تطرح قضية المصافي البدائية المخفية في صحاري وادي حضرموت سؤالًا مباشرًا عن موقع عمرو بن حبريش وحلفه القبلي النتهي الصلاحية مما يجري على الأرض، لا بوصفه شأنًا هامشيًا، بل ملفًا يمس ثروة حضرموت وصحة أهلها وبيئتها. فمن غير المفهوم أن يلتزم هذا الصمت الطويل تجاه نهب منظم للنفط الخام عبر مصافٍ بدائية تعمل خارج أي رقابة، وتنتج مشتقات مخالفة للمواصفات تُباع للمواطنين وتتسبب بأضرار جسيمة لسياراتهم وللبيئة. هل يعقل أن يجهل بن حبريش ومن حوله وجود هذه المصافي، وقد كُشف عن نحو عشرين مصفاة تنتج قرابة عشرة آلاف برميل يوميًا بطرق بدائية؟ أم أن التجاهل مقصود لأن الملف لا يخدم حسابات ذاتية ضيقة؟ الأسئلة تتكاثر، والإجابات غائبة، بينما الواقع يتحدث عن تلوث ممتد ونهب مكشوف.
الأكثر إثارة للقلق أن خطاب الدائرة الإعلامية المحيطة بحلف بن حبريش يعيش ارتباكًا واضحًا. مرة يتحدثون باسم حضرموت، ومرة يذوبون في أجندات الآخرين. لا موقف ثابت ولا رؤية متماسكة. تارة مع اليمن وتارة ضده، مرة مع العليمي ومرة في خصومة لفظية معه، ومرة مع الإصلاح ومرة يتبرأون منه. هذا التذبذب لا يعكس حرصًا على حضرموت، بقدر ما يكشف توظيفًا انتهازيًا لاسمها.
وفي خضم هذا التخبط، تُنسى تمامًا القضايا الجوهرية التي يزعمون الدفاع عنها، وعلى رأسها الحكم الذاتي وحقوق حضرموت الحقيقية. يتحول الخطاب إلى ترديد رسائل جاهزة لا تمت لحضرموت بصلة، سوى المتاجرة باسمها عند الحاجة، بينما يُترك المواطن وحده في مواجهة التلوث ونهب الثروة.
إن التشدد اللفظي ورفع الشعارات لا يصنع موقفًا، ولا يحمي مصالح الناس. والواقع يؤكد أن الحديث المتكرر عن مصلحة حضرموت لم يكن سوى غطاء لتنمية مصالح خاصة. وكما جرت العادة في مسار القضية الجنوبية، فإن الزمن كفيل بفرز المواقف. في كل مرحلة يظهر من يعمل لأجل الناس، ومن يعمل لأجل اللحظة.