استطلاع/ رشيد الحداد الحوادث المرورية.. قضية جمعت بين سوء الإدارة تخطيطا وتنظيما وسوء المصير، فالخسائر المزدوجة فاقت حدود الممكن في ظل صمت حكومي مهيب، فعلى جنبات الطرقات تسفك حوادث السير آلاف الأرواح سنويا وتستنزف مليارات الريالات بين أروش وديات وتكاليف دواء وإصلاح ما دمرته الحوادث من سيارات فإجمالي الأموال التي بددتها حوادث الطرقات بلغت 9.7 مليارات ريال خلال 15 سنة كتقدير أولي، ورغم جسامة القضية على حق الحياة واقتصاد الفرد والاقتصاد الوطني، إلا أن مسئولية الحكومة الاجتماعية سقطت في بحر اللامبالاة وأصبح المسئول عن تنامي حوادث المرور المواطن اليمني الذي يدفع ثمن الأخطاء الفنية في الطرقات وأخواتها من مطبات وحفر.. إلى الفقرات. لكل مشكلة حل في كافة دول العالم النامي والأقل نموا والثالث باستثناء الحكمة التي يتعامى فيها المسئولون عن الاختلالات الفنية الناتجة عن أخطاء التخطيط وفق معطيات زمن أصبح في حكم الغابر ولم يعد يستوعب مستجدات العصر بقليل من الحكمة، أكثر من حقيقة تجسدها أرقام الضحايا الذين يسقطون بالمئات بشبه يومي على جنبات ما يزيد عن 10 آلاف كيلومتر من شبكة الطرقات في اليمن، فضحايا الحوادث المرورية يفوقون ضحايا الحروب وخسائرها المادية تفوق خسائر الحروب ولكن كثيرا ما نتحدث عن المجني عليه ونتجاهل الجاني الممثل باختلالات فنية في الطرقات والسيارات، إلا أن محكات الموت المتواجدة في الطرقات والمعروفة بحكم تكرار الحوادث فيها بصورة أسبوعية تؤكد أن هناك تجاهلاً من قبل الجهات المعنية لأسباب الحوادث عموما ومحكات الموت على وجه الخصوص. وفي الاتجاه تحصد تلك المحكات أرواح الأبرياء بالآلاف سنويا وتترصد بأخرى دون أدنى اعتبار لما يجب أن يكون، ففي كل 24 ساعة يفقد كل 17 مواطناً حياته في المتوسط وتتجاوز الإصابات البسيطة والجسيمة ما بين ال40 إصابة إلى ال50 إصابة يوميا وتصل الخسائر المادية من ديات 250 مليون ريال وأروش ال10 ملايين والأضرار المادية التي تلحق بالمركبات إلى 10 ملايين ريال في المتوسط، وتشير إحصائيات الإدارة العامة لمرور الأمانة إلى أن إجمالي الخسائر المادية للعام 2008م بلغت ملياراً و233 مليوناً و150 ألف ريال منها 523 مليوناً و600 ألف ريال ديات و351 مليوناً و550 ألف ريال أروش و358 مليوناً أضرار لحقت بالمركبات، أي أن متوسط الخسائر المادية للحوادث المرورية بلغت 3 ملايين و450 ألف ريال يوميا، بمتوسط 17 قضية حادث مروري يوميا، حيث بلغ إجمالي قضايا الحوادث المرورية 5895 قضية. 6.4 مليارات خسائر اقتصادية ارتفعت الحوادث المرورية بين عامي 1996م- 2008م إلى نسبة 200% ووفق إحصائية صادرة من مرور أمانة العاصمة فإن إجمالي الحوادث المرورية للعام 96م بلغت 2781 حادثة أودت بحياة 182 وإصابة 1880 إصابات جسيمة وبسيطة وتجاوزت الخسائر المادية 291 مليوناً و743 ألف ريال وبلغت الحوادث في العام 2008م عدد 5890 حادثة في أمانة العاصمة أودت بحياة 366 مواطناً وإصابة 4890 مصاباً وبلغ عدد المصابين بإصابات جسيمة 2280 والإصابات الخفيفة 2610 وبلغت الخسائر 1.3 مليار ريال، كما تشير الإحصائيات إلى أن 55 ألفاً و420 حادثاً سجل في أمانة العاصمة خلال 13 عاما وبلغت الخسائر المادية خلال الفترة 6 مليارات و400 مليون ريال بمتوسط سنوي 492 مليوناً و307 آلاف و693 ريالاً وشهريا 40 مليوناً و102 ألف و564 ريالاً ويوميا مليون و360 ألفاً و522 ريالاً أي أن متوسط الخسائر الاقتصادية للحوادث المرورية في أمانة العاصمة في كل ساعة على مدى 13 عاما بلغت في المتوسط 56 ألفاً و980 ريالاً. مليون مخالفة ومليار إيرادات تتحدث لغة الأرقام عن مليون و680 ألفلً و184 مخالفة سجلت في أمانة العاصمة خلال 7 سنوات، احتلت سيارات الأجرة المرتبة الأولى في عدد المخالفات بواقع 875 ألفاً و263 مخالفة وجاءت المخالفات المسجلة على سيارات الخصوصي في المرتبة الثانية بواقع 697 ألفاً و632 مخالفة ثم مخالفات سيارات النقل العام ب107 آلاف و289 مخالفة، وبلغت المخالفات المسجلة على سيارات تحمل أرقام المحافظات الأخرى 842 ألفاً و920 مخالفة و61 مخالفة لسيارات حكومي و5 آلاف و514 مخالفة لسيارات الجيش و25 ألفاً و22 مخالفة لسيارات الشرطة و17 ألفاً و626 مخالفة لسيارات إدخال جمركي و5 آلاف و307 مخالفة لسيارات الهيئات السياسية وخلال 7 سنوات بلغت إيرادات مرور الأمانة ملياراً و500 مليون ريال، كما بلغت إيرادات قسم المخالفات في 13 عاما في الأمانة 2.1 مليار ريال وتشير الأرقام إلى أن 217 ألفاً و151 سيارة احتجزت في حوش مرور الأمانة خلال الفترة، وخلال زيارتنا لحوش المرور الكائن خلف الإدارة العامة للمرور لاحظنا وجود مئات السيارات التي دخلت الحوش قبل عدة سنوات ولم تخرج، بل إن معظم تلك السيارات التي تعود ملكيتها لمواطنين أصبحت في حكم الهالكة دون معدل إهلاك وتباينت أسباب الحجز بين أسباب فنية وأسباب تعود إلى مخالفات الأنظمة المرورية وعدم التقيد بها كارتكاب مخالفة عكس الخط أو عرقلة السير أو عدم حمل وثائق السيارة من ملكية ورخصة قيادة أو حال السرعة الزائدة وينتهي حجز السيارة بانتهاء السبب الذي حجزت من أجله وحددت المادة رقم 70 من قانون المرور رقم 31 لسنة 2000م والمادة 70 مكرر غرامة مالية على كل سيارة محتجزة ب20 ألف ريال كحد أدنى و60 ألف ريال لكل شخص تسبب في وفاة شخص آخر بسبب قيادته بصورة طائشة أو رعونة وتفريط كما حددت المادة 70 مكرر غرامة مالية لا تقل عن 10 آلاف ولا تزيد عن 20 ألفاً على كل سيارة احتجزت بسبب مخالفتها للأنظمة المرورية، وفي الوقت الذي ارتفعت أعداد السيارات المحتجزة من 12153 سيارة عام 1995م إلى 30332 سيارة عام 2008م بنسبة 300% ارتفعت إيرادات قسم الحجز في الإدارة العامة للمرور إلى مليارين و171 مليوناً و510 آلاف ريال في المتوسط، وتشير الإحصائيات إلى أن عدد السيارات المحجوزة في قسم شميلة فقط عام 2008م بلغت 2047 وبلغت إيرادات قسم المخالفات 3 ملايين و170 ألفاً و800 ريال بمتوسط 1549 ريالاً عن كل سيارة وهو ما يشك فيه كون الفجوة بين عدد السيارات المحجوزة وإجمالي الإيرادات كبيرة. فاتحة البرلمان لا مكان لعبارة "مصائب قوم عند قوم فوائد" بل المصيبة أعظم بحق أطفال فقدوا آباءهم ونساء أصبحن أرامل وأمهات ثكالى فقدن فلذات أكبادهن على جنبات طريق وأسر بأكملها فقدت قريباً أو حبيباً ولم تنته المآسي المتجددة بحل أسبابها بل تتضاعف بين عام وآخر وتتسع دائرة الضحايا باتساع أعدادها، وما يزيد الريبة أن حوادث الطرقات حصدت عددا من أرواح أعضاء مجلس النواب ومجلس الشورى ووكلاء المحافظات والقيادات العسكرية والأمنية والشخصيات الاجتماعية وليس آلاف المواطنين الذين لا يحظون ببيانات نعي ولا تستقبل أسرهم العزاء في القاعات الفخمة ولا ترفع صورهم على المباني والسيارات ولا يحظى أبناؤهم بمراكز قيادية تمجيدا لأسماء آبائهم بل يتقبلون المصيبة مهما عظمت بصمت وحرقة، فتنهار قواهم ويسدلون الستار على مرحلة الأمان والاستقرار إلى مرحلة شظف العيش والخوف من المجهول، مجلس النواب وقف أكثر من 6 مرات لحظات حداد على أرواح أعضاء المجلس الذين باغتهم الموت على الطريق، ووقفوا في إحدى دورات العام الثامن وقفة لم تحسم أسباب ارتفاع الحوادث المرورية بل انتهت باعتراف الأشغال العامة بأن هناك اختلالات فنية واتهام الداخلية السابق بالطيش والرعونة ثم أغلق الملف قبل أن يفتح وهو ما دفع بالبعض إلى إطلاق الأحكام القطعية بأن الطريق برايئة والمجني عليه جان وقراءة الفاتحة على أرواح الضحايا. دهس المشاة يحتل المرتبة الثانية وفق إحصائية صادرة عن مرور الأمانة للعام 2009م بلغت الحوادث المسجلة 5218 حادثاً منها 2192 صدام سيارات و724 صدام دراجات و299 صدام أجسام ثابتة و1816 دهس مشاة و136 انقلاباً و46 سقوطاً و5 حوادث أخرى وبلغت أعداد الوفيات 337 والإصابات 4187 إصابة بين جسيمة وبسيطة وتجاوزت الأضرار المادية للحوادث ملياراً و168 مليوناً و625 ألف ريال، وعزت الإدارة العامة للمرور أسباب الحوادث إلى 1013 حادثة نتيجة إهمال السائقين و939 حادث دهس مشاة و2025 حادثاً نتيجة السرعة و28 نتيجة سكر و288 حادثاً نتيجة خلل فني و452 حادثاً لسائقين بدون رخصة و194 حادثاً لاحداث و9 لعوامل طبيعية و270 لأسباب أخرى، كما بلغت عدد المخالفات المسجلة في الأمانة خلال 2009م عدد 478154 مخالفة وجاءت المخالفات المسجلة على سيارات تحمل لوحات محافظات أخرى 397589 مخالفة واحتلت مخالفات السيارات التي تحمل لوحة حكومي المرتبة الثالثة بواقع 17467 مخالفة ثم سيارات الجيش ب10749 مخالفة وسيارات الشرطة ب6095 مخالفة والسيارات التي تحمل أرقام إدخال جمركي 3209 مخالفة والسيارات التابعة للهيئات السياسية 1117 مخالفة، كما تم حجز 39865 سيارة خلال العام نفسه من قبل مرور أمانة العاصمة. 172 حالة وفاة في الأمانة 2010م ولتحري الدقة زارت الوسط صباح السبت الماضي الإدارة العامة لمرور الأمانة لمعرفة مستوى نمو أو انخفاض الحوادث المرورية خلال شهر رمضان وإجازة عيد الفطر الذي يشهد فيه قطاع النقل المنظم وغير المنظم حركة نشطة في نقل الركاب والبضائع بين المحافظات، حيث أفادت المعلومات المؤكدة الصادرة من قسم الإحصاء أن إجمالي الحوادث في أمانة العاصمة خلال شهر رمضان بلغت 316 حادثاً أودى بحياة 24 شخصا وإصابة 150 إصابة جسيمة و79 خفيفة، واحتلت حوادث الصدام المرتبة الثانية ب115 حادثاً مقارنة ب125 حادث دهس مشاة وبلغت الأضرار المادية 78 مليوناً و500 ألف ريال، ولم تتجاوز الحوادث في الأمانة خلال أيام العيد 64 حادثة أودت بحياة 8 أشخاص وإصابة 54 وتجاوزت الأضرار المادية ال19 مليوناً و500 ألف، وبلغت الحوادث على مستوى الجمهورية 595 حادثة أودت بحياة 162 شخصاً وإصابة 1011 آخرين خلال النصف الأول من الشهر الجاري، وعلى مدى النصف الأول من العام الجاري بلغ إجمالي الحوادث المرورية في الأمانة (2074) حادثة مرورية أودت بحياة 140 شخصا وأصابت 1765 بإصابات مختلفة نجمت عنها أضرار مادية بلغت 54 مليوناً و59 ألف ريال، وسجلت 850 ألفاً و227 مخالفة مرورية. النهمي: شارع الستين خطر كبير العقيد يحيى النهمي مدير عام الحوادث بمرور الأمانة عزا ارتفاع حوادث المرور إلى عدم الوعي والالتزام بقواعد وآداب المرور، خصوصا في التقاطعات الموجودة داخل العاصمة، مشيرا إلى أن السرعة من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى حوادث جسيمة في شارع الستين وميدان السبعين واعتبر النهمي أسبوع المرور أسبوعاً توعوياً لا يكفي للحالة اليمنية التي لم يترسخ فيها الوعي المروري بشكل كبير بل تتطلب الاستمرار في التوعية المرورية كإحدى الآليات للحد من الحوادث المرورية وحول شارع الستين تقاطع "سيتي ماكس" أكد النهمي ان شارع الستين يشكل خطرا كبيرا لعدم وجود أنفاق خاصة للمشاة ونوه إلى أن هناك اتجاهاً من قبل أمانة العاصمة لإنشاء أنفاق أرضية للمشاة ستخفف من حوادث دهس المشاة إذا التزم المشاة واختتم النهمي تصريحه بالتأكيد على أن حوادث الدراجات النارية شكلت خطراً فاق خطر حوادث السيارات لعدم التزام أصحاب الدراجات بعد الترقيم بارتداء وسائل السلامة. النويرة: السرعة سبب رئيس عبدالله النويرة مدير العلاقات العامة للمرور في أمانة العاصمة أكد تراجع عدد الحوادث خلال العام الماضي نسبيا من العام 2008م واعتبر النويرة ارتفاع الحوادث خلال أيام العيد في الخطوط الطويلة إلى إجهاد السائقين أنفسهم من أجل تحقيق أعلى مستوى من المال نتيجة ارتفاع عدد المسافرين، مشيرا إلى أن الإدارة العامة للمرور وزعت إرشادات توعوية للحد من الأسباب المساعدة في ارتكاب الحوادث ولكن دون جدوى وأعاد النويرة السبب الرئيس للحوادث إلى السرعة الزائدة والتجاوز من قبل السائقين في ظل وجود سيارات متهالكة، وأشار إلى ان هناك أخطاء فنية في الطرقات تم الحد من بعضها في السنوات الأخيرة وأضاف: السائق الفطن يستطيع أن يسيطر على أي اختلالات فنية وتجنب الوقوع في الخطر مشيرا إلا أن السائقين الذين ينقصهم الخبرة في التعامل مع الطريق كثيرا ما يرتكبون الحوادث خلافا للذين يمتلكون خبرة في التعامل، وعزا النويرة عدم الالتزام بقواعد المرور إلى الثقافة العامة.