* بعيدا عن هموم الصحافة ومشاكلها، أود أن أناقش اليوم بصراحة وشفافية ماذا استفدنا من الثورة وهل ستستطيع الثورة الاستمرار أكثر في ظل الأزمات التي باتت تضرب البلاد وأعادته إلى القرون الوسطى، وماالدور الذي قامت به المعارضة والنخب السياسية الأخرى التي تدور وتفاوض وتحاور وتتصدى للحل السياسي..!! * اعتقد شخصيا أن الثورة الشبابية السلمية التي تحمس لها الشباب وخرجوا إلى الشوارع منذ خمسة أشهر واخرجوا معهم النساء والأطفال والآباء والأمهات قد أفشلت بفعل فاعل بل فاعلين.. والأدهى والأمر أن من اعتقدنا أنهم طليعة الثورة والسند الأقوى لها ساهموا إلى حد كبير في إفشال الثورة وهم قادة اللقاء المشترك الذين انقسموا إلى ثلاثة أقسام، قسم مداهن وتم جره إلى مربع التفاوض و(التسديد والمقاربة) وفق المصالح مع السعودية والخليج وأميركا والمجتمع الدولي وهم التجمع اليمني للإصلاح ممثلا في أمينه العام عبدالوهاب الآنسي والحزب الاشتراكي ممثلا في أمينه العام ياسين سعيد نعمان، اللذين تعرضا لضغوط كبيرة من قبل أميركا والسعودية ومعارضة الخارج وبعض الشخصيات السياسية الإقليمية والدولية للمضي في هذا الطريق، وقسم ثانٍ وهو التيار القومي الصامت المغلوب على أمره والمتمثل في الناصري والبعث، أما بقية قادة المشترك الذين احترمهم وأقدرهم كثيرا وتربطني علاقات رائعة بهم، لكنهم سيختلفون معي وربما ينكرون وصفي لهم كنوع من العمل السياسي، اعتقد أنهم تكملة عدد لأن رأيك على قدر وزنك وقاعدتك الشعبية، والجميع يؤخذ برأيه عند اللزوم فقط كصوت ربما يؤخذ بالتلفون وربما بالتوافق وحسن الظن به والتصويت عنه من قبل من يثق به من الحاضرين.. * سيقول البعض إن هذا الحديث لايصلح الآن لأنه سيعمل على تشتيت الجهود وتبديد الطاقات وربما فشل الثورة التي اعتقد شخصيا أنها فشلت وانتهى أمرها، لكني أقول إننا سكتنا كثيرا، وكل من تكلم فيما مضى حتى في الساحات قالوا له أنت امن قومي أو امن سياسي أو مدسوس وحبسوه أو أخرجوه من الساحة وكأنها ملكا لهم، تهمهم جاهزة وأساليبهم قاهرة أكثر من النظام الذي نريد أن نثور عليه، كل من ليس معهم رسميا فهو ضدهم ولو كان يتفق معهم في جزئية معينة أو فكر أو رأي، يُفكرون بعقلية إقصائية ويريدون سمعا وطاعة دون نقاش أو استفسار أو حتى مجرد تفكير..!! وللتدليل على كلامي هذا يمكن أن استعرض العديد من الشواهد ومعي العديد من الشهود الأحياء على كل كلمة أوردها أو قصة احكيها على أنها الحقيقة وليس سواها.. * كنتُ ومنذ انطلاق الثورة أتلقى العديد من الرسائل والأخبار والتقارير والمقالات التي تصلني إلى مكتبي كرئيس للتحرير والتي تصف مايحصل في الساحات من سيطرة لحزب معين وتحكم في المنصة وإصدار التوجيهات والأوامر بل والتهم الجاهزة التي كانت تفصل لكل شاب أو شابة لم يعجبهم تصرفه ولو كان من الشخصيات المعروفة كما حصل مع الزميلات أروى عثمان وهدى العطاس وغيرهن. كنت استبعد كل مايصلني من هذا النوع من الأخبار والمقالات والشكاوى، وابرر لأصحابها لماذا استبعدتها، كنت حريصا على عدم إثارة الغبار حول الثورة وشبابها وهدفها النبيل في التخلص من الفساد والنظام الذي انحرف عن مساره لينعم أطفالنا بمستقبل زاهر ويمن آمن مستقر، وكنت اعد نفسي ومعي عدد كبير من الشباب ومنهم قادة في أحزاب المشترك وتحديدا في الإصلاح على إعلان الجهاد الأكبر ضد هذا المنهج الإقصائي والتسلطي بعد نجاح الثورة إن شاء الله.. * بعد مجيئي إلى القاهرة ظهرتُ على معظم القنوات الإخبارية التي استضافتني ودافعتُ عن الثورة، وكنت صوتها البار، ودعوتُ المجتمع الدولي إلى مؤازرتها ودعمها وفندت الإشاعات التي كان يبثها النظام ودافعت حتى عن اللقاء المشترك، واشتريت عداوة النظام بثمن غال، ومع ذلك لم يشفع لي كل هذا عند الإخوة في التجمع اليمني للإصلاح الذين يتولون عملية الكنترول على قناة الجزيرة والتحكم فيمن يظهر عليها ومن لايظهر ومن يتم إرساله إلى قطر ومن لايُرسل، ومن يرشح لأخذ دورات تأهيلية ومن.. ومن، ورغم ترشيحي لأكثر من خمس مرات من شخصيات عربية وأصدقاء يمنيين إلا أن اسمي يُستبعد دائما..!! حتى من كنت اعتبره احد الأصدقاء المقربين لي وهو الزميل سعيد ثابت سعيد "مدير القناة في اليمن" أيضا يعمل بنفس العقلية ولا ادري هل هو ضمن الكنترول الإصلاحي القابع في قطر منذ فبراير الماضي أم انه ابلغ فقط بعدم ثقتهم بي واني غير مأمون الجانب على اعتبار أني لست إصلاحيا (برخصة واستمارة)..!! * سيقول من يقرأ السطور على ظاهرها، انه طالما ظهرتُ في البي بي سي والعربية وروسيا اليوم والحرة ودبي والمجد ودريم واون تي في والنيل وغيرها العديد من القنوات المصرية والعربية، لماذا أريد أن اظهر على قناة الجزيرة، أرد عليه بأني لست حريصا على الظهور على هذه القناة التي قلت في احد مقالاتي قبل شهرين تقريبا إنها إحدى الأدوات الأميركية الموجهة المفضوحة والتي فقدت مصداقيتها كثيرا هنا في مصر وفي اليمن وفي العالم كله، وهذا مسجل ومعلن من قبل الشركات العالمية المتخصصة في مجال الإحصائيات الخاصة بالفضائيات والتي على ضوئها يتم تقييم ثمن المساحة الإعلانية في هذه القناة أو تلك، لكني ذكرتُ هذه القصة للتدليل على العقلية الاقصائية التي يتعامل بها الأشقاء في تجمع الإصلاح فقط مع من ليس معهم رسميا، وتقاس ردات الفعل الكبيرة بالهفوات الصغيرة غير المقصودة..!!. * لا أريد أن استرسل كثيرا (ولو أني قد فعلت) في قصة واحدة أو خاصة، لكني أريد أن اخلص إلى شيء واحد هو أن يلحق الشباب "غير المتحزب" أنفسهم ويقفوا وقفة واحدة أمام سيطرة اللقاء المشترك على الثورة وإعلان وفاتها، ومنعهم من الحديث والتفاوض والحوار باسمهم وترك الفعل الثوري للساحات والابتعاد عن الثورة كما فعلت الأحزاب المصرية التي كانت اكبر من المشترك وأدق في الحسابات والتنظيم والإمكانيات لكنها ابتعدت ونأت بنفسها عن الخوض في أي تفاوض مع السلطة، الأمر الذي جعل الثورة تنجح في 18 يوما فقط بفعل القوى الثورية والتصعيد الشبابي الثوري في ميدان التحرير. * كان الأحرى باللقاء المشترك ألا يتدخل في الثورة ولا أن يقفز عليها قفزا ولا أن يحتويها ولا أن يدّعي انه يمثلها، واليوم هو مدعو للخروج من كادر الثورة والتخلي عن سياسته الفاشلة التي عملت على تآكل الثورة وتأخيرها وإطالة عمر النظام الذي رغم الإطاحة برؤوسه جميعا (رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة ورئيس الشورى) إلا انه لايزال قويا وفاعلا، وأقصى مافعله المشترك هي تصريحات أمين عام حزب الحق حسن محمد زيد حول المجلس الانتقالي والتي أؤكد أنها لم تكن بالاتفاق ولا يوجد أية أجندة حقيقية وإنما تم الدفع بهم دفعا حين أحرجهم بتلك التصريحات السبت الماضي، والى اليوم وهم يسوفون ويناقشون ويناورون.. * ماذا فعل اللقاء المشترك من إجراءات فاعلة لتوفير البنزين والديزل والكهرباء والغاز والماء، لايزال المشترك يعيش بعقلية ماقبل 11 فبراير حينما كان يصدر البيانات المنددة بالنظام وانه يفتعل الأزمات ويمنع دخول الغاز ويمنع قاطرات البنزين، والتغيير الوحيد في تصريحات أعضائه وليس في موقفه الجمعي هو أن النظام قد فقد شرعيته، ولا ادري كيف اجمع بين فقدان النظام لشرعيته وبين إصدار البيانات المنددة به وانه لايزال يتحكم في مفاصل الدولة المختلفة؟؟. طبعا قادة اللقاء المشترك (الكبار) لايحسون بما يحس به عامة الشعب فسياراتهم إلى اليوم يتم تعبئة البنزين الخاص بها من محطة تابعة لأحد المعسكرات، ومجرد انطفاء الكهرباء في بيوتهم تشتغل مولدات الكهرباء الاتوماتيكية مباشرة، وهم لم يجربوا النوم يوما واحدا فوق الإسفلت أو على الرصيف، ولم يخزنوا يوما تحت أشعة الشمس المحرقة، لذلك لن يحسوا بما يحس به الشباب في الساحات..!! * إذا كان المشترك يعتبر نفسه قوة سياسية فاعلة وقادرة على اخذ زمام الأمور وقيادة البلاد فالأحرى به أن يمسك بزمام المبادرة اليوم ويتوجه إلى السعودية ودول الخليج ويطلب المساعدات الإنسانية من غاز وبنزين وكهرباء وغيره والتصرف الفعلي على اعتبار أن النظام قد فقد شرعيته فعلا وليس بالبيانات والتصريحات الصحفية فقط. لايستطيع المشترك القيام بأي دور سياسي فاعل باتجاه الخارج سواءً الدول الإقليمية أو الدولية لتفعيل مايدعيه من سيطرته على الأوضاع وفقدان النظام شرعيته وتقديمه نفسه كبديل افتراضي للمرحلة الانتقالية، فهو اضعف من ذلك بكثير وهو مختلف فيما بينه البين ولن يستطيع قيادة المرحلة الانتقالية إذا تنحى الفريق عبدربه منصور هادي عن المشهد السياسي، وبالتالي لابد من اتجاه الشباب فورا إلى النائب هادي والتنسيق معه على مجلس انتقالي عسكري مدني تحدد مدته بمدة زمنية محددة تكون مهمته تسيير أمور البلاد إلى حين عقد انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة.. * أخيرا تنويه مهم وهو أني اقدر واحترم العديد من قيادات اللقاء المشترك واختلف مع البعض القليل لكنهم وللأسف الشديد الأكثر نفوذا بينهم، واحترم واقدر كثيرا جماعة (الإخوان المسلمون) المصرية التي أسسها الشهيد حسن البنا رحمه الله والذي تربيت على مأثوراته التي أحفظها وكنت وأنا صغير يستحيل أن أنام بعد صلاة الفجر إلا بعد أن اسمِّعها غيبا عن ظهر قلب، ولازلت أنشدُّ لخط هذه الجماعة السياسي المتزن والعقلاني والمحب للغير وهذا الأهم، وكم تمنيت لو كان الإصلاح يمثلها كما هي حسب قول عبده الجندي وبقية مطبلي النظام، لكنه بعيدٌ عنها بُعد المشرقين.. * ناشر ورئيس تحرير صحيفة إيلاف اليمنية