كثرت الأخبار التي تفيد بظهور (مهدي) منتظر هنا أو هناك، فمرة في الطائف ومرة في مكة وأخرى في المدينة ولم يقتصر الأمر على المهديين السعوديين أو العرب المقيمين في السعودية كما حدث مؤخرا، بل امتد إلى أماكن أخرى في العالم العربي والإسلامي، وإن كان البعض قد عزا الأمر إلى اعتقاد الناس بقرب حلول يوم القيامة، نظرا إلى انتشار الفتن وكثرة سفك الدماء واستهداف الدين، إلا أنني أرى من وجهة نظري المتواضعة أن الأمر لا علاقة له بالدين إطلاقا، بل هو رغبة قوية وملحة لدى الشعوب في الخلاص من الواقع المر والمؤلم إلى عالم آخر يحمل الكثير من البشارات بالنصر والعزة والسلام والحرية والقوة والمنعة وهذه الأشياء في مجملها ما يفتقده الناس في واقعهم ويسعون إليه في أحلامهم التي استفحلت حتى غدت أوهاما تعلق على شماعة (المهدي)، فقد خاضت الشعوب في الآونة الأخيرة تجربة نقل العالم الافتراضي إلى العالم الواقعي فأصبحت المجتمعات القوية على الإنترنت بين ليلة وضحاها عالما واقعيا على الأرض. إلا أن هذا النقل لم يحقق ما يصبو إليه هؤلاء على المدى البعيد، ولم يغير الواقع المؤلم بالسرعة التي كانوا يتوقعونها، ولم يفق هؤلاء حتى الآن من صدمة قصور النظام ووجود ثغرات استطاع (الهاكرز) في العالم الافتراضي أو البلطجية في النسخة الواقعية من هذا العالم، استطاعوا النفاذ منها لتخريب السيرفر بأكمله. كان العالم الافتراضي لعبة مجموعة من الشباب الواعي المثقف ثقافة تكنولوجية جيدة، لكن الأكبر منهم سنا والذين لا يفهمون لغة الافتراضي قد لجؤوا إلى المتخيل أو المتوهم الذي أسعفهم به التراث، ولأن القيادة مطلب مهم لكل مسيرة أو حراك أو مجموعة حتى لا تتنازع الآراء فيفشلوا وتذهب ريحهم، فسوف تلجأ المجتمعات القادمة من العوالم الافتراضية إلى نقل أو استحداث أو بعث بعض الرموز والقيادات كبدائل منطقية بعد سقوط الرموز السابقة أو إسقاطها، لذلك لا نستغرب ظهور المهدي المناسب للمرحلة الحالية، ولن نستبعد نزول سوبر مان وأبطال الديجتال من عالمهم الافتراضي إلى الشارع وقد يحتاج الأمر إلى استدعاء سلاحف النينجا، كل ما يجب علينا في مثل هذه الحالة ألا ننتخب مهديا ولا بطلا من أبطال الديجيتال أو النينجا قبل الاطلاع على أجندته ومناقشته فيها لكي لا يفسد حتى عالمنا الافتراضي.
