تربوي: بعد ثلاثة عقود من العمل أبلغوني بتصفير راتبي ان لم استكمل النقص في ملفي الوظيفي    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    نجاة قيادي في المقاومة الوطنية من محاولة اغتيال بتعز    دولة الأونلاين    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    احتجاجات في لحج تندد بتدهور الخدمات وانهيار العملة    جمعية التاريخ والتراث بكلية التربية تقيم رحلة علمية إلى مدينة شبام التاريخية    اختتام البطولة النسائية المفتوحة للآيكيدو بالسعودية    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    نتائج المقاتلين العرب في بطولة "ون" في شهر نيسان/أبريل    النصر يودع آسيا عبر بوابة كاواساكي الياباني    يافع تودع أحد أبطالها الصناديد شهيدا في كسر هجوم حوثي    سالم العولقي والمهام الصعبة    لليمنيّين.. عودوا لصوابكم ودعوا الجنوبيين وشأنهم    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    13 دولة تنضم إلى روسيا والصين في مشروع بناء المحطة العلمية القمرية الدولية    هل سيقدم ابناء تهامة كباش فداء..؟    هزة ارضية تضرب ريمة واخرى في خليج عدن    الهند تقرر إغلاق مجالها الجوي أمام باكستان    سوريا ترد على ثمانية مطالب أميركية في رسالة أبريل    مباحثات سعودية روسية بشان اليمن والسفارة تعلن اصابة بحارة روس بغارة امريكية وتكشف وضعهم الصحي    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    غريم الشعب اليمني    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور أعضاء مجلس النواب في مواجهة فتاوى فقهاء زواج الصغيرات
نشر في الوسط يوم 15 - 07 - 2009

من غير اللائق أن يرجع مجلس النواب عما سبق أن أقرره من أن سن زواج الأنثى يجب أن يكون (17) عاماً، خاصة وأن هذه العودة ستكون تحت ضغط أتباع وتلامذة اللحيدان الرئيس السابق لمجلس القضاء في السعودية والذي أقصاه خادم الحرمين الشريفين بسبب فتاويه، وكان آخرها فتواه بجواز تزويج بنت العاشرة، والتي سببت حرجاً شديداً للمملكة أمام الدول الغربية والمنظمات الدولية، وأظهرت الإسلام أمام العالم المتحضر ديناً يغتال الطفولة من فرط توحشه، والحقيقة أن المتوحش حقاً هم أصحاب هذه الفتاوى الجاهلة. وسيكون من الغباء أن يعتقد مجلس النواب بأن عودته عن قراره السابق هي عودة إلى صحيح الإسلام كما يوهمه فقهاء الجهل وصانعو فتاوى الافتراء على الله وعلى رسوله، فمنع زواج الصغيرة تحت سن (17) لا يخالف الإسلام في شيء:- أولاً: يقول هؤلاء الفقهاء الجهلة إن هذا المنع هو من قبيل تحريم ما أحل الله، فالله هو الذي أباح زواج الصغيرة، وهذا فهم ناجم عن بصيرة منحرفة. فمنع زواج من هي دون ال (17) ليس تحريماً لما أحله الله، وإنما هو فقط تنظيم ما أحله الله تعالى، وتنظيم التحليل أو التحريم لا يمنعه الإسلام بل يطلبه وهو من صميم فرائضه والتي يجهلها هؤلاء الفقهاء. ثانياً: فإذا صدقت دعوى هؤلاء الفقهاء وهو أن الإسلام أجاز للولي تزويج صغيره أو صغيرته، فإن هذا ليس فريضة ولا من قبيل الواجب، وإنما هو إباحة، أي رخصة وللشخص أن يستعمل الرخصة كما له ألا يستعملها، فإذا امتنع عن استعمال هذه الرخصة فلا إثم عليه، ما لم يبلغ امتناعه حتى عضل قريبته أي حرمانها من الزواج، وهذا لا يكون إلا إذا هي طلبت تزويجها بعد بلوغها فامتنع وليها، فإن ولا يته تسقط ويزوجها القاضي غصباً عنه. ومعنى ذلك أن من حق الولي الامتناع عن ممارسة هذه الرخصة بصورة فردية فلا بأس فيه، ولا يمنعه الإسلام، وإذا جاز من ذلك للولي الفرد جاز للوالي العام أي للمشرع اليمني من باب أولى، فالأخير أفقه بالمصلحة من الولي الفرد. ثالثاً: وتنظيم استعمال المباحات مثل تنظيم استعمال الرخص كلاهما جائز، ويستعمله المسلمون قديماً وحديثاً: ألا يعلم هؤلاء الجهلة أن البلد الحبيب إلى قلوبهم والنموذج الذين تقتدون به في دينهم وهو السعودية لا يقبل أن يحج في العام من كل بلد إسلامي غير عدد محدد سلفاً ممن يستطيع الحج، فهل السعودية بذلك تكون قد حرمت حلالاً، أو منعت واجباً، أم أنها نظمت الحلال ونظمت الواجب أيضاً وهو فريضة الحج لأن المصلحة العامة اقتضت ذلك، وقد أفتى بذلك علماء البلد بمجرد أن طلب إليهم ذلك (ولي الأمر) وهم شيوخ شيوخ اليمن؟ وألا يعلم هؤلاء أن الإسلام أباح دخول اليمن والإقامة فيها لكل مسلم، فهل تكون اليمن حين لا تقبل أن يدخلها أي مسلم إلا بإذن مسبق من جهازها الأمني تكون قد حرمت حلالاً؟ أم أنها بذلك فقط نظمت ممارسة هذا الحلال؟ ولمصلحة ظاهرة منعت من منعت؟ أو لا يعلم هؤلاء أن الإسلام أباح للصحابة كما سائر المسلمين الانتشار في الأرض، فأرض الله واسعة، ولكن الخليفة عمر منع العشرات منهم من مغادرة المدينة المنورة في خلافته لمصلحة رآها فهل هو حرم ما أحله الله أم أن ما فعله بل ويشكره عليه المسلمون اليوم هو مجرد تنظيم استعمال ما أحل الله، وليس تحريماً لما أحله؟، وهل يعلم هؤلاء أن اليمن وهو بسبيل تحديد سن زواج الأنثى ب (17) سنة، لم تكن تحرم ما أحل الله (هذا إن كان الله قد أحل ذلك بالفعل)، وإنما هي فقط تنظم استعمال هذا الحلال؟ رابعاً: ومن مظاهر تهافت منطق القائلين بجواز وصحة زواج الصغيرة تناقض هذا المنطق. فهم - من ناحية - يقولون بأن عقد الزواج مثل سائر العقود يشترط لصحته رضا أطرافه بإرادة حرة وواعية، أي رضا الزوج والزوجة، وأي خلل يمس القبول الطوعي والحر بالزواج يجعل الزواج -وبالأدق عقد الزواج باطلاً- وقد أمر الرسول (ص) بأخذ رأي الأنثى في ذلك وجوباً وإلا فلا صحة للعقد، وذلك في حديث مشهور، والملفت للنظر أن الرسول سلام الله عليه خص المرأة دون الرجل بوجوب أخذ رأيها في الزواج. ومن المتفق عليه في الفقه الإسلامي أن عقود الصغير - كل العقود - لا تكون صحيحة حتى يبلغ سن الرشد. وجه التناقض هنا أن فقهاء السلفية يقولون ببطلان عقود الصغيرة وفي نفس الوقت يقولون بصحة تعاقد الصغيرة، إذ يطالبون بصحة تزويج الصغيرة، والحق أن زواج بنت العشر أو حتى من سنها أكبر من ذلك بعدة سنوات باطل في كل الأحوال، وبيان ذلك أن الفقه الإسلامي وإن كان قد جعل إبرام عقد زواج المرأة بيد وليها، إلا أن زواج الصغيرة لا يخرج عن احتمالين، أن يكون وليها قد استأمرها في ذلك وقبلت بالزواج أو أنه لم يستأمرها، وأياً كان الحال فإن الفقه الإسلامي يعتبر الزواج باطلاً في الحالين، فهو باطل في الحالة الأولى لأن قبول الصغيرة لعقد الزواج لا تعتد به الشريعة الإسلامية ومثلها القوانين اليمنية، وباطل في الحالة الثانية لعدم طلب رأيها في الزواج أصلاً، وواضح أن علة البطلان في الحالين واحدة هو تخلف أهم أركان العقد وهو رضا المرأة بالزواج حال كونها بالغة عاقلة وعن إرادة حرة. وقد يقال هنا بأن ولي المرأة هو الذي يتولى العقد، وإرادته تحل محل إرادة من ولايته عليها، وهذا احتجاج سقيم ولا يجبر ما أنثلم في عقد نكاح الصغيرة لغياب رضاها به، لأن العبرة في عقد الزواج بإرادة طرفي العقد وهما الزوج والزوجة، والشريعة الإسلامية حين جعلت عقد زواج الأنثى إلى وليها لم تقصد إحلال إرادة الولي محل إرادة المولى عليها، بدليل أن الشريعة أوجبت لصحة العقد استئمار الأنثى ثيبة كانت أو بكراً، فلا يملك الولي إجراء العقد دون قبولها بالزواج، ولو فعل الولي ذلك، أي خالف إرادة المولى عليها بأن يكون قد سألها فرفضت قبول الزوج، لكنه مضى فعقد بها فإن العقد يكون باطلاً لافتقاده أهم أركان العقد وهو تراضي الطرفين وبعبارة فقهية لو اتجهت إرادة ولي المرأة إلى إمضاء العقد واتجهت إرادة المرأة إلى رفض الزواج، فإن الزواج لا ينعقد في الشريعة الإسلامية، والعكس بالعكس، فإذا إرادتها الزواج، ولم يرده ولي أمرها، فليس للولي إلا إمضاء ما أرادت، وإلا اعتبر عاضلاً، ويتولى تزويجها القاضي المختص، وهذا معناه أن سلطة ولي المرأة تنحصر في إجراء العقد تنفيذاً لرغبة المرأة المولى عليها، وقد أقامه الشارع مقامها في إجراء العقد فقط ولا تتعدى سلطته ذلك. فأطراف عقد الزواج ليس الولي والزوج، وإنما الزوج والزوجة، والرضا بعقد الزواج مناط وجود العقد، وليس مجرد مناط صحته، فهو ركن العقد وليس مجرد شرط لصحته، فإذا تم العقد دون رضا الزوجين، أو كان رضا أحدهما بالعقد مشوباً بعيب من عيوب الإرادة، كان العقد منعدماً والانعدام هنا معناه أن العقد لا يكون له أي أثر من الآثار الشرعية للعقد، وإذا تعاشر الزوجان بناء عليه فهو نوع من الزنا الفاحش. خامساً: والقائلون بجواز زواج الطفلة يستشهدون بواقعة زواج عائشة بالنبي محمد (ص) ركوناً منهم إلى الرواية التي تقول بأنه عقد بها وهي في السادسة ودخل بها وهي في التاسعة حسب أكثر الروايات شيوعاً. وبصرف النظر عن مدى صحة هذه الرواية فإنها لا تصلح دليلاً لصحة فتاوى هؤلاء:- أولاً: زواج النبي (ص) ليس تشريعاً لأمته، وإنما ممارسة لحياته الأكثر خصوصية وحميمية، فلا يمكن إدراج تلك الواقعة تحت مسمى السنة الفعلية، وفعل النبي ذلك ليس استجابة لداعي السماء، وإنما استجابة لدافع الغريزة، والغريزة الجنسية بالذات. ثانياً: إذا صح أن عائشة تزوجت بالنبي في هذه السن المبكرة جداً، فقد كانت ذاهبة إلى بيت النبوة وزوجت بنبي هو خاتم الأنبياء وأعظمهم قدراً عند الله وملائكته والمؤمنين. وقياس الطفلة الزوجة اليوم على زواج عائشة قياس ظالم فلا بنت اليوم مثل عائشة، والله يقول: "يا نساء النبي لستن كأحد من النساء" ونزل فيها قرآن، ولا زوج بنت اليوم مثل النبي، فأين اللحيدان الذي يفتي بجواز زواج الطفلة من النبي صلى الله عليه وسلم الذي تزوج عائشة طفلة. ثم أن الله قد اختص النبي في حياته الشخصية بأشياء ليست لسائر المؤمنين بدينه كالجمع بين تسع زوجات، وتحريم الزواج بأرملته، ومن ذلك جواز زواجه بطفلة زفت إليه بعد انتزاعها من الأرجوحة حين كانت تلعب مع زميلاتها الصغيرات. هذا إذا صدقنا الرواية الشائعة عن زواج النبي بعائشة الطفلة، وهي رواية يصعب تصديقها لبعدها عن مألوف عقلاء تلك الأيام، إذ لم ينقل إلينا الرواة أن أحداً من أصحاب النبي تزوج طفلة بل تدل الرواية أن عرب الجاهلية كانوا يعافون الزواج بالصغيرات. ويروي جلال الدين السيوطي إن العرب كانوا لا يتزوجون إلا ذات الثدي الناهد، ويقول عن الناهد بأنها التي استوى نهدها وامتد مستديراً على حدوده، وهذا لا يكون إلا في المرأة الناضجة ومن تعدت سن السابعة عشرة بكثير. فلا يكفي للزواج المأمون والقابل للاستمرار أن تكون الفتاة في سن البلوغ بمعناه الدارج في الثقافة الإسلامية، وهو البلوغ بظهور العادة الشهرية أو ظهور الشعر الأسود في العانة، أو سن ال (15)، فمع المثيرات التي تأتي عن طريق تكنولوجيا الإعلام (إذاعة - تلفزيون - فيديو - سينما ... إلخ)، كل هذه المثيرات تعجل بالبلوغ بحسب أحدث الدراسات العلمية، وهو ما يعني أن الصغيرة يمكن أن تنضج جنسياً في سن الخمسة عشر أو السابعة عشرة، بل وقبل ذلك، فتكون مهيأة للزواج البيولوجي الذي لا يكفي له أن تكون الفتاة مؤهلة للمعاشرة الجنسية وللإنجاب. بل لا بد قبل ذلك أن تكون مهيأة له عقلياً وعاطفياً، فالزواج هو أخطر قرار في حياة المرأة، لأنه يربطها برجل غريب طوال حياتها ويرسم معظم قسمات ونوع وطبيعة حياتها وستطال آثاره الإيجابية والسلبية كل دقيقة من حياتها ويربط حياتها بجملة من الأوتاد تتمثل في الزوج والأولاد، وأقارب الزوج، ثم أزواج وزوجات نسلها وربما أحفادها منهم ومنهن، والزواج سيضيف إلى مكونات حياتها مكونات شخصية زوجها، طباعه، ميوله، رؤاه، لياقته الأخلاقية، موقفه من الناس والحياة والمجتمع، وبالمختصر زواج المرأة يُحدث في حياتها انقلاباً جذرياً يطال منها كل شيء في كل ثانية من عمرها. إن مراهقة في سن العشرين لا يمكن أن تكون مؤهلة لوزن مخاطر تجربة بهذا الحجم وزناً دقيقاً، أو بالأقل وزناً معقولاً يجنبها أعظم المخاطر التي تكتنزها تجربة كهذه، فالمرأة كالرجل تبلغ ذروة المراهقة عند سن العشرين، وسن المراهقة ليست الظرف المناسب لاتخاذ قرارات مصيرية كالزواج. سادساً: تقنين سن الزواج بأقل من (22) سنة مؤداه حتماً إسقاط حقها في التعليم، ففي سن ال (17) بالكاد يكون التلميذ بلغ من مراحل التعليم الثاني ثانوي، ولن تحصل الفتاة على حقها في التعليم قبل بلوغها سن ال (22) حين تكون قد أنهت الدراسة الجامعية، ولا تكون قد حصلت على حقها في التعليم كاملاً إذا كانت تطمح بلوغ أعلى الدرجات العلمية التالية للشهادة الجامعية، فهي بحاجة إلى خمس سنوات إضافية على أقل تقدير، وعند ذاك تكون قد بلغت سن ال (27). وسواء كان السن القانوني للزواج هو سن ال (15) أو ال (17) أو ال (20)، فإن ذلك ينتقص من حقها في التعليم. وأرجو من نواب الشعب في المجلس التشريعي أن يدركوا جيداً أن الدستور اليمني يضمن للمرأة الحق في التعليم كاملاً غير منقوص، وأن النواب لا يملكون سنّ قانون يعيق أو ينتقص أو يقيد حقها هذا، وإذا هم فعلوا ذلك من خلال تعديل سن الزواج لما هو أقل من (22) سنة عمرية، فإنهم ببساطة شديدة يكونوا قد خالفوا الدستور لأن مثل هذا القانون يعتبر عائقاً للمرأة في أخذ حقها الدستوري في التعليم بكامله، فزواجها في سن ال (22) سيعيقها في الغالب عن الحصول على حقها في التعليم ما بعد الجامعي، وزواجها في سن ال (17) سيحرمها وفي الغالب أيضاً من الحصول على حقها في التعليم الجامعي، أما زواجها في سن العاشرة حسب طلب أتباع الشيخ أبن تيمية ومحمد عبدالوهاب في اليمن، فسيفضي إلى سلبها حقها الدستوري والإنساني في التعليم برمته، إذا لا يبقى أدنى من الثانوية العامة إلا محو الأمية الأبجدية، أي أن تعيش المرأة اليمنية القرن الواحد والعشرين جاهلة، والجهل قبيح عقلاً، وقبيح ديناً أيضاً، فالقرآن مليء بالآيات التي تذم الجهل. ولذلك لا نسلم بالزعم القائل بأن الإسلام أباح زواج الصغيرة، فأصحابه على جهل بأن الإسلام يأبى كل قبيح، وليس أقبح من جعل المرأة جاهلة. ودفاعاً عن
مفسدة زواج الصغيرة يقال لنا إن بإمكان ضحية هذا الزواج أن تدرس حتى أعلى مستوى تعليمي إذا رغبت، وهذا غير صحيح وإذا حدث بالفعل فهو نادر فلا أحد يجهل أن الزواج يلقي على الزوجة أعباء ثقالاً، فوقتها مستغرق بالإنجاب، والعناية بالأطفال، والطبخ، والغسيل، وتنظيف المنزل، وقبل ذلك كله وأخطر منه السهر على راحة الزوج، ففائض الوقت مما سبق من نصيبه. سابعاً: ورغم أن فقهاء زواج الصغيرة يشيعون بين الناس أن الهدف من الزواج في الدين الإسلامي ليس الإشباع الجنسي لطرفيه، فهذا غرض عارض، أما الهدف الأصلي فهو تكوين أسرة قوية ومتماسكة هي في الإسلام الأساس الذي يقوم عليه البناء الاجتماعي، وهم كذلك أصحاب فكرة أن تربية الأطفال هي الفريضة الأولى للزوجة، وفكرة أن مملكة المرأة هي البيت وبيت الزوجية بالذات، وفي نفس الوقت يدعون -وبحماس بالغ- إلى مبدأ إباحة تزويج بنت العشر السنوات، بل ومن هي في سن أقل من ذلك اقتداء بزواج عائشة زوجة الرسول، فهم إذن يدعون إلى الشيء ونقيضه دون شعور بالتناقض الصارخ في موقفهم. إذ أن أي شخص له مثقال ذرة من عقل يعرف أن بنت العشر وحتى بنت العشرين لا تستطيع تربية الأطفال، أو بناء أسرة هي أساس البناء الاجتماعي بحسب التصور الإسلامي للأسرة، كيف لبنت العشر سنوات أو حتى بنت السابعة عشرة أن تتقن تربية الأطفال، وأن تنشئ أسرة تصلح أن تكون أساساً لمجتمع صالح قادر على العيش طويلاً؟ أي منطق يحكم هؤلاء الجهلة؟ ألا يعرفون أن الدين الإسلامي الذي يتحدثون باسمه لا يقبل مثل هذه المفارقات السخيفة؟ ألا يعرفون أن الدين ليس بليد الحس فلا يدرك التهافت المنطقي الذي تكتنزه دعواتهم إلى تزويج الصغيرات؟ وأخيراً لا يمكن أن يكون الدين الإسلامي بعيداً عن الفكرة السامية التي ترى أن زواج الصغيرة اعتداء على الطفولة وأن معاشرتها عبث صبياني لا صلة له بتكوين أسرة كما يتصورها الإسلام. ويقول لنا هؤلاء:- النبي الكريم وعائشة فعلا ذلك. ونقول لهم:- ليس في اتقيائكم نبي، ولا في بناتنا زوجة نبي .. وإذا استبحتم قياس ضعفكم البشري بكمال النبي، فإننا نستحي تأدباً قياس بناتنا بزوجة نبي. وقد يسهل عليكم التأسي بالنبي في تعدد الزوجات والتزوج بصغيرة، لأن ذلك تأسياً بالجانب الحسي من النبي، ولكن التأسي بالجانب المتسامي، وما فوق الحسي للنبوة والنبي يفوق قدراتكم الحسية. المحامي /حمد علي الوادعي

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.