أن تطلب قوة سياسية من أتباعها الصراخ بشعاراتها التي تؤمن بها ، هذا شأن داخلي يعنيها فقط ولا يعني أحداً سواها ، ولها أيضاً حق اختيار ما تشاء من شعارات مهما بدت تلك الشعارات غريبة للآخرين. أقول ذلك وأنا أقرأ تعميما أمس لجماعة الحوثيين يوجه أنصارهم الذين خرجوا خلال الأسبوعين الماضيين في مظاهرات ومسيرات مناهضة للحكومة التي قامت برفع الدعم عن المشتقات النفطية، بترديد الصرخة الشهيرة بهم في تمام الساعة التاسعة مساءً.
هذه الفكرة التي بدت غريبة لي وللكثيرين من ألوان سياسية شتى، أضرت بتحركات التيار الحامل للواء الدفاع عن الفقراء والمساكين وبالحراك الشعبي العام المناهض للحكومة.
فالتعميم من جهة أشهر دليلاً قطعياً على أن ما يجري على الأرض ليس "ثورة شعبية" كما يردد الحوثيون في وسائل إعلامهم ليل نهار ، بل هو حراك سياسي للحوثيين فقط لا غير لهم فيه مآرب ربما غير مفصولة عن الدفاع عن الكادحين. والتعميم من جهة أخرى أحرج كثيراً من القوى السياسية الأخرى التي ارتأت مشاركة الحوثيين في مسيراتهم ومظاهراتهم وتصعيدهم لا سيما قوى اليسار، وكذلك المستقلين والمنتسبين لمنظمات المجتمع المدني والاتحادات الجماهيرية.
وهو من جهة أخرى يرسخ شكوكاً تحوم حول مرجعية أنصار الله الفكرية لثورة إيران الإسلامية وأنها قد تكون نسخة أخرى منها. فبعد أن انتشر التعميم في مواقع التواصل، تناقل ناشطون عبارات من كتاب " إيران تستيقظ" للحائزة على جائزة نوبل الإيرانية " شيرين عياد" ، تشير العبارات إلى أن هذا الإجراء التصعيدي "الهتافات بالصرخة" وتحديداً "التاسعة مساء" كان موجوداً إبان الثورة الإسلامية في إيران بتوجيهات من آية الله العظمى حينها.
كان المفترض بأنصار الله بعد أن أدركوا أنهم وقعوا في "ورطة" نشر هذا التعميم؛ جراء الامتعاض الشديد من مناصريهم ومن التفوا حولهم من غير المنتسبين إلى الجماعة، أن يعتذروا عن هذا الخطأ "الفادح" غير المقصود ، كما اعتذروا من قبل للمؤتمريين على لسان الأستاذ علي البخيتي عضو مكتبهم السياسي عن أخبار حملت إساءة للرئيس السابق رئيس المؤتمر الشعبي العام، نشرها موقعهم الرسمي "موقع أنصار الله" ، لكنهم وقعوا في خطأ أكبر يتمثل بنفي خبر التعميم جملة وتفصيلاً، و اتهام الآخرين بالتآمر على "الثورة".