توقفت المحادثات اليمنية - الرامية للتوسط من أجل انتقال السلطة من الرئيس علي عبد الله صالح الى معارضيه - عند لعبة حافة الهاوية التي يلعبها الطرفان ولكن مصادر قريبة من المناقشات قالت يوم الاثنين انه ما زال بالامكان الوصول لاتفاق. ووقع انفجار في مصنع للذخيرة مما أسفر عن مقتل أكثر من مئة شخص في بلدة في الجنوب الذي يبدو أن متشددي القاعدة أخرجوا القوات الحكومية منها في تذكير بحالة انعدام الاستقرار التي يخشى حلفاء صالح الغربيون أن تسود في البلاد. وتعهد صالح الذي كان يتبنى مواقف تحد تارة ومواقف تصالح تارة أخرى بألا يقدم المزيد من التنازلات للمعارضة التي تطالبه بالتنحي بعدما ظل في السلطة 32 عاما. ولكن كانت هناك مؤشرات على أن عملية التفاوض بشأن انتقال السلطة التي شارك فيها مسؤولون أمريكيون قد لا تكون قد ماتت. واوصى الحزب الحاكم بتشكيل حكومة جديدة لصياغة دستور يستند للنظام البرلماني. وقال صالح الذي تمكن من تجاوز حروب أهلية وأعمال عنف لمتشددين ان اليمن قد ينزلق في صراع مسلح ويتشظى الى مناطق اقليمية وقبلية اذا ترك منصبه على الفور. وقال متحدث باسم المعارضة ان المحادثات توقفت مثيرا بذلك مخاوف بأنه اذا استمرت حالة الجمود فقد تحل أعمال العنف بين الوحدات العسكرية المتنافسة محل العملية السياسية. وقالت شخصية معارضة أخرى طلبت عدم الافصاح عن هويتها انه ما زال بالامكان التوصل لاتفاق وان صالح يسعى لتخفيف الشروط التي تريد المعارضة تطبيقها على نشاط أسرته في المستقبل. وأضافت "نحن على الطريق لاتمام اتفاق.. الرئيس يحاول تحسين شروط التفاوض وخصوصا فيما يتعلق بوضع أبنائه وأقربائه." وقالت مصادر سياسية في اليمن ان من الممكن أن يتضمن الاتفاق استقالة صالح وخصمه الرئيسي اللواء علي محسن الذي أرسل قواته لحماية المحتجين. كما سيترك أبناء الرئيس وأقاربه المقربون مناصبهم ولكن الجانب الحكومي يريد ضمانات بأنه لن تتم ملاحقتهم قانونيا. ولم يتضح على الفور ما اذا كانوا سيبقون في اليمن ولكن هذا رأي مطروح. وقال مصدر معارض ان من المرجح أن يسلم صالح السلطة الى نائب للرئيس وفقا لما ينص عليه الدستور. وقال مسؤول معارض ان نائب الرئيس الحالي لا يريد ذلك المنصب وانه ربما يتم اختيار شخصية جديدة. وقالت مصادر سياسية ان حكومة جديدة ستتشكل بغرض تعديل الدستور وصياغة قوانين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. ولكن كما هو الحال في مصر - التي أطيح برئيسها بعدما ظل في الحكم 30 عاما مما شكل مصدر الهام لخصوم صالح - فان التركيز ينبغي أن يكون على تعديل القانون الاساسي الحالي عوضا عن صياغة دستور جديد. ومن المرجح أن يسير الانتقال في السلطة بصورة أسرع مما قال الرئيس صالح الاسبوع الماضي انه مستعد لها. فيمكن أن يجري التحول في السلطة قبل وقت طويل من المهلة التي تنتهي بنهاية العام. وقالت مصادر سياسية انه دار حديث عن التحول الى نظام برلماني استنادا الى المحاصصة. وجاءت الانفجارات في مصنع الذخيرة في جنوب اليمن بعد يوم من وقوع اشتباكات بين المتشددين والجيش في البلدة. وبعد أن بدا أن القوات الحكومية قد أخلت مدينة جعار يوم الاحد تدفق الاهالي لنهب المصنع الذي ينتج الذخائر. وقال شهود عيان ان سلسلة من التفجيرات القوية وقعت وربما يكون سببها سيجارة مما أدى الى اشتعال حريق هائل. وقال طبيب في مستشفى جعار الحكومي في محافظة أبين "هذا الحادث كارثة حقيقية. أول حادث من نوعه في أبين.. هناك الكثير من الجثث المحروقة. لا يمكنني أن أصف الوضع." ويقول أطباء ان عدد القتلى بلغ 110 ولكنهم قالوا ان من الصعب تحديد رقم دقيق لان بقايا الجثث المتفحمة تجعل الحصر عملية عسيرة. وأضافوا أن بعض الضحايا ومنهم نساء وأطفال سيتم دفنهم في مدافن جماعية. وقال أطباء ان العشرات أصيبوا وان كثيرا من الجثث ما زالت بداخل المصنع الذي فيه أيضا مخازن للبارود. وسيطر من يشتبه بأنهم متشددو القاعدة على عدة مبان بما في ذلك مصنع الذخيرة في جعار التي يعيش فيها مئات الالاف من السكان. وحاول الجيش اخراجهم ولكن بدا أنه انسحب في وقت لاحق الى العاصمة الاقليمية زنجبار. وقال شهود عيان ان الاجراءات الامنية شددت هناك بعد أن أطلق المتشددون صواريخ على مبان حكومية. وتعتبر الولايات المتحدة والسعودية منذ أمد طويل صالح رجلا قويا استطاع منع القاعدة من توسيع موطئ قدمها في البلاد التي يرى الكثيرون انها على وشك الانهيار.