دخلت أزمة الحكم في موريتانيا نفقا مظلما بعد أن أصدر با مامادو امباري رئيس مجلس الشيوخ مرسوما يستدعي الناخبين لانتخاب الرئيس في الثامن عشر تموز(يوليو) المقبل . ومع أن حيثيات المرسوم الذي هز الساحة السياسية الموريتانية، ذكرت الاعتماد على نصوص بينها اتفاق المصالحة في داكار، فقد اعتبرت المعارضة الموريتانية أن المرسوم أصدر بأمر من الجنرال ولد عبد العزيز لنسف المفاوضات التي كان مقررا أن تبدأ الخميس بين اطراف الازمة بإشراف الرئيس السنغالي عبد الله واد. وقررت المعارضة بجميع أطيافها تنظيم مسيرة احتجاجية اليوم ضد صدور المرسوم "الانفرادي" وللدعوة للحوار والمصالحة. وتقدم ستة مرشحين للرئاسة أمس بطعن إلى المجلس الدستوري ضد مرسوم رئيس مجلس الشيوخ (رئيس الجمهورية بالإنابة). وأكد المرشحون أن الإجراء المذكور مناقض للدستور ولاتفاق داكار. ووقع على وثيقة الطعن المرشحون أحمد ولد داداه ومسعود ولد بلخير ومحمد جميل ولد منصور وحمادي ولد أميمو واعل ولد محمد فال ومحمد السالك ولد هيين. وقال الرئيس الدوري للجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية السيد بيجل ولد حميد "إن المرسوم الصادر عن رئيس مجلس الشيوخ السيد با امباري وحكومة الانقلابيين بخصوص دعوة هئية الناخبين وفتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية يعتبر عودة للأجندة الأحادية للجنرال المعزول وهو رجوع لانتخابات 06 -06 المرفوضة"، مضيفا أن الجبهة "غير معنية به بشكل من الأشكال اضافة إلى أنه خروج عن الروح الجماعية لاتفاق داكار. وندد القيادي في الجبهة ورئيس حزب تواصل (التيار الاسلامي) جميل منصور بالمرسوم الصادر عن نائب الرئيس المنصب من الجيش. وقال انه في القوت الذي نستعد فيه لاستقبال الوفود المفاوضة فوجئنا بهذا المرسوم وهو امر مؤسف للغاية وشعبنا لا يتحمل الفشل. وفي تصريح صحافي آخر قال النائب محمد المصطفى ولد بدر الدين الناشط في الجبهة المناوئة للانقلاب إن المرسوم الذي أصدره رئيس مجلس الشيوخ باستدعاء هيئة الناخبين يمثل محاولة من الجنرال محمد ولد عبد العزيز لقطع الطريق على الوسطاء والعودة إلى الأجندة الأحادية بشكل فج وغير منطقي. وقال ولد بدر الدين إن ولد عبد العزيز "يعد بشكل واضح للسباق مع نفسه، ويحاول وضع مزيد من العراقيل والأشواك أمام الوسطاء الدوليين". وأضاف النائب بدر الدين إن "مهلة اليومين التي أعلن عنها البيان المذكور تبدو محاولة لمنع المنافسين من الترشح وليس لإتاحة فرصة لذلك،مؤكدا أن المعارضة ستتعامل مع الموضوع بما يلزم". وقال بدر الدين "ننتظر تصرف الوسطاء خلال اليومين القادمين، وجديد مواقف جناح ولد عبد العزيز، لنعرف هل لايزال هؤلاء بالفعل يرغبون في الحوار،أم أنهم يسعون بشكل قاطع إلى قتل فرصة التوافق وإنهاء الأزمة". وأكد ولد بدر الدين "أن المعارضة جاهزة للخيارات كلها،وإذا كان ولد عبد العزيز مصرا على العودة إلى المربع الأول فإنها ستعمل بكل جدية من أجل وضع حد للأجندة الأحادية". واعلن تجمع "من أجل موريتانيا" المعارض في تعليق له على المرسوم أن "الانقلابيين أصدروا مرسوما أعلنوا فيه عن فتح باب الترشح وقدموا دعوة لهيئة الناخبين، وجاء المرسوم مليئا بالتناقضات كدليل على حالة الفوضى واللاقانون التي تعرفها موريتانيا منذ انقلاب 06 أغسطس حيث زعم موقعوه أنه يؤسس على اتفاق داكار ولم يطرحوا على أنفسهم سؤالا حول توقيع السيد محمد ولد معاوية على المرسوم بوصفه وزيرا للداخلية مع أن اتفاق داكار منح حقيبة وزارة الداخلية للمعارضة". وأضاف التجمع الذي يضم مئات الأطر والشخصيات السياسية والأكاديمية "أن هذا المرسوم محاولة أخرى من الجنرال الانقلابي وطاقمه لافشال اتفاق داكار والالتفاف عليه بعد أن أدرك أن حظوظه في الوصول إلى الشوط الثاني باتت معدومة في ظل منافسين أقوياء اذا كانت الانتخابات شفافة ونزيهة". وتابع وقع المرسوم من قبل رئيس مجلس الشيوخ السيد باممادو الملقب امباري الذي عارض الانقلاب أياما قليلة قبل أن يخضع لتهديدات الانقلابيين بفتح ملفات في حقه تتعلق بالفساد المالي ويرضى بالمشاركة في عملية الانقلاب على الدستور الموريتاني وخيار الشعب مقابل وقف لجنة التحقيق عملها ضده ومنحه رئاسة صورية لايملك معها أية سلطة من أي نوع ولم تشفع له حتى بتعليق صوره في المكاتب العمومية أو السفارات الموريتانية في الخارج. وكان الوسطاء الدوليون قد أنهوا عصر الثلاثاء في داكار جلسات التفاوض مع أطراف الأزمة دون الاعلان عن التوصل لحل معضلة المجلس الأعلى للدولة. وأصدرت المجموعة بيانا أعلنت فيه عزمها إيفاد بعثة إلى موريتانيا برئاسة الرئيس السنغالي عبد الله واد يومي الخميس والجمعة. وأكد البيان أن مجموعة الاتصال والوسطاء الدوليين، تسجل بارتياح ما أسمته التقدم الملاحظ في التعامل مع نقطة العقبة الأخيرة المتعلقة بتطبيق بنود اتفاق دكار.وأوضح البيان أن مجموعة الاتصال الدولية الخاصة بموريتانيا، والتي حضر جميع أعضائها، تسجل بارتياح إرادة الأطراف الرامية إلى بذل كل الجهود من أجل التوصل على حل لنقطة الخلاف التي كانت على جدول الأعمال ، وذلك من أجل تطبيق توافقي وتشاوري لاتفاق دكار. كما تسجل تجديد الأطراف التزامها وتعلقها بتطبيق اتفاق دكار، كإطار وحيد تدعمه المجموعة الدولية لحل الأزمة الموريتانية، بغية تمكين البلاد من العودة إلى الحياة الدستورية. وشددت مجموعة الاتصال الدولية تشجيعها لكافة القيادات السياسية الموريتانية على بذل الجهد من أجل تحقيق الآمال التي علقها الموريتانيون على اتفاق داكار. وفي إطار دعم الجهود الدولية، وكذا الإرادة التي عبرت عنها الأطراف من أجل مواصلة تطبيق اتفاق دكار، فقد تقرر،يضيف البيان، إيفاد بعثة رفيعة المستوى إلى موريتانيا برئاسة الرئيس السنغالي عبد الله واد، وتضم في عضويتها رئيس لجنة الاتحاد الإفريقي جان بينغ، ومفوض الأمن والسلم في الاتحاد الإفريقي رمضان لعمامرة، والمبعوث الشخصي للزعيم الليبي ورئيس الاتحاد الإفريقي معمر القذافي، والمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى غرب إفريقيا سعيد جنيت، وممثلين عن كل من مجموعة الاتحاد الأوربي، ومنظمة المؤتمر الاسلامي، وجامعة الدول العربية والمنظمة الدولية للفرانكفونية، ومجموعة الدول الإفريقية الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، إضافة إلى جميع أعضاء مجموعة الاتصال الدولية الخاصة بموريتانيا. وتتلخص مهمة هذه البعثة حسب بيان مجموعة الاتصال الدولية، في العمل لتهيئة أجواء مناسبة وتصالحية لمواصلة تطبيق اتفاق دكار بدون تأخر، من أجل تنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدها المقرر يوم 18 القادم. وأشار البيان إلى أن مجموعة الاتصال الدولية تدعو كافة الشركاء الدوليين إلى اتخاذ التدابير الميدانية بشكل سريع من أجل تقديم الدعم اللوجستي والفني الذي التزمت به وذلك بغية تنظيم الانتخابات في موعدها، بشكل حر وشفاف ونزيه. القدس العربي