كرسي الحكم وفرض نفسه واضطربت الأوضاع في الحديدة وخرجت المسيرات والمظاهرات وهكذا استمرت الحديدة على موقفها الوطني لم تخذل أو تتآمر على الثورة. الحمدي والحديدة وشهدت مدينة الحديدة تدفق أعداد كبيرة من المغتربين القادمين من الحبشة والسودان وارتريا بشكل كبير في عهد الرئيس الحمدي حين وجه دعوته بعودة المغتربين والذين عادوا إلى اليمن وكان أغلبهم أيضا كما أسلفنا من مناطق رداع وعنس وذمار، والذين قست وتنكرت لهم قبائلهم ومناطقهم بسبب شكل أولادهم المائل إلى الشكل الأفريقي فاحتضنتهم أرض الحديدة وكانت سترا ووطنا لهم وشكل عددهم ما يقارب عدد سكان مدينة الحديدة، إضافة إلى الوافدين من باقي المحافظات الأخرى شملت أيضا مهاجرين من عدن وحضرموت جاءوا لغرض التجارة والعمل، فشكل هؤلاء جميعا ثلاثة أضعاف السكان الأصليين لمدينة الحديدة ولكن الزخم الاقتصادي الذي شهدته المدينة لم يؤثر على اقتصاد السكان فقد قام المغتربون الوافدون بإحياء الخبوت البعيدة، حيث بنوا مساكنهم من الألواح والصنادق والعشش وتم شق طرق عديدة في عهد الحمدي من أجل ربط المدينة ببعضها، فعلى نفقة الشيخ زايد شق طريق دائري يربط أطراف شارع صنعاء بشارع الميناء وتم إنشاء مدينة للعمال وتم إنجازها خلال عام واحد وشق ثلاثة شوارع لربط شمال المدينة الذي يتكون نسيجه الاجتماعي من مغتربين ووافدين بجنوب المدينة إلى جانب السكان الأصليين الحديديين، وشهدت موانئ الحديدة انتعاشاً غير مسبوق، خصوصا مينائي الحديدة والصليف وخصص ميناء الصليف لاستقبال بواخر الحبوب، كما تم إنشاء ميناء ثالث داخل مدينة الحديدة هو ميناء الكثيب الذي خصص لاستقبال بواخر الفواكه وكانت كافة الموانئ مزدحمة وتتأخر البواخر في منطقة الغاطس شهوراً حتى يصل دورها في الرسو على الميناء لتفريغ الحمولة.. وبفعل ما شهده المغترب اليمني في السعودية حسن المعاملة وارتفاع أجره وسفارة يمنية تتمتع بمقومات الدبلوماسية الدولية والغيرة على مواطنيها فقد هاجر الكثير من أبناء الريف الحديدي الذي لم يكن مؤهلاً للانخراط في العمل الإداري في محافظته بسبب الجهل الذي كان يخيم عليها فكانت الغربة إلى السعودية مخرجاً له ولكن بالمقابل هجر الريف التهامي زراعة أرضه وعزف عن رعي الأغنام والخرفان التهامية المرغوبة لدى كافة المحافظات بسبب لذة لحمها وقلة شحمها ولكن كما أسلفنا أن الزخم الاقتصادي والاستثماري الذي تركز في الحديدة وبعض أريافها مثلا مصنع الأسمنت في باجل أول مصنع للأسمنت في اليمن وباقي المصانع المجاورة له التي كانت تعلب البقوليات من فول وفاصوليا والتي تمكنت من امتلاك أراضي في السهل التهامي لغرض زرع محاصيل التعليب ومصنع التبغ والكبريت في المراوعة والذي يملك أراض واسعة وجميعها ملك الدولة يضاف إليهم مصنع الغزل والنسيج ومحلج القطن الذي يملك أيضا أراض واسعة وكان يتم تصدير القطن إلى الخارج من أراضي تهامة الغنية بجانب مصانع أخرى لمستثمرين منها مصنع الكندادراي في مديرية القطيع ومصنع البيبسي كولا في الحديدة ومصنع الألمنيوم ومصنع الغاز وغيرها كثير بجانب تركز استثمار موردي السيارات في الحديدة مثل شماخ والحسيني وبازرعة وعذبان وسابحة حول مدينة الحديدة كل ذلك شكل شرياناً رئيسياً لتنمية الاقتصاد وتهافت المسئولين الوافدين من الجبال على تملك الأراضي والتعامل مع السكان الأصليين والمستوطنين بعين حمراء ملتهبة لكن زخم الاقتصاد ولذة المعيشة لم يشعر أبناء الحديدة بالظلم واللهف. النكسة كانت بداية الثمانينات هي بداية التخطيط لسحب البساط الاقتصادي من تحت أقدام الحديدة رغم أنه لم يتمكن أحد من أبناء الحديدة من تكوين رأس مال تجاري بسبب أن رأس المال القادم إليها كان أكبر وأقوى لهذا لم يبرز تاجر من الحديدة وجاء قرار إيقاف استيراد الفواكه الصادر من رئاسة الوزراء ليعطل ميناء الكثيب الذي بني على عجل وكان رصيفه عبارة عن كركات ثابتة، حيث تم تحويله إلى قاعدة بحرية تتبع القوات البحرية وبدأ رأس المال ينتقل إلى صنعاء ومحلج القطن بدأت مزارعه تنهار وتحول إلى عبء ومصنع الأسمنت تردى عمله وحتى الدفعة الثانية من مساكن مدينة العمال توقفت وتم نهب ميزانيتها وأكمل بعض العمال تلك المباني وباع البعض الآخر تلك المباني على ضباط وقيادات عسكرية وبدأت ملامح البؤس تظهر ولكن الغربة إلى السعودية استوعبت الكثير من البائسين.. وكانت بداية عهد الوحدة السيف البتار الذي قصم ظهر أبناء الحديدة فأصبح ميناء عدن المنافس الذي يصعب منافسته والذي سبب فتوراً في الميناء الحديدي بجانب كم هائل من المغتربين عاد إلى الحديدة بعد أن أصدرت السعودية قرارها بتطبيق نظام الكفالة على المغتربين اليمنيين وتردت الأحوال وارتفعت معدلات البطالة ولم يبق لأبناء المدينة غير البحر وصيد السمك ولكن البحر لم ينج من قبضة المتنفذين تحت اسم الاستثمار فامتدت أيادي البطش لتشارك الصيادين في رزقهم ويتحرك الباطشون من مركز قوي والصيادون من مركز توسل "الله والنبي أليك يا فندم" ولكن البطاشين لا يرحمون أحداً وهكذا تم بطح الحديدة تحت أقدام الفقر الذي عبث بالمدينة وكل أرياف الحديدة علاوة على ذلك الفساد البجح في دهاليز الدولة والذي يلهف مخصصات المدينة والمديريات والتعامل مع أبناء المحافظة المسالمة بجبروت. النسيج الاجتماعي يتكون النسيج الاجتماعي للحديدة من المجتمع الريفي الذي هويته حديدية 100% باستثناء المدن مثل مدينة الحديدة وباجل والمنصورية والجراحي التي يوجد فيها خليط من سكان الجبل الوافدين إليها، أما مدينة الحديدة فتتكون من نسيجين اجتماعيين النسيج الأول حديدي أصل في اللهجة والمأكل والملبس والعادات والطباع ويتشابه تماما مع المجتمع الجيزاني ولا غرابة فقد كانت الحديدة وجيزان تحت قبضة حكم الأدارسة أحد حكام اليمن والنسيج الثاني يمثل لفيفاً متنوعاً من الوافدين من ريمة ووصاب وبرع وتعز وإب وقليل من عدن وحضرموت ذابوا في بعضهم وتأقلموا وبحكم أنهم أكثر من السكان الأصليين لم تسيطر عليهم اللهجة الحديدية وأنتجوا لهجة وسطية بفعل عوامل زمن المعيشة ولكنهم أصبحوا جزءاً من المكون الاجتماعي لمدينة الحديدة. تراث حضاري وفني وفلكلوري ويتمتع السهل التهامي الحديدي بتراث فني متميز عن باقي محافظات الجمهورية وخاصة في الأزياء التقليدية الخاصة بالنساء والرقصات الشعبية المتنوعة والمتميزة بأنها تبهر المشاهد وتشد انتباهه، وكانت الحديدة تتميز بتقديم العروض للرقصات التقليدية والاستعراضات الرياضية البدنية والفروسية من خلال استغلال تجمعات الناس في موسم زيارات الأولياء، فمثلا في زيارات القطيع كان يتم تقديم عروض الرقص بواسطة الخيول من زمن بعيد وأيضا زيارات الحسينية الذي تحول حاليا إلى مهرجان، فمنذ زمن بعيد كان يتم تقديم عروض سباقات الهجن والقفز من فوق ظهور الجمال وهذا شيء تنفرد به الحديدة بدون منافس. وبطبيعة الحال هذا الزخم التراثي الفني لم يأت من فراغ بل جاء من رحم حضارة تاريخية لشعب أصيل، فمدينة الحديدة يوجد فيها العديد من المباني التاريخية القديمة التي بعضها قد انهارت وكانت من قبل مبان تتبع دوائر حكومية وما زال هناك العديد من المباني القديمة يقطنها السكان ولكن تحتاج إلى ترميم وتقديم دعم وعون حكومي لها من أجل الحفاظ عليها وهي تقع في حواري باب مشرف وذلك الباب يعتبر تحفة حضارية، فبعد أن تولج هذا الباب يطل عليك سوق قديم لبيع الأقمشة والملبوسات والبهارات وهو مرصوف من الداخل منذ القدم ويعتبر من الأسواق الشعبية الهامة التي يجب الحفاظ على ما تبقى منها والاهتمام بالحواري الخلفية له حيث ما زالت أغلبية الأزقة ترابية في إهمال متعمد لمجد مدينة قدمت الكثير من
الدعم الاقتصادي للمحافظات الجبلية. التيارات الفكرية واستغلال الفقر كانت محافظة الحديدة أكثر المحافظات المحسوبة على الشمال تحررا فكريا ورغم صغر المدينة في أواخر السبعينيات كان يوجد فيها عدد خمس دور سينما وشهدت صحيفة الصباح أول صحيفة مستقلة نور الولادة في مدينة الحديدة وفي بداية الثمانينات بدأ الإخوان المسلمون ينشطون فيها بشكل ملموس وكان مسجد الكويت دار استقطابهم للأعضاء ولكن سرعان ما تمت التوجيهات للإخوان بتكثيف النشاط في مدينة إب والعودة فيما بعد إلى الحديدة ولكن التيار السلفي أخذ يتوغل في مدينة الحديدة والأرياف وقد واجه صعوبة في تقبله فكريا بحكم أن أغلب أبناء الحديدة شوافع وقليل منهم صوفية وكان عندهم عدد من الزيارات للأولياء أشهرها زيارة القطيع والتي كانت تتم في الثلاثة الأيام الأولى لعيد الأضحى من كل عام وكان أبناء الحديدة يتوافدون إليها من كل حدب وصوب ولكن نشاط التيار السلفي قضى عليها نهائيا. وحاليا للنشاط السلفي دور كبير في الحديدة وأغلبية مساجد الحديدة تحت قبضتهم وأصبح هذا التيار يملك إمكانيات كبيرة في استقطاب الشباب وأرباب الأسر، حيث أكدت مصادر أن السلفيين يملكون أعداداً كبيرة من الدراجات النارية التي تعتبر مصدر رزق جيد في مدينة الحديدة وكثير من الشباب يحلمون بامتلاك الدراجة النارية بحكم دخلها الجيد، حيث يعطون الشباب الدراجة النارية بأجر رمزي يصل إلى ثلاثمائة ريال بشرط أن يحضر الصلوات الخمس في مسجد يحدد له وأن يحضر المحاضرات لعلمائهم التي يتم إلقاؤها بعد صلاة العشاء وأيضا يملكون كذلك مجموعة من الباصات وهذه لا تمنح إلا لشخص يملك أسرة مكونة من ثمانية أشخاص وعليه أن يلزم الذكور ممن يعولهم بحضور محاضرات العلماء وذلك لغرض إبهار الناس بمدى حبها لذلك العالم المحاضر وأكدت تلك المصادر أن السلفيين لهم روابط مع تنظيم الإصلاح والحزب الحاكم وأن ذلك الاستقطاب الديني المستغل لفقر الناس يفوج لصالح الانتخابات البرلمانية وحسب الاتفاق بين الحاكم والإصلاح يتم تقاسم أصوات الفقراء وبمقابلها يتم تمرير مصالح سلفية والتي تقودها شخصية عسكرية تهتم بالمنطقة كثيرا ودائما تسافر إليها وقد تم تشييد كلية الإيمان في الأرضية التي كانت تتبع مسجد الكويت والتي كانت عبارة عن حديقة للمسجد الذي تم تشييده قبل 32 عاما. مدينة المآسي المتنوعة.. فقر وبؤس ونهب وقمع وجهل.. "الحديدة" مدينة مخنوقة مجرد أن تدلف بك السيارة منطقة باب الناقة وأنت قادم من صنعاء في اتجاه الحديدة تهاجمك مناظر البؤس التهامي وتلحظ بسهولة أيادي النهب الممتدة في كل اتجاه.. مشاريع متعثرة وأراضي مسورة ومستشفيات بائسة ومرضى يتسولون ثمن العلاج وأطفال يطلبون ثمن رغيف الخبز وشباب متفشية في أوساطهم الأمية وأمراض الملاريا والسل.. أوجاع مدينة الحديدة نوردها لكم تباعا. أحد شباب الحديدة تنازل عن كليته مقابل دراجة نارية لا يتعدى سعرها مائة وعشرين ألف ريال.. مساكين هم أبناء الحديدة حلم الشباب فيهم لا يتعدى دراجة نارية من أجل أن يعمل عليها والعمل في الدراجات النارية لا يحقق أرباحاً كبيرة، فالمشوار أجره مبلغ خمسين ريالاً ونتيجة حرارة الجو فالدراجات النارية كثيرة الأعطال ومتطلباتها من الزيوت مضاعف، لكنها تكفي الشخص من ذل السؤال، فأغلب أبناء الحديدة يعملون بالدراجات النارية وهؤلاء نحسبهم من ضمن الفقراء حتى لا يحتج المسئولون في الحديدة بأننا بالغنا في الوضع الذي تعيشه مدينة الحديدة ولكن عشرات النساء شاهدناهن وهن يفتشن القمائم ويبحثن عن العلب المعدنية الفارغة وقنينات المياه الصحية من أجل أن يقمن ببيعهن مقابل رغيف الخبز وأخريات من النساء المسنات منتشرات في الجولات يتسولن ورجالاً وأطفالاً يفترشون الشوارع جوعى، بعضهم عراة بدون ملابس وأمام المطاعم طوابير من الأشخاص الذين ينتظرون بفارغ الصبر أن ينهض الزبون من فوق المائدة حتى يهجموا على بقايا طعامهم، طبعا هذا يحصل في المطاعم الشعبية أما المطاعم المكيفة المغلقة الأبواب، فيتم طردهم من بواباتها وعدد تلك المطاعم قليلة وهي خاصة بالأبهات الذين هم من أنتج هؤلاء الفقراء أصلا. الشباب أغلبية أبناء الريف الحديدي يعملون في المدن الحدودية السعودية و90% من الرعيان في مناطق جيزان وأبها في السعودية أطفال من الريف التهامي، يعملون بأجر يصل إلى 150 ريالاً سعودياً في الشهر وأيضا مجموعة منهم تعمل في المزارع الحدودية التابعة للسعودية بأجر شهري يصل إلى 250 ريالاً في الشهر ومنهم أيضا نسبة كبيرة تعمل في محافظة مأرب في مجال الزراعة وقيادة الدراجات النارية ومجموعة أخرى تعمل في محافظات حضرموت في مجال زراعة النخيل وهي عمالة مرغوب بها في مأرب وحضرموت ولم تتعرض لأي مشاكل بحكم أنها بعيدة عن النخيط. ورغم هذا التشرد والسعي وراء الرزق فوضع الشباب بائس جدا والفقر ينتج أعداداً هائلة من الشباب الأمي، فالأمية منتشرة في أوساط الشباب بشكل فظيع للغاية وخطر، فأكثر من 80% من أبناء الريف الحديدي غير دارسين وأميين، لا يجيدون القراءة والكتابة والسبب يعود إلى أن الكادر التعليمي غير ملتزم أما المدارس فمتوفرة ومخرجات التعليم رديئة للغاية، فهناك عدد من الشباب الصغار درسوا حتى الصف السادس والثامن، ثم تركوا الدراسة وتجدهم لا يجيدون القراءة والكتابة، أحد هؤلاء الشباب الذي التقته الصحيفة قال إنه درس إلى الصف السادس ولا يعرف يكتب غير اسم (محمد) و(الله) وغيره كثير كانت تصريحاتهم مثل تصريح هذا الشاب وأغلبية الكليات التي في الحديدة 90% من طلابها من خارج محافظة الحديدة، حتى الكلية البحرية التي تخرج كل عام عدد من الضباط، 97% من طلابها من غير أبناء الحديدة ويستحوذ على أكثر من 40% من الطلاب فيها طلاب من منطقة حاشد حسب تصريح مصادر مقربة من الكلية رغم أن الكلية البحرية لا تعتبر كلية ذات ضرورة عسكرية بحكم أن اليمن لا تملك قطعاً بحرية كبيرة قادرة على استيعاب مئات الضباط الخريجين. المهم في آخر المطاف أن شباب الحديدة يعانون من التهميش وحتى الآن لا توجد خطط استراتيجية من أجل استيعاب الشباب التهامي الذي يعاني من التشرد والجوع والقهر وتركه عرضة لعبث التيارات الفكرية الضالة وعبث الناهبين. الملاريا والسل الوضع الصحي في مدينة الحديدة مترد للغاية فما بالك بالمراكز الصحية والمستشفيات الريفية في المديريات.. في داخل مدينة الحديدة مستشفيان الأول مستشفى العلفي الذي شيد في عهد الأتراك من الطوب الأحمر والجبس وفي مساحة واسعة وفي تقسيم رائع وقد سمي بالعلفي بعد الثورة، لأن العلفي حاول اغتيال الإمام يحيى عند زيارته لها وفي عهد الرئيس الحمدي تم تجديد واجهة المستشفى ببناء حديث يتكون من خمسة أدوار شمل 40% من مساحتها وبقيت المساحة الداخلية بدون تجديد التي تهالكت أكثر وعند زيارتك للأقسام الداخلية للمستشفى تشاهد الفئران وهي تركض وتتنقل في جحورها المتعددة في الغرف التركية القديمة بكل خفة ونشاط تفوق نشاط الممرضين والأطباء والإداريين العاملين في المستشفى وفي عهد الرئيس صالح تم تجديد القسم العسكري الذي يقع داخل المستشفى منذ قديم الزمن وتم تغيير اسم القسم إلى المستشفى العسكري بالحديدة، فحالة المستشفى بائسة، أما المستشفى الثاني فهو مستشفى الثورة، تم تشييده في أوائل عهد الرئيس صالح وهو في مساحة أقل من مستشفى العلفي التركي وقد تهالكت أغلبية أجهزته وهو بحاجة إلى دعم مضاعف من أجل مواجهة الضغط من أعداد المرضى التي تتوافد إلى عاصمة المحافظة من كافة الأرياف الحديدية وأيضا من محافظة ريمة وأيضا من السهل التهامي التابع لمحافظة حجة. ويعاني أبناء الحديدة من أمراض الملاريا وفقر الدم والسل وسوء التغذية، فأغلبية المترددين يعانون من الأمراض الآنفة الذكر وذلك بسبب نشاط البعوض الناقل لمرض الملاريا الذي لا يواجه أي مكافحة من أجل الحد من نشاطه ف80% من أبناء الحديدة يعانون من الملاريا، وأيضا وبسبب الفقر الفظيع الذي يعاني منه السهل التهامي تمكن مرض السل منهم بشكل فظيع وفقر الدم وأمراض سوء التغذية، فأبناء تهامة بحاجة إلى لفتة سريعة وكريمة من أجل إنقاذ حياتهم. المدينة المقهورة لا يستطيع أحد أن ينكر أن هناك توسعاً عمرانياً في مدينة الحديدة التي امتدت وتوسعت في العشر السنوات الأخيرة ولكن ذلك التوسع تركز بالاهتمام بالجهة الشمالية للمدينة وأهمله الجانب الجنوبي لها بشكل غير مقبول، فأغلبية شوارع الحديدة في مناطق باب مشرف والدهمية وشارع جمال محفرة والأسفلت قد تقشر وانخلع منها تماما، أيضا المدينة مليئة بالقمائم والقاذورات وتركزت عملية النظافة على شارع صنعاء والشوارع الحديثة في الجانب الشمالي، جهة شارع جيزان. الكهرباء شكاوى المواطنين من مؤسسة الكهرباء كانت متعددة ومتنوعة، فقد شكا عدد من أبناء الحواري أن فواتير الكهرباء في الحديدة مرتفعة الثمن، فبعض الفواتير يصل سعرها إلى 20 ألف ريال مما يضاعف معاناة المواطنين، غير ان عدداً من المواطنين شكوا من مدير الكهرباء بالذات الذي يتعامل بتعال وكبرياء ويتعسف المواطنين، موضحين أنهم يخضعون لمعاملة روتينية معقدة أثناء ما يتقدمون لطلب شبك عداد الكهرباء وتلك المعاملة لا تمر إلا بعد أن يتم دفع الرشوات التي تصل إلى خمسين ألف ريال وبعد ان تنتهي المعاملة وتصبح الاوامر جاهزة لشبك العداد يدخلون في معاملة جديدة مع مسئول الربط (ع.ع) وهو شاب صغير يعتبر الابن المدلل للمؤسسة الذي لا يتجاوب مع المواطنين والذي يسعد كثيرا حين يتزاحمون على توسله بإنجاز عملية الربط التي يشرف عليها، وقد تقدم عدد من المواطنين بشكوى ضد المذكور إلى مدير الكهرباء الذي كان رده إذا لم يعجبكم نرد لكم ما دفعتوه والله معاكم" طبعا يقصد إرجاع المبالغ التي تدفع بشكل رسمي أما ما يتم دفعه من تحت الطاولة، فهو غير مسئول عنه طبعا رد المدير غير موفق إن صدقه هؤلاء الأشخاص والذي نحتفظ بأسمائهم.. فإلى من يلوذ هؤلاء المواطنون من تعسف الموظف المدعوم من المدير. صحيفة الوسط زارت مؤسسة الكهرباء فوجدناها مزحومة بالمعاملين من المواطنين الذين كان جميعهم يشكون ويبكون من تعسف الإدارة وقد قمنا بزيارة مكتب مدير الكهرباء المحصن بسكرتارية ومدير مكتب ولكن لم نجد المدير العام ورفض مدير مكتبه أن يحدد لنا متى سوف يعود المدير العام وكانت هناك مجموعة من المواطنين في انتظار المدير، بعد ذلك اتجهنا إلى مكتب النائب فلم نجده وبعدم تواجدهم طبعا تتوقف كافة المعاملات. ويعاني أبناء الحديدة من الانقطاعات المتعددة للتيار الكهربائي والتي تعني الشيء الكثير لأبناء الحديدة وأيضا تعاني الشبكة الكهربائية من العشوائية بشكل ملفت حتى لغير المتخصص في هذا المجال. الوضع الأمني وجبل النار حي "جبل النار" الذي يقع خلف حي المغتربين والذي كان قبل سنوات أماكن لبيع معدات تشليح السيارات والذي أصبح حاليا مكانا آهلا بالسكان، كما أنه تحول إلى حي مفزع فقد رفض العديد من سائقي الدراجات النارية نقل مندوب الصحيفة إلى ذلك الحي لأنهم يتحاشون الذهاب إلى ذلك الحي الذي يعاني من الانفلات الأمني والذي يتعرض كل من يصل إلى ذلك الحي إلى النهب والتشليح والضرب ويصل إلى أنه حتى إن أعجب المتقطعون بالملابس التي يلبسها الضحية يتم تجريده منها تحت قوة إشهار الخناجر والعصي ومنهم قليل يملكون المسدسات وقد فتحت شهية هؤلاء المتقطعين بشكل أكبر بعد أن عجزت الأجهزةالأمنية والأطقم من القبض على أي فرد منهم، فتحول هذا الحي إلى حي مفزع ومخيف ويخشى الأهالي أن تتسرب العدوى إلى باقي أحياء المحافظة وقالت تلك المصادر إنه يكفي الانفلات الأمني الذي تعاني منه أسواق الحديدة من النشالين والعصابات وسرقة الدراجات النارية وأبدوا أسفهم من رجال إدارة المباحث الذين يعرفون هؤلاء اللصوص ويلتقون بهم ويتقبلون منهم الرشوات ويغضون الطرف عنهم، موضحين أن ذلك يحصل من مخبرين صغاراً لا يتمتعون بأي أخلاق ويدعون أنهم يتبعون المباحث ويلحظ ترددهم على إدارتها، وتمنوا من مدير إدارة المباحث أن يشدد رقابته على مثل هؤلاء رأفة بحال المواطنين. أسبوع .. (فاصي نفسك) عند زيارة صحيفة الوسط لمحافظة الحديدة صادف تزامن حملة أسبوع المرور مع زيارة الصحيفة وقد لاحظنا رجال المرور الذين انتشروا
في شوارع المدينة، ترافقهم قوات من الأمن المركزي والمضحك في الأمر أن رجال الأمن المركزي يفتشون عن الرخصة والكرت ورجال المرور يسألون عنها وجميعهم متحدون تحت عبارة حديدية موحدة هي "فاصي نفسك" عند ضبط المخالفة والمبلغ لا يتعدى ثلاثمائة ريال وتنخفض إلى مائتي ريال والغريب في الأمر أن هذا التصرف معمم في كافة نقاط التفتيش وشاهدنا بأنفسنا هذه المواقف في منطقتين، الأولى في شارع صنعاء عند مدخل المدينة بعد الحديقة والأخرى في شارع جيزان ويقابل المواطنون الامر بسعادة تخالطها السخرية وهم يرددون عيد الأمن والمرور وقالوا أن عبارة "فاصي نفسك" والتي تعني خارج نفسك عبارة معممة في كافة الدوائر الحكومية في مدن الحديدة وأريافها. مدراء غياب حاولنا أن نلتقي بعدد من مدراء العموم في المحافظة وأضعنا الكثير من الوقت ونحن نتردد عليهم، حيث مدراء مكاتبهم في العادة تعودوا على عبارة "المدير بايوصل بعد نصف ساعة" ومنهم مدير الصحة الذي قيل إنه مسافر ولم نجد نائبه الذي ترددنا ثلاث مرات على مكتبه ولم نجده ومدير الكهرباء ونائبه لم نجدهما ومدير مكتب التربية لم نجده ومدير الثروة السمكية لم نجده أيضا وقيل إنه مسافر والتقينا بنائبه بعد أن ترددنا ثلاث مرات والوحيد الذي وجدناه في مكتبه مدير مكتب الأراضي وكان متجاوباً وحدد لنا موعدا اليوم الثاني لكننا لم نتمكن من الإيفاء بموعدنا لمغادرتنا عاصمة المحافظة إلى المديريات لكننا نشكره على تجاوبه سعة صدره. الثروة السمكية استحوذ عليها الخولاني بحكم محكمة هل سينعم الصيادون بالرزق الوفير في الأيام القادمة؟ عانى الصيادون في الحديدة الكثير من تلك الشركات التي تملك القوارب العملاقة والتي تقوم بجرف الأسماك وتدمير الكثير من مراعيها، حيث كان حوض البحر الأحمر والمياه التابعة للمحافظات تنعم بأسماك الديرك والفاقم والزينوب والسخلة بشكل وفير علاوة على الجمبري وخيار البحر ولكن تلك القوارب شفطت الأسماك وأجبرت الصيادين على أن يلجأون بالاتجاه بقواربهم إلى أطراف المياه الإقليمية عند الحدود الارترية التي كانت تتعسفهم وتستبد بهم وتعرضهم للمهانة والسجن وكانت مياه البحر الحديدي خاضعة لقوارب المستثمر الخولاني بشكل رسمي وكانت هناك عدد أيضا من القوارب الأردنية تصطاد من المياه الحديدية بدون أي عقود ولا نعلم تحت أي بند كانت تجرف السمك. وعند زيارتنا لمدينة الحديدة علمنا أنه عادة في شهر 6 وحتى شهر 10 تتوقف عملية الاصطياد لهذه الشركات حتى تنمو مزارع الأسماك وتتكاثر وأن الفترة التي كانت محددة للمستثمر الخولاني قد انتهت رسميا، حيث المستثمر الخولاني سمح له أن يجرف الأسماك من المياه الحديدية بحكم محكمة لأنه كان يدين الوزارة مبالغ مالية ومقابل تلك المبالغ حصل على حكم قضى له بجرف السمك في الحديدة وأن هذا الحكم قد انتهت فترته والتي كانت تصل إلى عشر سنوات. وفي تصريح لنائب المدير العام للثروة السمكية أكد أن ليس هناك أي شركة استثمارية تعاقدت مع الوزارة وأن عملية الاصطياد للشركات موقفة بصفة عامة حتى شهر أكتوبر. ولكن مصادر من الصيادين أكدت أن هناك العديد من قوارب الصيد التابعة لتلك الشركات تواصل عملية الصيد وأن إدارة الثروة السمكية لا تعمم على خفر السواحل بمنع قوارب الشركات من جرف الأسماك خلال موسم التكاثر والتخصيب. وأوضح صيادو الحديدة أنهم يعانون كثيرا من تلك القوارب والسفن العملاقة التي تجرف رزق أولادهم، لأن البحر يعتبر مصدر رزق لهم وعلى ضفافه استوطن آباؤهم قبل مئات السنين واليوم تأتي هذه الشركات العشوائية التي يملكها مسئولون أو شركاء فيها وتقوم بجرف الأسماك والرزق بدون رحمة مما يضطرهم إلى اللجوء إلى أطراف المياه الإقليمية من أجل الاصطياد، فتتضاعف خسائرهم المادية ويتعرضون لمخاطر النهب والسجن والغرامات من قبل دول الحدود ارتريا والسعودية. وناشدوا جهات الاختصاص والمسئولين أن ينقذوهم من هذا النهب وأن يمنعوا المياه الحديدية من تلك الشركات الاستثمارية التي لم يستفد من استثمارها سوى أصحاب البطون الكبيرة والمتنفذين، أما هم فقد جرت عليهم الفقر والكبد والمعاناة التي انعكست على وضعهم ووضع أسرهم، وطالبوا جهات الاختصاص أن تتقي الله وتطلب منه المغفرة وتتوب من عملية إفقار الصيادين. أيضا شكا العديد من الصيادين من إدارة الثروة السمكية من جوانب عديدة سنوردها بعد أن نضع تلك الشكاوى بين يدي مديرها العام الشاب المتجاوب عبدالله بورجي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.