ما زال "شباب الثورة" الذين نجحوا في حشد المصريين لإسقاط حسني مبارك مطلع العام، يؤكدون انهم قادرون على التعبئة غير انهم يجدون صعوبة بالغة في مواجهة الاسلاميين، الاكثر تنظيما وانتشارا، الذين همشوهم في صناديق الاقتراع. ويعترف مصطفى حسين وهو طبيب ومدون معروف بان "الثوار انشغلوا عن الانتخابات بسبب فشل الفترة الانتقالية التي شهدت سلسلة من الكوارث" في اشارة الى الصدام بين المجلس العسكري الممسك بالسلطة منذ اسقاط مبارك في شباط/فبراير الماضي وبين شباب الثورة بسبب العنف ضد المتظاهرين والمحاكمات العسكرية لبعضهم. وحصلت الاحزاب الاسلامية على 65% من الاصوات خلال المرحلة الاولى من انتخابات مجلس الشعب التي تبدأ مرحلتها الثانية الاربعاء في تسع من محافظات البلاد ال 27. ونجحت بعض الاحزاب الليبرالية الجديدة، مثل احزاب "الكتلة المصرية" التي تضم خصوصا حزبي المصريين الاحرار الذي اسسه المليادرير نجيب ساويرس والحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي الذي اسسه احمد ابو الغار وهو طبيب معروف كان معارضا شرسا لنظام مبارك، في الفوز بحصة من اصوات الناخبين. ولكن ايا من المدونين المعروفين، الذين يعتبرون انفسهم حراسا للروح "الثورية"، لم ينجح حتى الان في الانتخابات. اما الائتلاف الانتخابي لشباب الثورة "الثورة مستمرة" الذي يضم حركات من اتجاهات سياسية متنوعة، فحقق نسبة ضعيفة في المرحلة الاولى للانتخابات اذ نال 3,3% فقط من اصوات الناخبين. وفشل جورج اسحاق وهو احد ابرز الوجوه المعارضة لنظام مبارك واحد مؤسسي حركة "كفاية" التي طالبت منذ العام 2004 بانهاء حكم الرئيس السابق في الانتخابات وهزم امام مرشح جماعة الاخوان اكرم الشاعر في بورسعيد (شمال شرق). وفي التاسع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر، احتل شباب الثورة مجددا ميدان التحرير (بؤرة الثورة ضد مبارك) نظام مبارك، للمطالبة باسقاط المجلس العسكري. ورغم انهم اثبتوا استمرار قدرتهم على التعبئة، فانهم لم ينجحوا في تحقيق هدفهم . وفيما كان كل تركيزهم منصبا على الاحتجاج على المجلس العسكري ومطالبته بتسليم السلطة الى حكومة مدنية، كان الاسلاميون منتشرين حول مكاتب الاقتراع. ويقول المحلل انطزان بصبوص من مرصد الدول العربية وهي مؤسسة بحثية مقرها باريس ان "شباب الثورة ليست لهم جذور حقيقية" في بلد تصل نسبة الاميين فيه الى 40% من سكانه. ويضيف "انهم يتمتعون بنفوذ في اوساط النخبة الحضرية التي تتعامل مع الانترنت ولكنهم يواجهون الاسلاميين المتواجدين في الشارع منذ 80 عاما". ويتابع "انهم منقسمون وليست لديهم استراتيجية سوى الاعتراض". ويؤكد مصطفى حسين ان الاحزاب الليبرالية وشباب الثورة "اعتقدوا انهم في منافسة ضد بعضهم في حين ان المنافسة الحقيقية بينهم وبين الاسلاميين". ورغم ذلك فان البعض يعتقد ان الحركة الشبابية التي اطلقت مطلع العام الربيع العربي في مصر لن تنطفئ. ويؤكد المدون والناشط اليساري حسام الحملاوي "انه ليس الفصل الختامي". ويضيف ان "الجنرالات (اعضاء المجلس العسكري) اثاروا امالا لدى الشعب بان يحل هذا البرلمان مشاكلهم في حين انها ليست اصلا من اختصاصه وبالتالي فان الناس ستزداد احباطا ولكن يكون امامهم الا النزول الى الشارع". وتقول الناشطة منى سيف، التي اسست حركة "لا للمحاكمات العسكرية" وهي حركة تتبنى قضايا الاف المدنيين الذين احيلوا الى القضاء العسكري منذ شباط/فبراير الماضي، انها لم تفاجأ بنتائج الانتخابات ولا بالدعم الشعبي الضعيف للمتظاهرين ضد الجيش. وقالت ان "الثوار بطبيعتهم هم طليعة شعوبهم" وبالتالي فلا مجال لاتهامهم بأنهم نخبويون ومقطوعي الصلة بالمجتمع. ويرى اخرون ان فشل شباب الثورة في حشد الاصوات في صناديق الاقتراع يرجع كذلك الى انهم يخوضون معركة غير متكافئة مع الاسلاميين. وتؤكد المدونة رشا عزب "اننا لا نعد الناخبين بالجنة وليست لدينا موارد او مشروعات اقتصادية لنعد الناس بوظائف كما يفعل الاخوان المسلمون".