قرَّر المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم بمصر، مساء يوم الثلاثاء، قبول استقالة حكومة الدكتور عصام شرف، على أن يتمَّ تشكيل حكومة إنقاذ وطني خلال أيام. فيما تواصلت اعمال العنف لليوم الرابع على التوالي حيث تدور إشتباكات متقطعة بين عدد من المعتصمين في ميدان التحرير وسط القاهرة، الثلاثاء، وعناصر من قوات الأمن المركزي في محيط الميدان، حيث يطالب المحتجين المجلس العسكري بتسليم الحكم لسلطة مدنية، وحذر معهد "بروكنجز" الأمريكى من أن مصر تواجه خطر الضياع مع وقوع الاشتباكات فى ميدان التحرير والتى أودت بحياة الكثيرين وهى الأسوأ منذ الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك . المجلس العسكري وفي قرارات بعد اللقاء الذي جرى فيما بين نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلَّحة الفريق سامي عنان، وعدد من القوى السياسيَّة، والمرشحين المحتملين للرئاسة عمرو موسى والدكتور محمد سليم العوا، اكد على إجراء الانتخابات البرلمانيَّة في موعدها، بنهاية الشهر الجاري، وأن تجري الانتخابات الرئاسيَّة في موعد أقصاه يوليو 2012. كما اقر المجلس اقر علاج وتعويض أُسَر الشهداء والمصابين في الأحداث الأخيرة، وإحالة أفراد الشرطة المدنيَّة والعسكريَّة إلى التحقيق مع من تورطوا في الأحداث الأخيرة. و قال اثنان من الساسة الذين اجتمعوا مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية يوم الثلاثاء ان المجلس وافق على تشكيل حكومة إنقاذ وطني وسيجري انتخابات رئاسية قبل يوليو تموز مستجيبا لمطالب المحتجين في نقل السلطة وفق جدول زمني أسرع. وذكر ابو العلا ماضي زعيم حزب الوسط ان انتخابات الرئاسة ستجرى قبل يوليو تموز. وكان الموعد المحتمل وفقا للجدول الزمني السابق الذي أعلنه المجلس العسكري لإجراء الانتخابات في أواخر 2012 أو وبداية 2013. وقال ماضي ايضا ان الجيش وافق على تشكيل حكومة انقاذ وطني "خلال أيام" وهو ما طالب به المحتجون لقيادة البلاد خلال مرحلة الانتقال الى الحكم المدني. وتواصلت اعمال العنف لليوم الرابع على التوالي حيث تدور إشتباكات متقطعة بين عدد من المعتصمين في ميدان التحرير وسط القاهرة، الثلاثاء، وعناصر من قوات الأمن المركزي في محيط الميدان. وتحاول عناصر الأمن التقدم للحصول على موقع في ميدان التحرير تمهيداً لإخلائه من المعتصمين، غير أنهم يُقابلون بالرشق بالحجارة، فيما تواصل المحال التجارية والمقاهي في معظم مناطق وسط القاهرة إغلاق أبوابها نظراً لتدهور الأوضاع الأمنية. وقال التلفزيون الرسمي المصري ان رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة المصرية، الممسك بالسلطة في البلاد، سيلقي بيانا ليل الثلاثاء. *تصاعد الاضطرابات والعنف ويأتي الاعلان عن هذا البيان فيما يتوافد الاف المتظاهرين على ميدان التحرير تلبية لدعوة "مليونية الانقاذ الوطني" التي اطلقها الناشطون الشباب الذين يتظاهرون منذ السبت في ميدان التحرير لمطالبة المجلس العسكري بتسليم الحكم لسلطة مدنية. وكان المجلس الاعلى للقوات المسلحة، الممسك بالسلطة في مصر منذ اسقاط الرئيس السابق حسني مبارك في شباط/فبراير الماضي، دعا القوى السياسية الى "حوار عاجل" معترفا للمرة الاولى منذ بدء الاحتجاجات واسعة النطاق السبت ب"تفاقم الازمة". ولم يحدد التلفزيون الاحزاب والقوى السياسية المشاركة في الحوار الذي اعلن الاخوان المسلمون صباحا انهم سيحضرونه. وكان حزب الحرية والعدالة، التابع للاخوان، اعلن مساء الاثنين انه لن يشارك في التظاهرة "مليونية الانقاذ الوطني" لمطالبة المجلس العسكري بتسليم الحكم الى سلطة مدنية. ويتواصل توافد أعداد كبيرة من المتظاهرين معظمهم من طلاب الجامعات والمدارس الثانوية، الى الميدان الذي بلغ الازدحام فيه درجة كبيرة، في مشهد يشبه ما كان عليه الوضع خلال أحداث الثورة ضد نظام الرئيس السابق حسني مبارك خلال الفترة بين25 يناير/كانون الثاني و11 فبراير/شباط الفائت. وكتب عدد من الشباب المعتصمين، خصوصاً الذين يتولون مهام تأمين الإعتصام من مداخل ميدان التحرير ال5، أسماءهم وأرقام هوياتهم وعناوين منازلهم بالحبر الجاف على أجسادهم ليتسنى التعرّف عليهم في حال قتلوا. وكانت الاشتباكات بين قوات الأمن المركزي والمعتصمين في ميدان التحرير تجدَّدت في الساعات الأولى من صباح اليوم، في شارع محمد محمود المؤدي من الميدان إلى وزارة الداخلية. وأطلقت عناصر الأمن الغازات المسيلة للدموع وطلقات الصوت، فيما رد المعتصمون برشق الأمن بالحجارة. وطالب المتظاهرون برحيل المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة السلطة وتشكيل مجلس رئاسي مدني وحكومة إنقاذ وطني. ووصل أنصار المرشح المحتمل للرئاسة حازم صلاح أبو إسماعيل إلى ميدان التحرير باكراً للمشاركة في "مظاهرة مليونية"، مرددين هتافات "إسلامية إسلامية"، غير أن المعتصمين قابلوهم بالشتائم وكادت الأمور أن تصل إلى حد الاشتباك بالأيدي بسبب رفض المعتصمين رفع أية شعارات دينية أو حزبية بمقر الإعتصام. وغاب حازم أبو إسماعيل عن الميدان بعد وقوع تلك الإشتباكات التي تمثّل إستمراراً لرفض المعتصمين وجود أية قيادة سياسية أو حزبية بينهم بعد أن طردوا خلال اليومين السابقين كل من ممدوح حمزة الأمين العام للمجلس الوطني، ومحمد البلتاجي الأمين العام لحزب "الحرية والعدالة" المعبِّر عن جماعة الإخوان المسلمين، ومحمد سليم العوا المرشح المحتمل للرئاسة. وكان آلاف المتظاهرين في القاهرة قرروا بدء إعتصام مفتوح منذ ليل الجمعة – السبت الفائت للمطالبة برحيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن السلطة، وتشكيل مجلس رئاسي مدني وحكومة إنقاذ وطني لإدارة شؤون البلاد إلى حين إنتخاب رئيس جديد لمصر. وتطورت الأوضاع إلى مصادمات بين المعتصمين وبين عناصر الجيش والأمن المركزي، أسفرت بحسب آخر إحصائية أعلنتها وزارة الصحة المصرية عن مقتل 33 وإصابة نحو 1700 منذ يوم السبت الفائت. *مصر تواجه خطر الضياع الى ذلك حذر معهد "بروكنجز" الأمريكى من أن مصر تواجه خطر الضياع مع وقوع الاشتباكات فى ميدان التحرير والتى أودت بحياة الكثيرين وهى الأسوأ منذ الثورة. وقال شادى حميد، الباحث بالمركز، فى تقريره الذى أعده من قلب ميدان التحرير، إن الميدان أصبح هذه المرة أشبه بمنطقة الحرب مع وجود أكوام من الأنقاض والمتاريس وأبخرة الغاز المسيل للدموع. واعتبر التقرير أن الغضب والتوتر المتزايد هو نتاج لحكم المجلس العسكرى الذى أساء إدارة البلاد منذ تولى الحكم فى 11 فبراير الماضى، لكن المهم هذه المرة ليس حجم العنف، وإنما حقيقة أنه يحدث فى هذا الوقت قبيل أقل من أسبوع على الانتخابات البرلمانية، وقد بدأت دعوات المقاطعة أوالتأجيل تتعالى بالفعل بين بعض قوى المعارضة. ومن السهل أن نتخيل دوامة من الاضطرابات والعنف إذا ما اعتبرت الانتخابات غير شرعية من جانب عدد كبير من المصريين، والأسوأ من ذلك أن تتأجل تماما. وأوضح التقرير أنه منذ الثورة، لم تكن هناك هيئة واحدة تتمتع بشرعية حقيقية، فالشرعية تتطلب انتخابات، وهو ما يجعل الانتخابات القادمة مهمة للغاية لكل من المصريين وأى شخص آخر يتمنى أن يرى مصر تتحرك للأمام نحو الديمقراطية وقدر من الاستقرار. وتحدث بروكنجز عن الأخطاء التى ارتكبها المجلس العسكرى خلال الأشهر الماضية، وقال إنه منذ البداية لم يكن مدرباً على الحكم، وإذا كان هناك قدر من اللوم يقع على عائق المجلس العسكرى وإخفاقاته، فإن بعضاً من اللوم أيضاً يقع على عاتق المجتمع الدولى وتحديداً الولايات المتحدة، لفشلها فى التفكير بشكل خلاق عن الدور الذى تستطيع ويجب أن تقوم به. فبينما كان الرئيس الأمريكى باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلارى كلينتون يحثان المجلس العسكرى فى العلن على تخفيف قبضته على السلطة ويحذران من مغبة عدم الاستقرار فى حال عدم حدوث ذلك، إلا أن النصائح العامة والخاصة لم تعد تكفى، وأصبحت المخاطر عالية للغاية. ودعا التقرير الوايات المتحدة والاتحاد الأوروبى وكذلك القوى الإقليمية مثل تركيا إلى تنسيق مواقفها والتعبير عن دعمهم لنقل السلطة إلى قيادة مدنية، وقال إن الولايات المتحدة لا تتمتع بنفوذ على حكام مصر العسكريين الذين لا يعتقدون أنها قد تحجب عنهم المعونة، والآن يبدو أن الوقت قد حان لكى تجعل الولايات المتحدة المعونة مشروطة بجدول زمنى واضح لنقل السلطة، وهو ما يعنى عدم تأخير الانتخابات الرئاسية إلى أواخر 2012 أو 2013، ولكن فى وقت أقرب من ذلك، ويفضل فى إبريل المقبل على أن يكون هذا خطاً أحمر.( صحف ووكالات )