تعد ايران ملاذا ضريبيا، فمثلا يقول صديقي الايراني انه في طهران لديهم ضريبة المجلس المحلي ولكن عائلته والكثير غيرهم لم يدفعوا تلك الضريبة لسنوات كما لم تقم السلطات الايرانية بمحاولات جادة لجمع تلك الضريبة ايضا. لقد كان هناك اضراب في الشهر الفائت في السوق الرئيسي في طهران احتجاجا على خطط حكومية لزيادة الضرائب هناك، ولكن المسألة ليست النقود فحسب فالتجار لا يرحبون بفكرة ان يطلع المفتشون على حساباتهم . أما في اليمن فهناك ازمة اقتصادية مستفحلة والحكومة هناك تحاول ان تفرض ضريبة مبيعات بالرغم من المعارضة الشديدة فرجال الأعمال اليمنيون يدفعون فقط 20% من المبالغ التي من المفترض ان يدفعوها. ان الضرائب المنخفضة والتحصيل المحدود لتك الضرائب هي من السمات المشتركة للحياة في معظم دول الشرق الأوسط، فعلى سبيل المثال في الدول العربية المنتجة للنفط بلغت نسبة الضرائب 5% فقط من الناتج المحلي الاجمالي في سنة 2002 وارتفعت النسبة الى 17% في الدول العربية غير النفطية وحتى هذه النسبة منخفضة جدا مقارنة بألمانيا 39% وايطاليا 41% وبريطانيا 37%. إن السبب الرئيسي لذلك ان العديد من تلك الاقتصادات في الشرق الأوسط هي اقتصادات ريعية أي ان الحكومات لديها مصادر دخل أخرى غير الضرائب، فمثلا هناك عائدات النفط كما ان مصر لديها عائدات قناة السويس وهناك دول عربية فقيرة تتلقى مساعدات اجنبية وبالإجمالي فإن أقل من 20% من عائدات الحكومات العربية يأتي من الضرائب. ان فرض الضرائب هو عامل كثيرا ما يغفل عنه في السياسة الداخلية في الشرق الأوسط. إنه يساعد على تفسير لماذا الانظمة غير الديمقراطية تبقى في السلطة لهذه الفترة الطويلة. ان الحكومات التي لديها مصادر دخل كبيرة غير الضرائب يمكن ان تتجنب المشاكل او تخرج منها عن طريق منح الهبات للناس أو الابقاء على الأسعار منخفضة وذلك من خلال الدعم كما هو واقع الحال في ايران. إن الضرائب غير شعبية ولكن كلما ارتفعت الضرائب كلما طلب الناس ان يكون لهم رأي في كيفية صرف تلك النقود أي لا يمكن فرض ضرائب بدون تمثيل. ان الضرائب العالية تشجع الديمقراطية بحيث تكون الحكومات عرضة للمحاسبة علما انه كلما قلت الضرائب كان الضغط من اجل تحقيق الديمقراطية والمساءلة أقل. ان انواع الضرائب تؤثر ايضا على المساءلة فبشكل عام تعتمد الحكومات في الشرق الأوسط بشكل كثيف على الضرائب غير المباشرة – البضائع والخدمات والرسوم الجمركية- بدلا من الضرائب المباشرة التي تثير حساسية سياسية، فمثلا في سنة 2006 كانت نسبة ايرادات الضرائب المباشرة في العالم العربي أقل من 6% فطبقا لتقرير للأمم المتحدة " ان هذا النوع من الهيكلة الضربيبة تقلل من فرصة المواطنين للاعتراض على اداء حكومتهم . ان الضرائب المباشرة وخاصة ضريبة الدخل هي فئة من الضرائب تعطي الناس دليل واضح على انهم يساهمون في الخزينة العامة، أما في العالم العربي فإن غالبية الضرائب يتم استخلاصها من المبيعات المباشرة والرسوم الجمركية والتي تتم تغطيتها بالسعر علما ان مثل هذه الضرائب تخفي العلاقة المباشرة بين الدفعات الضريبية وتمويل الخزينة العامة مما يضعف الضغط الشعبي للمساءلة." يضيف التقرير ايضا أن " فرض الضرائب هو عنصر اساسي للحكم الرشيد وبناء الدولة فنظرة الناس للنظام الضريبي تعد عاملا حيويا في بناء دولة فعالة مبنية على موافقة الناس فالرغبة في دفع الضرائب هي اشارة جيدة على شرعية الدولة". * الجارديان