وليام فاف، كاتب ومحلل سياسي أميركي هاشم عبد العزيز ليس وحيدا، بل يأتي في تعداد جيش جرار في هذا المجال؛ لكنه ربما صار الأول الذي يخرج عن "النصب" من تناول السياسيات الأميركية إلى النصح بسياسات بديلة تجاه ما أسماه "العالم العربي الجديد" الذي بدأ ميلاده مع صعود "الثورة الجديدة" كما في تونس ومصر والتي وصفها ب"العصيبة". في موضوع "أميركا والعالم العربي الجديد" الذي أعادت نشره "السياسية" الثلاثاء ال22 الجاري، يعرض وليام فاف -بإيجاز ولكن بتركيز- التطورات وتداعياتها، يقول إن "المعروف عن الثورات أنها تلتهم أبنائها؛ لكن هؤلاء الذين صنعوا الثورة الجديدة في الشرق الأوسط يبدون من النوع العصبي على الابتلاع"، يشير إلى أنه "وبعد تلك الثورة يجد الإسرائيليون أنفسهم وقد أصبحوا في خطر أكبر. أما بالنسبة للولايات المتحدة فتجد نفسها في وضع مزعج؛ فإما التخلي عن سياستها التقليدية في دعم الأنظمة السلطوية، وإما إعادة التموضع إلى جانب قوى المعارضة". وليام فاف يفترض أن معظم المعلقين والمستشارين الأميركيين "سيفضلون الخيار الثاني على أمل إخضاع تلك القوى في نهاية المطاف"؛ لكنه يربط هذا الافتراض بترجيح ان هذا الخيار سيعرض العلاقات الأميركية – "الإسرائيلية" للخطر، مع ما سيترتب على ذلك من عواقب وخيمة على الطرفين حد زعمه، ليطلق بعد ذلك خيارا ثالثا في ضوء هذا المسح ويقول: "يمكن للولايات المتحدة أن توقف تدخلاتها في الشرق الأوسط وتشتري احتياجاتها النفطية في السوق الحرة حيث تتوافر بسهولة، تشجع "إسرائيل" على تغيير سياستها حيال السلام مع العرب. وهو يعود إلى المتوقع خلال المرحلة المقبلة في المنطقة العربية. بعد أن كانت أميركا تلعب على انقسام بين ال"معتدلين" وبين ال"ممانعين" قبل الميلاد العربي الجديد يقول: "من المتوقع خلال المرحلة المقبلة أن تحاول أميركا كسب الطرفين فترسل مبعوثين إلى الثوار كي تكسب ودهم، فيما ترسل مبعوثين آخرين لطمأنة القادة العرب الآخرين بأنهم سيكونون في مأمن". وهذا الأخير يطرح غير سؤال عن الظمان الأميركي! بعد هذا العرض ل"التوجيهات" وال"افتراضات" وال"توقعات" يقدم وليام فاف حزمة من النصائح للإدارة الأميركية تقوم على تأكيدها أن "أمام الولاياتالمتحدة سياسة حصيفة واحدة في المنطقة، وهي أن تحاول التدخل في التفاعلات التي يشهدها العالم العربي حاليا، وأن تعمل في نفس الوقت على سحب القوات الأميركية من المنطقة، وأن تصدر أوامرها للقوات القليلة التي ستبقى بعدم التورط في أي عمل سياسي، وأن تضع مواضيع حماس وحزب الله والإرهاب والموضوع النووي في الثلاجة إلى حين والسماح لمسؤولين حكوميين بقطاعاتهم". وليام فاف يضيف أن "على أميركا تجنب التدخل وترك شعوب المنطقة تفعل ما تريده فحينها لن يكون لأحد أن يلومها" كما يقول، ليشير إلى التعامل كما وصفه ب"أسلوب لائق" و"تقديم المساعدات لأي حكومة جديدة مع تركها تحدد نوعية العلاقة التي تريد إقامتها مع أميركا وأن تتذكر (أميركا) دائما أن النفط والغاز هما سلعتان تباعان في السوق الحرة للطاقة". هو لا يذكر النهب لهذه الثروة العربية. في الختام ينوه وليام فاف إلى أن "سياسة عدم التدخل هذه لها استثناء واحد، وهو تدخل الولاياتالمتحدة لدى "إسرائيل" لنصحها بانتهاز الفرصة الحالية لصنع السلام مع الفلسطينيين ومع جيرانها من العرب الآخرين، مؤكدا أن هذه الآراء جديدة لكنها تحتمل القراءة من أوجه مختلفة لا بد من نشرها في المنطقة العربية وقد لا تخلو من إعادة تسويق الولاياتالمتحدة وتجميل الصورة أمام العالم العربي. الأهم من ذلك: كثيرة هي الأقوال المليحة من الساسة الأميركيين تجاه العرب؛ لكن الأكثر الأعمال القبيحة حتى يحدث البديل.