جاءت انتخابات نقابة الصحفيين هذا الأسبوع فرصة لإخراج شحنة الضغط السياسي الذي تم تأجيله بسبب تأجيل انتخابات البرلمان ! ولأن تأجيل الانتخابات البرلمانية لعامين كاملين تمت باتفاق سياسي ((صمت الجميع)) رغم اهمية القرار وأهمية تأثيره على الحياة السياسية . وكان لابد من ((مولد)) انتخابي يمكن ((للسياسيين)) أن يمارسوا ((هواياتهم )) فيه فجاء المؤتمر العام الرابع لنقابة الصحفيين فرصة طيبة ! ولأن القوى السياسية بمختلف ((تشعيباتها الغريبة)) في اليمن لديها اذرع صحفية ..مؤقتة ودائمة ..! فكان لابد لهذه ((الصدامات )) أن تظهر ((في مؤتمر)) يفترض انه لنقابة مهنية ! وبغض النظر عن كل ما يمكن أن نورده من ملاحظات على المؤتمر وعلى عمل النقابة ..خلال العقدين الماضيين فأنه لابد لنا من تغليب العادة اليمنية الأصيلة وهي.. نسيان الماضي وعدم تقليب المواجع .. وخلينا اصحاب ..(و أولاد النهار ده ) ولنبدأ من جديد !! وبمناسبة حكاية خلينا نبدأ من جديد ..فلابد من التأكيد على ان هذه الحكاية حكاية يمنية أصيلة من أيام ((إنهيار سد مأرب إلى انهيار الحوارات السياسية !!)) لهذا مع كل إنتخابات ..لابد.. ان نبدأ من جديد !! اما اذا كنا نريد ان نبني تراكم خبرات .. ونؤكد على أهمية تدوير الوظيفة العامة ..فأن المنطق يقول نبدأ مما هو ممكن وواقعي .. ولتكن النقابات والاتحادات المهنية هي الخطوة الأولى التي نجسد فيها ((الحكم الرشيد)) والديمقراطية الحقيقية ومبادئ النزاهة والشفافية وعدالة التمثيل للوطن ! و أعود إلى نقابة الصحفيين اليمنيين لأقول أن أمام النقابة مهام جسام.. وهي في مرحلة يمكن ان نقول عنها ((الفرصة التاريخية )) لبناء ((نقابة مهنية)) جادة منتمية الى العصر وملتزمة مبادئ (الحوكمة) القائمة على تمثيل تطلعات الأعضاء وحمايتهم وإعادة الاعتبار إلى مهنة الصحافة وخلق روح الانتماء إلى المهنة لأن الواقع الحالي فيه من الألم بحيث لا يمكن أن ((نكتبه بصراحة)) أمام القراء.. بل يناقش في ((رواق النقابة بصدق)) والأخطر هو نظرة المجتمع للصحفي .. هل هي نظرة إيجابية ويرى في هذا الصحفي صاحب رسالة وموقف ام لا !!؟! وعلي هنا أن اذكر بما تناقلته وسائل الإعلام المختلفة قبل أسابيع حول واقعه صحفية بالمغرب الشقيق ((ولن أذكر امثلة من دول أوربية )) بل من المغرب الأقرب لنا والواقعه حول وقوف النقابة وأهل الصحافة في وجة ((زعيم سياسي )) اعطى لصحفي مبلغاَ من المال كمكافأة مقابل ان الصحفي اجرى حوارا معه .. واعتبرت الحادثة كارثة اخلاقية يراد منها جعل الصحافة بوق يشتري لمن يستطيع ان يدفع ورد السياسي بالقول بأن هناك من الصحفيين من تعود على ذلك وصارت لدى اهل السياسة انطباعات مسبقة انه لابد من ((دفع المعلوم مقابل النشر)) ! ولكن النقابة والصحيفة ردوا بعنف ودافعوا عن شرف المهنة وجعلوا القلة المنحرفة من الصحفيين خارج اطار المهنة والاهم خارج اطار احترام الزملاء واحترام المجتمع لن استرسل أكثر ولكن نحن بحاجة إلى ما هو اكبر وأقوى من مجرد ميثاق شرف ((لم يتفق علية حتى الآن ) نحن بحاجة إلى وقفة جادة لحساب الذات ومحاسبة عسيرة نخرج منها إلى إعادة الاعتبار للمهنة و بخطوات جادة ملموسة تضمن صون كرامة الصحفي ورفع مستوى معيشته وضمان استقلاله ونزاهته .. نحن بحاجة إلى إجراءات سريعة وصارمة تجعل الصحفيين القدوة في المجتمع من حيث الشجاعة والاستقلالية والنزاهة والانتماء إلى المجتمع بحاجة الى نقابة نقدمها القدوة في عملية (( الحوكمة )) وإتباع مبادئ الحكم الرشيد القائم على مبادئ احترام حقوق الإنسان والديمقراطية وضمان تكافؤ الفرص ..والعمل المؤسسي السليم.. وصدقوني .. لو أصلحنا بيتنا الصغير بجدية وقوة وعززنا من استقلاليته فأننا سنخدم أحزابنا ومؤسساتنا الكبيرة.. لأن رسل الكلمة الحرة والشجاعة يبقون ( هم القابضون على جمر الحقيقة ) والأكثر قدرة على التأثير وصنع المستقبل.. وأي بلد لا يعزز من حرية الإعلام ويقوي رسالته ولا يصون كرامة الصحفي.. سيبقى بلدا محكوما بالتخلف والقلق السياسي المستمر ! ورقة خاصة جدا ( من اخر ما كتبه الراحل الكبير محمود درويش ويصدر مطلع الاسبوع القادم في ديوان جديد بعنوان : لا أريد لهذه القصيدة ان تنتهي ) اذا كان لابد من قمر فليكن كاملاً ؛ ووصيا على العاشقة ! وأما الهلال فليس سوى وترٍٍ مضمرٍ في تباريح جيتارةٍ سابقة! وان كان لا بد من منزل ٍ فليكن واسعا ًَ, لنربي الكناري فيه..واشياء اخرى وفيه ممر ليدخل منه الهواء ويخرج حرّا وللنحل حق الاقامة والشغل في ركنه المهمل وان كان لا بد من سفرٍ فليكن باطنيا لئلا يؤدي إلى هدفٍ واما الرحيل فليس سوى شغف مرهفٍ بالوصول إلى حُُلُم قُدّ من حجر !