أصدرت منظمة هيومان رايتس ووتش الحقوقية، تقريرا جديدا أمس الأحد، يوثق الأوضاع البائسة للذين يفرون من الفقر والصراع المسلح فى إفريقيا، كى يجدوا أنفسهم عرضة لإساءة المعاملة على أيدى المتاجرين بالبشر المدعومين من بعض ضباط الأمن الحكوميين فى اليمن. ويقع التقرير فى اثنتين وثمانين صفحة بعنوان "معسكرات التعذيب فى اليمن: إساءة معاملة المهاجرين على يد تجار البشر فى مناخ من الإفلات من العقوبة" وحث مسئولى الحدود اليمنيين على بذل جهود إضافية لمعاقبة المهربين، ولحماية المهاجرين من سوء المعاملة والاغتصاب والابتزاز على أيدى المهربين. ويرحل عشرات الآلاف من الأفارقة فى رحلة محفوفة بالمخاطر من القرن الإفريقى عبر خليج عدن إلى اليمن، أفقر الدول العربية. ومن هناك يعبر الرجال والنساء والأطفال بشكل غير مشروع إلى المملكة العربية السعودية بحثا عن العمل وعن أوضاع معيشية أفضل. ووجد التقرير أن بعض حراس الحدود وقوات الأمن فى اليمن يتلقون رشاوى إما لغض الطرف أو فى بعض الحالات الأخرى بلعب دور فعال فى عملية التهريب، وطبقا للمهربين والمهاجرين الذين التقتهم هيومان رايتس واتش، فإن مسئولين أمنيين فى اليمن ألقوا القبض على بعض المهاجرين وباعوهم لتجار بشر. وقال التقرير إن عمليات تهريب المهاجرين من أجل "الاتجار والابتزاز تقدر بعدة ملايين من الدولارات"، وفى بلدة حرضاليمنية الحدودية يقوم 80% من الاقتصاد على هذه التجارة غير المشروعة، بحسب ما ذكر مسئول يمنى فى التقرير. وقال أحد الباحثين البارزين فى التقرير للأسوشيتد برس إن المهربين والمهاجرين يقولون إن مسئولى الحدود يتلقون رشاوى نقدية وفى أوقات أخرى يتلقون رشاوى على هيئة مخدر القات واسع الانتشار فى اليمن. ووجد التقرير أنه على الجانب اليمنى "يظهر أن هناك إفلاتا كاملا من العقاب من جهة قوات الأمن المتورطة فى عملية الاتجار"، علاوة على ذلك فإن المهربين يتحكمون فى اثنى عشر معسكرا منعزلا "معروفا لدى الحكومة اليمنية"، حيث يتم احتجاز آلاف المهاجرين فى ظروف مرعبة، وخلال الفترة من مارس إلى مايو من العام الماضى أغارت قوات الأمن اليمنية على بعض هذه المعسكرات، لكن لم يتم إصدار أحكام ضد على أى من المهربين أو المسئولين الأمنيين أو معاقبتهم، بحسب هيومان رايتس ووتش. وقال المهاجرون إنهم عذبوا وعلقوا من أصابع إبهامهم لساعات وحرقوا وضربوا فى المعسكرات، وقالت النساء والأطفال للجماعة الحقوقية إنهم كانوا يغتصبون على يد المهربين حتى يرسل أحد أفراد العائلة مزيدا من المال للمهربين. ونقل التقرير عن آرايا غيبريميدين (16 سنة) أحد الناجين قوله إنه عندما هاتف والدته من أحد المعسكرات اليمنية لإرسال أموال أكثر، قالت "لدى بقرة واحدة ولن يشتريها أحدا، إذا قاموا بإيذائك، فسيقومون بذلك، لا أستطيع أن أفعل شيئا لك". كانت وزارة الدفاع اليمنية قد أرسلت لمنظمة هيومان رايتس ووتش خطابا يفيد بأنه لا دليل هناك على وجود تواطؤ من جانب المسئولين اليمنيين. وقال إريك غولدشتاين، نائب مدير الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فى هيومان رايتس ووتش إن اليمن يحتاج إلى ألا يظهر "أى تسامح" تجاه المتاجرين فى البشر الذين يستغلون حاجتهم الشديدة لإيجاد عمل.
وقال "عندما ترى المهربين يشحنون الناس علنا فى شاحنات فى وسط حرض، تعرف أن السلطات تغض بصرها عما يحدث".
ويقول أحد المشاركين فى وضع التقرير "الدافع الحقيقى لكتابة هذا التقرير هو محاولة إيجاد طريقة لإرسال معلومات كهذه إلى إثيوبيا وكل مكان لمن يفكرون فى الشروع فى تلك الرحلة".