التطورات السياسية الأخيرة المتعلقة ببيان مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن وإعلان قوائم المشاركين في مؤتمر الحوار واستمرار الخلاف بين الحراك والإصلاح في عدن.. هذه المستجدات الثلاث تتطلب قراءة عميقة وقرارات حكيمة من القيادات الجنوبية، من أجل ذلك نقول: أولاً: بيان مجلس الأمن لقد جاء بيان مجلس الأمن الدولي يوم 15 فبراير ليؤكد -فعلاً- أننا تحت الوصاية الدولية الكاملة وأنه غير مستعد لتغيير سياساته تجاه الأوضاع في الجنوب، وبالتالي فإن على القيادات الجنوبية إعادة قراءة المواقف الدولية بما يلبي تحقيق طموحات أبناء الجنوب بعيدا عن أية مواجهة مع دول الإقليم والعالم لا تخدم الجنوب وأبناءه وتجعلنا نعيش في عزلة كما كان حال النظام السابق في الجنوب مع أنه كان معنا حينها دول المعسكر الاشتراكي حلفاء أما اليوم فأمريكا هي من تقود سياسات مجلس الأمن والبقية يسيرون تبعا لمصالحهم والظاهر أن مصالحهم في الوقت الراهن مع السلطة بصنعاء، وهم ليسوا حريصين على وحدة اليمن واستقراره كما يزعمون، بل حريصين على مصالحهم أن لا تتضرر ولو كانوا حريصين على استقرار ووحدة اليمن لأدركوا أن هذا الاستقرار لن يتحقق بدون الحل السياسي العادل لقضية الجنوب، والسؤال الذي نرسله لدول مجلس الأمن والخليج والقيادة السياسية بصنعاء أين ستقيمون الدولة الموحدة التي تسعون لإقرارها في مؤتمر الحوار إذا رفض أبناء الجنوب الحلول الجديدة؟ إن الوضع في الجنوب يتطلب بياناً من مجلس الأمن يمدد ضمانات لأبناء الجنوب بحل قضيتهم حلا سياسياً عادلاً عن طريق الحوار المتكافئ والضمانات بتنفيذ نتائج الحوار على الواقع ودون أي تلاعب أو تمديد لمشاريع حلول تعيد إنتاج الماضي وشرعية 94م ووحدة 7 يوليو التي سقطت ورفضها أبناء الجنوب. كما أننا نأسف بأن مجلس الأمن لم يعط الجماهير التي احتشدت في عدن يوم 27 يناير وأثناء زيارة المجلس بصنعاء أي اهتمام، بدليل بيان المجلس الذي لم يشر إلى الوضع في الجنوب بل وحاول إقحام الرئيس علي سالم البيض، الذي وصفه مجلس الأمن بنائب الرئيس الأسبق ضمن الأطراف المعرقلة للعملية الانتقالية في اليمن، مع أنه لم يوقع على المبادرة، ولقد قدموا خدمة للبيض حيث زادت شعبيته لدى الموالين له في الجنوب، وكان من الأفضل أن يدعو مجلس الأمن البيض للحوار من خلال زيارته لمقر مجلس التعاون للتفاهم معه ومع بقية قادة الجنوب حول أسس الحوار الذي يحقق حل قضية الجنوب عبر مرحلة انتقالية جديدة تحدد آليات الحل كما حصل في السودان أو كما كان مؤتمر القاهرة الجنوبي قد اقترحه أو أي حل يراه الوسيط مقنعاً لشعب الجنوب لأن مبادرة الخليج لم يكن الجنوب طرفا فيها. ومع هذا فإننا ندعو إخواني وزملاء النضال قادة الحراك الجنوبي إلى دراسة بيان مجلس الأمن بعيداً عن ردة الفعل المتسرعة، فنحن لا نريد مواجهة العالم كله، وبيان مجلس الأمن تحدث عن شخصية البيض، وأعتقد ليس من مصلحتنا الزج بالحراك الجنوبي في المواجهة مع مجلس الأمن، كما أعتقد أن الرئيس علي البيض سيعالج الأسباب التي جعلت مجلس الأمن يصدر هذا البيان أو يشمل اسمه إلى جانب الرئيس السابق صالح لأن البيض في المنفى منذ 94م، وكيف نقارنه بالرئيس السابق صالح، لكننا نقول: رسالة مجلس الأمن وصلت وتحتاج حكمة جنوبية، ولن ترهب الجنوب بيانات إذا لم توجد حلول ترفع معاناة الجنوبيين. ثانيا: الحوار الوطني للأسف الشديد هناك من لم يفهم معنى الشعار الذي رفعته الجماهير في الجنوب (لا للحوار.. نحن أصحاب القرار) فاعتقدوا أن الجنوبيين يرفضون الحوار، وهذا فهم خاطئ، فالمقصود لا للحوار، أي الحوار المزمع انطلاقته بصنعاء يوم 18 مارس القادم إذا تم على أسس لا تلبي مصالح الجنوب وبهذه الطريقة، أما الحوار كمبدأ فإن الحراك السلمي يدعو له منذ 2007م، ولكن على أساس التكافؤ والندية بين الجنوب والشمال وحوار طرفين لأن الوحدة تمت بين طرفين، وقد يقول إخواننا في الشمال أو السلطة إن المناصفة التي تم إقرارها لتمثيل الجنوب ب50% في الحوار كفيلة بتحقيق التكافؤ والندية بين الشمال والجنوب، ونقول: إن هذه المناصفة تم التحايل عليها، حيث سيتم أو تم إقرار المشاركين باسم الجنوب من قبل الأحزاب السياسية بصنعاء ولم يخترهم أبناء الجنوب، كما أن المناصفة ليست كافية طالما لا توجد ضمانات لتنفيذ نتائج الحوار، ومع هذا فإننا نرى أن يتم قراءة هذا الأمر من قبل إخواني قادة الحراك لتجنب أي انقسام جنوبي كما حصل في 94م بحيث يتم إعطاء فرصة لمن اقتنعوا بالحوار للمشاركة بصفتهم الشخصية فإن جاءوا بحل يرضي أبناء الجنوب قلنا لهم شكرا ما لم استمر الحراك في نضاله السلمي ومطالبته بحل عادل لقضية الجنوب وعلى قول المثل (الحسينة لنا جميعا والعيفة لهم) بحيث نبتعد عن التخوفين لمن سيشارك أو الاتهامات لمن سيقاطع الحوار لأن هذه قناعات سياسية، المهم لا نريد أحداً من المشاركين ادعى تمثيل الجنوب ومصادرة حقوقه. ثالثا: صراع الحراك والإصلاح من المؤسف جدا أن يستمر الصراع بين بعض الإخوة في الحراك والإصلاح وكلهم من أبناء عدن والجنوب، كما أن ليس هناك عِداء مع أبناء الشمال بل الأمر خلاف سياسي، وإذا كان الإخوة في الإصلاح يريدون التعبير عن رأيهم بمسيرة من حقهم هذا، لكن على أن لا يستفزوا الحراك بإعلان حشد جماهيري من مناطق الشمال فهذا أمر غير مقبول، فهل سيسمحون للحراك إقامة مهرجان في صنعاء لهذا تجنبا لأي احتكاك نأمل أن يتم استئناف الحوار بين الحراك والإصلاح، وذلك كما كان المرحوم هشام باشراحيل قد بدأ به قبل وفاته من جهود للمصالحة حقنا للدماء، ولأن الجنوب والشمال غير مستفيد من هذه الصراعات الجانبية، وندعو الإصلاح إلى إيقاف أي خطابات تصف الحراك بالبلاطجة أو عملاء لإيران لأن هذا يثير استياء كل أنصار الحراك وأبناء الجنوب، ومهما كان أي خلاف سيتم حله وديا والعنف مرفوض ومدان من الجميع، وعلى السلطة تحمّل مسئولياتها بمنع تكرار أعمال العنف، وعدن بحاجة إلى محافظ مستقل عن الحزبية حتى يحظى بقبول الجميع. والله من وراء القصد