لقد وصلت الأزمة السياسية في الساحة اليمنية إلى مرحلة مستعصية يصعب على الساسة والمصلحين والوسطاء نزع فتيلها بين الأطراف السياسية المتناحرة و بات انفجارها قاب قوسين أو أدنى، بعد أن فشلت كل المساعي والمبادرات والوساطات والتنازلات أمام تعنت وعناد ومكابرة المشترك الذي لا يرضى بغير الرحيل بديلا. وأمام تشدد المشترك ورفضه للحوار وتنازلات المؤتمر ومطالبته بالحوار، يخرج الشعب اليمني عن بكرة أبيه بكل أطيافه ومنظماته دفاعاً عن الوطن والشرعية الدستورية لاسيما بعد أن زج بأطفال أبرياء بعمر الزهور إلى ساحات التغرير وعلى أجسامهم أكفانها، توحي بالموت وتشير إلى القبر دون أن يعلم أطفالنا إلى أين هم ذاهبون، منظر يدمي القلوب و يندى له الجبين وتذرف له الدموع، عجز العلماء والخيرون والحكماء والشخصيات الاجتماعية أن يجدوا حلاً لهذه الأزمة الخانقة التي ستعصف ببلادنا في غياهب الجحيم بعد أن غابت الحكمة اليمنية في هذه الأزمة.. الحكمة التي شهد لنا بها الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي لا ينطق عن الهواء، ويجب على العالم الآن أن يسارع لنزع فتيل القنبلة الموقوتة التي سينجم عنها كارثة إنسانية بشرية الأولى من نوعها ليس في الجزيرة العربية فحسب وإنما في الوطن العربي بأسره، وسيشهد العالم أكبر مجزرة بشرية في تأريخ الإنسانية، إذا لم يبادر الآن لحلها، فالوضع في الشارع اليمني أصبح أكثر تأزمناً، وتأهب الجميع لتوجيه أفواه البنادق صوب بعضهم البعض. المسألة ليست تخويف كما يراها البعض، بل حقيقة يدركها الطفل قبل الشيخ والصغير قبل الكبير ومن يشاهد ويسمع خطابات طرفي النزاع والصراع وتحاورهما عبر القنوات وأيضا حتى على مستوى الشارع داخل حافلات النقل و في المنتديات و الحدائق و البوفيهات والمطاعم وحتى في أسواق القات وفي مجالس المقيل سيجد ويدرك ويكتشف لغة العنف السائدة والزائدة عن حدها عند المشترك ومن أراد التأكد فعليه أن يشاهد القنوات اليمنية جميعها دون استثناء وسيشاهد ويسمع نبرات المتحدثين وانفعالاتهم أثناء الحوار، سواء على مستوى المتحاورين أنفسهم أو على مستوى القنوات المؤيدة والمعارضة، وأيضاً التصريحات الإعلامية لقيادات المشترك والناطقين الرسميين باسمهم. فنجد نبرة العنف ولهجة التهديد وأسلوب الاستفزاز واضح، بل وصلت بعض التهديدات والاعتداءات على الصحفيين والإعلاميين أخرها الاعتداء على رئيس تحرير صحيفة الميثاق، وليس إلى هنا فحسب بل دخلت إلى المؤسسات التربوية أمام فلذات أكبادنا من أبنائنا الطلاب والطالبات في الحرم المدرسي حيث هدد أحد المعلمين المضربين زميله الذي حمل على عاتقه حصصه وحصص زميله حتى لا تتعطل العملية التعليمية ويحرم طلابنا من التعليم فبدلاً من أن يشكره قام بتهديده أمام الطلاب قائلاً بأنه سيرحله بعد أسبوع عندما تنتصر ثورته، يقصد بعد جمعة الخلاص فالله يستر على يمننا ويهدي طرفي النزاع ويؤلف بين قلوبهم ويعودن إلى طاولة الحوار وتجنيب اليمن كارثة الحرب الأهلية التي لا يحمد عقباها لاسيما وقد وصلت إلى داخل مدارس أولادنا ليرحل بعضهم بعض.. الله المستعان.. إلى أين وصلت أخلاقنا وثقافتنا والأمانة التي نحملها على عاتقنا نحن التربويون فما بالكم بباقي شرائح المجتمع وإلى أين وصلت الديمقراطية بعد أن خاضت تجربة ناجحة خلال عقدين من الزمن سجلت فيها نجاحا غير معهود بالمنطقة شهد لها أرباب الديمقراطية في العالم وهاهي اليوم تتعرض لمحاولة اغتيال وانقلاب واضح، وبانت وظهرت نوايا المشترك المبيتة وآلية لاستقصى التي سيحكم بها بعد انقلابه على الشرعية الدستورية لا سمح الله إن لم تكن معي فأنت ضدي هكذا هي.. {ثقافة الإقصاء}..
عموماً نسأل من الله أن يجنب بلادنا شر الفتن وأن يسمعنا خيراً بعد أن عدت وتجاوزت على خير جمعة الإخاء والتي سميت بجمعة الخلاص من قبل المشترك وقد رأينا الحشود الجماهيرية القادمة من عموم محافظات الجمهورية التي وصلت العاصمة صنعاء تجوب شوارعها طولاً وعرضاً. هذا هو الشعب جاء من كل حدبٍ وصوب يقول وبصوت عالٍ أمام العالم بأسره لن نرضى بغير علي عبد الله صالح بديلاً وقد بادل القائد شعبه الوفاء بالوفاء وكادت الدمع تذرف من عيناه وهو يرى هذا الشعب العظيم الوفي يفدي قائده بدمه وماله وروحه فوقف أسداً وبكل معاني الحب والوفاء مقتضباً خطابه أمام شعبه العظيم قائلاً: {أتعهد لكم بأني سأفدي الشعب بالروح والدم وسأضحي بكل غالٍ ونفيس}.. فمن يستطيع حجب هذه الحقيقة الساطعة و نزع حب القائد من قلوب شعبه، وحب الشعب من قلب قائده، فالعملية صعبة والرهان خاسر يا مشترك وماذا تصنع أقليتكم أمام الشعب بأكمله، أحلامكم المريضة وطموحاتكم الهزيلة بالانقلاب على الشرعية الدستورية باتت مستحيلة وهذا السيل الشعبي الجماهيري المتدافع سيجرف مشروع حلمكم الانقلابي، وما بيانكم ومبادرتكم الجوفاء الهزيلة التي أطلقتموها ليلة أمس السبت 2 ابريل 2011 ما هي إلا كحال غريق يحاول التمسك بقشه لإنقاذ نفسه. عودوا إلى صواب رشدكم وأنقذوا أنفسكم واعتذروا للشعب وجلسوا إلى طاولت الحوار قبل أن يثور عليكم شعبكم وينبذكم من أوساطه ويطالب برحيلكم للخلاص من فتنكم. وتجنيب اليمن ويلات الخراب وحقن الدماء وقطع الطريق أمام من يريد أن يتصيد بالماء العكر. اللهم أحفظ يمننا وأهله وجنبه شر الحروب والفتن وانصر من نصره واخذل من خذله، اللهم من أراد بيمننا شراً فجعل كيده في نحره وتدبيره في تدميره إنك مجيب سميع الدعاء اللهم آمين.. اللهم آمين .. اللهم آمين.