كشفت الأزمة الحالية التي تعيشها بلادنا عن تفسخ كبير للقيم والأخلاق اليمنية التي اشتهر بها اليمني على غيره من الأمم والشعوب وضربت به الأمثال والحكم حتى قال عنه رسولنا الكريم “ص" “أتاكم أهل اليمن هم ارق قلوباً وألين أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية" فأين نحن اليوم من الحكمة ومن القلوب الرقيقة تعصب أعمى في الرأي ، رفض للعقل والحوار، اختلاق للكذب والنفاق ، الزج بالأطفال في الصراعات حتى أن المبادىء والقيم لم تسلم من فتنة ثورة التقليد فأصبحنا ننتهك الحقوق بقطع الطرقات وافتراش الساحات وإقلاق حرية الناس في الحارات وانتهاك خصوصية العائلات وإبادة دماء المسلمين تحت مسمى الثورات والاعتداء على الحقوق العامة والحريات قطع إمدادات الغاز عن المحافظات دون مراعاة لظروف الناس واحتياجاتهم. ولم يقف المر عند ذلك فحسب بل انتهاك وبشكل غير مسبوق حرمة وفد الوساطة الذي ضم مشائخ من قبائل بلاد الروس وسنحان وبني بهلول كانت تسعى للقيام بدور الوسيط بين رئيس الجمهورية واللواء علي محسن لتتفاجأ باستقبال خارج عن قيم ومبادىء الإنسان اليمني .. إطلاق نار مصحوب بمؤامرة تمثلت بإبلاغ جموع من الجماهير المعتصمة من ساحة الجامعة لتستقبل وفد الوساطة السلمي بالورود كما تدعي ولا بالسلمية كما تصور وسائل الإعلام وإنما بالحجارة والرصاص الحي الخفيف والثقيل بمساندة من قوات الفرقة الأولى مدرع الأمر الذي ترفضه وتنبذه كل الأعراف الإنسانية والقبلية التي تقدس حرمة الرسل ووفود الوساطة فكيف إذا كان الوفد يضم أهالي وأقارب منهم الأخ والخال وأبناء العمومة لا حول ولا قوة إلا بالله لقد أصبحنا نرفع معاول الهدم والتخريب وتعمى أبصارنا ونصم آذاننا عن وسائل وأسباب كفيلة بحقن دماء الناس بهدف تحقيق أهداف ضيقة وتصفية حسابات حزبية وشخصية وإن كان الثمن زعزعة أمن واستقرار الوطن. يا جماعة الخير لو وقفنا بعقلانية تجاه ثورات تونس ومصر وليبيا سندرك أننا نسير بالاتجاه الخطأ لأن التصعيد والتعنت لا يفضي إلا إلى الفوضى والدمار ولنا في الأشقاء خير مثال فالمصريون خرجوا بعد أكثر من شهرين ليطالبوا باستعادة ثورتهم المسروقة وما زال التونسيون يتحسسون طريق الاستقرار والحرية ، أما الأشقاء الليبيون فكان الله في عونهم فشلال الدماء يتزايد وضحاياه هم الناس الأبرياء. إن لغة التصعيد والوعيد التي يستثمرها المشترك في الساحات لن تؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد والتعنت فإذا كانت ثورة الشعب المصري طالبت باقتلاع حزب مبارك فلينظروا ما الذي يفعله حزب البعث في العراق عندما أصرت الدولة الجديدة على اجتثاثه ، الدماء العراقية تملأ الساحات ونسمع عن قتلى كل يوم إن الحديث المتعصب لا يحل القضايا ولا يفضي إلى اتفاق ومن غير المنطق المطالبة بإسقاط النظام بكل مكوناته خاصة إذا ما كانت قاعدته كبيرة وكوادره يمنية وليست إسرائيلية فالحل ليس بالاجتثاث ولا بإلغاء الآخر لأن لغة الإقصاء لن ينتج عنها سوى الخراب والدماء. ياأهل الحكمة المشاكل لا تحل سوى بالحوار والالتقاء والعمل على تصحيح الاعوجاج ومحاسبة الفاسدين بدل التمسك بشعارات التصعيد ولغة التهديد والوعيد. وبمنطق التأمل البسيط ماذا لو أصر المؤيدون للأمن و الاستقرار على الاحتكام للشارع وافترشوا الطرقات مطالبين برحيل المشترك وأعوانه هل سيرضخ المشترك لمطالب الأغلبية أم سيصر على التمسك بآرائه ومطالبه متجاوزاً الدستور الذي يحتكم له ؟ لذا يجب أن نحتكم للعقل ونعود للحوار ما لم فالنتائج ستكون كارثية والخاسر الكبير فيها سيكون الشعب الذي يطالب أغلبيته بالأمن والاستقرار والاحتكام للشرعية الدستورية والحقيقة التي يجب على المشترك إدراكها هي أن كل أسبوع يمر تحرق فيها أوراقه وتزداد شعبية الرئيس وربما يصحو المشترك آخر الشهر ليجد نفسه وحيداً في الساحات بعد أن تخلت عنه كل الجماهير المحبة لوطنها والراغبة بالأمن والاستقرار.