أحد أهم نقاط القوة لدى الحوثي الآن يرجع إلى تخلي أحزاب المشترك وتنكرها للشارع الذي أوصلها إلى الحكم , وهو ما أغرى الحوثي لاقتناص الفرصة وتهييج الشارع ضد هذه الأحزاب التي أوهمت الشارع بأنها المنقذ له لتفاجئ الجميع بموافقتها على اقرار جرعة ظالمة ليس بمقدور أحد بما فيها قواعد هذه الأحزاب من ايجاد تبرير منطقي لها , ومثلما استطاعت أحزاب المشترك أن تزيح علي صالح من السلطة باستغلالها تراكم أخطائه يستغل الحوثي الفرصة ذاتها , وسيكون بمقدوره تحقيق مكاسب أكبر لو أنه حافظ على موقعه هذا وممارسة الضغط من خارج أسوار السلطة حتى لا يقع في ذات الفخ ويكتشف أن بريق السلطة خداع , وما نعجز عن فهمه الآن وهو ما ينبغي أن نسعى إليه , أنه بدلاً من محاسبة الأحزاب التي تنكرت لنا وخدعت الشارع ذهبنا نحاكم الحوثي لماذا يستغل الفرص , وهو تفكير قاصر . أياً كان ما ينوي عليه الحوثي أو ما يبطنه , هو الآن يتحرك في المنطقة التي تكسبه شعبية تتعاظم كل يوم وتكبر , وبالتالي يحتاج إلى خبرة سياسية ترسم له خريطة التعامل مع القوى المخالفة له , ويحتاج أن يرسل رسائل ايجابية للفئة التي لا توافقه في المذهب ولا في الثقافة ولا في رؤيته لشكل الحكم في المستقبل , حتى لا يرتكب ذات الغلطة التي ارتكبها سابقوه عندما تمكنوا من القوة والحكم فأصابهم الغرور ولم يروا في السماء غير نجمهم الذي آفل سريعاً في سواد ليل الفساد الذي مارسوه .
في قضاء حوائج الناس وتحقيق طموحاتهم لا يهم معتقد الحاكم ولا ديانته في مقابل أن يقبل بالتنوع والآخر ويتيح للجميع حرية الفكر والمعتقد والممارسة كما صنعت أنظمة الدول المحترمة في العالم , وسيكون على الحوثي تمرين قياداته قبل أفراده على كبح هوسهم بالتفرد بلون واحد ومذهب واحد , وينبغي أن لا يغتر بهذه الجموع التي تخرج معه وتحارب معه الآن فهي ذاتها الجموع التي حاربت مع غيره في جولات الصراع على الكرسي والحكم والسلطة سابقاً , وهي الجموع التي تبحث عن مصلحتها الذاتية في تحقيق فرص عيش محترمة لها ومن تعول .