القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد «الأخيرة»    الأمم المتحدة.. الحاضر الغائب!!    وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان مبعوث برنامج الأغذية العالمي    تبعات الضربة الإيرانية على إسرائيل    خلال تفقده الانضباط الوظيفي في وزارتي النقل والأشغال العامة والنفط والمعادن    صحيفة امريكية تنشر تفاصيل عن عملية الموساد في إيران    الكيان الصهيوني و «تدمير الذات» سيناريو الحرب الكبرى وعبث نتنياهو الأخير!!    الفريق السامعي: الوطنية الحقة تظهر وقت الشدة    الصحة العالمية: ارتفاع حالات الوفاة والإصابة بحمى الضنك في محافظتين يمنيتين    عراقجي: امريكا واوربا تشجع عدوان اسرائيل والدبلوماسية لن تعود إلا بوقف العدوان    ثابتون وجاهزون لخيارات المواجهة    مسؤول روسي يؤكد أن موسكو يمكنها التوسط بين "إسرائيل" وإيران لتسوية الصراع وماكرون يعلق    إيران تستهدف العقل العلمي للاحتلال    إب.. إصابات وأضرار في إحدى المنازل جراء انفجار أسطوانة للغاز    العقيد العزب : صرف إكرامية عيد الأضحى ل400 أسرة شهيد ومفقود    حصاد الولاء    مناسبة الولاية .. رسالة إيمانية واستراتيجية في مواجهة التحديات    مرض الفشل الكلوي (8)    الرزامي: أكبر صرح طبي في اليمن ينهار    تعيين غاتوزو مدرباً للمنتخب الإيطالي    من يومياتي في أمريكا .. صديقي الحرازي    إيران تستهدف اسرائيل برشقة صاروخية جديدة    الاطلاع على سير العمل في الوحدات التنفيذية التابعة لمصلحة الضرائب    الحلف والسلطة يخنقون الحضارم بقطع الكهرباء    شعب حضرموت يفسخ عقد الزريقي    بدء حملة كلورة للمياه في ذمار    رئيس الوزراء يوجه بسرعة إطلاق العلاوات للجامعات والتربية والتعليم والصحة    البكري يرأس اجتماعًا لوكلاء القطاعات العامة ويناقش إعداد خطة ال (100) يوم    هيئة الآثار :التمثالين البرونزيين باقيان في المتحف الوطني    يوفنتوس يجهز عرضًا ضخمًا لجيوكيرس    وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان مبعوث برنامج الأغذية العالمي    معهد وايزمان تدميره أفقد إسرائيل مكاسب كثيرة    نائب وزير الخدمة المدنية ومحافظ الضالع يتفقدان مستوى الانضباط الوظيفي في الضالع    قوات الجيش تعلن إفشال محاولة تسلل شمال الجوف وتكبّد المليشيا خسائر كبيرة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 15 يونيو/حزيران 2025    محافظ ابين يوجه بمعاينة طريق ثرة والرايات البيضاء تواصل حوارتها لفتح الطريق    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    انهيار جزئي في منظومة كهرباء حضرموت ساحلا ووادي    الضالع.. رجل يفجّر قنبلة داخل منزله ويصيب نفسه وثلاثاً من أسرته    أهدر جزائية.. الأهلي يكتفي بنقطة ميامي    كسر وجراحة.. إمام عاشور خارج المونديال    العرب ومآلات الحرب الإيرانية الإسرائيلية:    اسبانيا تخطف فوزاً من رومانيا في يورو تحت 21 عاماً    اليغري كان ينتظر اتصال من انتر قبل التوقيع مع ميلان    حضرموت.. خفر السواحل ينقذ 7 أشخاص من الغرق ويواصل البحث عن شاب مفقود    بعد أيام من حادثة مماثلة.. وفاة 4 أشخاص إثر سقوطهم داخل بئر في إب    صنعاء.. التربية والتعليم تحدد موعد العام الدراسي الجديد    صنعاء تحيي يوم الولاية بمسيرات كبرى    - عضو مجلس الشورى جحاف يشكو من مناداته بالزبادي بدلا عن اسمه في قاعة الاعراس بصنعاء    سرقة مرحاض الحمام المصنوع من الذهب كلفته 6ملايين دولار    - اليك السلاح الفتاك لتقي نفسك وتنتصر على البعوض(( النامس))اليمني المنتشر حاليآ    اغتيال الشخصية!    الأستاذ جسار مكاوي المحامي ينظم إلى مركز تراث عدن    قهوة نواة التمر.. فوائد طبية وغذائية غير محدودة    حينما تتثاءب الجغرافيا .. وتضحك القنابل بصوت منخفض!    الترجمة في زمن العولمة: جسر بين الثقافات أم أداة للهيمنة اللغوية؟    اليابان.. اكتشاف أحفورة بتيروصور عملاق يقدر عمرها ب90 مليون عام    فشل المطاوعة في وزارة الأوقاف.. حجاج يتعهدون باللجوء للمحكمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



19 عاما.. ماذا حققت الصحافة اليمنية؟
نشر في سبأنت يوم 18 - 11 - 2009


صنعاء – سبأنت: حمدان الرحبي: تصوير هادي الشبوطي:
طوال 19عاما شهد اليمن الكثير من التغيّرات المهمّة لتشمل مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والتنموية وحرية التعبير والرأي، لكن تظل التعددية الصحفية والإعلامية هي الصورة البارزة في خريطة الوطن اليمني الموحّد، وارتبطت هذه التعددية بشكل مباشر بالتعددية السياسية التي كفلها الدستور.
أكثر من سبع أوراق عمل سلطت الضوء على الصحافة اليمنية خلال الوحدة اليمنية في ندوة وزارة الإعلام، التي أقيمت أمس الأول تحت عنوان "ندوة الصحافة اليمنية في ظل الوحدة.. النجاحات والإخفاقات"، وفيما أجمعت على المكاسب الكبيرة التي تحققت للصحافة وحرّية التعبير التي أتيحت لها، لكن هذه المكاسب لا تخلو من جوانب سلبية مرتبطة بدور الصحافة وتأثيرها المحدود في المجتمع، إضافة إلى الأرقام المتواضعة في التوزيع والطباعة وضعف المستوى المهني للصحفيين، وكانت النتيجة عدم قدرتها على تشكيل رأي عام ضاغط في المجتمع.
** البيئة القانونية:
منذ قيام الوحدة اليمنية أصبحت العلاقة مزدوجة بين الإعلام والديمقراطية من جهة والتعددية السياسية من جهة أخرى، وصار التعبير عن الرأي من خلال الصحف هو أكثر الأدوات تأثيرا وحيوية، ومع انفتاح حرية الصحافة كان لا بُد من تشريع ونصوص دستورية تؤكد على هذه الحق، فأصبحت حقيقة واقعية جسدتها قوانين وتشريعات بدءا بالدستور وقانون الصحافة والمطبوعات والقوانين المرتبطة بالتعددية والديمقراطية.
وتعتبر وكيلة وزارة الإعلام المساعد للشؤون القانونية والمرأة والطفل، فتحية عبد الواسع، أن قانون الصحافة والمطبوعات الصادر عام 1990، أقر حق حرية الصحافة والتعبير دون تمييز.
وتقول في ورقتها المعنونة "قانون الصحافة والمطبوعات ومدى تطبيقه على الواقع وإمكانية تطويره في ضوء المستجدات الحالية": "إن هذا القانون كان فاتحة خير لحرية الصحافة؛ لاستناده على أسس ديمقراطية مما جعله أفضل التشريعات التي صدرت في تاريخ اليمن الحديث لتنظيم حرية الصحافة".
وتضيف: "من أبرز مزايا هذا القانون أن نصوصه لم تتضمن أي شكل من الرقابة المسبقة أو المصاحبة لعملية الطباعة وإصدار الصحف".
وأشارت عبد الواسع إلى أن "بعض الصحف لا زالت غير مستوعبة أن الصحافة أضحت فنا وصناعة، حيث نجد أن أغلب ممن مُنحوا تراخيص لإصدار صحف عجزوا عن الاستمرار في إصدارها، والبعض الآخر منح تراخيص دون أن يصدرها, وبعضهم يتوقف عن الإصدار حتى قبل انتهاء المدة القانونية لإلغاء ترخيص الصدور، ويعاود الإصدار بغرض الحصول على الدعم والمزايا المالية في المناسبات الوطنية".
وأوضحت وكيلة الوزارة أنه "لم يبقَ من الصحف والمجلات المنتظمة وشبه المنتظمة في الصدور سوى 191 من إجمالي الصحف المرخصة البالغ عددها 497".
وأكدت فتحية عبد الواسع ضرورة أن ترتبط الحرية بالمسؤولية، على اعتبار أنه لا حرية بدون مسؤولية، فالحقوق تقابلها واجبات مرتبطة بمسؤولية الصحفي؛ نتيجة إخلاله بالواجبات التي شملها القانون ومحظوراته.
وقد يكون القانون 25 أفضل قانون لحرية الصحافة إلى ما قبل سنة 1990، لكن اتساع مجال الحريات وتطور العمل الصحفي والإعلامي جعل هناك حاجة ضرورية لتعديلات على نصوص كثيرة من القانون لتنسجم مع التوجهات الجديدة لحرية التعبير، مما يتطلب -بحسب وكيلة وزارة الإعلام- إعادة ترشيد التشريع وإحداث التغيير القانوني؛ لتصبح وسائل الإعلام الجماهيرية أداة للتأثير في الحياة العامة، وليست أداة بيد السلطة.
وتمنّت عبد الوسع في ختام ورقتها "مساحات أوسع من حرية الصحافة وحرية التعبير بما يتلاءم والمرحلة التي قطعتها اليمن في مسارها الديمقراطي من أجل وجود صحافة تعبّر عن ضمير مهني وشعبي مرتبط نشاطه بالرأي العام تأثيرا وتأثرا".
** الصحافة والنقابة:
تعتبر نقابة الصحفيين علاقة الصحافة بالوحدة والديمقراطية علاقة وجودية بعيدا عن التصادف الزمني.
وأكدت ورقة "صحافة الوحدة.. ودور نقابة الصحفيين في تنظيم المهنية" لنقيب الصحفيين ياسين المسعودي، ألقاها نيابة عنه الوكيل الأول للنقابة سعيد ثابت، أن النقابة تمكّنت بعد تحقيق الوحدة من الاضطلاع بدورها النقابي بصورة كبيرة، وإن ارتبط ذلك بوجود التأثير السياسي.
وأشارت الورقة إلى أن "النقابة صارت في ظل الوحدة أكثر التصاقا بالجانب المهني وأكثر جاهزية على الإسهام الفاعل في تنظيم المهنة".
ويشير نقيب الصحفيين إلى أن الواقع الذي يعيشه اليمن يجعل الصلاحيات والأطراف المعنية والمسؤولة عن ضبط جوانب المسؤولية وامتثالها عند ممارسة الحرية الصحفية تتوزع بدرجة من الشتات بين نصوص القانون وسلطاته التطبيقية، تنفيذية وعدلية، ويضاف إليها هذه المرة العمل في ظروف الأزمات التي تولّد الضغط وتفرضه التزامات تختلف وتتصادم حولها الأطراف ذات العلاقة بالعملية الصحفية".
ويذكر المسعودي أن "دواعي الأزمة الأمنية والسياسية هي الأقوى في تأثيراتها، لتقوم النقابة بمحاولاتها للحفاظ على ايجابية العلاقة الوطنية بين الطرف الحكومي والصحفي، خاصة ما صار يحمل الصفة المستقلة، وتمثلت البداية النقابية في اتجاه العمل على ضبط إيقاعات العمل في ظل الأزمات، وعقد لقاءات متواصلة بهدف إيجاد أرضية مشتركة تستقر عند الحد المطلوب من التوافق المهني الوطني".
ولفت نقيب الصحفيين إلى أن النظام الأساسي وميثاق الشرف يعدان بمثابة العقد المهني والوطني لالتقاء الصحفيين اليمنيين في إطارهم النقابي. وبالاطلاع على بنود مشروع الميثاق وأهداف النقابة سنجد أنها تمنح الأولوية للثوابت الوطنية الوحدوية والديمقراطية والمبادئ المهنية.
ويعترف المسعودي في ورقته بأن "شبكة ومنظومة القوانين والأنظمة والمواثيق لم تفلح في تحقيق القدر المطلوب من الاستقرار المهني". مؤكدا أن نزعات التفسير التآمري ما تزال هي الطاغية، وعند تطبيق القانون تتباين التأويلات وتتولد الاشتراطات بوجود قضاء نزيه للقبول بإنفاذ أحكامه.
ودعا المسعودي في ورقته إلى عقد لقاءات تشاورية بين جميع المكونات المرتبطة بالصحافة والتفكير في إيجاد آلية تنقل مكونات وأطراف العملية الصحفية من حالة التنافر إلى وضعية التفاهم التي تضع التعبير عن الرأي الآخر في نصابه.
** الصحافة والرأي العام:
تقاس قوة الصحافة في أي بلد بمدى تأثيرها على الرأي العام وتشكيل توجهاته واهتماماته، وقد أصبحت في بعض الدول تقود اختيارات المواطنين في الانتخابات، وفي تحديد أولوياتهم الحياتية وطرق معيشتهم.
أما في الدول النامية فإن الصحافة لم تستطع إلى الآن تحقيق هذه الوظيفة المهمّة؛ لأسباب عديدة، ناقشتها أربع أوراق عمل، قُدّمت في الندوة.
حيث اعتبرت ورقة "دور الصحافة في تشكيل الرأي العام" لأستاذ الاتصال المساعد في كلية الإعلام - جامعة صنعاء، الدكتور عبد الملك الدناني: أنه لا يمكن لأي صحيفة أن تشكل رأيا عاما ضاغطا بشفافية إلا في ظل مساحة واسعة وحقيقية من حرية الرأي والتعبير.
ويقول الدناني: "إن الصحافة اليمنية شهدت تطورا مهما منذ الوحدة اليمنية، وتجسّد هذا التطور الصحفي بشكل واضح في الزيادة العددية للإصدارات التي تجاوزت 400 صحيفة ومجلة".
أما التطوّر النوعي في مضمون الخطاب الإعلامي الموجه إلى الرأي العام المحلي، فيرى الدناني أنه "انعكاس للأوضاع السياسية السائدة، فهناك صحف تساهم بدور سلبي في تعبئة الرأي العام بمعلومات خاطئة تكون من نتائجها زيادة ثقافة الحقد والكراهية لدى المواطنين".
وأشار أستاذ الاتصال إلى "أن الضغوط المهنية التي تتعرض لها الصحافة اليمنية تحد من عملية الإبداع في تكوين رأي عام محلي. فأولويات الصحفيين تكمن في تنفيذ توجهات مالك الصحيفة أو الجهة التي تتبعها".
وقسّم الدناني الصحفيين اليمنيين إلى قسمين، "الأول: الصحفي الموظف الذي يعمل وفقا لمزاج مسؤوله في الجهة التي يعمل فيها، تحت تأثير ضغط الحاجة، فيكتب ما لا يتوافق مع مبادئه واتجاهاته. والصنف الثاني: الصحفي المبدع الذي يتمتع باستقلالية في عمله، ويحصل على راتب مجزٍ، يوفّر له معاناة البحث عن فرصة عمل أخرى".
ويلفت إلى أن الصحافة اليمنية تفتقر إلى امتلاك البنية التحتية المتكاملة، والعديد منها لا يمتلك مطابع خاصة به.
ويؤكد "الصحافة اليمنية لا توظِّف فنون التحرير وأساليب الجذب والتشويق المختلفة، فمثلا: تخلو معظم الصحف من الصورة الصحفية المعبِّرة المؤثرة، كما أن فن التحليل الإخباري الذي يجذب القُراء إليه نادرا ما يظهر في صفحات الصحف".
وانتقد الدناني ضعف وقصور النسخ المطبوعة من الصحف اليمنية بمختلف أنواعها.
ويقول: "من أبرز التحديات التي تواجه الصحافة اليمنية محدودية انتشارها في أرجاء الوطن، ما أدى إلى محدودية تأثيرها في تشكيل الرأي العام".
وبحسب الدناني فإن النسخ المطبوعة من الصحف اليمنية على مختلف اتجاهاتها لم تصل إلى أكثر من 35 ألف نسخة في الصحافة الأهلية، و25 ألفا في الصحافة الرسمية، والصحف الحزبية عن 15ألف نسخة. فضلا عن المرتجع من هذه النسخ.
ويوضح الدناني "أن الصحافة الحقيقية هي التي تصنع الأحداث، وتهيِّئ المسرح لوقوعها، والصحافة اليمنية لم تستطع القيام بتشكيل رأي عام محلي".
** التوزيع والمهنية:
من جانبها ترى رئيسة تحرير صحيفة "يمن تايمز"، نادية السقاف، أن الصحافة اليمنية لا تستطيع أن تؤثر في الرأي العام اليمني لسببين.
وبحسب ورقتها "مدى نجاح الصحافة في تشكيل رأي عام" فإن السبب الأول: متوافق مع ما جاء في ورقة الدناني في أن الإعلام المقروء لا يصل إلا إلى 30 بالمائة من السكان، وغالبا ما يكون قراء الصحف هم ممن يكتبون فيها، إضافة إلى أن اهتمامات الناس مركزة على الجانب السياسي.
أما السبب الثاني: فهو غياب المهنية والمصداقية في الإعلام اليمني ككل، وبالذات في الصحافة التي تمتلك مساحة أكثر للتحرك بسبب وجود صحافة أهلية خارج سيطرة الدولة إلى حد ما.
وترى السقاف أن "على وسائل الإعلام إذا ما أرادت أن تكون أكثر اتصالا بالجماهير وأكثر فاعلية في تكوين الرأي العام أن تقوم باختيار وتحديد موضوعات وقضايا معيّنة للنقاش، وتكون مرغوبة لجمهور الرأي العام، وتفرض درجة من الأهميّة للموضوعات التي يناقشها الرأي العام".
ومع ذلك تؤكد السقاف "أنه لا توجد أية استجابة لما ينشر في الصحف بشكل عام، فخلال الأسبوعين الماضيين قمت بمسح يومي عن الأخبار والتقارير التي تنشر في الصحف الأهلية، ووجدت أن 20 بالمائة تتحدث عن قضايا المجتمع، على الأقل نصفها بسبب بلاغات شخصية، وجعل القضية الشخصية قضية رأي عام".
وتعتبر السقاف أن ضعف المهنية ربما يكون بسبب قصر عُمر الصحافة الحديثة الذي لا يزيد عن 20 عاما، خاصة وأن الكثير من روّاد الصحافة القدماء لم ينقلوا تجربتهم إلى الأجيال الحالية.
وسبب آخر لغياب المهنية -بحسب السقاف- يرجع إلى الصحفي نفسه: "عدم وجود قُراء يؤدي إلى عدم اكتراث الصحفيين بالمهنية، ومن ثم خسارة القُراء أنفسهم، وهكذا ندور في حلقة مفرغة، تكون نتيجتها أن نجد أنفسنا بلا قُراء وبلا صحافة".
وتدعو السقاف الصحافة إلى "تبنِّي قضية وطنية للخروج من هذه الدائرة المفرغة، تقوم بتبنيها بجدية، وجعلها قضية رأي عام مع متابعتها حتى النهاية، إلى أن نكسب ثقة القراء ونعيد للسلطة الرابعة مكانتها في اليمن".
** ثلاثة بورتيهات:
وفي نفس إطار عنوان ورقة السقاف جاءت ورقة رئيس تحرير صحيفة "الوحدة" الرسمية، حسن عبد الوارث، الذي تساءل عن مدى نجاح الصحافة المحلية في تشكيل الرأي العام.
وقال: "إن المشهد الصحفي في اليمن يتجسّد في ثلاثة بورتيهات أساسية، الأول: رسمي، يفتقر إلى كثير من شروط الحيوية والحرية والقدرة على مواكبة التغييرات الإعلامية المتلاحقة في العالم، والثاني: حزبي مقولب في إطار الحالة التي تعيشها الأحزاب القائمة في المشهد العام، وجاء إعلامها انعكاسا سافرا للأحزاب ذاتها، أما الثالث: فهو المشهد الصحفي الخاص، مع التنويه أنه لا يوجد في البلد ما يمكن اعتباره إعلاما أهليا. فالصحافة الأهلية القائمة حاليا هي إما شخصية مملوكة لأفراد، أو مأجورة بالباطن لجهة ما سياسية حزبية قبلية تجارية، وبالتالي لا يمكن لهكذا صحافة أن تؤدي دورا حقيقيا في مضمار التأثير على الرأي العام، ناهيك عن تشكيله!".
ويخلص عبد الوارث إلى أن الظاهرة الصحفية اليمنية لم تتأسس لها القواعد والشروط التي تكسبها هوية ديمقراطية ومهنية خالصة، تجعلها تسهم بشكل مؤثر في العملية المجتمعية.
** الإعلام الرسمي:
أما رئيس تحرير صحيفة "الشارع"، علي السقاف، فيعتبر أن بعض الصحف الرسمية بدأت بتغيير سياستها وخطابها الإعلامي مما جدد وعزز الثقة بها.
لكن بالمقابل، يقول رئيس تحرير "الشارع": "إن بعض القائمين على الصحافة الرسمية ما يزال لا يفرِّق بين صحافة الدولة وصحافة الحزب الحاكم، وقد أدى ذلك إلى نتيجة سلبية على أداء الإعلام الرسمي".
وبحسب علي السقاف فإن "الإعلام الرسمي التلفزيوني والإذاعي والصحف الرسمية شهدت تطورا إلى حد معقول في الآونة الأخيرة، إلا أنها بحاجة إلى مزيد من التطوّر والتحديث مهنيا وتقنياً".
وأكد أن "للصحافة والإعلام دورا بارزا في تشكيل رأي عام ضاغط، مستدلا بما حدث في صعدة، حيث استطاع الإعلام الرسمي أن يكشف الحقائق والتعامل مع ما يدور بشفافية ووضوح أكثر، وهو ما أدى إلى تغيّر العديد من المفاهيم حول أحداث صعدة".
** الصحافة والفساد:
لا يمكن الحديث عن مكافحة الفساد دون صحافة قوية تساهم بشكل مباشر في مكافحته. وبحسب ورقة نائبة رئيس الهيئة العامة لمكافحة الفساد، الدكتورة بلقيس أبو أصبع، فإن الإعلام يعتبر من أعمدة نظام النزاهة، في مكافحة الفساد بما يمتلكه من قوة في الوصول إلى المجتمع والحصول على المعلومات وتأثيره الكبير في الرأي العام.
وتأكيدا على هذه العلاقة فإن الهيئة -بحسب أبو أصبع- تعتبر أن ما يُنشر من قضايا الفساد في الصحف، والتي تستند على الوثائق والمصداقية تمثل بلاغات رسميّة للهيئة. وقالت إن "الهيئة تلقت حوالي 33 بلاغا صحفيا، منها ما هو منشور في صحف، ومنها ما هو منشور في مواقع الكترونية مختلفة".
ولفتت إلى أن الهيئة قامت بإنشاء إدارة لتلقي البلاغات، كما تم إحالة 11 قضية فساد إلى النيابة العامة.
وأوضحت أن الإعلام سيكون محورا أساسيا في الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي سيتم إطلاقها الشهر المقبل، مما يجعلها رافدا لمكافحة الفساد.
وأشارت أبو أصبع إلى أن الهيئة تسعى إلى إدماج مكافحة الفساد في وسائل الإعلام؛ لأنها شريكة أساسية في محاربته، فكلما وجد إعلام قوي ونزيه، كلما زد دوره في مكافحة الفساد، وبالتالي يزيد معه الوعي المجتمعي في محاربة هذه الظاهرة وصولا إلى تحقيق التنمية الشاملة.
** لا رقابة على الصحف:
وزير الإعلام، وفي مداخلته في الندوة، أعطى مقارنة لما كانت عليه الصحافة قبل تحقيق الوحدة، وذكر أنهم كانوا يظلون يقرؤون يوما كاملا الصحيفة قبل صدورها، مثل صحيفتي "الصحوة" و"الأمل". أما الآن -فبحسب اللوزي: "لا توجد رقابة مسبقة، ومستحيل أن تتورط الوزارة في ذلك".
لكنه بالمقابل أكد على وجود كثير من جرائم النشر التي ترتكب من قبل بعض الصحف، مشددا على أن الوزارة سوف تكون حريصة على حماية المهنة وتطبيق القانون، معتبرا أن قانون الصحافة غايته حماية ورعاية حرية الصحافة.
وجدد تأكيده بأن وزارة الإعلام لم توقف أي صحيفة من الصدور، ولا يمكن لها ذلك، فما قامت به الوزارة هو حجز نسخ من الأعداد المخالفة لقانون الصحافة، وتضمنت جرائم تنتهك حرية الصحافة، داعيا المتظلمين من إجراءات الوزارة إلى الذهاب إلى القضاء. وذكر اللوزي أن الوزارة حجزت إحدى الصحف قبل أيام حين كانت على مشارف الصدور، بعد تناولها في مضمونها كلام يمسّ المعارضة.
وأوضح اللوزي أن التراخيص لإصدار أي صحيفة مكفول لأي شخص أو جهة، لكنه أشار إلى وجود طالبي تراخيص لا يلتزمون بالشروط القانونية التي يتم منح التراخيص وفقها.
صحيفة السياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.