صنعاء.. إيقاف التعامل مع منشأتَي صرافة    المجلس الانتقالي الجنوبي يرحّب بتقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة ويدعو إلى تعزيز التعاون الدولي    وزارة الخدمة المدنية توقف مرتبات المتخلفين عن إجراءات المطابقة وتدعو لتصحيح الأوضاع    الأرصاد يتوقع أجواء باردة إلى شديدة البرودة على المرتفعات    لحج: المصفري يرأس اجتماعا للجنة المنظمة لدوري 30 نوفمبر لكرة القدم    توتر وتحشيد بين وحدات عسكرية غرب لحج على شحنة أسلحة    عالم أزهري يحذر: الطلاق ب"الفرانكو" غير معترف به شرعا    تسعة جرحى في حادث مروع بطريق عرقوب شقرة.. فواجع متكررة على الطريق القاتل    انتقادات حادة على اداء محمد صلاح أمام مانشستر سيتي    سؤال المعنى ...سؤال الحياة    برباعية في سيلتا فيجو.. برشلونة يقبل هدية ريال مدريد    بوادر معركة إيرادات بين حكومة بن بريك والسلطة المحلية بالمهرة    هل يجرؤ مجلس القيادة على مواجهة محافظي مأرب والمهرة؟    جحش الإخوان ينهب الدعم السعودي ويؤدلج الشارع اليمني    الأربعاء القادم.. انطلاق بطولة الشركات في ألعاب كرة الطاولة والبلياردو والبولينغ والبادل    العسكرية الثانية تفضح أكاذيب إعلام حلف بن حبريش الفاسد    إحباط عملية تهريب أسلحة للحوثيين بمدينة نصاب    غارتان أمريكيتان تدمران مخزن أسلحة ومصنع متفجرات ومقتل 7 إرهابيين في شبوة    عدن.. هيئة النقل البري تغيّر مسار رحلات باصات النقل الجماعي    الدوري الايطالي: الانتر يضرب لاتسيو في ميلانو ويتصدر الترتيب برفقة روما    دائرة الرعاية الاجتماعية تنظم فعالية ثقافية بالذكرى السنوية للشهيد    الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية تُنظم فعالية خطابية وتكريمية بذكرى سنوية الشهيد    العدو الصهيوني يواصل خروقاته لإتفاق غزة: استمرار الحصار ومنع إدخال الوقود والمستلزمات الطبية    فوز (ممداني) صفعة ل(ترامب) ول(الكيان الصهيوني)    الأستاذ علي الكردي رئيس منتدى عدن ل"26سبتمبر": نطالب فخامة الرئيس بإنصاف المظلومين    مرض الفشل الكلوي (27)    فتح منفذ حرض .. قرار إنساني لا يحتمل التأجيل    الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر اليمني ل 26 سبتمبر : الأزمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة وفاعلة    انها ليست قيادة سرية شابة وانما "حزب الله" جديد    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    تيجان المجد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    الرئيس الزُبيدي يُعزي قائد العمليات المشتركة الإماراتي بوفاة والدته    محافظ العاصمة عدن يكرم الشاعرة والفنانة التشكيلية نادية المفلحي    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    في بطولة البرنامج السعودي : طائرة الاتفاق بالحوطة تتغلب على البرق بتريم في تصفيات حضرموت الوادي والصحراء    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    اليمن تشارك في اجتماع الجمعية العمومية الرابع عشر للاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بالرياض 2025م.    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    عين الوطن الساهرة (1)    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور أعضاء مجلس النواب في مواجهة فتاوى فقهاء زواج الصغيرات
نشر في الوسط يوم 15 - 07 - 2009

من غير اللائق أن يرجع مجلس النواب عما سبق أن أقرره من أن سن زواج الأنثى يجب أن يكون (17) عاماً، خاصة وأن هذه العودة ستكون تحت ضغط أتباع وتلامذة اللحيدان الرئيس السابق لمجلس القضاء في السعودية والذي أقصاه خادم الحرمين الشريفين بسبب فتاويه، وكان آخرها فتواه بجواز تزويج بنت العاشرة، والتي سببت حرجاً شديداً للمملكة أمام الدول الغربية والمنظمات الدولية، وأظهرت الإسلام أمام العالم المتحضر ديناً يغتال الطفولة من فرط توحشه، والحقيقة أن المتوحش حقاً هم أصحاب هذه الفتاوى الجاهلة. وسيكون من الغباء أن يعتقد مجلس النواب بأن عودته عن قراره السابق هي عودة إلى صحيح الإسلام كما يوهمه فقهاء الجهل وصانعو فتاوى الافتراء على الله وعلى رسوله، فمنع زواج الصغيرة تحت سن (17) لا يخالف الإسلام في شيء:- أولاً: يقول هؤلاء الفقهاء الجهلة إن هذا المنع هو من قبيل تحريم ما أحل الله، فالله هو الذي أباح زواج الصغيرة، وهذا فهم ناجم عن بصيرة منحرفة. فمنع زواج من هي دون ال (17) ليس تحريماً لما أحله الله، وإنما هو فقط تنظيم ما أحله الله تعالى، وتنظيم التحليل أو التحريم لا يمنعه الإسلام بل يطلبه وهو من صميم فرائضه والتي يجهلها هؤلاء الفقهاء. ثانياً: فإذا صدقت دعوى هؤلاء الفقهاء وهو أن الإسلام أجاز للولي تزويج صغيره أو صغيرته، فإن هذا ليس فريضة ولا من قبيل الواجب، وإنما هو إباحة، أي رخصة وللشخص أن يستعمل الرخصة كما له ألا يستعملها، فإذا امتنع عن استعمال هذه الرخصة فلا إثم عليه، ما لم يبلغ امتناعه حتى عضل قريبته أي حرمانها من الزواج، وهذا لا يكون إلا إذا هي طلبت تزويجها بعد بلوغها فامتنع وليها، فإن ولا يته تسقط ويزوجها القاضي غصباً عنه. ومعنى ذلك أن من حق الولي الامتناع عن ممارسة هذه الرخصة بصورة فردية فلا بأس فيه، ولا يمنعه الإسلام، وإذا جاز من ذلك للولي الفرد جاز للوالي العام أي للمشرع اليمني من باب أولى، فالأخير أفقه بالمصلحة من الولي الفرد. ثالثاً: وتنظيم استعمال المباحات مثل تنظيم استعمال الرخص كلاهما جائز، ويستعمله المسلمون قديماً وحديثاً: ألا يعلم هؤلاء الجهلة أن البلد الحبيب إلى قلوبهم والنموذج الذين تقتدون به في دينهم وهو السعودية لا يقبل أن يحج في العام من كل بلد إسلامي غير عدد محدد سلفاً ممن يستطيع الحج، فهل السعودية بذلك تكون قد حرمت حلالاً، أو منعت واجباً، أم أنها نظمت الحلال ونظمت الواجب أيضاً وهو فريضة الحج لأن المصلحة العامة اقتضت ذلك، وقد أفتى بذلك علماء البلد بمجرد أن طلب إليهم ذلك (ولي الأمر) وهم شيوخ شيوخ اليمن؟ وألا يعلم هؤلاء أن الإسلام أباح دخول اليمن والإقامة فيها لكل مسلم، فهل تكون اليمن حين لا تقبل أن يدخلها أي مسلم إلا بإذن مسبق من جهازها الأمني تكون قد حرمت حلالاً؟ أم أنها بذلك فقط نظمت ممارسة هذا الحلال؟ ولمصلحة ظاهرة منعت من منعت؟ أو لا يعلم هؤلاء أن الإسلام أباح للصحابة كما سائر المسلمين الانتشار في الأرض، فأرض الله واسعة، ولكن الخليفة عمر منع العشرات منهم من مغادرة المدينة المنورة في خلافته لمصلحة رآها فهل هو حرم ما أحله الله أم أن ما فعله بل ويشكره عليه المسلمون اليوم هو مجرد تنظيم استعمال ما أحل الله، وليس تحريماً لما أحله؟، وهل يعلم هؤلاء أن اليمن وهو بسبيل تحديد سن زواج الأنثى ب (17) سنة، لم تكن تحرم ما أحل الله (هذا إن كان الله قد أحل ذلك بالفعل)، وإنما هي فقط تنظم استعمال هذا الحلال؟ رابعاً: ومن مظاهر تهافت منطق القائلين بجواز وصحة زواج الصغيرة تناقض هذا المنطق. فهم - من ناحية - يقولون بأن عقد الزواج مثل سائر العقود يشترط لصحته رضا أطرافه بإرادة حرة وواعية، أي رضا الزوج والزوجة، وأي خلل يمس القبول الطوعي والحر بالزواج يجعل الزواج -وبالأدق عقد الزواج باطلاً- وقد أمر الرسول (ص) بأخذ رأي الأنثى في ذلك وجوباً وإلا فلا صحة للعقد، وذلك في حديث مشهور، والملفت للنظر أن الرسول سلام الله عليه خص المرأة دون الرجل بوجوب أخذ رأيها في الزواج. ومن المتفق عليه في الفقه الإسلامي أن عقود الصغير - كل العقود - لا تكون صحيحة حتى يبلغ سن الرشد. وجه التناقض هنا أن فقهاء السلفية يقولون ببطلان عقود الصغيرة وفي نفس الوقت يقولون بصحة تعاقد الصغيرة، إذ يطالبون بصحة تزويج الصغيرة، والحق أن زواج بنت العشر أو حتى من سنها أكبر من ذلك بعدة سنوات باطل في كل الأحوال، وبيان ذلك أن الفقه الإسلامي وإن كان قد جعل إبرام عقد زواج المرأة بيد وليها، إلا أن زواج الصغيرة لا يخرج عن احتمالين، أن يكون وليها قد استأمرها في ذلك وقبلت بالزواج أو أنه لم يستأمرها، وأياً كان الحال فإن الفقه الإسلامي يعتبر الزواج باطلاً في الحالين، فهو باطل في الحالة الأولى لأن قبول الصغيرة لعقد الزواج لا تعتد به الشريعة الإسلامية ومثلها القوانين اليمنية، وباطل في الحالة الثانية لعدم طلب رأيها في الزواج أصلاً، وواضح أن علة البطلان في الحالين واحدة هو تخلف أهم أركان العقد وهو رضا المرأة بالزواج حال كونها بالغة عاقلة وعن إرادة حرة. وقد يقال هنا بأن ولي المرأة هو الذي يتولى العقد، وإرادته تحل محل إرادة من ولايته عليها، وهذا احتجاج سقيم ولا يجبر ما أنثلم في عقد نكاح الصغيرة لغياب رضاها به، لأن العبرة في عقد الزواج بإرادة طرفي العقد وهما الزوج والزوجة، والشريعة الإسلامية حين جعلت عقد زواج الأنثى إلى وليها لم تقصد إحلال إرادة الولي محل إرادة المولى عليها، بدليل أن الشريعة أوجبت لصحة العقد استئمار الأنثى ثيبة كانت أو بكراً، فلا يملك الولي إجراء العقد دون قبولها بالزواج، ولو فعل الولي ذلك، أي خالف إرادة المولى عليها بأن يكون قد سألها فرفضت قبول الزوج، لكنه مضى فعقد بها فإن العقد يكون باطلاً لافتقاده أهم أركان العقد وهو تراضي الطرفين وبعبارة فقهية لو اتجهت إرادة ولي المرأة إلى إمضاء العقد واتجهت إرادة المرأة إلى رفض الزواج، فإن الزواج لا ينعقد في الشريعة الإسلامية، والعكس بالعكس، فإذا إرادتها الزواج، ولم يرده ولي أمرها، فليس للولي إلا إمضاء ما أرادت، وإلا اعتبر عاضلاً، ويتولى تزويجها القاضي المختص، وهذا معناه أن سلطة ولي المرأة تنحصر في إجراء العقد تنفيذاً لرغبة المرأة المولى عليها، وقد أقامه الشارع مقامها في إجراء العقد فقط ولا تتعدى سلطته ذلك. فأطراف عقد الزواج ليس الولي والزوج، وإنما الزوج والزوجة، والرضا بعقد الزواج مناط وجود العقد، وليس مجرد مناط صحته، فهو ركن العقد وليس مجرد شرط لصحته، فإذا تم العقد دون رضا الزوجين، أو كان رضا أحدهما بالعقد مشوباً بعيب من عيوب الإرادة، كان العقد منعدماً والانعدام هنا معناه أن العقد لا يكون له أي أثر من الآثار الشرعية للعقد، وإذا تعاشر الزوجان بناء عليه فهو نوع من الزنا الفاحش. خامساً: والقائلون بجواز زواج الطفلة يستشهدون بواقعة زواج عائشة بالنبي محمد (ص) ركوناً منهم إلى الرواية التي تقول بأنه عقد بها وهي في السادسة ودخل بها وهي في التاسعة حسب أكثر الروايات شيوعاً. وبصرف النظر عن مدى صحة هذه الرواية فإنها لا تصلح دليلاً لصحة فتاوى هؤلاء:- أولاً: زواج النبي (ص) ليس تشريعاً لأمته، وإنما ممارسة لحياته الأكثر خصوصية وحميمية، فلا يمكن إدراج تلك الواقعة تحت مسمى السنة الفعلية، وفعل النبي ذلك ليس استجابة لداعي السماء، وإنما استجابة لدافع الغريزة، والغريزة الجنسية بالذات. ثانياً: إذا صح أن عائشة تزوجت بالنبي في هذه السن المبكرة جداً، فقد كانت ذاهبة إلى بيت النبوة وزوجت بنبي هو خاتم الأنبياء وأعظمهم قدراً عند الله وملائكته والمؤمنين. وقياس الطفلة الزوجة اليوم على زواج عائشة قياس ظالم فلا بنت اليوم مثل عائشة، والله يقول: "يا نساء النبي لستن كأحد من النساء" ونزل فيها قرآن، ولا زوج بنت اليوم مثل النبي، فأين اللحيدان الذي يفتي بجواز زواج الطفلة من النبي صلى الله عليه وسلم الذي تزوج عائشة طفلة. ثم أن الله قد اختص النبي في حياته الشخصية بأشياء ليست لسائر المؤمنين بدينه كالجمع بين تسع زوجات، وتحريم الزواج بأرملته، ومن ذلك جواز زواجه بطفلة زفت إليه بعد انتزاعها من الأرجوحة حين كانت تلعب مع زميلاتها الصغيرات. هذا إذا صدقنا الرواية الشائعة عن زواج النبي بعائشة الطفلة، وهي رواية يصعب تصديقها لبعدها عن مألوف عقلاء تلك الأيام، إذ لم ينقل إلينا الرواة أن أحداً من أصحاب النبي تزوج طفلة بل تدل الرواية أن عرب الجاهلية كانوا يعافون الزواج بالصغيرات. ويروي جلال الدين السيوطي إن العرب كانوا لا يتزوجون إلا ذات الثدي الناهد، ويقول عن الناهد بأنها التي استوى نهدها وامتد مستديراً على حدوده، وهذا لا يكون إلا في المرأة الناضجة ومن تعدت سن السابعة عشرة بكثير. فلا يكفي للزواج المأمون والقابل للاستمرار أن تكون الفتاة في سن البلوغ بمعناه الدارج في الثقافة الإسلامية، وهو البلوغ بظهور العادة الشهرية أو ظهور الشعر الأسود في العانة، أو سن ال (15)، فمع المثيرات التي تأتي عن طريق تكنولوجيا الإعلام (إذاعة - تلفزيون - فيديو - سينما ... إلخ)، كل هذه المثيرات تعجل بالبلوغ بحسب أحدث الدراسات العلمية، وهو ما يعني أن الصغيرة يمكن أن تنضج جنسياً في سن الخمسة عشر أو السابعة عشرة، بل وقبل ذلك، فتكون مهيأة للزواج البيولوجي الذي لا يكفي له أن تكون الفتاة مؤهلة للمعاشرة الجنسية وللإنجاب. بل لا بد قبل ذلك أن تكون مهيأة له عقلياً وعاطفياً، فالزواج هو أخطر قرار في حياة المرأة، لأنه يربطها برجل غريب طوال حياتها ويرسم معظم قسمات ونوع وطبيعة حياتها وستطال آثاره الإيجابية والسلبية كل دقيقة من حياتها ويربط حياتها بجملة من الأوتاد تتمثل في الزوج والأولاد، وأقارب الزوج، ثم أزواج وزوجات نسلها وربما أحفادها منهم ومنهن، والزواج سيضيف إلى مكونات حياتها مكونات شخصية زوجها، طباعه، ميوله، رؤاه، لياقته الأخلاقية، موقفه من الناس والحياة والمجتمع، وبالمختصر زواج المرأة يُحدث في حياتها انقلاباً جذرياً يطال منها كل شيء في كل ثانية من عمرها. إن مراهقة في سن العشرين لا يمكن أن تكون مؤهلة لوزن مخاطر تجربة بهذا الحجم وزناً دقيقاً، أو بالأقل وزناً معقولاً يجنبها أعظم المخاطر التي تكتنزها تجربة كهذه، فالمرأة كالرجل تبلغ ذروة المراهقة عند سن العشرين، وسن المراهقة ليست الظرف المناسب لاتخاذ قرارات مصيرية كالزواج. سادساً: تقنين سن الزواج بأقل من (22) سنة مؤداه حتماً إسقاط حقها في التعليم، ففي سن ال (17) بالكاد يكون التلميذ بلغ من مراحل التعليم الثاني ثانوي، ولن تحصل الفتاة على حقها في التعليم قبل بلوغها سن ال (22) حين تكون قد أنهت الدراسة الجامعية، ولا تكون قد حصلت على حقها في التعليم كاملاً إذا كانت تطمح بلوغ أعلى الدرجات العلمية التالية للشهادة الجامعية، فهي بحاجة إلى خمس سنوات إضافية على أقل تقدير، وعند ذاك تكون قد بلغت سن ال (27). وسواء كان السن القانوني للزواج هو سن ال (15) أو ال (17) أو ال (20)، فإن ذلك ينتقص من حقها في التعليم. وأرجو من نواب الشعب في المجلس التشريعي أن يدركوا جيداً أن الدستور اليمني يضمن للمرأة الحق في التعليم كاملاً غير منقوص، وأن النواب لا يملكون سنّ قانون يعيق أو ينتقص أو يقيد حقها هذا، وإذا هم فعلوا ذلك من خلال تعديل سن الزواج لما هو أقل من (22) سنة عمرية، فإنهم ببساطة شديدة يكونوا قد خالفوا الدستور لأن مثل هذا القانون يعتبر عائقاً للمرأة في أخذ حقها الدستوري في التعليم بكامله، فزواجها في سن ال (22) سيعيقها في الغالب عن الحصول على حقها في التعليم ما بعد الجامعي، وزواجها في سن ال (17) سيحرمها وفي الغالب أيضاً من الحصول على حقها في التعليم الجامعي، أما زواجها في سن العاشرة حسب طلب أتباع الشيخ أبن تيمية ومحمد عبدالوهاب في اليمن، فسيفضي إلى سلبها حقها الدستوري والإنساني في التعليم برمته، إذا لا يبقى أدنى من الثانوية العامة إلا محو الأمية الأبجدية، أي أن تعيش المرأة اليمنية القرن الواحد والعشرين جاهلة، والجهل قبيح عقلاً، وقبيح ديناً أيضاً، فالقرآن مليء بالآيات التي تذم الجهل. ولذلك لا نسلم بالزعم القائل بأن الإسلام أباح زواج الصغيرة، فأصحابه على جهل بأن الإسلام يأبى كل قبيح، وليس أقبح من جعل المرأة جاهلة. ودفاعاً عن
مفسدة زواج الصغيرة يقال لنا إن بإمكان ضحية هذا الزواج أن تدرس حتى أعلى مستوى تعليمي إذا رغبت، وهذا غير صحيح وإذا حدث بالفعل فهو نادر فلا أحد يجهل أن الزواج يلقي على الزوجة أعباء ثقالاً، فوقتها مستغرق بالإنجاب، والعناية بالأطفال، والطبخ، والغسيل، وتنظيف المنزل، وقبل ذلك كله وأخطر منه السهر على راحة الزوج، ففائض الوقت مما سبق من نصيبه. سابعاً: ورغم أن فقهاء زواج الصغيرة يشيعون بين الناس أن الهدف من الزواج في الدين الإسلامي ليس الإشباع الجنسي لطرفيه، فهذا غرض عارض، أما الهدف الأصلي فهو تكوين أسرة قوية ومتماسكة هي في الإسلام الأساس الذي يقوم عليه البناء الاجتماعي، وهم كذلك أصحاب فكرة أن تربية الأطفال هي الفريضة الأولى للزوجة، وفكرة أن مملكة المرأة هي البيت وبيت الزوجية بالذات، وفي نفس الوقت يدعون -وبحماس بالغ- إلى مبدأ إباحة تزويج بنت العشر السنوات، بل ومن هي في سن أقل من ذلك اقتداء بزواج عائشة زوجة الرسول، فهم إذن يدعون إلى الشيء ونقيضه دون شعور بالتناقض الصارخ في موقفهم. إذ أن أي شخص له مثقال ذرة من عقل يعرف أن بنت العشر وحتى بنت العشرين لا تستطيع تربية الأطفال، أو بناء أسرة هي أساس البناء الاجتماعي بحسب التصور الإسلامي للأسرة، كيف لبنت العشر سنوات أو حتى بنت السابعة عشرة أن تتقن تربية الأطفال، وأن تنشئ أسرة تصلح أن تكون أساساً لمجتمع صالح قادر على العيش طويلاً؟ أي منطق يحكم هؤلاء الجهلة؟ ألا يعرفون أن الدين الإسلامي الذي يتحدثون باسمه لا يقبل مثل هذه المفارقات السخيفة؟ ألا يعرفون أن الدين ليس بليد الحس فلا يدرك التهافت المنطقي الذي تكتنزه دعواتهم إلى تزويج الصغيرات؟ وأخيراً لا يمكن أن يكون الدين الإسلامي بعيداً عن الفكرة السامية التي ترى أن زواج الصغيرة اعتداء على الطفولة وأن معاشرتها عبث صبياني لا صلة له بتكوين أسرة كما يتصورها الإسلام. ويقول لنا هؤلاء:- النبي الكريم وعائشة فعلا ذلك. ونقول لهم:- ليس في اتقيائكم نبي، ولا في بناتنا زوجة نبي .. وإذا استبحتم قياس ضعفكم البشري بكمال النبي، فإننا نستحي تأدباً قياس بناتنا بزوجة نبي. وقد يسهل عليكم التأسي بالنبي في تعدد الزوجات والتزوج بصغيرة، لأن ذلك تأسياً بالجانب الحسي من النبي، ولكن التأسي بالجانب المتسامي، وما فوق الحسي للنبوة والنبي يفوق قدراتكم الحسية. المحامي /حمد علي الوادعي

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.