حشد كبير كان في وادع فقيد اليمن، الدكتور عبد العظيم العمري، الذي توفي الاثنين الماضي، فكانت جنازته والحشد المهيب الذي حضرها دليلاً على المكانة التي يحتلها هذا الرجل في قلوب الناس، الذي عبروا عن حزنهم العميق لرحيل هذا الشخصية التربوية الفذة، والمشهود لها بالمناب والصفات التي يندر أن تجتمع في رجل. تحدث كثيرون عن مناقب الفقيد الراحل، وعن جهوده وأدواره في مختلف المجالات، وأوضحوا مقدار الخسارة الكبيرة التي مثلها رحيله. الأمين العام المساعد للإصلاح شيخان الدبعي قال أن الدكتور عبدالعظيم العمري –رحمه الله- كان يشكل ركناً للعمل الإسلامي في اليمن، وبالذات في أمانة العاصمة، كما كان قدوة في سلوكه وتعامله وكرمه، وبذله وتضحياته، وأضاف "بقي خادماً للدعوة دون الالتفات لمغنم يناله، ويقدم ولا ينتظر" ويؤكد أن الفقيد العمري كان بالنسبة لأمانة العاصمة الأب الحنون لكل الأفراد، ويحاول أن يكون معهم ويساعدهم ويعمل على حل قضاياهم، وكان له جهوده في العمل الدعوي والخيري والاجتماعي والتنظيمي، فهو برأيه رجل "متعدد المواهب" مشيراً إلى تركه لتخصصه ومهنته في الطب منذ وقت مبكر رغم أنه مشهود له بنبوغه في عمله، لكنه آثر العمل الإسلامي. ويعتبر الكاتب أحمد قائد الأسودي الحديث عن الدكتور العمري أمر صعب جداً، لأنه يرى أن كل ما في الفقيد الراحل ميزات، ويقول "لم أجد فيه شيء يعاب" مشيراً إلى صفات الرجولة والبذل والتضحية التي تمتع بها، إضافة إلى البسمة الدائمة في زمن شحت في الابتسامات. ويضيف الأسودي "اتجه الدكتور عبدالعظيم إلى العطاء دون الأخذ، فكان من الناس القلائل جداً الذين لا يحسبون للمردود، فهو زاهد بمعنى الكلمة مع قدرته على الأخذ والحصول على أشياء شخصية، كانت تساعده في ذلك شخصيته، لكنه آثر العمل صامتاً، ولم اسمعه يوماً يتحدث عن منجزات، فكان يعمل أشياء لا يتحدث عنه هو، وإنما يتحدث عنها الآخرون، فكان يتواضع رغم عطاءه إلى درجة أن تقول أنه لا يعمل شيئاَ" ويذهب الأسودي إلى أن الفقيد كان من الذين يحملون الدعوة ولا تحملهم. ويؤكد أن العمري كان ضميره وقلبه وعقله في الدين والدعوة، ويتعامل مع الناس تعاملاً واحداً رغم موقعه، وكان يفاجئ من يحدثه أن يصغي إليه وكأنه يسمع حديثه لأول مرة، رغم أنه كان يعلم ما يقوله المتحدث. ويرى أن رحيله خسارة كبيرة، حيث كان رجلاً يحتوي الغرباء في صنعاء، وتعرف صنعاء من خلاله، ويضيف بحزن "شعرت بالغربة في صنعاء من ساعة وفاته". ويتفق معه الشيخ زيد الغيلي "الأمين العام لجمعية تعليم القرآن الكريم في أن الدكتور عبدالعظيم كان واهباً نفسه للدعوة طول حياته، وكان لا يبخل لا بنفسه ولا بماله ولا بشيء، وإنما كان كل وقته في سبيل الدعوة، وفي سبيل الوطن والأمة، داعياً الله أن يغفر له وأن يلحقنا بعده صالحين. أما رجل الأعمال "محمد اليمني" -وهو أحد جيران الفقيد- فيقول "الدكتور عبد العظيم أنظف من رأيت، وأرحم من وجدت في حياتي، كان مرضه شديداً لكنه كان صبوراً، نسأل الله له الرحمة والمغفرة". أما رفيقه الدكتور علوي باعبيد، فقد أكد معرفته للفقيد العمري منذ 25عاماً فكان رجلاً فاضلاً دمث الأخلاق، وهادئاً يستوعب الجميع ولا يتعصب لرأيه، كما أنه كريم النفس بشكل لا يمكن وصفه. ونوه باعبيد لمرافقته للفقيد أثناء سفره للعلاج في المانيا في أغسطس العام الماضي، ويقول عن ذلك "كان أخاً، ومثلاُ للأخلاق الراقية" وتابع "لم أشعر إني أرافق مريض، بل أخ يسمع ويناقش" وأكد "حتى وهو مريض لم يكن له أن يبقى في العلاج، لكنه كان متحركاً يحاضر وينافح عما يؤمن به" مؤكداً أن وفاته خسارة كبيرة لوطن هو بحاجة له ولأمثاله من المخلصين. رئيس هيئة شورى الإصلاح بمحافظة ذمار حسن اليعري أكد أن الدكتور عبدالعظيم العمري قامة وطنية وإصلاحية كبيرة، ومثل رحيله خسارة كبيرة للإصلاح وللوطن، ويقول "عمل هذا الرجل لأكثر من ثلاثة عقود في الحركة الإسلامية، فقدم لوطنه وحركته وفي زهرة شبابه جهوداً كبيرة وأعمالاً عظيمة" ويؤكد اليعري أن الفقيد العمري "عاش متجرداً لدعوته ودينه ووطنه، يختفي خلف الأضواء، ويعمل بصمت، ودون ضجيج، فقد أخرج حظ النفس، وحب الذات، وعرف برجاحة عقله، وسعة صدره، وبُعد نظره، وكان مثالاُ للقائد القدوة، رحمه الله رحمة واسعة". الشيخ محمد الوقشي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة صنعاء، رأى في الفيد أنه الدكتور المربي الفاضل وأضاف "قد يجهله عامة الناس، لكن كثيرون يعرفونه مربياً فاضلاً مجاهداً داعية إلى الله تعالى، ذو أخلاق فاضلة، ممن نحسبه من الذين لو أقسم على الله لأبره، فقد عرفناه من الناس الأتقياء الأخفياء، وممن قدموا للعمل الدعوي والتربوي، كما أنه من كبار قيادات الإصلاح". ويتابع الوقشي حديثه "وهو كذلك رجل صامت هادئ لا يحب الظهور والبروز، لكن له أثرة واضحة من خلال جنازته، كما قال الإمام أحمد بن حنبل بيننا وبينهم الجنائز، وقد رأينا حضور الناس حتى بدون أي دعوة، هذا يدل على أن الرجل ذو مكانة، ونسأل الله أن يجعل له مكانة عنده تعالى، وأن يغفر له ويرحمه". الأستاذ مقبل العباهي بدا متأثراً بالرحيل المؤلم وقال أن "الدكتور عبدالعظيم العمري موته بالنسبة لنا مصيبة، ولكن لا نملك إلا أن نقول إنا لله وإنا إليه راجعون كما أمر الله، وهو بالنسبة لي رفيق درب أكثر من 25عاماً وهذا الرجل من أندر الرجال الذين عرفتهم في تواضعهم وربانيتهم وبساطتهم، برغم المكانة التي كان يعتليها، ونحن محزونون إلا أن إرادة الله عز وجل شاءت أن يختاره إلى جواره، فلا نملك إلا أن نقول إنا على فراقه لمحزونون، والعين تدمع". واعتبر عباس المؤيد رحيل الدكتور عبد العظيم العمري يمثل ثلمة كبيرة، فهو بنظره رجل عظيم، يتمتع بأخلاق عالية، واستطرد "هو فعلاً كبير سواء في مستوى قدراته العقلية والفكرية، أو في أخلاقه التي يتمتع بها، فقد رأيناه دائماً يحب الجميع، ويحنو على الجميع، ويتعاون مع الجميع، ويقدم خدماته للجميع، دون محاباة ودون النظر إلى الآخرين" وتابع "الملاحظ أنه لا أحد يزوره أو يجلس معه إلا ويضيف إليك معلومات أو خبرات جديدة أو يخفف عنك كثير من المشاكل والهموم التي تحملها". أما رئيس كتلة الإصلاح البرلمانية زيد الشامي فقد قال وهو يواري دموعه "لا شك أن غياب الدكتور عبدالعظيم العمري خسارة كبيرة، ليس علينا فقط وإنما على البلاد كلها، فقد كان رجلاً عظيماً، خدوماً، مضحياً، مربياً، وكان قائداً حكيماً وصاحب رأي وصاحب فكر، نسأل الله أن يتقبله في الصالحين وأن يحشره في المهديين". ومثله رئيس المكتب التنفيذي للإصلاح بأمانة العاصمة أحمد محرم الذي تحدث بالقول "أولاً أسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه الفردوس الأعلى" ثم تابع "الأخ عبدالعظيم العمري كان من خيرة الرجال الذين عرفتهم في حياتي، كان رفيق درب، وهو رجل يتمتع بالأخلاق الكريمة، واسع الصدر، سمح الأخلاق" واستعرض صفاة الفقيد الراحل بأنه كان رجل عامل مدى حياته، واعتبر رحيله يشكل خسارة كبيرة جداً ولا سيما في هذا الزمن، لأنه –حسب محرم- كان رجل يتفهم متطلبات هذه الأمة، ويدلي بالرأي الراجح الذي يسهم في صلاح الأمة. رئيس نقابة المعلمين اليمنيين النائب فؤاد دحابة قال "الدكتور عبدالعظيم كان رجلاً عظيماً، ظهرت عظمته جلية اليوم، في الأعداد الكبيرة التي حضرت جنازته، وهي تدعو له بالمغفرة والرحمة، آلاف مؤلفة من الشباب الذين تربوا على يديه وعلى أيدي تلاميذه، فجزاه الله عن اليمنيين عموماً وعن شباب الدعوة على وجه الخصوص خيراً، ونسأل الله تعالى أن يرزقنا السير على دربه، والوفاء له بعد مماته بأن لا ننساه من الدعاء، ونسأل الله تعالى أن يكثر من أبناء اليمن من أمثاله". بينما استعرض المهندس عبدالله محسن الأكوع بعضاً من مناقب فقيد الوطن بالقول "رحم الله الدكتور عبدالعظيم، كان من لا يعرفه يحسن أنه يعرفه من أول لقاء، كان ودوداً بشوشاً متواضعاً، وكما نقول دائماً كان لا يحب الأضواء، ولا يحب الظهور، سواء في عمله الاجتماعي أو المهني أو السياسي، وكان كما عرفته –رحمه الله- يحب أن يكون عمله متقناً وكان يحرص على الإتقان في كل مهامه". ويتابع الأكوع قائلاً "زرته في مرضه قبل عدة أشهر وهو في البيت، ورغم مرضه الشديد كان يقوم بالكشف على أشخاص يأتوا إلى بيته من المحتاجين والأهل والأقارب، وقد زرته أيضاً قبل وفاته بساعتين، فقد مر بمرحلة ابتلاء نسأل الله أن يجعلها كفارة له وأن يرحمه ويجعله في الصالحين" وأكد أنه يجب أن يدرك الجميع أن ما يمثله عبدالعظيم العمري من فكر ومحبة وصدق وإخلاص تُرجم اليوم في هذه الجنازة المهيبة التي شهدت حضوراً لم يكن متوقعاً أبداً، وأضاف "وإذا كان عبدالعظيم العمري رحل، لكن أخلاقه وقيمه ومآثره لا تزال فينا باقية، نسأل الله له الرحمة، ولأهله ومحبيه الصبر والسلوان". أما عبدالله جبران الفرزعي فرأى في الدكتور عبدالعظيم رحمة الله عليه هامة من الهامات الكبيرة، كما أن رحيله خسارة للوطن وللشباب وللعظماء الذين يحملون هم الأمة في قلوبهم" سائلاً الله أن يرحمه وأن يتقبله في الفردوس الأعلى.