الرهوي: الحكومة ستعمل على تسهيل كل التحديات التي تواجه قطاعي الزراعة والثروة السمكية    امتداد لانتهاكات ممنهجة تطال الصحافة.. النقابة تدين الحكم الحوثي بحق المياحي وتطالب بإطلاقه    تعز.. وقفة نسائية تطالب بتوفير الخدمات الأساسية في مقدمتها الماء    "حماس" تدين جريمة استهداف منزل عائلة الطبيبة النجار وارتقاء أطفالها التسعة شهداء    الأرصاد يتوقع طقساً حاراً إلى شديد الحرارة وينصح بالوقاية من أشعة الشمس المباشرة    موجة إلغاء الرحلات الجوية لا تزال تعصف بمطار (بن غوريون)    انطلاق أول رحلة للحجاج اليمنيين من مطار صنعاء إلى جدة    هل تنفجر مشاكل المنطقة في حج هذا العام؟    المصري محمد صلاح يتوج بجائزة رابطة الدوري الإنجليزي كأفضل لاعب هذا الموسم    إصابة 3 مهاجرين بنيران سعودية وانفجار جسم من مخلفات العدوان بصعدة    صوت صعفان الهادر في وجه الصمت والفساد والارتهان    ارتيريا تفرج عن 37 صيادا يمنيا بعد شهر من احتجازهم ومصادرة قواربهم    يمنيون بالقاهرة يحتفلون بالذكرى ال35 للوحدة اليمنية    الصحة العالمية: وفاة 10 أشخاص وإصابة نحو 13 ألف بالكوليرا في اليمن خلال الثلث الأول من 2025    في ذكرى رحيله العاشرة    صنعاء حين تربينا على الصبر    الاعتراف المهين للهزيمة    توجس من حدوث مصادمات عسكرية بين العمالقة وقوات "درع الوطن العليمية" في شبوة    الانتقالي أوفى بوعده ونقل المعركة إلى حدود اليمن والجنوب    للمرة الرابعة.. نابولي يتزعم إيطاليا    لاس فيجاس تحتضن نزال القرن    «ليكيب»: الهلال أرسل عرض إنزاجي.. وجالتييه بديلا    استعمرتم بلدي باسم الدين واليمنِ    قراصنة يختطفون 16 بحارا من أبناء الشحر    حقول نفط شبوة تسعف كرباء عدن ب 100 ألف برميل نفط    "الصحيفة" يتوَّج بكأس اليوم العالمي لمكافحة التدخين في #شبوة بعد مباراة مثيرة أمام "الاستقلال " بعتق    ملتقى مشائخ ووجهاء اليمن يعزّي بوفاة الشيخ ناجي بن جعمان    الاتحاد الأوروبي يطلب توضيحا بشأن تهديد ترامب بفرض رسوم بنسبة 50%    محافظ شبوة اللواء العولقي يدعو للالتفاف حول القائد ويكشف لأول مرة الأسباب الحقيقية وراء إعلان الانفصال    اليمنية تحدد موعد بدء تفويج الحجاج من مطار صنعاء الدولي    اليمنية تحدد موعد بدء تفويج الحجاج من مطار صنعاء الدولي    رونالدو يكشف "عمره البيولوجي" ويثير الجدل حول موعد اعتزاله    خطوة مفاجئة.. مانشستر يونايتد يعرض جميع لاعبيه للبيع!    الحميات تتفشى في عدن وسط غياب الدور الحكومي    وقفات بمأرب وتعز تضامنا مع غزة وتنديدا بالفشل الدولي في وقف الإبادة    الإنسان بين الفلسفة والدين    الخطوط الجوية اليمنية تعلن البدء بتفويج الحجاج من مطار صنعاء اعتبارا من الغد    مطاوعة وزارة الأوقاف يحتكرون "منح الحج المجانية" لأنفسهم    نداء شعب الجنوب العربي إلى العالم لإغاثته من الكارثة الإنسانية    اكثر من (8000)الف حاج وحاجه تم عبورهم عبر منفذ ميناء الوديعه البري مديرية العبر بحضرموت    السعودية:محمد عبده يعتذر.. ورابح بديلا في العلا    الذهب يرتفع ويتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي في أكثر من شهر    انخفاض أسعار النفط بفعل ارتفاع الدولار    برشلونة يجدد عقد رافينيا بعد تألقه تحت قيادة هانزي فليك    دراسة صادمة تكشف ما قد يفعله الهاتف الذكي بعقول الأطفال!    تحذير هام صادر عن أعضاء الجمعية العامة في بنك اليمن والكويت بصنعاء    العراسي: صغار المودعين يواجهون اشكاليات وحلول الودائع لم تنفذ ووقف التعيين والتكليف مبرر لابقاء الفاسدين    إعلان هام للمتقدمين لاختبار المفاضلة بكلية الهندسة جامعة صنعاء    تصاعد موجات التفشي الوبائي بتعز .. تسجيل الصحة آلاف الإصابات بخمسة امراض خلال اقل من نصف عام    تحرير بلا احتفال: عيد الوحدة في ميدان الغبار    جامعة سيئون تمنح ثلاث درجات دكتوراه بامتياز في اللغة والأدب    وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة غرقًا في ساحل صيرة بعدن    في الذكرى ال35 : الوحدة اليمنية ... بين التدخلات الخارجية وحروب الثلاثمئة عام!    رسالة أستاذ جامعي!!    صنعاء .. التربية والتعليم تحدد موعد بدء العام الدراسي القادم    تقييم هندسي: "شجرة الغريب" في تعز مهددة بالانهيار الكامل وسط تجاهل رسمي    باب الحارة يفقد أحد أبطاله.. وفاة آخر فرد بعائلة "أبو إبراهيم"    جراء الإهمال المتعمد.. انهيار قلعة تاريخية في مدينة يريم بمحافظة إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صوت صعفان الهادر في وجه الصمت والفساد والارتهان
نشر في يمنات يوم 24 - 05 - 2025


مصطفى بن خالد
رَعْد القبيلة والحقيقة :
الشيخ عبده محمد آل بشر...
صوت صعفان الهادر في وجه الصمت والفساد والارتهان .
في بلدٍ نُكبت بالخيانات أكثر من الحروب، وتحوّل فيه كثير من الشيوخ إلى سماسرة للدم، والسياسيين إلى صدى للممول، يبرز أسم الشيخ والنائب عبده محمد آل بشر كاستثناءٍ نادرٍ، وموقفٍ ثابت لا يعرف التلوّن .
لا يتحدّث هذا الاسم عن مجرد برلماني مخضرم، ولا فقط عن وزير سابق تمرد على منصبه، بل عن رجلٍ خرج من عمق الأرض اليمانية، من مديرية صعفان بن سبأ التي تنبت البن الفاخر كما تنبت الشجعان، ومن سلالة قبيلة يام بن حاشد بن همدان، إحدى أعمدة التاريخ السبئي، التي لم تنكسر رغم العواصف .
عبده آل بشر لم يكن يوماً شيخاً بالوراثة فقط، ولا نائباً بالمجاملة، بل كان دائماً حيث يكون الواجب .
يجمع في شخصه بين هيبة القبيلة، وصدق الموقف، وجرأة الكلمة .
رجلٌ لم يساوم على شرفه السياسي، ولم يبع ولاءه في سوق المصالح، بل ظلّ من القلائل الذين قاوموا الانحدار الوطني، وواجهوا الطغيان من الداخل، دون أن ينتظروا حماية خارجية أو لجوءاً سياسياً .
هو الصوت الذي هدر من صعفان لا ليطالب لنفسه، بل لينطق بلسان شعب جائع ومقهور ، يُساء له باسم الدين والوطن، وتُسرق حياته على يد تجار الحرب، والعمالة والارتزاق .
وحين صمت الجميع خوفاً أو طمعاً، إرتفع صوته كما يرتفع هدير وادي ( المعاين ) بعد المطر... صادقاً، عارماً، عصيّاً على الإخماد، ولا غرابة في ذلك، فهو من بلدٍ أنجبت ملك العرب، علي بن محمد الصليحي، حيث الجذور ضاربة في أعماق المجد التليد، والرجال تُصاغ من معدن الوفاء لا من طين التقلب والانحدار .
بين الجذور والواجب
ينحدر الشيخ عبده محمد آل بشر من سلالة قبيلة يام العريقة، التي أشتهرت عبر القرون بالشجاعة ( قاتلة جبانها ) والحكمة، وبأنها كانت درعاً للضعفاء، وصوتاً لا يساوم في وجه الظلم والطغيان .
غير أن عبده آل بشر لم يتعامل مع هذا الإرث المشرّف كمجرد حكاية يرويها للتباهي، ولا كوشاح يعلّقه على كتفه في المجالس، بل حمله كما تُحمل الأمانات الثقيلة .
فبالنسبة له، الإنتماء إلى هذا التاريخ لم يكن مظهراً، بل جوهراً يتحوّل إلى فعل، ومسؤولية تُمارس في كل موقف، ومنهج حياة لا يقبل التبدل .
لقد فهم أن المجد الحقيقي لا يُورَّث فقط، بل يُصان بالمواقف، ويُثبت بالفعل لا بالنسب، فكان أينما حلّ امتداداً أصيلاً لقيم قبيلته، وترجمة حية لمعنى أن تكون ابن هذا الوطن لا زينةً له، بل درعاً وسنداً .
من النيابة إلى الوزارة...
والناس أولاً
من مقعده النيابي إلى موقعه الوزاري، مروراً بمحطات صاخبة في ميادين النقد والمعارضة، لم يكن عبده محمد آل بشر يوماً مجرد مسؤول يتلو الخطابات، بل حاملاً لهمّ الناس على كتفيه، وصوتهم في كل قاعة، ولغتهم حين صمتت الألسنة .
بقي وفياً لمبدأٍ لا يتغير، مهما تغيرت المقاعد والمناصب :
الوطن والشعب أولاً، ثم كل شيء بعدهما
لم تغرِه السلطة، ولم تُرعبه متاهات القرار، ولم تكمّ فمه الأبواب الموصدة .
ظلّ صوته حيّاً في الساحات، وملامح حضوره محفورة في وجدان البسطاء، لا لأنه وعد، بل لأنه أوفى، لا لأنه علا، بل لأنه انحاز لمن هم في الأسفل .
رغم تناهي سنه إلا إنه نسج مسيرته من خيوط الجذور النقية، وواجبٍ لا ينهض إلا على إيمان راسخ بأن الكرامة ليست منحة تعطى، بل حقّ يُنتزع، ويُحمى، ويُصان.
وأن الوطن لا يُبنى بالشعارات، بل يُشيَّد على أكتاف رجالٍ يرفضون المساومة، ويضعون الولاء للأرض والانسان فوق كل ولاء .
نعم... " الوطن والشعب أولًا "
لم تكن عنده مجرد عبارة، بل قَسَم حياة، ومبدأ لا يتزحزح، في زمنٍ خان فيه كثيرون الوطن .
صوت لا يُشترى
منذ أن دخل قبة البرلمان نائباً عن دائرة صعفان عام 1997، لم يكن الشيخ عبده محمد آل بشر مجرد ممثلٍ لأهله، بل ضميرهم الحي، وصوتهم الذي لا يخفت، ولسانهم الذي لا يساوم .
لم يجلس تحت القبة ليكون رقماً في الحضور، بل ليكون موقفاً يمشي على قدمين، يُجاهر بما يعتقد، ويدافع عما يراه حقاً، مهما علت الكلفة أو اشتدّ الخصم .
في زمنٍ تحوّل فيه البرلمان — في كثير من محطاته — إلى جوقة تردد صدى السلطة لا صدى الشعب، كان آل بشر استثناءً نادراً، يُحرج الصامتين بصوته، ويذكّر المتلونين بأن للمقاعد ثمناً إذا ارتبط بالكرامة، لا بالصفقات .
لم تكن النيابة عنده سلّماً نحو الجاه، بل ساحة نزال لأجل البسطاء؛ ولم يكن خطابه مدروساً لإرضاء نافذ، بل منحوتاً من وجع الناس، ومصقولاً بصدق الانتماء لهم .
نائب لا يُشترى، لأنه ابن مدرسة لا تعرف البيع، ولا ترضى بالصمت حين تكون الكلمة موقفاً، والموقف شرفاً .
رفض أن يكون كرسيّ النيابة تذكرة عبور إلى الامتيازات، أو مظلّة تُطوى تحتها المطالب .
ظلّ صوته حرّاً لا يُشترى، ومواقفه عصيّة على الاحتواء، حتى في أحلك اللحظات التي انكفأ فيها كثيرون، أو تماهوا مع موجات الفساد والخذلان .
كان عبده آل بشر الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاهله في المعادلة السياسية، رجل المرحلة حين خفتت الأصوات وتراجعت القيم .
لا يساوم على مبادئه، ولا يهادن في قضايا الناس، لأنه ببساطة :
اختار أن يكون ممثلاً للأمل، لا للسلطة .
منصب لا يُغري...
وفساد لا يُرهب
حين أُسندت إليه حقيبة وزارة الصناعة والتجارة، لم يرَ فيها عبده محمد آل بشر سلّماً للمجد الشخصي، ولا بوابةً للترف السياسي، بل مسؤولية ثقيلة وميثاق شرف أمام الناس والتاريخ .
لم يغره بريق المنصب، ولم يُخرسه صدى الكراسي الوثيرة، بل دخل إلى دهاليز الوزارة بنَفَس الإصلاح، وعينٍ مفتوحة على مواطن الخلل .
وفي وقتٍ كانت فيه الوزارات تُدار كإقطاعيات، وكان الصمت عنواناً للنجاة، إختار أن يفتح الملفات لا أن يُغلقها، وأن يُعلن الفساد لا أن يُجمّله .
كان أول من مزّق جدار الصمت من داخل الوزارة، كاشفاً قضايا نهب منظّم لمقدّرات الدولة، رافضاً أن يكون شاهد زور في مسرحية العبث .
فدفع الثمن كما يفعل الأحرار دائماً :
أُقيل، شُوّهت صورته، وانهالت عليه سهام التشويه من كل حدب، لكنه لم ينكسر، ولم يتراجع، لأن المبدأ عنده لا يُؤجَّر، والحق لا يُقايض .
قبيلة تقول...
ورجلٌ يفعل
في وطنٍ تتداعى فيه أركان الدولة، وتتهاوى مؤسساته تحت ركام الفوضى والفساد، كثيراً ما تبقى القبيلة آخر الحصون، وآخر ما يربط الإنسان بجذوره وهويته .
لكن حين تتعفّن السياسة وتُختطف القيم تتحول أحياناً إلى عبء، أو أداةٍ في يد الطامعين .
هنا فقط يظهر الفارق بين شيخٍ يعتلي القبيلة، ورجلٍ ترفعه القبيلة لأنها تعرف معدنَه .
عبده محمد آل بشر هو ذاك الفارق .
لم يتكئ على وجاهته القبلية ليجمع النفوذ أو يفرض السطوة، بل جعل منها سُلّماً لصوت المظلوم، ودرعاً يحتمي خلفه الضعفاء لا المتنفذون .
مارس الانتماء القبلي كمسؤولية أخلاقية، لا كامتياز وراثي، وكوسيلة لحفظ السلم لا لاستدعاء الفوضى .
إنه من القلائل الذين نقلوا القيم القبلية من المجالس إلى ميادين الفعل السياسي، وجسّدوا معاني الشرف والنزاهة والنخوة كأدوات لبناء الدولة لا لتهديمها .
رجلٌ حين تقول قبيلته، يُنفّذ بضمير رجل الدولة، لا بسلطان شيخ القبيلة .
حين يصبح السكوت خيانة
في زمنٍ تحوّل فيه البرلمان إلى قاعة صمتٍ ثقيل، لا يكسره إلا همس المصالح أو صوت الخضوع، كان عبده محمد آل بشر استثناءً عنيداً، لا يهادن، ولا يساوم، ولا يختبئ خلف الخطابات المنمّقة .
ظلّ من القلائل الذين تكلّموا حين صمت الجميع، وصرخوا حين بلع الآخرون ألسنتهم، رافضاً أن يكون الصمت غطاءً للخوف أو شريكاً في الجريمة .
رغم تحالفه السياسي السابق مع جماعة الحوثيين، لم يتردد في مواجهتهم حين انكشفت الأقنعة، وتجلّى الفساد، وتحوّل الحكم إلى سلالية وشبكة من النهب والقمع .
وقف تحت قبة البرلمان، وصوته يعلو في وجههم بلا مواربة:
" الناس تموت جوعاً... وأنتم تتاجرون بالوقود ."
ثم قالها كما لا يجرؤ كثيرون :
" هذه ليست دولة... هذه مافيا ."
لم تمنعه التحالفات القديمة من قول الحقيقة، لأن البوصلة عنده ليست الولاء السياسي، بل كرامة الناس وحقهم في الحياة .
فكان صوته صوت الشعب، وجرأته صدى الغضب المكتوم في صدور المقهورين .
استقالة تساوي ألف خطاب
ليست كل استقالة انسحاباً، فبعضها طلقة في وجه الزيف، وصفعة في وجه الفساد .
وحين قدّم الشيخ عبده محمد آل بشر استقالته من منصبه كنائب لرئيس مجلس النواب، لم ينسحب من مشهد، بل دخل التاريخ موقفاً لا يُنسى .
الورقة التي سلّمها لم تكن مجرّد إجراء إداري، بل كانت بياناً واضحاً : " أنا لا أُجمّل الكذب، ولا أُغطي العفن ".
كان يعرف أن الاستمرار في منصب يُزيّنه اللقب بينما تُديره من خلف الستار شبكة المصالح والفساد، هو نوع من الخيانة، فاختار أن يخرج بشرف، بدل أن يبقى كديكور سياسي في مسرحية مفضوحة .
استقالته لم تكن نهاية الطريق، بل بداية فصل جديد من المواجهة، مواجهة يعلم تماماً أن ثمنها قد يكون حياته .
لكنه لم يساوم، لم يغادر إلى الخارج، لم يحتمِ بالحدود، بل بقي في الداخل، في مرمى التهديد، واقفاً في وجه من توعدوه بالقتل فقط لأنه رفض أن يصمت .
تلك الورقة التي سُلّمت يوماً ما، لم تكن مجرّد استقالة... كانت ألف خطاب، وخارطة شرف، ونقطة فاصلة بين من ينكسر، ومن يبقى واقفاً، مهما كانت الرياح عاتية .
في وطنٍ أعتاد على الخطب الرنانة بلا أفعال، كانت استقالته وحدها تساوي ألف خطاب...
لأنها قالت ما لا يُقال، وثبّتت في الوعي الجمعي أن الكرامة لا تُدار من كواليس السياسة، بل من قلب الموقف، حين يكون الثمن غالياً، والحق أوضح من كل بيان .
الخلاصة :
رجلٌ لا يُشترى...
وصوت لا يُخاتل
في زمنٍ اختلطت فيه الأدوار، وتبدّلت فيه المعايير، وباعت فيه كثير من الوجوه اليمنية مواقفها في مزادات الولاءات والعمالة والانتهازية، بقي عبده محمد آل بشر استثناءً نادراً، ورمزاً ناصعاً لشيخٍ لا يُشترى، ونائبٍ لا يُستدرج، ورجلٍ لا يتحدث إلا حين يصبح الكلام واجباً لا يُؤجَّل .
في مشهدٍ سياسيٍ متقلب، انهارت فيه الثوابت، وصارت المناصب غنائم، والصمت فضيلة مدفوعة الثمن، تمسّك آل بشر بخيط المبدأ، ووقف حيث يجب الوقوف، متحرراً من حسابات الربح والخسارة .
حمل صوته كأمانة، وموقعه كمسؤولية، وتاريخه كدرع لا يُطعن من الخلف .
وإنصافه اليوم، ليس مديحا
في غير موضعه، بل عدالة مؤجلة، ووفاءٌ لرجلٍ لم ينصفه الإعلام كما ينبغي، لأنه قال الحقيقة في زمنٍ كانت فيه الحقيقة وحدها تُعدّ خيانة، والصراحة تهمة، والمواقف الواضحة مشروع إقصاء أو اغتيال .
إنه ببساطة :
صوتٌ لا يُشترى، وضميرٌ لا يُساوم، ورجلٌ من معدنٍ نادر... حين صار المعدن الرخيص هو السائد .
عبده محمد آل بشر...
رجلٌ من زمنٍ آخر، من سلالة رجالٍ كانوا يشترون المواقف بالكرامة، لا يبيعونها على موائد المساومة ولا يداهنون اللئام .
إنه من زمن الملوك التبابعة...
حين كان السمو اليعربي زاداً للرجال، لا سلعة في أسواق المصالح ونخاسة الأوطان .
من حائط الكاتب على الفيسبوك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.