يوئيل جوجانسكي- تجابه صنعاء منذ زمن مطامح انفصالية في جنوب الدولة، وتمرداً شيعياً بتأييد إيراني شمالها، وتجابه "القاعدة" التي استغل نشطاؤها التضاريس ومشايعة القبائل لزيادة قوة قبضتها في الدولة. إن الدولة العربية الأفقر والأكثر سكاناً في شبه الجزيرة العربية هي قنبلة موقوتة متكتكة. وليس السؤال هل سيسقط النظام بل متى. إلى جانب زيادة ممكنة لنشاط "القاعدة"، ستكون الأمور تهديداً لا لنظم الحكم في الجزيرة العربية فحسب بل للجماعة الدولية وللولايات المتحدة أيضاً. إن العنف بين القبائل، والجريمة، والقرصنة في البحار، والجوع والأمراض جزء فقط من التحديات التي تواجهها اليمن في الحياة اليومية. إنها دولة فاشلة وإحدى أخطر الدول الفاشلة. وإن سوءاً آخر للوضع قد يفضي إلى انحلال الدولة اليمنية والعودة إلى العقلية القبلية – بوجود أقاليم منفصلة ذات حكم ذاتي مستقل كالصومال. إن انحلال اليمن قد يهدد أيضاً حرية الملاحة في مضيق باب المندب (الذي يمر منه أكثر من ثلاثة ملايين برميل نفط كل يوم)، وأمن أكبر منتجة للنفط في العالم، السعودية، التي تتقاسم حدوداً طويلةً مخترقة في أكثرها. إن إضعافاً آخر لسلطة أجهزة الدولة على ما يجري داخلها يجب أن يقلق من يريدون إيقاف تأثير إيران المتنامي في المنطقة. إن إيران، التي جعلت اليمن وساحات فاشلة أخرى هدفاً لزيادة تأثيرها، قد تم اتهامها أكثر من مرة بتسليح المتمردين الشيعة التي تحاول صنعاء القضاء عليهم لترسل رسالة إلى الانفصاليين في الجنوب بأنها مصممة على النضال من أجل سلامتها، تسلحهم بالوسائل القتالية والمساعدة المادية وتدريب الذراع العسكرية. إن إيران – كما يمكن أن نرى بمرور سفينتيها الحربيتين من قناة السويس – تريد أن تزيد حضورها البحري في البحر الأحمر (وفي الرد أيضاً على النشاط الإسرائيلي لمقاومة تهريب السلاح في المنطقة). لهذا تُقدم تأثيرها السياسي وتؤسس علاقات اقتصادية وعسكرية على نحو يُمكّنها من استغلالها بنشاط معادٍ لإسرائيل. ومن المؤكد أن ضعف السلطة في صنعاء لن يضر بها. يقتضي الوضع إجراء إصلاح للحكم يتناول القضاء على الفساد، وتعزيز سلطة القانون، وفصل السلطات والرقابة المدنية على أجهزة الأمن وتقديماً بطيئاً ومن الداخل لمسارات الدمقرطة، وهي إجراءات لا تستطيع اليمن تحملها بغير مساعدة وضغط خارجيين. وإذا لم يحدث هذا فقد تنفد بعد خمس سنين احتياطيات النفط. ولن يكون في إمكان الحكومة آنذاك أن تزود سكانها الذين قد يضاعفون عددهم في العقد القادم، بالماء. إن إسقاط النظام الحالي، وهو الرباط السياسي الوحيد في الوقت الحالي، قد يفضي إلى نضال عنيف بين القبائل، يضاف إلى مس آخر بالقاعدة الإقليمية ("المعتدلة") التي تؤسسها الولاياتالمتحدة في السنين الأخيرة، وإضرار بمكافحة الإرهاب العالمي، وهي مكافحة كانت حكومة اليمن مشاركة فيها.
*عن "إسرائيل اليوم"
* محاضر في دراسات اللقب الثاني في الدبلوماسية في جامعة تل أبيب.