تقرير - اظهر أكبر تجمع إقليمي ودولي احتضنته صنعاء يوم أمس-وفق مراقبين- دعما قويا لليمن وللرئيس عبدربه منصور هادي في قيادة المرحلة الانتقالية ومسار انجاز التسوية السياسية والحفاظ على استقرار اليمن الذي تتهدده صراعات سياسية وعسكرية كبيرة، في ضل الصعوبات التي تعترض تطبيق نصوص المبادرة الخليجية واليتها المزمنة، وفي المقدمة تجاذبات إطلاق مؤتمر الحوار الوطني الشامل. وكان القصر الرئاسي بالعاصمة اليمنية صنعاء قد شهد أمس احتفالا واجتماعا بمناسبة الذكرى الأولى لتوقيع اتفاق "المبادرة الخليجية" واليتها التنفيذية المزمنة في 23 نوفمبر 2011 في العاصمة السعودية الرياض، ضم لأول مرة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني، إضافة إلى سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والسفراء المعتمدين في اليمن، ومبعوث الأمم المتحدة إلى صنعاء جمال بن عمر وقادة الأحزاب السياسية اليمنية. ونظر مراقبون إلى الحدث بأهمية خاصة، لكونه متصل بحرج الموقف القائم في البلاد، وسط أنباء عن وجود صعوبات جدية في تطبيق مسار التسوية السياسية من خلال تصلب مواقف بعض الأطراف المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، المقرر انطلاقه أواخر الشهر الجاري او مطلع الشهر المقبل، خاصة قوى الحراك الجنوبي، التي لم تتفق حتى الآن على صيغة للمشاركة في هذا المؤتمر، إضافة إلى تمسك بعض الأطراف النافذة بنهج الفوضى وخيار المواجهات المسلحة، الأمر الذي سيدخل البلاد في أتون أزمة عميقة لا نهاية لها ، فضلا عن الصعوبات التي لا تزال تواجه الرئيس هادي في انهاء الانشقاق العسكري،وإعادة هيكلة مؤسستي الجيش والأمن. الحدث وان حاولت أطراف سياسية متطرفة ومعروفة كمصنع لانتاج واعادة انتاج الازمات ،تحريفه للنيل من الاخر بما يخدم توجهاتها لاسيما بغياب الرئيس السابق رئيس حزب المؤتمر -الموقع الرئيسسي على التسوية -عن الحدث الذي استثمر وصور بكونه مكرسا نحو صالح بما يعزز اتهاماتها الغير منقطعة والمخلة بالتوافق والوفاق ، غير أن مخرجاته عكست نفسها بجلاء غير قابل للصيد في المياه العكرة من خلال حديث الرئيس عبدربّه منصور هادي في المؤتمر الصحفي الذي اعقب اجتماع مشترك مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وأمين عام دول مجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني. ولإن حسم الجدل القائم حول مستقبل البلاد ومطالب انفصال الجنوب، مؤكدا ان الوحدة اليمنية خط أحمر وإنّها محمية بقرارات مجلس الأمن الدولي ،تعهد الرئيس هادي بإنجاح العملية السياسية على قاعدة المبادرة الخليجية واليتها المزمنة بنصوصها كاملة غير منقوصة ،مؤكدا انها-المبادرة-مرتبطة بدعم اقليمي ودولي-و تختلف عن أي اتفاق سابق بما فيها وثيقة العهد والاتفاق التي اعقب التوقيع عليها بين أطراف الصراع السياسي حرب 94 الأهلية ، مشيرا إلى تحضيرات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ستنتهي خلال أيام ايذانا بانطلاقه لمناقشة كل القضايا اليمنية تحت "خيمة الوحدة". مشددا بلغة صارمة على أن من يعمل على عرقلة الجهود المبذولة لتنفيذ المبادرة الخليجية أو يخرج عن الإجماع سيعاقب من قبل الشعب اليمني قبل الأمم المتحدة ومجلس التعاون الخليجي . الرئيس هادي وخلال المؤتمر الصحفي أكد أن كافة الأطراف اليمنية قدمت تنازلات في سبيل إخراج اليمن من الأزمة التي كادت تعصف به في العام الماضي وإنجاز التسوية السياسية لتحقيق التغيير عبر الانتقال السلمي للسلطة وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. وقال " لقد تنازل جميع الأطراف.. تنازل المؤتمر الشعبي العام- الحزب الحاكم سابقا- وأحزاب اللقاء المشترك ، ومن يساندون الشرعية الدستورية وأنصار الشرعية الثورية ،وكل الشعب اليمني تنازل من أجل الخروج بوطننا من تلك المرحلة وذهبنا إلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية". واضاف " لقد جسد أبناء الشعب اليمني التبادل السلمي للسلطة من خلال الانتخابات الرئاسية المبكرة.. حيث جرى تبادل سلمي للسلطة لأول مرة في تاريخ اليمن وبأسلوب حضاري ديمقراطي وعبر انتخابات حرة ومباشره وبإشراف وتعاون الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي والأصدقاء في الدول الخمس ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن ودول الاتحاد الأوروبي". وحول انطلاق الحوار الوطني ،قال الرئيس هادي ان تحضيرات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ستنجز في غضون الأيام القليلة القادمة ، وتم انجاز ما يزيد عن "95بالمائة " من أعمال التحضيرات ولم يتبق إلا الشيء القليل . وفي إجابته على سؤال عن نتائج التواصل مع ممثلي الحراك الجنوبي في الداخل و الخارج بغية إشراكهم في الحوار وتنوع المطالب.. قال الرئيس هادي:" بالنسبة للحراك الجنوبي هناك طرف يريد انفصال ويطالب بفك الارتباط وفي طرف أخر يريد الفيدرالية وفي طرف أخر يريد الحوار وسيشارك ضمن الحوار الوطني، وهناك اتصالات بيننا وبينهم ". وأضاف :" نتمنى من الجميع ان لا تفوتهم الفرصة في المشاركة في الحوار، وأما الذين يتحدثون عن فك الارتباط فعليهم ان يدركوا أن هناك قرارين لمجلس الأمن رقمي (2014) و (2051) ينصان على الحفاظ على أمن واستقرار ووحدة أراضي اليمن وأن اية معالجات لأية قضايا ستتم تحت سقف وحدة وأراضي اليمن الموحد، وأي نظام سيأتي يتبنى أقاليم ويجسد العدالة في كل منطقة فهذا شيء مقبول ويمكن طرحه في إطار الحوار. وشدد أن قراري مجلس الأمن والمبادرة الخليجية كانت واضحة فيما يتعلق بالحفاظ على أمن واستقرار ووحدة اليمن ، وذلك مانص عليه البند الأول من المبادرة الخليجية وتضمنه قراري مجلس الأمن . وأكد الرئيس هادي ان المبادرة الخليجية انطلقت من خلال قناعات إقليمية ودولية وهي مرعية بضمانات إقليمية ودولية والأمم المتحدة تتابع سير تنفيذها والشعب اليمني سينفذها تماما بكل إصرار وقوة. واضاف" ينبغي ان يكون واضحا في عقل كل يمني صحفي وإعلامي أو قيادي وسياسي أن المبادرة الخليجية هي ليست كوثيقة العهد والاتفاق وأن هذه المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية مربوطة بمجلس التعاون الخليجي وبالأمم المتحدة وبقراري مجلس الأمن 2014 و 2051 وعملياً سينفذ كل حرف فيها ومن يتطاول او يخرج عنها سيعاقبه الشعب اليمني قبل الأمم المتحدة ". وتابع :" يجب أن يستوعب الجميع أن الشعب اليمني هو الذي سيعاقب من يسعى لعرقلة المبادرة قبل ما تعاقبه قرارات الأمم المتحدة ". وعبر الرئيس هادي عن ثقته في ان الشعب اليمني قادر على التغلب على اية تحديات ويحقق المعجزات كما حدث وقت الانتخابات الرئاسية المبكرة ، داعيا الجميع وفي المقدمة الأحزاب والمنظمات الجماهيرية والشباب إلى ان يعززوا ثقتهم بأنفسهم ويتفاءلوا بالمستقبل وأن يدعموا المبادرة الخليجية و الحوار الوطني ليخرج اليمن من هذا المأزق الذي هو فيه .. وقال :" كلما تعززت الثقة في أنفسنا نستطيع تحقيق كل طموحاتنا ومثلما وصلنا في الأمس القريب إلى صناديق الاقتراع وتخطينا كل المتارس, سنصل إلى الحوار الوطني والى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والاستفتاء على الدستور الجديد بكل نجاح إن شاء الله تعالى". وكان هادي قد قلد الأمين العام للأمم المتحدة وسام الجمهورية فيما قلد الزياني وجمال بن عمر وسام 22 مايو تقديراً للجهود التي بذلوها لمساعدة اليمن في الخروج من الأزمة التي مرت بها . ويتوقع أن يصدر الرئيس هادي بعد هذا الحشد الدولي قرارات جمهورية من شأنها انها الانشقاق العسكري في صفوف قوات الجيش والأمن وانطلاق الحوار الوطني. وفي ذلك أكد الرئيس هادي أنه سيشرع قريباً بإعادة هيكلة الجيش والأمن على أسس وطنية بما يكفل إنهاء الانقسام، وأن لديه عزماً على تطهير البلاد من الإرهاب والتفرّغ للبناء والتنمية ، داعيا المجتمع الدولي لمساعدة اليمن لاستكمال المرحلة الانتقالية، معتبراً أن المبادرة "مثلت طوق النجاة الذي جنّب اليمن الدخول إلى المصير المجهول"، كما أكد أن الانتخابات البرلمانية والرئاسية ستجري في موعدها المحدد في فبراير/ شباط ،2014 وقال إن "الظرف الحالي لا يحتمل المكايدات السياسية المحبطة لتنفيذ المرحلة الثانية من المبادرة" . وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني قد التقيا أمس في صنعاء الرئيس هادي، وأكدا دعمهما لليمن إلى حين الخروج إلى بر الأمان، وتنفيذ المبادرة الخليجية بالكامل . وقال كي مون إن مجلس الأمن الدولي مستعد لفرض عقوبات على أي طرف يحاول عرقلة التسوية السياسية في اليمن ، مشددا على أن مؤتمر الحوار يجب أن يقود إلى الثقة في الدولة وعمل مؤسساتها على أساس سيادة القانون . كما أكد الزياني حرص مجلس التعاون الخليجي على اليمن وأهله، وأبدى تفاؤله بحكمة القادة اليمنيين في التوصل إلى حل سياسي في مؤتمر الحوار يبشر بعهد جديد . وكان الزياني وقع، أمس، مع وزير الخارجية اليمني أبوبكر القربي اتفاقية بشأن مقر مكتب الأمانة العامة لمجلس التعاون في صنعاء . كما أكد لرئيس حكومة الوفاق الوطني محمد سالم باسندوه، دعم قادة دول مجلس التعاون للجهود التي تقوم بها الحكومة اليمنية من أجل تعزيز الأمن والاستقرار ومواصلة عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.