mbc .net - في الوقت الذي أشاد فيه نقاد مصريون بجرأة القضية التي يتناولها فيلم "كباريه"، الذي بدأ عرضه في مصر، الأربعاء الماضي 4 يونيو /حزيران/ توقع آخرون أن يثير عاصفة من الجدل لا سيما من جانب الإسلاميين، وذلك على غرار ما حدث مع فيلم "حين ميسرة" للمخرج خالد يوسف. يتعرض فيلم "كباريه" لسامح عبد العزيز لحالة "الازدواجية" بين الديني والدنيوي، التي تتصف بها الشخصية المصرية، والتي تدفع البعض للقيام بأعمال منافية للدين، وأحياناً للأخلاق، بهدف تحقيق غاية ذات بعد ديني. ويقدم "كباريه" مجموعة من الشخصيات، التي تأتي معظمها من أماكن شعبية، للعمل في الملهى الليلي الذي يحكمه مالكه بيد من حديد، ولا يراعي سوى مصلحته الخاصة، وتحقيق أكبر قدر من الأرباح، وهو يمثل الشكل الأكثر تضخما في خلق التعارض بين الديني والدنيوي. ففي الوقت الذي تسكب فيها كل أنواع الخمور في كؤوس زبائنه وتدور حولهم النساء العاريات، يستمع هو في مكتبه لأغان صوفية ويشرب العصير ولا يقارب الخمر أو امرأة، بل ويقوم بأداء العمرة سنويّا إلى جانب التزامه بأداء الصلاة وغيرها من الشعائر الدينية. أما المرأة الأكثر فسقا بين العاملات في "الكباريه"، الفنانة السورية جمانة مراد، فتقوم بجمع الأموال كي تمكن والدتها من أداء فريضة الحج، فيما يقوم المشرف على العمال بالتوقف عن العمل ساعة الفجر لأداء الصلاة. ويقابل هذه الحالة وجود تنظيم إرهابي يسعى إلى تفجير الكباريه لكونه بؤرة فسق وفجور فيرشح أحد أعضائه للقيام بعملية انتحارية. فكرة تقليدية وفي الوقت الذي أشاد البعض بتخلص الفيلم من سطوة البطولة الفردية التي تسيطر على السينما المصرية حاليا، مشيدين بفكرة الاستعانة بعدد كبير من نجوم الصف الثاني، اعتبروا أيضا أن استناده إلى أفكار تقليدية أفقده فرصة أن يكون أحد الأفلام الإبداعية الكبيرة. ورأي الناقد السينمائي نادر عدلي أن الفيلم "جيد جدا، وأثار مسألة شائكة لها علاقة بازدواجية الإنسان المصري في علاقته بالدين، فمعظم الشعب المصري من المتدينين، وفي الوقت نفسه يعيشون الحياة كما هي، بحيث تتناقض كثير من سلوكياتهم مع تدينهم، فجاء هذا الفيلم ليقدم بطريقة كوميدية هذا التناقض وهذه الازدواجية". غير أن عدلي توقع أن يثير الفيلم عاصفة من الجدل حوله، على غرار ما حدث مع فيلم "حين ميسرة"، وقال، إن "الفيلم سيثير حوارا حول ازدواجية الشخصية الدينية والدنيوية، وقد يثير بعض الاسلاميين عليه". نجاح تجاري مرتقب من جانبه اعتبر الناقد السينمائي طارق الشناوي أن "هذا الفيلم أفضل ما قام كاتب السيناريو أحمد عبد الله بتقديمه للسينما المصرية"، متمنيا "لو خرج من الطريقة التقليدية في تقديم أفكاره وفرض حلول ساذجة عن مفهوم العلاقة بين الانسان وربه". وقال إن "الفيلم كان فرصة لتقديم شيء له قيمة، ولكن الأفكار التقليدية عن التعارض بين الدين بالدنيا أفقدته الكثير، وكان يمكن أن يصل إلى ذروة إبداعية لو لم يدع الدين والله في مواجهة الدنيا وحياتها المليئة بمختلف الإيقاعات بما في ذلك اللذة". وأشار الشناوي إلى أن "فكرة التعارض هذه تشكل خطورة فكرية في الفيلم لأنه يقدم رؤية ساذجة أن غضب ربنا يحل على الإنسان الذي يسكر ولو لجأ للإيمان لنجا من غضبه". لكنه لاحظ أن المخرج "لم يذهب إلى عمق الحالة التي يصورها، وخصوصا ظاهرة الإرهاب المسؤولة عن تدمير الكباريه وقتل أكثر من 120 إنسانا". ورغم فشل الانتحاري في تفجير نفسه نتيجة عطل في جهاز التفجير، فإنه يعمل خلال فترة انتظاره على إقناع العامل في الكباريه -أحمد بدير- بترك العمل في هذه البؤرة الفاسدة بطريقة ساذجة. أو كما يقول عنها الناقد عادل عباس "طريقة هروبية من جانب المؤلف لعدم الغوص في العمق، والاكتفاء بأن من يرضي بواقعه يمكنه أن ينجو من خلال مناقشة قضية الحلال والحرام من دون النظر إلى الواقع البائس، وخصوصا الواقع الذي تعيشه الطبقات الفقيرة في المجتمع والذي يدفعها إلى أي عمل للاستمرار في الحياة". وانتقد عباس تطويل فقرة الغناء في الكباريه "لإظهار المنافسة بين الفنان خالد الصاوي المطرب المشهور والمطرب الناشئ إدوارد وتصوير الثرية العربية وهي تقف وراء شهرة الصاوي ووقوفها في نهاية الفيلم قبل تفجير المكان إلى جانب إدوارد". وتوقع النقاد المصريون للفيلم تحقيق إيرادات ضخمة، لأنه مصنوع بطريقة تجارية جيدة إلى جانب تحقيقه بطولة جماعية، إذا قام كل ممثل بدوره باحتراف جيد –حسب قولهم-.