استطلاع ميداني/محمد غزوان مهما قل حياء السلطة فهي لا تستطيع أن تنكر أنها أنتجت مجتمعا مفككا على مختلف مستوياته السياسية والعرقية والطائفية وفككت العديد من الروابط القومية والدينية على مستوى الشارع وخلقت ارتدادات سياسية تندفع باتجاه المصلحة والانتماءات ما بين الطائفية والقبلية والفكر ثم بعد ذلك لم تتمكن من تصريف منتجات إنتاجها فأصابها الضعف والتيه. فجاءت ثورة الشباب لتنقذ البلاد من ذلك الاعتلال السلطوي والتفتيت الذي يقود إلى تآكل القاعدة الثقافية وتحويل ثلاثة أرباع السكان إلى مهمشين ومتهمين، فكانت ثورة الشباب بالدرجة الأولى ثورة كرامة وعملية استعادة الكرامة تستحق التضحية والاستبسال. وأول نصر حققه الشباب في ثورتهم هو تمكنهم من فصل ذلك التوأم السيامي الذي كان دوما الحكام يهددون به أي ثورة أو انتفاضة شعبية ألا وهو القبيلة والسلاح ولكن اليوم القبيلة حاضرة في ساحات الاعتصام في عموم محافظات الجمهورية تناضل سلميا وتثري الساحات ب(الزوامل) الثورية التي تنشد العزة وتطالب باستعادة الكرامة المسلوبة وتطالب بقيام دولة مدنية وإسقاط السلطة الهمجية وكان النصر الثاني الذي حققته ثورة الشباب تعالي النداءات في المحافظات الجنوبية "شعب يمني واحد" والهتاف "بالروح بالدم نفديك يا صنعاء" فقد أثبتت ثورة الشباب أن الثقافة الوطنية ليست الأيديولوجية التي تعلي من شأن الوطنية بل هي حملة تشكيلات الفكر والمخيلة والحساسية التي لا يتوحد المجتمع حولها إلا لأنها تتيح له وعي ذاته واستيعاب شروط حياته التاريخية وتوفر له الإحساس بالأمان بالمجتمع الذي يتعايش معه، فتترسخ المحبة ويتوحد الإجماع على راية واحدة هي الوطنية الصادقة التي ينشدها الثوار الشباب فإلى الساحة عزيزي القارئ.لوي عنق ثورة الشباب لا غرابة في أن يكون هناك نشاط للعديد من الأيديولوجيات في ساحات الاعتصامات بغرض مساندة الشباب من جانب ومن جانب آخر من أجل الاستقطاب والحشد لصالح رؤيتها الأيديولوجية سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ولهذا تعيش اليوم الساحات في عموم الجمهورية حالة زخم سياسية مخلوط بروح التوجه الثوري وأصبح الشباب الهدف الرئيس لكافة التنظيمات السياسية الليبرالية والدينية. فمثلا في العاصمة صنعاء وفي ساحة التغيير أصبح أغلبية تلك الحركات مزدوجة.. مجموعة من الشباب ينشئون أكثر من حركة وبمسميات متنوعة ومتعددة وكل تلك الحركات أنشئت بعد تاريخ 20 فبراير وبعضها في أوائل شهر مارس وزادت بشكل أكبر بعد 15 مارس.. السبب الرئيس لإنشاء تلك الحركات كان الخوف من الإقصاء والتهميش من قبل جهات تملك الإمكانية والنفوذ قادرة على فرض رؤيتها ونظامها على الآخرين، فمثلا أحزاب اللقاء المشترك التي أعلنت انضمامها من اليوم الأول لتمكن الشباب من تحديد مكان اعتصامهم ونزلت بثقلها السياسي والحزبي إلى الساحة متكئة على بعض عناصر من الشباب المنتمين لها كان أغلبهم اشتراكيين وناصريين ولكن تمكنت أحزاب المشترك من التسيد على الموقف، وتسيد حزب الإصلاح والنفس السلفي عليها، ففوق كل إمكانية وقدرة إمكانية وقدرة وبدأ حزب الإصلاح يهمش الآخرين، فالتعزيزات اللاحقة صبت في صالحه تمثلت بانضمام مجلس التضامن التابع للشيخ حسين الأحمر الداعم لموقف أخيه حميد الأحمر القيادي في حزب الإصلاح ثم طلاب كلية الإيمان التابع لموقف الشيخ الزنداني ثم ثقل جناح الإخوان المسلمين وما يتبعه من كوادر مثقفة تدير منظمات وصحفاً وقنوات بجانب الإمكانيات المادية التي تملكها هذه التيارات كافة مكنتها من إقصاء الآخرين بكل قوة بل حتى إقصاء أوائل الطلاب الذين كان لهم الدور الأكبر في تحقيق إنجاز مكان الاعتصام ليسود المنصة خطاب ديني سلفي واخونجي سبب تراجعاً في الموقف الدولي من الثورة الشبابية المدنية ومن أجل تدارك ذلك الموقف تم الإسراع من قبل هذه القوى إلى إنشاء تحالف شبابي يكون جسر العبور لاتخاذ القرار باسم الشباب وتم إنشاء هذا التحالف تحت مسمى تحالف شباب التغيير بحكم أن أغلبية الوسائل الإعلامية كانت تطلق على الشباب الذين كانوا يخرجون للاعتصامات شباب التغيير بحكم أن من كان يقودهم هو القاضي أحمد سيف حاشد مؤسس منظمة التغيير لحقوق الإنسان التي تم إشهارها قبل ثلاث سنوات وبجانبه توكل كرمان التي تدير منظمة صحفيات بلا قيود والتابعة لحزب الإصلاح، فتم على الفور تجيير جهد الشباب الأول المنادي بتغيير لصالح تفريخ أطلق عليه تحالف شباب التغيير، وهنا توالت عملية تكوين تحالفات متعددة تعلن عن نفسها بعد أن سدت عليهم أبواب التفاهم والحوار من قبل الجهة التي أحكمت قبضتها على الثورة الشبابية وتمكنت من لوي عنقها لصالح خطابها السياسي ولم تتورع في تقديم العديد من الشخصيات غير المتفيدة للثورة الشبابية بالمرة.. مثل أن يلقي خطبة الجمعة المفتي الذي أفتى بسفك دماء أبناء الجنوب باعتبارهم كفاراً دون مراعاة لأبناء المناطق الجنوبية يعني نفس الأسلوب البغيض الذي سارت عليه السلطة ألا وهو "تطنيش" الآخرين ثم أتباعه. لا لشق الصف ربما يقول قائل ماذا أراد كاتب التقرير من تدوين هذه المعلومات سوى شق صف الثورة، ونقول لصاحب هذا القول إن الثورة ترسخت ولن ينشق صفها ونشر المعلومات بشفافية يزيد من قوتها طالما هي حقيقية لأنها تذكر الظالم ومن صرفته نشوة النصر بالعودة إلى الحق فترك الحقائق خبيئة في الظلام تؤدي إلى الفساد، لأن الظلام رديف للفساد، فقد تحدث معي أحد الشباب عندما كنت أستطلع آراءهم وقال يصعب علينا التحرك في أوساط القبائل من أجل توعيتهم بمفهوم الدولة المدنية لأننا نخشى من اتهامنا من قبل البعض أننا نتبع الأمن القومي، فمثل هذه التهم موجودة في الساحة لكل من يخالفهم الرأي، بينما كان شاب آخر -ينتمي إلى حركة 3 فبراير- يصيح بعلو صوته "نشتي محمد قحطان يجي الآن يحل مشكلتنا مع أصحابه فأي شخص نرشحه للعمل في اللجان وهو مش إصلاحي لا يتم التجاوب معه، الشريحة حقه ثاني ومجرد أن نبدله بواحد آخر إصلاحي يتم تفعيله على طول الشريحة مناسبة (سبأ فون) وعلى طول يلغينا كحركة".. إن الشكاوى متعددة من قبل الشباب ويجب أن لا يستهان بهؤلاء الذين ينالهم الإقصاء والغبن ربما يتم استخدامهم كمضادين للثورة إذا لم يجدوا أنفسهم وأفكارهم في مفاصل الثورة وخاصة أنهم أكثر تضحية ومثابرة. التحالفات.. الوثائق والأهداف تعددت التحالفات كما أسلفنا، فالعديد من الحركات الشبابية التي في الساحة اندرجت في إطار تلك التحالفات مع احتفاظها بكيانها المستقل وذلك لغرض الخروج بأهداف واضحة للثورة الشبابية ومطالب الشباب، فحتى الآن الأهداف غير واضحة والعديد من التيارات الدينية ما زالت متحفظة تجاه قيام الدولة المدنية وتحاول أن تعيد إنتاج قيادتها التي كانت تشارك في السلطة وأعادت نفس نظام الحكم مع تصحيح العمل الإداري، فمثلا وحسب بيان شباب التغيير -حصلت الصحيفة على نسخة منه- فذلك البيان لم يتحدث عن الدولة المدنية على الإطلاق لا في أهدافه ولا رؤيته وتبلورت أهدافه في إقصاء الفاسدين وإسقاط النظام وتشكيل حكومة وطنية ونزاهة الانتخابات وإحياء ممارسة العدالة حسب تعبير البيان وتوزيع الثروات بين مناطق اليمن سواسية ولم تتطرق الأهداف إلى القضية الجنوبية وقضية صعدة والدستور ومناهج التعليم وغيرها من الوقائع المفروضة التي تدمر بناء الدولة بينما هناك تحالفات أخرى مجرد مسميات ولافتات وشباب رهن الخيام يمضغون القات ومدعومين بالزاد ولا يؤخذ رأيهم وغيرهم يقرر مصيرهم باسمهم، إنها أنانية الساسة الكبار، الذين يصرون على ترسيخ خطئهم في حق الأجيال حتى بعد أن انتفضت، ففي يوم الخميس المنصرم كنا نسأل أغلبية الشباب الذين يعتبرون مسئولين عن الحركات والتحالفات هل ستزحفون ومتى قررتم الزحف وما اسم الجمعة القادمة؟.. لم يكن جوابهم سوى نظرات تتفحص وجه السائل ثم يكون الرد بحنق: والله ما لنا علم من الذي يقرر.. لكن بانخلي (قحطان) يزحف لوحده.. لا يفكروا أنهم مسيطرون على المنصة ومن خلالها باينفذوا قراراتهم.. نحن منتشرون في كل الخيام.. وفي مساء يوم الجمعة تجمع العديد من المعتصمين وهتفوا بسقوط الإصلاح نورد هذه المعلومات ونحن نثق أن حزب الإصلاح حزب عريق وفيه العديد من الكوادر الرائعة ولكن من أجل أخذ العبرة والقبول بالآخر حتى يتم قبولهم ويتم تناسي الماضي. التحالف المدني للثورة الشبابية في صباح يوم الأربعاء المنصرم لاحت بارقة الأمل للحركات الشبابية الثورية المحسوبة على التوجه المدني والمستقلة على الأحزاب والتي ينخرط فيها الشباب الأوائل الذين واجهوا هراوات البلاطجة ورصاص المجرمين أثناء تنفيذ المسيرات اليومية والمتتالية حتى فرضوا مكان الاعتصام وأعلنوا عن ميلاد ساحة التغيير وبنفس الصلابة يواجهون تكالب التوجهات المتخلفة وشركاء السلطة القدامى في القمع والتنكيل والإرهاب والتخوين، معلنين عن قوة تواجدهم تحت مسمى التحالف المدني للثورة الشبابية وفي قاعة اتحاد الكتاب والأدباء صباح الأربعاء قدموا مشروعهم الوطني في مؤتمر صحفي حضرته العديد من الوسائل الإعلامية المحلية والأجنبية. قبول حسن أكثر من 28 حركة شبابية انضوت تحت التحالف المدني للثورة الشبابية بحكم أنه تحالف أنشئ تحت مظلة الاستقلالية إضافة إلى العديد من منظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال حقوق الإنسان والدراسات القانونية ويبلغ قوام هذا التحالف ما يقارب 120 ألف شاب في العاصمة صنعاء غير الفروع في باقي المحافظات التي بدأ المندوبون للتحالف بالتحرك وتكوين الكيانات وحسب المعلومات الواردة فإنه حظي بقبول كبير بعد الاطلاع على مشروع الوثيقة التي تقدم بها والتي أعطت للقضية الجنوبية الأولوية ومعالجة الآثار التي خلفتها حروب صعدة فقد تم قبول المشروع قبولا حسناً.. فإلى الرؤية والمبادئ والأهداف العامة لهذا التحالف. الرؤية: إقامة دولة مدنية ديمقراطية برلمانية تتفاعل بوعي مع معطيات العصر، تؤسس على قاعدة العدالة الاجتماعية، والتعددية السياسية والحزبية والرأي والتعبير لكل الناس دون تهميش أو تمييز، وترتكز على قواعد التداول السلمي للسلطة، دولة مرجعيتها الدستور والقانون لا إقصاء فيها لأحد، مبنية على نظام المؤسسات وحيادية القوات المسلحة وأجهزة الأمن ومبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية. المبادئ: - "للقضية الجنوبية الأولوية في المرحلة الجديدة لليمنيين بما يضمن حلاً عادلاً ومرضياً للجنوبيين وكذا القضاء على الأسباب ومعالجة الآثار التي خلفتها حروب صعدة الستة". - بناء حياة ديمقراطية حرة وحقيقية بدولة مدنية ونظام حكم برلماني. - الفصل بين السلطات الثلاث وتحقيق استقلال كامل للقضاء وبناء برلمان قوي يضمن دوراً رقابياً فاعلاً. - اعتماد الانتخابات الحرة والنزيهة آلية لتحقيق الديمقراطية. - التوزيع العادل للثروة بحيث تشمل الفقراء والمهمشين والمحافظات والمناطق الأكثر حرمانا. - مواجهة العنف والإرهاب وإزالة الأسباب التي أنتجتهما. - حماية الثورة ومكتسباتها. - الالتزام بمواثيق الأممالمتحدة والمواثيق الدولية وتشريعات حقوق الإنسان والمعاهدات المناهضة لكافة أشكال التمييز ضد المرأة بما يكفل حقها في المشاركة الفاعلة في المجال العام وصناعة القرار. الأهداف العامة: - إسقاط النظام القائم والانتقال إلى النظام الجمهوري المؤسسي والحكم المدني والرشيد والتداول السلمي للسلطة، تحقيقا لمطالب الشعب وتطلعاته. - تحرير وتعددية وسائل الإعلام والاتصال واستقلاليتها، وإطلاق حريات الرأي والتعبير إلى أقصى مدى ممكن، ونشر وترسيخ مبادئ قيم الحرية والديمقراطية في الوعي الاجتماعي والسياسي وتجسيدها في السلوك والواقع المعاش. - إعادة تأهيل كافة المؤسسات التعليمية وإعادة صياغة المناهج الدراسية على نحو يستجيب لروح العصر ويؤسس ليمن جديد ولدولة مدنية حديثة وقوية. - الوقوف بحزم ضد أعداء الثورة من الفاسدين وأعداء التقدم والتغيير والديمقراطية الذين يحاولون الانقضاض على الثورة أو احتوائها أو حرفها عن مسارها وأهدافها. - تحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء على البطالة والفقر وتحقيق مستوى عال من الضمان الصحي والاجتماعي والحياة الكريمة. - إنهاء كافة ملفات الصراع السياسي القديمة في اليمن بما يكفل جبر الضرر لكافة الضحايا ووفق آليات العدالة الانتقالية. أهداف الثورة المرحلية: - صياغة دستور جديد ويستفتى عليه يتضمن مبادئ وأهداف هذه الوثيقة وبما يؤسس لدولة مدنية حديثة وحكم رشيد ونظام ديمقراطي متطور وحقيقي. - تحقيق مهام الفترة الانتقالية وتحديد مدتها بحيث لا تزيد على سنة واحدة. - حل مجلس النواب ومجلس الشورى والحكومة، وإقالة المحافظين وحل المجالس المحلية. - إسقاط النظام القائم ومنظومته الفاسدة ومحاكمة رموزه المتورطة بالفساد ونهب المال العام واستعادته إلى خزينة الدولة. - حل حزب المؤتمر الشعبي العام وجهاز الأمن القومي وجهاز الأمن السياسي ومحاكمة من تورطوا أو ساهموا في قتل أبناء الشعب أو ارتكبوا جرائم وانتهاكات لحقوق الإنسان. - تقديم كل المسئولين المتسببين أو المشاركين في قتل الشهداء في ساحات التغيير في مختلف محافظات الجمهورية، سواء بإطلاق النار أو إصدار الأوامر أو التخلي عن حمايتهم للمحاكمة العادلة. - إلغاء حالة الطوارئ، وإلغاء المحاكم العسكرية والاستثنائية، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين. - حيادية القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وتطويرها، وإعادة هيكلة وزارة الداخلية بما يسمح بالمراقبة الشعبية على أدائها وعملها.