لم يكد ينتهي تصويت مجلس النواب الذي جاء بالإجماع على غير العادة على منع الحكومة من السماح لتحليق الطائرات بدون طيار الأمريكية في الأجواء اليمنية حتى جاء الرد عمليا بتحليق مكثف لهذه الطائرات في سماء قيفة في مديرية رداع، في رسالة واضحة تشي بأن القرار الأمريكي لا ينقضه قرارا وطنيا ولو كان آت من السلطة التشريعية المتمثلة بمجلس النواب ومسنودا شعبيا من خلال الغضب الذي لا يستطيع المواطنون التعبير بغيره. لقد جاء قرار البرلمان متأخرا جدا إلا أنه ومع ذلك خير من أن لا يأتي رغم أنه وجه للحكومة فيما ليست هي مالكة القرار بالإذن، وبحسب تصريح لهادي أثناء زيارته للولايات المتحدةالأمريكية فإنه هو من يعطي الأذن بالضرب لمستهدفين مشتبهين من القاعدة. وصوت البرلمان بعد أيام على سقوط عشرات الضحايا من المدنيين في غارة شنتها طائرة بدون طيار استهدفت ثلاثة أفراد من القاعد وبينهما آخرون كانوا في موكب عرس بمحافظة البيضاء، وانتدب الرئيس هادي وجاهات قبلية لتحكيم ذوي الضحايا وتهدئة الأوساط القبلية الناقمة والمطالبة بالثأر للقتلى. وإذ دعا رئيس المجلس يحيى الراعي، النواب، في جلسة البرلمان الأحد الماضي، إلى اتخاذ قرار يلزم الحكومة بمنع الطائرات دون طيار من دخول الأجواء اليمنية وإنهاء عملية القتل الجماعي للمواطنين اليمنيين من قبل الطائرات الأمريكية. فقد شن أعضاء في المجلس هجوما على أمريكا مبدين استغرابهم من الحديث عن وجود سيادة، وحذر عضو كتلة المؤتمر وعضو مؤتمر الحوار الوطني النائب نبيل الباشا من: " أن استمرار اختراق السيادة اليمنية هو الذي سيوصل البلاد إلى الهاوية..". وأضاف: إذا أردنا القضاء على القاعدة فيجب علينا القضاء أولا على التدخلات الخارجية التي تشجع هذا التنظيم. و دعا النائب عبد العزيز جباري إلى إيقاف التدخلات الأمريكية "السافرة" المتمثلة بتحليق الطائرات الأمريكية في الأجواء اليمنية والاعتداء على المواطنين، وقال: "نحن لا تنقصنا طائرات وإنما تنقصنا الإرادة". واعتبر النائب المستقل وعضو مؤتمر الحوار علي المعمري أن "القاعدة مصلحة أمريكية، والأمريكان أكثر حاجة لوجود القاعدة في العالم العربي والإسلامي." مشيرا إلى أن الحديث عن وجود سيادة ضحك على الذقون في ظل الوصاية الدولية على اليمن، وقال:"إن اليمن اليوم تحت وصاية الأجنبي، حتى مجلس النواب تم التمديد له من قبل الأجنبي ". ووصف المعمري المجلس ب"العاجز" وأنه لا يستطيع أن يصنع شيئا يخدم الوطن في ظل هذه الوصاية. أما النائب الإصلاحي شوقي القاضي فقد دعا زملاءه الأعضاء إلى عدم المزايدة في موضوع التدخلات الأجنبية في اليمن التي أوصلت البعض إلى التفريط بالوطن، وقال إن: "الأجنبي لا يمكن مطلقا أن يأتي إلينا دون موافقتنا.". وأضاف إن الذي يحمي مفجري أنابيب النفط وأبراج الكهرباء هي مكونات سياسية يمنية وليس الأجنبي.". واختتم القاضي مداخلته بالقول:"ستستمر السعودية وإيران وأمريكا في التدخل في شؤوننا إلى أن نحل جميع خلافاتنا.". وقال رئيس الكتلة البرلمانية للتجمع اليمني للإصلاح زيد الشامي إن البرلمان يملك حسب صلاحيته الدستورية والقانونية، أن يرفع التوصيات لإبداء رأي من الآراء أو توجيه من التوجيهات. وأوضح الشامي في تصريح لموقع «الخبر» أن السلطة التنفيذية هي المناط بها تنفيذ هذه التوصيات، مشيراً إلى أن المجلس وجه رسالة للرئيس هادي أكد فيها بأن الطائرات تقوم باختراق السيادة اليمنية، وتضرب الكثير من الأبرياء، وتؤدي إلى نتائج في غاية السوء على الجميع. وقال إنهم طالبوا في الرسالة رئيس الجمهورية بمنع وحظر هذه الطائرات من اختراق السيادة اليمنية. وتابع حديثه: «لو افترضنا أنها تضرب متهمين، فإن المتهم يضل بريئاً حتى تثبت إدانته، ويجب على أجهزة الأمن والقوات المسلحة أن تتولى متابعة أي مشتبه أو أي مجرم، ثم يسلم إلى العدالة، وهي التي تقضي في أمره». وأشار الشامي إلى أن هناك اتفاقا مسبقا، وأن المجلس يعمل في الوقت بدل الضائع، لأنه منذ أكثر من عشر سنوات حدث اتفاق سري بأن تضرب الطائرات الأمريكية وأن تدعي الحكومة اليمنية أنها هي التي تضرب. وأكد أن البرلمان لم يكن لديه أي اطلاع على هذا الملف، ولم يستشر في هذا الموضوع، بل كان يأتي وزير الداخلية ويقول نحن الذين نضرب، ثم كشفت وثائق ويكيليكس هذا الأمر وقالت إن وزير الداخلية قال، أنا كذبت على البرلمان وقلت لهم نحن الذين ضربنا المعجلة، مع أنهم الأمريكان. وفي ماله علاقة بمحاولة احتوى كارثة قتل المواطنين في رداع وكعادة الدولة فقد وجه الرئيس عبدربه منصور بحل القضية وفق العرف القبلي حيث قام وفد قبلي من مشايخ مراد مأرب والذين قدموا (101 ) بندق و30 مليون ريال لأهالي ضحايا الغارة الجوية والذي على ضوء ذلك تم تشييع جثامين الضحايا ال17 من أسرتين في رداع. في وقت كانت اللجنة الأمنية العليا أصدرت بيانا قالت فيه إن الغارة الجوية استهدفت سيارة قيادي في تنظيم القاعدة في منطقة «يكلا» برداع , وأدت إلى مقتل عدد من الإرهابيين دون الإشارة إلى الأبرياء الذين سقطوا جراء الضربة التي أوقعتها الطائرة بدون طيار في موكب للعرس في مديرية رداع وهو ما يؤكد استقاءها الأخبار من الطرف الأمريكي. وكان قتل جندي على يد عناصر القاعدة، الأربعاء11 ديسمبر، بمحافظة البيضاء، وبحسب مصدر أمني يمني ليونايتد برس إنترناشونال، فإن "الجندي محمد الظفاري من قوات الأمن الخاص، قتل على يد مسلحين من القاعدة أطلقوا عليه النار فيما هما يستقلان دراجة نارية بجوار السوق العام ، مستخدمين مسدّس كاتم الصوت. إلى ذلك قالت صحيفة «الحياة» إن السعودي مشعل الشدوخي وهو المفاوض الرسمي ل«القاعدة» في قضية اختطاف الديبلوماسي السعودي عبدالله الخالدي قد قتل في غارة جوية بطائرة من دون طيار بمحافظة حضرموت. ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني يمني القول إن الطائرة استهدفت الشدوخي ومعه اثنان من الجنسية اليمنية. فيما أكد مصدر سعودي أن الشدوخي لا يزال مطلوباً للجهات الأمنية، ما لم يتم التأكد من مطابقة عينة DNA . وكان الشدوخي هو المفاوض الرسمي بين السلطات السعودية ممثلة بالسفير السعودي لدى صنعاء علي الحمدان وفرع تنظيم القاعدة في اليمن، وذلك بعد أن أعلن الشدوخي في اتصاله الهاتفي مع الحمدان مسؤولية تنظيم القاعدة عن اختطاف نائب القنصل السعودي في عدن عبدالله الخالدي. وحمل المفاوض الشدوخي مطالب «القاعدة» للسفير السعودي في مقابل إطلاق سراح الخالدي، وتتضمن إطلاق النساء من السجون السعودية وتسليمهن إلى التنظيم في اليمن، وإطلاق جميع الموقوفين في سجون المباحث، وفدية مالية سيتم الاتفاق عليها لاحقاً. ونجا العميد الركن محمد حاجب- مدير دائرة الاستخبارات والاستطلاع في المنطقة العسكرية (السابعة) في منطقة رداع من محاولة اغتيال فاشلة في محافظة البيضاء. حين قام مسلحون باستهداف سيارته أثناء توجهه من صنعاء لحضور اجتماع لقيادات محلية وعسكرية وأمنية في مقر محافظة البيضاء، لمناقشة تداعيات الضربة الجوية التي كانت استهدفت أحد قيادات تنظيم القاعدة، بقيفة رداع ، وأسفرت عن سقوط مدنيين. إلا أن السيارة التي يستقلها حاجب وهي "مدرعة" حمته من القتل فيما أسفر الاعتداء عن إصابة أحد مرافقيه والذي كان متواجدا على متن السيارة المرافقة. وعلى الصعيد الدولي جددت وزارة الخارجية البريطانية تحذيراتها من الأموال التي تدفعها بعض الدول العربية والغربية للإرهابيين الذين يقومون باختطاف الأجانب في اليمن. مؤكدة أن الأموال التي تدفع لتحرير الرهائن المختطفين تستخدم في تمويل عمليات إرهابية، وأن هذه المشكلة تتفاقم. وبحسب قناة ال "بي بي سي" البريطانية فإن تنظيم القاعدة في اليمن يعد الأكثر استفادة مع عمليات الاختطاف، فخلال الصيف الماضي حصل على 22 مليون دولار أمريكي عبر وسطاء من دولة خليجية، مقابل الإفراج عن رهائن من سويسرا والنمسا وفنلندا. والإشارة هنا إلى دولتي قطر وعمان. ويقول إيمن دين خبير شؤون الإرهاب في مؤسسة "فايف دايمنشن" للاستشارات الأمنية إن الأموال التي يحصل عليها المختطفون يتم توزيعها ضمن فئات وأفرع عدة داخل تنظيماتهم. ويوضح الخبير أن "هناك فرع الأسلحة، وكذلك معسكرات التدريب التي تحتاج إلى الطعام والكهرباء. إنهم يحتاجون المال من أجل شراء الأسلحة للتدريب، ويحتاجون الحصول على المواد الكيميائية التي تستخدم في إعداد المتفجرات، بالإضافة إلى دفع تكاليف الرحلات التي يقومون بها، وقيمة إيجار الشقق والمباني والمخازن داخل وخارج اليمن.". ففي مالي حقق تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي ثروة كبيرة العام الحالي، بعد الحصول على قد كبير من الأموال مقابل إطلاق سراح ثلاث رهائن، هم سويسري وإيطالي وإسباني. وعندما اقتحمت القوات الفرنسية الكهوف التي كان يختبئ فيها أعضاء القاعدة في مالي، عثرت على رسالة من القائد الإقليمي للتنظيم، عبد المالك دروكدال، إلى أتباعه في اليمن، يوضح فيها أن غالبية تكاليف الحرب كانت تغطى من خلال أموال الفدى التي حصلوا عليها من عمليات اختطاف الرهائن. ونشر موقع "أروتس شيفاع" الصهيوني تقريرا حول هجمات تنظيم القاعدة في اليمن، قائلا: إن اليمن على وشك أن تصبح دولة فاشلة، فالحكومة المؤقتة تحاول جاهدة مكافحة الجماعات الإرهابية كتنظيم القاعدة والتي حولت البلاد إلى مقر لعمليتها. وقال الموقع حسب ترجمة موقع الموجز أن من الأمثلة الحديثة على التدهور في الأمن الداخلي في اليمن هو الهجوم الإرهابي في 5 ديسمبر على وزارة الدفاع في قلب صنعاء. باعتبار أن الهجوم على مجمع وزارة الدفاع اليمنية، استهدف واحدة من المباني الأكثر أمانا. واختتم الموقع الصهيوني بقوله: رغم تدريب القوات الأمريكية وتسليحها للقوات الخاصة اليمنية، وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع الحكومة المركزية، إلا أن الهجمات الإرهابية في تزايد، ووسط عدم التوصل لاتفاق سياسي ستبقى الأجهزة الأمنية مقسمة وضعيفة، وبالتالي يجب على المجتمع الدولي وضع سياسة وخطة شاملة لدعم حكومة صنعاء، ومنع الفشل المحتمل في اليمن قبل أن يصبح فشلها حقيقة وواقعا.