من المقرر ان يصوت مجلس الامن الدولي الجمعة على قرار لادانة العنف في اليمن الرئيس وفق ما اعلن دبلوماسيون الخميس. وسيطرح مشروع القرار الذي اقترحته بريطانيا وحلفاؤها الاوروبيون على التصويت عند الساعة 15,00 (19,00 تغ) من بعد ظهر الجمعة، حسب ما اعلن سفير فرنسا لدى الامم المتحدة على موقعه الالكتروني على شبكة تويتر. ويبدو أن الحكومة الروسية تسير باتجاه تكرار «السيناريو السوري» مع اليمن في مجلس الأمن الدولي ولكن بصورة أخرى بعيداً عن حق النقض (الفيتو) الذي حطمت فيه آمال المحتجين على حكم الرئيس السوري بشار الأسد، فلقد نجحت روسيا حتى الآن في إدخال تعديلات جوهرية على مشروع القرار المنتظر صدوره عن مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في اليمن، ومن شأن هذه التعديلات التي وصفت بالأولية أن تطيل أمد الصراع في اليمن وتزيد من مخاطر تفكك الدولة لأنه لا يضع حدا زمنيا للرئيس علي عبدالله صالح كي ينقل السلطة الى نائبه. ومن شأن القرار في مسودته المعدلة أن يغضب قوى المعارضة التي وصلت العاصمة الروسية بموجب دعوة رسمية من وزارة الخارجية الروسية بهدف حض موسكو على أخذ موقف إيجابي يلزم الرئيس اليمني بالتوقيع فورا على المبادرة الخليجية وبدون شروط مسبقة وهو ما كان مئات الآلاف من المتظاهرين المسنودين بقوى المعارضة يراهنون عليه في إمكانية الإعلان عن انتهاء المشهد الأخير من حكم رجل تربع على عرش البلاد نحو 34 عاما. ووفقا لما اوردته صحيفة (البيان) الامارتية في عددها اليوم فان مسودة القرار الذي تقدمت به بريطانيا ويتوقع التصويت عليه منتصف الأسبوع المقبل، تبين أن المفاوضات مع موسكو دفعت بمعدي المشروع الى حذف الفقرة التي كانت في المشروع السابق والتي تثني على قيام المعارضة بالتوقيع على المبادرة الخليجية، ويأسف لعدم وجود أي تقدم بخصوص التعهد الذي قدمه الرئيس صالح للتوقيع وتنفيذ المبادرة، وجرى الاستعاضة عنها بكلمات تشيد بتوقيع المعارضة والحزب الحاكم على المبادرة الخليجية ويدعو الجميع للالتزام بتنفيذها. ومع احتفاظ المشروع بفقرة تنص على عدم منح أية حصانة لمرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، فإنه أضاف الى ذلك إدانة كافة الهجمات الأخرى والإرهابية ضد المدنيين وضد السلطات، بما فيها تلك التي تهدف إلى تعريض العملية السياسية في اليمن للخطر، كالهجوم الذي تعرضت له صنعاء في 3 يونيو 2011 في تفجير دار الرئاسة. وذهب أبعد من ذلك بأن أدان أعمال العنف واستخدام القوة وانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة من قبل «الجهات الأخرى» وهو مطلب حرص الرئيس اليمني على تكرار المطالبة به في حين النص الأصلي للقرار كان يدين انتهاكات حقوق الإنسان من قبل السلطات اليمنية كاستخدامها القوة المفرطة ضد المحتجين السلميين. الكشف عن مضمون التعديلات التي أدخلت بموجب الطلب الروسي جاء بعد ساعات على إعلان الحزب الحاكم ترحيبه بالقرار الذي سيصدر عن مجلس الدولي وتأكيد كبار معاوني صالح على أن الحكم لا يخشى من هذا القرار الذي جرى تجريده حتى من الإدانة الواضحة لمجلس الأمن لعمليات الاعتقال التعسفية وتعرض المعتقلين لمعاملات سيئة، ومن ضمنهم الأطفال. وهو الوضع الذي سيظهر المعارضة اليمنية وكأنها بلعت «الطعم الروسي» عندما قبلت زيارة موسكو، فيما الأخيرة تعمل على خدمة النظام ومده بمقومات المراوغة والتنصل من الالتزامات التي قطعت لدول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة. المعارضة اليمنية التي ستكون محاصرة برفض مئات الآلاف من المحتجين الذين يخرجون يوميا الى الشوارع للمطالبة بالحسم الثوري ومحاكمة كافة رموز النظام، ستجد نفسها وقد خسرت الرهان على مجلس الأمن في توفير إجراءات ملزمة لقبول النظام بإتمام الصفقة السياسية التي تضمنتها المبادرة الخليجية ستصدم بأن حليفها الروسي القديم قد أعطى نظام الرئيس صالح فسحة من الوقت تكفي لأن تتفتت الدولة اليمنية بفعل الأزمة الاقتصادية المدمرة التي تعيشها الآن والصراعات القبلية التي يمكن إشعالها في أكثر من مكان، حيث تم تعديل البند الأخير من مسودة القرار بحيث يطلب مجلس الأمن من الأمين العام للأمم المتحدة تقديم تقرير حول تنفيذ اليمن لقرار المجلس من يوم تبنيه خلال 30 يوماً بدلاً من 15 يوماً، وكل 60 يوماً فيما بعد، بدلاً عن كل 30 يوماً في القرار الأصلي. إذا كان رهان المحتجين والمعارضة اليمنية معاً سينصب حاليا على دور مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الاوروبي في اتخاذ اجراءات عقابية ضد رموز النظام اليمني لإجباره على تنفيذ المبادرة الخليجية، فأنها لن تتمكن من الرهان مجددا على إمكانية ظهور موقف روسي تجاه الوضع في اليمن مغايرا للموقف الذي اتخذ إزاء الوضع في سوريا، خصوصا إذا ما أفاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الرئيس اليمني رفض أو تلكؤ في تنفيذ القرار بصيغته العائمة.