تقرير - من المقرر أن يشهد اليمن اليوم الثلاثاء حدثا تاريخيا ومفصليا من أجل وضع حد للأزمة السياسية الطاحنة للبلاد والعباد منذ نحو عسرة أشهر في سياق الصراع على الحكم. ويبرز الحدث في وصول أطراف الصراع في السلطة والمعارضة إلى توافق على صيغة نهائية للآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية بعد مفاوضات "مارثونية" تحت مضلة نائب رئيس الجمهورية ،وقام بها مبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر للأسبوع الثاني على التوالي وبرعاية إقليمية ودولية نجحت في إحداث اختراق لافت باتجاه إنهاء الأزمة بالوصول إلى صيغة توافقية متجاوزة نقاط الخلاف العالقة ، وأجلت بموجبها جلسة مجلس الأمن أسبوعا حتى 28 من الشهر الجاري لبحث مدى التزام الأطراف بالقرار 2014 . ومن المنتظر أن توقع الأطراف السياسية بالأحرف الأولى على الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية اليوم الثلاثاء ، بالتزامن مع التوقيع النهائي من قبل الرئيس علي عبدالله صالح على المبادرة التي سبق ووقع عليها المؤتمر الحاكم وحلفائه ، وتكتل المشترك المعارض وشركائه في مايو الماضي. وقالت مصادر صحفية أن الرئيس صالح هو من سيوقع على المبادرة وأن نائبه عبدربه منصور هادي سيوقع على الآلية التنفيذية لها مع المعارضة، وسيكون التوقيع في العاصمة صنعاء قبل أن يتم الانتقال إلى العاصمة السعودية الرياض للاحتفاء بالتوقيع . وذكرت مصادر في المعارضة أنه بموجب الاتفاق سيحتفظ صالح بصفته الرئاسية، لكن دون أي سلطات لحين إجراء الانتخابات الرئاسية في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، وأوضحت أن إحدى العقبات الأخيرة كانت بشأن ما إذا كانت لجنة عسكرية يجري تشكيلها للإشراف على القوات المسلحة ستملك سلطة إقالة القادة الذين يرفضون إطاعة الأوامر، مؤكدين أن صالح وافق على إعطاء اللجنة هذه السلطات لأن هادي سيقودها . وبموجب المبادرة فإن نائب الرئيس سيملك سلطة تنفيذ المبادرة الخليجية وسيعين حكومة جديدة تؤدي اليمين القانونية أمامه ويدعو إلى انتخابات رئاسية . وألمحت مصادر مطلعة إلى مخاوف من المستجدات خلال الساعات المقبلة للحيلولة دون توقيع الاتفاق المبدئي الذي توصل إليه بن عمر مع كل الأطراف والذي يفضي إلى التوقيع على المبادرة وآليتها التنفيذية اليوم ، وقالت إن كل شيء محتمل بما في ذلك تأجيل التوقيع. وقال مصدر في حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم إن إحدى المخاطر التي يواجهها الاتفاق هي أنه لا يشمل القائد العسكري المنشق علي محسن والزعيم القبلي الشيخ حميد الأحمر، وأضاف: "أحدهما يملك القوة العسكرية والآخر المال، ونفوذهما أكبر من نفوذ الائتلاف المعارض" . من جانبه، أكد رئيس الهيئة العليا لحزب التجمع اليمني للإصلاح-الذراع السياسي للإخوان المسلمين- و أكبر أحزاب المعارضة الرئيسة في البلاد محمد اليدومي أنه سيتم التوقيع على الآلية التنفيذية الخاصة بتطبيق المبادرة الخليجية من قبل أحزاب تكتل اللقاء المشترك المعارض وحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم اليوم الثلاثاء في حال تم تسوية كافة الخلافات القائمة بين الجانبين . وأضاف اليدومي في تصريح نقلته صحيفة "الخليج" الاماراتية": "إذا تم الاتفاق على كل شيء فسوف يتم التوقيع (اليوم) على المبادرة وآليتها التنفيذية" . وتحدثت مصادر يمنية -طبقا لما نقلته وكالات الأنباء - إن الموفد الدولي جمال بن عمر ومعه السفير الأميركي في اليمن جيرالد فيرستاين وبعض سفراء الاتحاد الأوروبي نجحوا في إدارة مفاوضات «اللحظة الأخيرة». وقبل ساعات من إعلان خبر التوقيع على المبادرة الخليجية ،شن مسلحو المعارضة في إطار تحالف عسكري قبلي بقيادة اللواء المنشق علي محسن الأحمر هجمات عنيفة هي الأحدث منذ خمسة أشهر وطالت معسكرات إستراتيجية لقوات الحرس الجمهوري بمنطقتي ارحب ونهم المطلتان على البوابة الشمالية الشرقية للعاصمة ومطارها الدولي وبمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة ،حيث أسفرت عن سقوط عدد من الجنود والمهاجمين بين قتيل وجريح ، وتدمير عدد من الآليات في المعسكرات. وعقد الرئيس صالح، إثر ذلك اجتماعا طارئا ضم قيادات عسكرية وأمنية ومن حزبه المؤتمر الشعبي وحلفائه. وأفادت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية " سبأ" إن صالح " استمع إلى تقرير مقدم من وزارة الدفاع حول استمرار الاعتداءات المتكررة من قبل أحزاب اللقاء المشترك على معسكرات القوات المسلحة والأمن والتي كان آخرها الاعتداء على معسكر اللواء 63 مشاة في بيت دهرة بهدف إجهاض المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2014" . وعشية أنباء التوصل لاتفاق لا تزال تسريبات متضاربة حول تفاصيل الآلية والتوقيع ومكانه ومن سيسبق توقيع المبادرة أم الآلية أم بالتزامن ، بينما لا تخفي اطراف سياسية ومراقبون مخاوف علنية من المرحلة التي تلي التوقيع على المبادرة وما اذا تقود لانهاء جاد الازمة ، أم تدشين لمرحلة صراع جديد من نوع مختلف، معتبرة" إن الأهم هو مرحلة ما بعد التوقيع وليس التوقيع نفسه". ويعاني اليمن منذ أكثر من عشرة أشهر اضطرابات وأعمال عنف متصاعدة على وقع الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام والممزوجة بعمل مسلح وأعمال تخريبية ممنهجة للقطاعات الخدمية ،وألقت بضلالها وانعكاساتها اقتصاديا وامنيا واجتماعيا على البلاد وملايين اليمنيين الذين تفاقمت أوضاعهم المعيشية على نحو كارثي ، وسط تحذيرات خارجية وداخلية من ثورة جياع قد تعصف بالجميع.