أثار رحيل الشاعر والسياسي اليمني *فؤاد الحميري*، أحد أبرز وجوه ساحة التغيير في صنعاء عام 2011، موجة جدل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي ففي الوقت الذي نعاه فيه مثقفون وناشطون باعتباره صوتًا شعريًا وثوريًا بارزًا، رفض عدد من أنصار المؤتمر الشعبي العام الترحم عليه، متهمين إياه بالمشاركة في ما وصفوه ب"فتنة الربيع العربي"، والإساءة إلى الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، حتى بعد مقتله في ديسمبر 2017. \وفي خضم هذا الجدل، خرج *صلاح الحميري*، شقيق الراحل، عن صمته، كاشفًا عن تفاصيل مأساوية ألمّت بأسرة فؤاد الحميري عقب وفاته مباشرة، حيث قال إن نجله البكر *أحمد* دخل في اليوم نفسه إلى قسم الغسيل الكلوي نتيجة فشل كلوي مفاجئ، كما أظهرت نتائج الفحوصات إصابة زوجته بورم سرطاني، يتطلب استئصال الرحم جراحيًا. وفي سياق آخر، نفى صلاح الحميري الأنباء التي ترددت عن اعتقال أو سجن شقيقه من قبل أنصار الله (الحوثيين)، موضحًا أن بداية مرضه كانت نتيجة *تعرضه للتسميم خلال مشاركته في مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء عام 2013*، حيث دخل إثر ذلك مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا، ومكث فيه أكثر من 20 يومًا. وأكد أن *مضاعفات السم ظهرت لاحقًا وتسببت له بفشل كلوي، لتبدأ بعدها رحلة معاناة طويلة مع المرض*. ووفق صلاح الحميري فقد عانى شقيقة من المرض قبل وفاته حيث قال *"منذ أسبوع تقريبًا اشتد عليه المرض، دخل العناية المركزة، تجمعت سوائل في الرئة وتوقفت عن العمل، وتوقفت الكلى المزروعة عن العمل أيضًا، إلى جانب الجهاز الهضمي. كان الأمل قائمًا بتحسن حالته وعودة الدماغ للعمل، وكان الأطباء يخططون لزراعة كلى أخرى في حال استقرت صحته."* هذا التداخل بين الحزن الإنساني والانقسام السياسي يعيد إلى الواجهة تساؤلات قديمة حول مستقبل التعايش بين الخصوم في اليمن، وحول جدوى التشفّي بالموت والمرض، في بلد أنهكته الصراعات. رحيل فؤاد الحميري لا يزال حديث الناس، بين من رأى فيه "رمزًا للثورة" ومن اعتبره "محرّضًا"، لكن ما لا يختلف عليه اثنان هو أن المرض والموت لا يفرّقان بين أحد، ولا يجوز الشماتة بهما. ((وقال الصحفي طاهر مثنى حزام القيادي في حزب المؤتمر الشعبيالعام((إنسانيًا وإسلاميًا ووطنياً… الله يرحم الشاعرفؤاد الحميري، والرحمة لكل عباده. لم أختلف معه شخصيًا بل سياسيًا فقط، ومن العيب أن نتشفى برحيل شخص، فكلنا إلى زوال. هناك من يتشفى بالزعيم علي عبدالله صالح، أو بالشيخ الزنداني، أو حتى بالح وثي، وأكرر: الله يرحمهم جميعًا. الشماتة لا تورث إلا الحقد، ولا تليق بمن ينتمي لأخلاق اليمنيين."* هذا التداخل بين الحزن الإنساني والانقسام السياسي يعيد إلى الواجهة تساؤلات قديمة حول مستقبل التعايش بين الخصوم في اليمن، وحول جدوى التشفّي بالموت والمرض، في بلد أنهكته الصراعات. رحيل فؤاد الحميري لا يزال حديث الناس، بين من رأى فيه "رمزًا للثورة" ومن اعتبره "محرّضًا"، لكن ما لا يختلف عليه اثنان هو أن المرض والموت لا يفرّقان بين أحد، ولا يجوز الشماتة بهما. غير ان هناك من ترحم عليه لكنه انتقده كونه بالغ في الخصومة لصالح جماعته كما يقول الكاتب ماجد زايد الذي كتب مقالا قال فيه ( رحمة الله عليه، #فؤاد_الحميري كنموذج يمني عن النبوغ المُجيّر لصالح إيديولوجيا. عن الجماعات الفكرية بينما تستقطب الشباب الموهوبين منذ بداياتهم، لتجعلهم آلات تعمل داخل قفص محكم الإغلاق، لتلقي بهم في النهاية كي يموتوا غرباء، بعد استهلاكهم وقتل أفكارهم ومواهبهم. الإنسان المبدع فكريًا وأدبيًا وخطابيًا، حين يجد حياته بداخل قفص مرصع بالإيدلوجيا دون قدرة على الرفض والتمرد، يصبح مجرد صدى لما هو أعلى منه. فؤاد الحميري، كشاعر، وخطيب، وربما مفكر، خسر كل هباته لصالح جماعة سياسية استهلكته وأنهكته وألقت به متعبًا، عليلًا، فاقدًا لكل أحلام الحياة، هذا ما يحدث حين يلقي الإنسان المبدع بنفسه لصالح جماعات مطلقة الأفكار، ينتهي به المطاف بلا ذات أو إنجازات، الإيديولوجيا لا تقتل الإنسان فحسب، بل تقتل الخيال وتزهق النبوغ وتحبس القدرات لصالحها. الإبداع يحتاج إلى حرية، إلى تمرد، إلى ذات مكتملة التحكم بذاتها. فؤاد الحميري مات قبل زمن، حينما جعل من نفسه ومواهبه أداةً للآخرين، تخلى عن نبوغه وسلم ذاته لجماعة، ليعيش معها في سجن شديد العناء، فؤاد لم يمنح حياته أحقية الخيال والإبداع، لم يجعل صوته خطيبًا للجموع المتلهفة للأفكار والسلام، لم يعط نفسه حقها، لم يطلق العنان لحياته كلها، لم يتعامل بأنانية لأجل ذاته وأسرته وموهبته، وهذا خطأ عظيم. الحميري فؤاد واحد من نوابغ اليمن في فترة من الفترات، لكنه ضحية لفداحة الإيدلوجيا المطلقة. رحمة الله عليه، خالص العزاء والمواساة. ماجد زايد)