دعا عدد من الأكاديميين والسياسيين في اليمن السلطة إلى تبني حوار وطني شامل مع كل الأطراف والجماعات ولا يستثني أحدا ، وبما يكفل بسط نفوذها على كل اليمن وذلك للخروج من أزمة المشهد السياسي الذي تعيشه اليمن . وأتفق المشاركون في الأمسية الرمضانية التي نظمها موقع ( التغيير نت )مساء أمس الجمعة حول " الحرب في صعدة والحراك في الجنوب " والتي ادارها الاستاذ عبد الباري طاهر، على أن الحوار بين السلطة والحوثيين وليس الحرب هو الحل للخروج من أزمة الحرب السادسة التي تدور رحاها في صعدة . الأمسية التي افتتحها الزميل عرفات مدابش رئيس تحرير الموقع بالترحيب بالحاضرين والتأكيد على أن تنظيم الأمسية يأتي كجزء من نشاط الموقع الإعلامي والسياسي وجزء من الدور الملقي على عاتق النخبة في الوقوف أمام مثل هكذا مشاكل وأزمات , والمشاركة في معالجتها . ووقف المشاركون على تداعيات الحرب ونتائجها الكارثية على مستقبل دولة وشعبا ، معربين عن أسفهم من التكلفة الإنسانية التي خلفها والتي قالوا إن أسبابها سياسية بحتة ، وتكلفتها تمثلت في قتل الآلاف من المواطنين وتشريد ونزوح عشرات الآلاف من أبناء اليمن . و فيما ، طرح بعض المشاركين أن جل أسباب اندلاع حرب صعدة هي المشكلة الاقتصادية ، قال الكاتب والسياسي نجيب غلاب إن طبيعة النظام السياسي القائم في اليمن غير قادر على استيعاب التحولات الثقافية والفكرية والسياسية الموجودة في الواقع ، مشيرا إلى وجود نخبة سياسية هي من تهيمن على الحراك السياسي في البلاد وهي من تديره فعليا في حين المؤسسات الحكومية غائية وليست سوى مظاهر . كما أضاف غلاب أن جماعة الحوثي بحسب اعتقاده ما هي إلا جزء من تصدير الثورة الإيرانية إلى اليمن ، داعيا إلى تدخل خارجي لحل أزمات اليمن . أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور عبد الله الفقيه قال فيما أعتبرها نظرية إن أصل مشكلة حرب صعدة هي التركيز المذهبي للسلطة وأن الحرب في صعدة هي حرب زيدية – زيدية ، مشيرا إلى أن الصراع بين السلطة والحوثي هو صراع على الكرسي وأن هذا الصراع له جذور تاريخية , وأكد الفقيه أن جماعة الحوثي ليست مجرد مجموعة أشخاص يحاربون كرد فعل لما واجهوه من قبل الدولة بل هي حركة سياسية تجري فيها رغبة الحصول على السلطة مجرى الدم . مجددا : أن الحديث عن الحسم العسكري في صعدة غير مجد لان الحرب تزيد جماعة الحوثي قوة وأن الحوار واحتواء الدولة للحوثي هو الحل على حد قوله . السيد عبد الرحمن الجفري ، رئيس حزب رابطة أبناء اليمن أرجع سبب الحرب في صعدة إلى غياب المواطنة المتساوية والتي تقوم على ثلاثة قواعد هي العدالة في توزيع الثروة والسلطة والديمقراطية والتنمية الشاملة في كافة أرجاء البلاد ، مجددا دعوة حزبه الى الحوار الشامل الذي لا يستثني أحدا والى الأخذ بنظام الدولة المركبة أو الفيدرالية التي اقترحها للخروج من الأزمات التي تعيشها اليمن . وقال الجفري : إن حزب رابطة أبناء اليمن عندما طرح مقترح الفيدرالية للخروج من الأزمة لم يضعه فقط لما تعيشه اليمن حاليا وإنما لبناء دولة بمفهومها الحقيقي ، مضيفا أن تاريخ اليمن انقسامي ولم يسبق أن استمرت دولة لعقود طويلة . وفي حين أكد الجفري أن التنوع يمكن أن يصبح ثروة إذا أحسنا التعامل معه معربا عن قلقة من خطورة حرب صعدة , وافقه الرأي الدكتور خالد الفهد رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء مضيفا : أن مبدأ التعددية السياسية الذي اتخذته اليمن يتشرط وجود نضج ووعي سياسي لدى الشعوب التي تعمل بهذا المبدأ مشيرا إلى غياب مؤسسات الدولة وعدم تغلغلها في المجتمع وضعف الأجهزة الأمنية واحتكار السلطة فضلا عن الفساد المنتشر في الأجهزة الحكومية أسباب فاقمت من أزمة المشهد السياسي الذي تعيشه اليمن حاليا . أما الدكتور عبد الباري دغيش ، عضو مجلس النواب فقد قال إن ما تعيشه اليمن من أزمات هي امتداد لازمات ومشاكل عاشتها في حقب وفترة تاريخية سابقة , مضيفا أن تجربة الديمقراطية وثقافة القبول بالآخر في هذا البلد ناشئة ، مرجعا ذلك إلى ظهور عدد من مظاهر الكراهية والحقد المناطقي بين أبناء البلد الواحد ، مما أدى إلى تفاقم الأزمات. الدكتور عبد الباقي شمسان ، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء ، أكد أن الأزمة تكمن في إدارة الدولة والمجتمع مشيرا، إلى أن تجربة صهر كل الهويات في هوية وطنية واحدة غير ناجحة , مضيفا : أن الوحدة اليمنية وسعت من رقعة الخطاب الشافعي أكثر من الزيدي وهو ما جعل جماعات تشعر بنوع من الإقصاء أدى ذلك إلى سعيها لاستعادة مكانتها في السلطة عن طريق السلاح, لافتا إلى حاجة اليمن إلى بناء نظام سياسي يعكس كل هويات وآمال المجتمع اليمني بشرط بنائه على مفهوم ومبدأ المواطنة المتساوية . من جهته أرجع محمود قياح من مدير البرامج مؤسسة " فريدرش آريبرت " الألمانية ، الذي تحدث بصفته الشخصية ، في مداخلته الأزمة إلى غياب دولة المؤسسات ، منتقدا عدم استطاعة الدولة بكل رجالاتها معالجة كافة قضايا ومشاكل الطافية في السطح ومحاولة معالجتها بأنصاف الحلول مما أدى إلى تراكم المشاكل والدخول بالبلاد في أزمة. وتساءل قياح: لماذا لم تستفد الدولة من كل الحروب التي خاضتها مع الحوثيين في صعدة , مستنكرا عدم خضوع أو تقديم أي مسئول عسكري في القوات الحكومية نتيجة فشلها الذريع في إنهاء التمرد في صعدة. أما الأستاذ عبد الباري طاهر ، الكاتب والصحفي المعروف ، في مداخلة له انتقد إقحام الجانب الديني في الحديث عن حرب صعدة , كما انتقد إغفال المد السلفي " رغم خطورته " في الحديث عن أبعاد وتداعيات الصراع الطائفي . وقال طاهر: يجب أن لا تكون الدول طرفا في التعليم الطائفي لأنها فقط مسئولة عن تعليم المواطن التعليم المدني, مضيفا أن الحرب في صعدة حرب أهلية حرب قابيل وهابيل وهي حرب لا تحل بالحرب.