كشفت محصلة التحقيقات التي باشرتها مصالح الأمن في الجزائر مع الموقوفين من شبكات الدعم والإسناد، أن القاعدة تلجأ إلى عدة أساليب في سعيها لتجنيد منخرطين جدد في صفوفها، منها الإغراءات المالية وتمويل المشاريع وحتى الشقق، قصد دعم مواقعها. يعتمد ما يسمى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي منهجية الإغراءات المالية وعرض المساعدة دون مقابل لتوريط الجزائريين في الانضمام إلى صفوفها. وأفادت اعترافات إرهابيين بأنه تتم دراسة الحالات الاجتماعية للأشخاص لتعرض عليهم المساعدة من طرف جهات مجهولة دون طلب مقابل، ليجدوا أنفسهم بعد فترة من الزمن بين المطرقة والسندان، خاصة بعد أن يفاجأوا بمصدر الإعانات.. فهم الآن يدينون للجماعات الإرهابية ومطالبون برد الجميل. وقد أكدت تقارير أمنية أعدتها مصالح الأمن أن الجماعات الإرهابية تسعى إلى جمع معلومات دقيقة ومفصلة عن بعض المواطنين من خلال توظيف عملائها الذين يتم نشرهم في مختلف الأحياء التي ترى فيها أرضية خصبة لاستقطاب ضعاف النفوس. ويتولى هؤلاء العملاء مهمة جمع معلومات عن مجموعة من الأشخاص تحمل أدق التفاصيل عنهم، لتنقل هذه المعلومات إلى قياديي التنظيم الذين يقومون بدراسة شاملة لكل حالة، ويتم من خلالها تعيين الأسماء المناسبة كي يتم الاستثمار فيها. فإما أن يُضمّ الشخص إلى معاقل القاعدة مباشرة لتجنيده ضمن كتائب الانتحاريين، وعادة ما يتم انتقاؤهم من ذوي السوابق العدلية ومستهلكي المخدرات، وحتى المبحوث عنهم، أو يتم تجنيدهم في جماعات الدعم والإسناد، وهؤلاء يتم اختيارهم من الأشخاص البعيدين عن المخدرات والسوابق العدلية لعدم إثارة الشكوك حولهم لدى مصالح الأمن. ففيما يخص الأشخاص الذين تقرر إدماجهم في جماعات الدعم والإسناد، فيتم إغراؤهم بالمساعدات المالية أو من خلال إيجاد حل لمشاكلهم الاجتماعية دون مقابل، ليعود هؤلاء الوسطاء إلى نفس الشخص بعد مدة من الزمن قد تبلغ شهورا لقصده في خدمة يراها الضحية بسيطة جدا مقابل الإعانة التي تلقاها، كأن يُكلّف بجمع بعض المعلومات أو ترصد بعض الأشخاص أو حتى نقل بضاعة ما إلى أناس مجهولين. ومنهم من يشتغل على هذا النحو شهورا عدة إلى أن يكتشف الأمر بنفسه ويجد نفسه متورطا وغير قادر على التراجع خوفا من الضغوطات التي قد يتعرض لها من طرف القاعدة وخوفا على مصيره ومصير عائلته. ومنهم من يبادر التنظيم بالكشف له عن هويته بعد أن يظهر ولاءه لهم وأنه محل ثقة وأهل للمسؤولية. وفي هذا السياق ذكرت مصادر أمنية على صلة بالملف، قضية المدعو مسعود عويسات، ذلك البناء البسيط، أب لأربعة أطفال، والذي قام المدعو عمار بن تيتراوي أمير كتيبة الفتح المتمركزة في جبال بوزفزة، والمكني يحيا أبو الخيثمة، باستغلاله بعدما قدم له شقة في مدينة قورصو، والذي انفردت ''الخبر'' بنشر تفاصيل قضيته سابقا، إذ تم توقيفه بتهمة تموين الجماعات الإرهابية بالأسلحة والذخيرة الحربية. وقضية مواطن آخر من إحدى المداشر الذي قدمت له الجماعات الإرهابية عن طريق أحد الوسطاء من أقربائه مبلغا ماليا لشراء سيارة يشتغل بها لإعالة عائلته، ليتفاجأ بعد مدة بمطالبته بعائدات المشروع، ويكتشف أنه متورط مع تنظيم إرهابي، لكن لحسن الحظ كانت نفس الجماعة تحت أعين الأمن، إذ تم القبض عليهم في حالة تلبس، لتتبين من خلال التحقيقات المعمقة معهم تفاصيل القضية. أما بالنسبة للانتحاريين، فعادة ما يتم استهداف ضعاف النفس والشخصية من متعاطي المخدرات، والشيوخ المعقدين والمصابين بإحباطات نفسية، أو الذين يئسوا من الحياة، أو حتى الأطفال والمراهقين من خلال انتهاج سياسات متباينة حسب شخصية الفرد، حيث يتم التأثير عليهم من خلال زرع أفكار تكفيرية في أذهانهم وإيهامهم بالجهاد، وإعطائهم أسسا خاطئة عن الدين، مستغلين في ذلك غياب الوازع الديني والثقافة الدينية لديهم. هذا وهناك من الأشخاص من يجد نفسه مجبرا على التعامل مع الجماعات الإرهابية ودعمها بالأموال من عائدات أرزاقهم، دون أن يستفيد من إعانات مسبقة، وهذا طبعا من خلال الإتاوات التي يفرضها الإرهابيون على المزارعين في المناطق المحيطة بمعاقل القاعدة نهاية كل موسم فلاحي، مثلما يحدث في نواحي بومرداس وما جاورها، وكذا من خلال فرض غرامات مالية على ناهبي الرمال مقابل تأمين المسالك خاصة في إقليم بومرداس، حيث يدفع هؤلاء غرامة 20 مليون سنتيم شهريا ثمنا لعبور غابة الشويشة من جهة حوش أحمد الموجود في زموري، وهو ما خلق علاقات حميمية غير عادية مبنية على المصلحة بين عناصر الجماعات الإرهابية وممارسي نشاط نهب الرمال، فضلا عن الغرامات التي تفرض على المهربين عبر المناطق الحدودية. وكانت قيادة الدرك الوطني قد لجأت إلى إصدار تعليمة بإطلاق الرصاص على ناهبي الرمال الذين لا يستجيبون للتوقف عند الحواجز الأمنية وكذا على المهربين. *المصدر : الجزائر- ريم.أ