حلف القبائل بين النشأة الشريفة والانحدار السياسي والوطنية المغشوشة التي لبسها بن حبريش على مقاسه شبوة برس – مصعب عيديد في زمن اختلطت فيه الأوراق وتاهت البوصلة السياسية وسط ضجيج الشعارات البراقة التي يرفعها أشخاص يتوارون خلف ستار الوطنية المزيفة، يبرز مشهد عبثي جديد يتزعمه من ادعى أنه حامل لراية الوطن، لكنه في الحقيقة لم يكن سوى عنوان لمرحلة من التزييف السياسي واللعب على الحبال القبلية. ذلك هو بن حبريش، الذي قرر أن يلبس الوطنية الملوثة ثوبًا أخضر لامعًا ظاهره براءة وباطنه دسيسة وخداع وتحايل على وعي الناس. تحالف مع هياكل قبلية هشة صارت أداة لتكريس المصالح الشخصية وضرب فكرة الدولة في مقتل، بلغة ناعمة وبوجه اجتماعي متنكر يتغنى بالخصوصية الحضرمية، لكنه في الواقع يزرع الانقسام ويسوق الوهم على أنه مشروع وطني. لقد حول بن حبريش حلف قبائل حضرموت من كيان جمعي إلى جيب سياسي صغير يخدم مشروعه الشخصي، يحشد الولاءات ويعقد الصفقات باسم الحلف الذي تأسس في الأصل ليكون صوتًا للناس لا صوتًا لشخص واحد. لقد لبس ثوب الوطنية، لكنه نسي أن الوطنية الحقيقية لا تهادن الفساد ولا تتواطأ مع مراكز القوى، ولا تصمت عن النهب أو تغض الطرف عن معاناة الناس. الوطنية ليست حشدًا قبليًا ولا ميدانًا للاستعراض الإعلامي الفارغ. بن حبريش غلف الفشل بلون أخضر وزينه بكلمات ناعمة، ظنًا منه أن الوعي الجمعي يمكن خداعه، لكنه نسي أن الناس باتت تميز بين من يحمل القضية ومن يتاجر بها، بين من يمثلهم بصدق ومن يمثل عليهم. الوطنية فعل وانتماء وموقف من الظلم، لا تحالف مع أمراء الفوضى ولا مهادنة لتجار الشعارات. ومن المؤسف أن يتحول مشروع الحلف إلى لافتة عريضة تخفي خلفها فراغًا سياسيًا وعجزًا عن الفعل وافتقادًا للرؤية. لقد تم تجريد الحلف من جوهره وتحويله إلى تكية سياسية تُستدعى وقت الحاجة، ثم تُركن بعد أن تؤدي مهمتها. تلوثت الفكرة عندما اختزلها بن حبريش في شخصه، وتحولت إلى أداة دعائية تُرفع عند الطلب وتسقط عند أول امتحان حقيقي. ومهما تلون الخطاب وتبدلت الأزياء السياسية، يظل الفعل أصدق من كل الكلمات، ويظل التاريخ لا يرحم أحدًا، فكم من شعارات رفعت وسقطت، وكم من رموز صُنعت وانهارت، وكم من حلف نبيل أُفرغ من مضمونه وتحول إلى وسيلة للصعود الفردي. هذا بالضبط ما حدث حين قرر بن حبريش أن يجعل من الوطنية سلعة قابلة للتأويل حسب المزاج السياسي، فألبسها ثوبًا أخضر دون أن يدرك أن الثياب لا تغير الجوهر، وأن الفساد إن تلون يبقى فسادًا، وأن الزيف مهما تأنق يبقى زيفًا.