انتقل الجدل الدائر في الوسطين السياسي والصحافي في اليمن حول مشروع قانون حكومي خاص بالإعلام المرئي والمسموع والإلكتروني ، الى مرحلة من المواجهة بعد أن قررت نقابة الصحفيين اليمنيين اليوم الاثنين حشد جميع منظمات المجتمع المدني وشركائها في الاتحادين الدولي والعربي للصحفيين لمؤازرتها في توجهها لإسقاط هذا المشروع على اعتبار أن موضوع الصحافة والإعلام لا يعني فقط نقابة الصحافيين وإنما كل الأطراف السياسية والحقوقية والاجتماعية بما في ذلك المواطنين أصحاب المصلحة الأساسية في الديمقراطية والحرية. مشروع القانون-(نصه الكامل)- الذي خلق له مناهضين كثر وأثار لغطا واسعا في الساحة ، تقول مصادر مستقلة انه ما يزال في طور المراجعة ، وجرى تسريبه من أروقة الحكومة ونشره عبر الصحافة المحلية على نحو أثار حالة من الرعب والمخاوف الحقيقية صحفيا ، والسياسية في سياق تسجيل الاهداف ، مستبعدة ذات المصادر اقراره من قبل الحكومة وإرساله إلى البرلمان بذات الصيغة التي قال بأنها تيعيد البلاد للماضي الشمولي. انتقادات لاذعة نقابة الصحافيين اليمنيين قالت في بيان لها الاثنين تقلت" الوطن " نسخة منه إنها تتابع بقلق بالغ ما أسمتها ب"عملية الإغراق الحكومي بمشاريع قانونية خطيرة تتعلق بالصحافة والإعلام وحرية التعبير خلال الأيام القليلة الماضية"، كان أخطرها مشروع قانون الإعلام السمعي والبصري، ومشروع تعديلات قانون الجرائم والعقوبات، ومشروع قانون الصحافة والمطبوعات، ومحاولة فرضها بكل الطرق. وأضاف البيان , أن نقابة الصحفيين تعبر عن صدمتها الكبيرة تجاه ما ورد في مشروع قانون الإعلام السمعي والبصري والإلكتروني المقدم من وزارة الإعلام لرئاسة الوزراء، وتعده مشروعا كارثيا بكل المقاييس، فهو يجرم كل من يفكر بامتلاك وسيلة قناة تلفزيونية أو محطة إذاعية أو موقعا إخباريا إلكترونيا، موضحا أن النقابة ترى في المشروع المذكور مشروع جباية أموال، ويعبر عن ردة تشريعية تكشف عن العقلية الشمولية التي صاغته ولم تتمكن للأسف من الانفكاك عن الماضي الذي اتسم بالسيطرة على وسائل الإعلام. وشددت النقابة أنها تجد نفسها مضطرة لتذكير وزارة الإعلام التي وضعت المشروع أن الحرية هي ما يتحقق أولا من خلال الصحافة ووسائل الإعلام المختلفة، وإن عن طريق حرية الصحافة والإعلام تكتسب الدول والحكومات هذا العدد الكبير من الفضائل، ولا جدوى في انتخابات ما لم يكن هناك من يستطيع أن يخبر عما يفعله، مؤكدة أنه بدون التدفق الحر للأفكار والمعلومات، وبدون التحاور والنقاش المفتوح والمستمر للآراء والآراء المختلفة بواسطة وسائل إعلام حرة ومستقلة ومتعددة، لا يمكن التأميل في الوصول إلى الحقيقة, متسائلة: كيف يمكن لأي مجتمع أن يدعي أنه حر إذا لم يكن يملك تلك الحرية؟. وقالت النقابة "إن الحكومة معنية بضرورة قيام قطاع إعلامي نابض بالحيوية والنشاط، مع صحف وإذاعات ومواقع على الإنترنت ومحطات تلفزيون متنافسة مستقلة، يتيح لهذه الأصوات بأن تُسمع آراؤها للحكومة وللمسؤولين، فبإمكان هذه الوسائل تسليط الأضواء على المشاكل، وتشجيع المواطنين والمسؤولين الحكوميين على معالجتها، وتمكين حتى المعدمين من الناس من خلال منحهم المعلومات الحقيقية، والكل يستفيد إذا سنحت للفقراء فرصة تحسين أوضاعهم والمشاركة في الفرص التي تتيحها حرية التعبير، والصحافة الحرة، وإتاحة فرص العمل والاستثمار في هذا القطاع". وأضافت "إذا ما كان لدولة ما أن تتمتع بالتفوق السياسي والاقتصادي الذي تمكنها سيادة القانون من إحرازها، فمن الضروري أن تبقى مؤسساتها القوية مفتوحة أمام مراقبة الشعب الدقيقة لها، وإذا كان يُراد للتكنولوجيا والعلوم أن يتقدما، علينا تبادل الأفكار علناً وفي ساحة التنافس الحر والمسؤول بعيدا عن عقلية الإقصاء ووضع العراقيل السالبة لأي توجه لتحرر وسائل الإعلام, وإذا كان للحكومات أن تحظى بالتقدير لكونها خاضعة لمساءلة ومحاسبة الشعب، فإن وسائل الإعلام الحرة المستقلة ضرورية لتحقيق عملية الرقابة والمحاسبة". وجددت النقابة رفضها الكامل لمشروع قانون الإعلام السمعي والبصري، الذي قالت إنه يعبر عن تراجع واضح عن التوجهات المعلنة بتحقيق المزيد من الديمقراطية وحرية والصحافة والإعلام، مؤكدة على أن هذا المشروع جاء مخيبا لآمال الوسط الصحفي راميا بعرض الحائط كل مطالب النقابة بتطوير العمل الإعلامي وإتاحة كل الفرص للمواطنين في الحصول على المعلومات بكل حرية وشفافية. التزام بالمحددات كما جددت النقابة تمسكها بإعلان صنعاء حول تحرير وسائل الإعلام العربية وحق المواطنين في إنشائها الصادر عن المؤتمر الإقليمي لمنظمة اليونسكو الذي انعقد في صنعاء 1996، وببيان صنعاء الصادر عن المؤتمر الإقليمي لدول الديمقراطيات الناشئة الذي عقد في صنعاء 1999 الذي نص على أهمية تحرير وسائل الإعلام الرسمية وأهمية إصدار تشريعات تتضمن حماية الصحفي وعدم محاسبته على رأيه، وإعلان صنعاء الصادر عن المؤتمر الإقليمي لحقوق الإنسان ومحكمة الجنايات الدولية الذي انعقد في صنعاء 2004. وأكدت النقابة التزامها بالمحددات الخاصة بأي مشروع قانون يتعلق بالصحافة ووسائل الإعلام المختلفة الذي أقرته في اجتماعها الموسع عام 2006، والتي تضمنت, أي المحددات ب"تحرير ملكية وسائط الصحافة والإعلام وإعطاء الحق للأفراد والمؤسسات في امتلاكها وخاصة وسائل الإعلام المسموعة والمرئية", و"التأكيد على حرية تدفق المعلومات وحق الصحفي في الحصول عليها وتسقط الأخبار من مصادرها وفي مواقع الأحداث وضمان حمايته وعدم تعرضه للخطر أو للإيذاء أثناء ممارسته لمهنته", و"تعزيز دور الصحافة والإعلام في خدمة الديمقراطية والتنمية وتحقيق الشفافية التي من شأنها خدمة المجتمع ومحاربة الفساد من خلال تطوير وتحسين العلاقة بين المجتمع والدولة", إضافة إلى "التمييز الواضح بين القواعد القانونية المنظمة لمهنة الصحافة والإعلام في إطار الدستور والمواثيق الدولية وبين الضوابط التي تتحول إلى عوائق ومحظورات تقيد حرية الصحافة وتنتقص من حرية التعبير وتعيق الصحافة عن القيام بدورها باعتبارها أهم أشكال التعبير الديمقراطي", و"توصيف قضايا النشر بما يتناسب مع طبيعتها وافتراض حسن النية فيها وتجنب مقاربتها مع الأفعال والجرائم الجنائية المباشرة إلا ما يتصل بقضايا السيادة". كما تضمنت تلك المحددات "إلغاء أي محظورات تتعلق بممارسة المهنة والاكتفاء بميثاق الشرف الذي يجب أن يتفق عليه الصحفيون أنفسهم واعتبار القضاء مرجعية في قضايا النشر ومنع حبس الصحفي احتياطياً أو سجنه كعقوبة أو إغلاق الصحيفة أو وقف أي وسيلة إعلامية وأن لا تتجاوز العقوبات التأديبية المالية على الصحفي 50% من راتبه الشهري", و"تحويل الإشراف على الإعلام إلى مجلس أعلى للإعلام يشرف عليه مجلس الشورى المنتخب بمشاركة ممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني من أجل تحويل الإعلام إلى إعلام قومي". وأهابت النقابة في ختام بيانها "بدور أعضاء مجلس النواب الذين أولاهم الشعب ثقته واستودعهم مصالحه لحمايتها في عدم التجاوب مع هذا المشروع الذي يضع كل العراقيل أمام حرية إنشاء محطات الإذاعة والتلفزة وتدفق المعلومات وممارسة الإعلام لدوره في التنمية والتنوير والمشاركة الفاعلة في صنع التحول الديمقراطي لليمن الجديد". لمحة على المشروع الحكومي يذكر أن مشروع القانون الذي يتضمن 77 مادة موزعة على 13 فصلا جرم تملك الأحزاب السياسية لقنوات فضائية أو إذاعية، واشترط على من يريد الحصول على تصريح لامتلاك أي وسيلة إعلامية دفع رسوم مالية مرتفعة تدفع لميزانية الإعلام الحكومي، رابطا تجديد التراخيص كل عامين برسوم موازية للتي دفعت أثناء الحصول على الترخيص. كما حدد رسوم طلب التراخيص على النحول التالي: 30 مليون ريال رسوم الحصول على ترخيص لإنشاء قناة تلفزيونية، 20 مليون ريال رسوم الحصول على ترخيص لإنشاء موقع الكتروني، 10 ملايين ريال رسوم ترخيص استخدام جهاز البث (الإرسال) الفضائي SNG، 15 مليون ريال رسوم ترخيص خدمة الرسائل الإخبارية وبالوسائط المتعددة عبر الهواتف المحمولة. وكان وزير الإعلام حسن اللوزي اعتبر في تصريحات صحافية أن معارضي المشروع ممن وصفهم ب "الأصوات المرتجفة " يجهلون الإلمام بمشروع القانون الذي اعده قانونا متخصصا سياديا ينظم موجات الطيف الترددي التي هي ملك صميم للدولة فيما يتعلق بالإذاعات وقنوات التلفزيون والاتصالات عموما، على حد قوله. وقال اللوزي إنه تم إعداد المشروع بالاستفادة بصورة دقيقة من عدد من التجارب الدولية والعربية بما فيها القوانين الفرنسية والمصرية والأردنية والإماراتية، مشيرا إلى أن مشروع القانون سوف ينشىء هيئة عامة للإعلام السمعي والبصري أو قطاعا متخصصا في وزارة الإعلام, ويسمح بإقامة قنوات تلفزيونية وإذاعية خاصة للمستثمرين في مجال الإعلام. وتقول الحكومة إن مشروع القانون يهدف إلى تعزيز آليات ووسائل كفالة احترام الحق في التعبير عن الرأي بطرق مشروعة، ونشر الثقافة وتفعيل الحوار الثقافي من خلال البث الأرضي والفضائي التلفزيوني والإذاعي أو الإلكتروني والهاتفي بغرض تقديم رسالة إعلامية بمضامين ذات منفعة للمجتمع تعزز من الدور الإعلامي في عملية التنوير والتطوير في كافة المجالات.