عصام السفياني - زعماء الاتحاد الأوروبي ... مجلس الأمن...مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية الجهات الثلاث كانت أخر من تحدث عن ضرورة إخراج اليمن من أزمتها الحالية عن طريق حوار يجمع على مائدة واحدة جميع الأطراف. مساعد كلينتون جيفري فيلتمان حث الخطى ليحط في صنعاء والتقى إطراف الأزمة بمن فيهم نجل رئيس الجمهورية العميد احمد علي عبد الله صالح الذي يمثل أهم عوائق انتقال السلطة إلى نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي حسب المعارضة التي صعدت لهجتها تجاه نجل الرئيس واتهمته ضمنيا بالوقوف وراء أزمة المشتقات النفطية. ومجلس الأمن عقد جلسة مغلقة لمناقشة الوضع في اليمن واستمع خلالها إلى تقرير من الموفد الدولي إلى اليمن جمال بن عمر ومن الأمين العام للأمم المتحدة حول الأوضاع في اليمن وخرج ببيان افصح عن قلق المجتمع الدولي من تطور الازمة في اليمن ودعا الى حوار شامل بين جميع الاطراف لاخراج البلاد من مأزقها. وبين زيارة جيفري فيلتمان الى اليمن وقبل اجتماع مجلس الامن بساعات قليلة كان زعماء الاتحاد الاوروبي ناقشوا تطورات الازمة في اليمن ودعوا الى انتقال شامل ومنظم للسلطة في اليمن مع عدم اغفالهم للمخاوف من تعقيدات الوضع الامني. جميع أطراف الأزمة في اليمن والمجتمع الدولي ايضا يتحدثون عن ضرورة إخراج البلد من المأزق الذي أدخلت فيه بسبب تصلبهم جميعا وتجاوزهم خطوط المرونة السياسية إلى مربع الإقصاء والتربص بالأخر لإنهاء وجودة في الساحة السياسية . الأسبوع الفائت كان الشيخ عبد المجيد الزنداني احد عناصر الصراع الحالي على السلطة في اليمن في واجهة موقف سياسي بغلاف ديني حين تزعم رجال دين ومشائخ قبليين لإصدار بيان اشبه بالفتوى جزم فيه بعجز الرئيس علي عبد الله صالح عن القيام بواجباته الدستورية ودعا النائب عبد ربه منصور هادي الى تسلم السلطة بدلا عن الرئيس . الزنداني قد يكون مسيرا في إصدار تلك الفتوى لكنه عمد أيضا الى تسجيل حضوره السياسي كعنصر فاعل في اللعبة بمايمتلكه من حضور في أوساط قبلية ودينية داخل حزب الإصلاح وخارجه بعد ان رشحت معلومات عن لقاءات بين قيادات في الحزب الحاكم والمعارضة برعاية ثلاث دول اوروبية والسعودية والامارات لإنضاج تسوية سياسية سيجد الزنداني وزعماء قبيلة حاشد انفسهم خارج صياغة مضامينها النهائية ان كتب لها النجاح. وموقف الزنداني ليس جديدا لكنه يحمل دلالات واضحة تعيد الى الاذهان دوره البارز في حرب صيف 94 مع الاخذ بعين الاعتبار ان الزنداني اصبح يقود عدد هائل من العناصر المتطرفة التي تخرجت من جامعته "الايمان" والذين يبلغون الاف وعدد ليس يالهين منهم قد التحقوا بتدريبات عسكرية على يد ضباط في الفرقة الأولى مدرع التي يقودها على محسن وتقع بمحاذاة جامعة الإيمان. ارتفاع مؤشر خطورة الأزمة في اليمن دفع بعدد من الجهات الدولية الى تجاوز خطاب ترحيل الرئيس او اسقاط النظام للحفاظ على تماسك البلد والحيلولة دون توسع رقعة العنف والتي قد تتجاوز منطق الانتقام الى إحراق الأخضر واليابس. الدعوة الى رحيل الرئيس صالح وأركان نظامه أعيدت الى الواجهة مجدا من خلال تبني حميد الأحمر المعارض الأبرز في الإصلاح لنظام الرئيس صالح والزنداني منطق الشباب المعتصمين الداعي الى ترحيل بقية أركان النظام بعد أن غادر الرئيس صالح الى السعودية للعلاج . ومن خلال متابعة مجريات الأحداث خلال الاشهر الخمسة منذ بداية الاحتجاجات ضد نظام الرئيس صالح يمكن الجزم بأن أقطاب صناعة الأزمة التي استفحلت مؤخرا لتضرب الوضع المعيشي للمواطن بقوة هم مجموعة قليلة من الأفراد 80% منهم لايتجاوز نطاق وجودهم الجغرافي جزء من شمال الوطن وتحديدا في قبيلة واحدة على اعتبار ان سنحان جزء من حاشد. قبل ايام طرح الدكتور فؤاد الصلاحي تساؤلا على صفحته بالفيس بوك تمحور حول حل الازمة القائمة في اليمن وهل يكون برحيل اطرافها الرئيس والشيخ واللواء مع اتباعهم ام أن الأزمة مستمرة من خلال إصرار البعض منهم انهم ثورويون. الصلاحي قال ايضا في تساؤله انه ظهر اسم شيخ الثورة وقائد الثورة ومرشد الثورة وكل هؤلا لاعلاقة لهم بالثورة عمليا وإنما دخلوا فيها ليسيطروا على مكوناتها وكرر الصلاحي تساؤله للشباب هذه المرة وهل يدركون هذه الامور وتحديدا المستنير منهم والداعم للدولة المدنية لان هناك شباب يتحركون وفق فتاوي للدولة الدينية حسب الصلاحي . وخلال الأيام الماضية ظهرت على السطح في أوساط الشباب المعتصمين دعوات تنادي بإنقاذ الثورة وتطالب برحيل جميع أركان النظام بمن فيهم المساندين للثورة . الدكتور ياسين سعيد نعمان أشار في أخر حوار صحفي له الى ان التغيير القادم لابد ان يفرغ من الوجوه القديمة موسعا ذلك الى ان الطبقة السياسية اليمنية بتكويناتها الحالية، وبخاصة التي قد شغلت الكثير من المناصب الحكومية خلال المرحلة الماضية، عليها أن تعلن أنها لن تشارك في أي حكومة قادمة حتى يسهل ذلك عملية التغيير. وقال نعمان انه لا بد من التفكير بجدية في أن يفتح الطريق أمام القيادات الشابة ودعمها بقوة، لأن عملية التغيير الحقيقي لن تكون ولن تتم إلا على أيدي وعقول هذه القوى. الجمعه الماضية كان العقيد هاشم الأحمر وهو احد أبناء الشيخ عبد الله الأحمر والذي قاد العمليات الحربية لمسلحي حاشد ضد القوات الحكومية في الحصبة كان يتحدث عن انتقال السلطة إلى نائب الرئيس وانتهاء عهد الرئيس صالح مع العلم انه كان احد طاقم حرس الرئيس علي عبد الله صالح حتى وقت قريب. هاشم كان أخر المنظمين الى طابور المنادين بإنهاء صفحة الرئيس صالح وبدء عهد جديد مع انه وهو شاب لم يشاهد يوما نائما في إحدى خيام ساحة التغيير بصنعاء كغيره من المعتصمين الفقراء الذين يحق لهم الحديث عن رحيل النظام بكل أركانه كونهم لم يحصلوا على منح للدراسة في الخارج ورتب عسكرية كبيرة كما هو حال الشاب الأحمر احد سكان القصر الى الأمس وليس احد معتصمي الخيام. لم يعد الحديث عن مخاوف الشباب من سرقة ثورتهم ذات جدوى حاليا كون المخاوف تلك أصبحت واقعا لكن الحديث ألان أعاد إلى الواجهة ايام الثورة الأولى حين كانت أسماء كل اقطاب الازمة مطروحة في قائمة المطلوب ترحيلهم من البلد للسماح ببدء عهد جديد خارج نفوذهم. الثورة تحولت إلى أزمة بسبب تعنت إطراف الصراع وتقاسمهم للمشهد وحل الأزمة يستدعي اعادة جمعهم في دائرة الاتهام لتسهيل عملية البحث عن مخرج يمهد لتغيير غير مشدود الى قوى انتقلت من القصر الى ساحة الجامعة لتلقف النتيجة كما هو حال لاعبي كرة الطائرة. حين طرح الرئيس علي عبد الله صالح ضرورة رحيل ال الأحمر والزنداني كونهم كانوا شركاء في ادارة البلاد منذ عقود كأركان رئيسيين في نظامه مقابل رحيله واولاده كان يختصر مسافة كبيرة لو ان الجميع قبل هذا الطرح لما وصل حال البلاد الى هذا المستوى من التعقيد. علي محسن الاحمر قبل بالرحيل في بداية الازمة ومثله صادق الاحمر قال في مقابلة مع قناة الجزيرة انه على استعداد للرحيل اذا كان خروجه سيساهم في حل ازمة اليمن وبالتالي فالمنطق يفرض على الاحمرين اللواء والشيخ تهيأت بقية رفاقهم المساهمين في صناعة الأزمة للخروج من اليمن مع ال الرئيس صالح وترك البلد جيل جديد سيكتب له النجاح في احداث تغيير حقيقي في شتى المجالات ان هو لم يصطدم بهذه القوى المسيطرة على كل مقدرات البلد منذ ثلاثة عقود. واذا كان خصوم الرئيس الاساسيين من ال الأحمر يعتبرون خروجه من السلطة مكسبا لحركة التغيير وان اليمن بدونه ستكون أحسن حالا من يرى ايضا خصوم ال الأحمر ان خروجهم من المشهد السياسي ومغادرة اليمن هو السبيل الوحيد لتحقيق أي تقدم على مستوى بناء الدولة. ويقول مصطفى العاني، مدير قسم دراسات الأمن والدفاع في مركز الخليج للأبحاث في دبي ان اندلاع التقاتل بين القبائل الموالية لزعماء حاشد شكل منذ لحظته الأولى، خطرا على برنامج المعارضة لانه يجمد عملها، وفرض منطق جديد يقوم على اعتبار الطرفين ركني أي تسوية قادمة. وكانت مجموعة الأزمات الدولية اعتبرت الصراع على النفوذ بين ال صالح وال الأحمر احد هم معوقات التغيير في اليمن ودعت الى إزاحة الطرفين عن المشهد لإحداث التغيير. وكما يعتبر الشباب والمعارضون الرئيس صالح عتبة كئداء يجب تخطيها وإخراجها من اليمن لمسئوليته عن كثير من الأحداث يرى الحوثيون وهم شركاء للمعارضة وعلي محسن في خصومة الرئيس صالح ان علي محسن الأحمر يجب ان يرحل مع رفيقه في حروب صعده كون الاثنين وكذلك ابناء الشيخ الأحمر من أعلنوا الحرب عليهم طوال 6 سنوات من المواجهات الدامية بل يذهب كثير من الحوثيين الى ان الرئيس صالح قد يكون اقل خطرا على توجهاتهم الفكرية من اللواء علي محسن المعتنق لأفكار متطرفة ترى فيهم خطرا على عقيدته . في الجنوب أيضا الزنداني وعلي محسن والرئيس صالح كانوا شركاء في حرب صيف 94 وبالتالي ليس في خصومتهم حاليا اية منفعة للبلد بل صراعهم على نفوذ ورحيلهم يمثل شرطا رئيسيا لنجاح أي تسوية سياسية قادمة كما يعتقد الكثير من ابناء الجنوب. وكان بروز الشيخ حميد الاحمر كمعارض فاعل للرئيس صالح ونظامه دور واضح في تصلب الرئيس علي عبد الله صالح ورفضه تقديم تنازلات تقوده الى ترك السلطة استجابة لمطالب المعتصمين لانه يرى خروجه نجاحا لحميد الاحمر وعليه فهو أي الرئيس صالح ومن خلفه ابنائه واشقائه في المؤسسة العسكرية لن يتنازلوا عن السلطة بسهولة بل لديهم الاستعداد للذهاب بعيدا الى الحد الذي لن يكون هناك يمن يختصمون عليه على حد وصف ياسين سعيد نعمان امين عام الحزب الاشتراكي اليمني. وقد يكون رحيل النظام وأركانه من أبناء وإخوة وابناء اخوة وفي المقابل أقطاب الطرف الأخر المتمثل في ابناء الشيخ عبد الله الأحمر واللواء علي محسن والشيخ الزنداني هو المخرج الأمن لليمن من النفق المظلم . فهل ان الأوان ليرفع الجميع شعار الترحيل الجماعي لكل المشاركين في صناعة الأزمة وتحرير القوى السياسية من سيطرة طرفي الازمة لافساح المجال امام كل القوى السياسية والمدنية لترميم خراب ادمى كل مفاصل البلد ومؤسساتها العسكرية والمدنية.