صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خديجة السلامي: عملت بالتلفزيون وعمري 11 سنة
نشر في براقش نت يوم 30 - 05 - 2011

براقش نت - في مهرجان الخليج السينمائي الرابع بدبي، أتيحت لشرفات فرصة للتحدث إلى الكاتبة والمخرجة السينمائية الأولى في اليمن، خديجة السلامي من مواليد 1966 صنعاء، المستشارة الإعلامية للسفارة اليمنية بباريس، وصاحبة عدد من الأفلام المعنية بشأن المرأة في بلدها.
حازت السلامي جوائز عالمية، فقد منحها الرئيس الفرنسي جاك شيراك وسام جوقة الشرف بمرتبة ضابط في 2007، وذلك تقديرا لأعمالها السينمائية والكتابية ذات الطابع الاجتماعي والإنساني. كما حقق كتابها الذي صدر بالإنجليزية، وترجم إلى اللغة الفرنسية «دموع سبأ» مبيعات كبيرة. تزوجت وهي في الحادية عشرة من عمرها من رجل كبير بالسن. بعد ذهابها إلى الخارج جمعتها قصة حب أثناء الدراسة الجامعية في الولايات المتحدة الأمريكية مع أمريكي مسلم يسمى شارلز هوتس، وتزوجت منه.
تدرج أفلامها تحت مسمى الأفلام الوثائقية، وأول أعمالها فيلم «نساء اليمن» الذي أعدته كمشروع للتخرج في 1990، وفيلم «أرض سبأ» 1997، «اليمن ذو الألف وجه» 2000، و«غريبة في موطنها» 2005، الذي افتتح المهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان في جنيف، وفازت عنه بست جوائز في المهرجان ذاته. و«أمينة» 2006، ومؤخرا فيلم «الوحش الكاسر».
«كنتُ اشتغل في التلفزيون، وعمري احدى عشرة سنة.. لم يكن ذلك حبا للتلفزيون في البداية، بقدر رغبتي الجادة في أن أبحث عن عمل يساعدني لأجل أن أكون مستقلة ماديا عن أسرتي، وكذلك لرغبتي لأن لا تتحكم أسرتي في الأشياء التي أقوم بها..فأنا مؤمنة أن استقلالية المرأة المالية، تجعلها أكثر حرية من قيود كثيرة قد تحاصرها في المجتمع».
استطاعت السلامي أن تتخذ قرارا فيما يتعلق بمسألة العمل، إلا أن ذلك كان صعبا للغاية فيما يتعلق بالزواج، «كنتُ أرفض الزواج، ولكن أسرتي أجبرتني على ذلك، لكني لاحقا وبصلابة ومواجهة قوية قررتُ الطلاق بعد ثلاثة أسابيع من الزواج.. لحظتها قررتُ أيضا أن لا أسمح لأحد أن يتخذ قرارات بالنيابة عني».
هكذا بدأت خديجة السلامي تحدثنا عن بداياتها الأولى، وتابعت قائلة: «لاحقا بدأتُ أشعر بأهمية الصورة، وأهمية توصيل رسالة للمشاهد.. لم تكن لديّ رغبة في دراسة جانب من مثل الإخراج أو الإعلام، كنتُ أخطط لدراسة المواد العلمية كالهندسة، ولكني وعندما حصلتُ على منحة دراسية لدراسة الإخراج السينمائي والتلفزيوني في أمريكا، شعرتُ أنها فرصتي الذهبية لأخرج من اليمن. بالتأكيد بعض الأفراد من العائلة حاولوا منع سفري، ولكني كنتُ مصرة على ذلك». صمتت قليلا ثم تابعت: «ربما أكثر ما كان يؤثر عليّ هو والدتي التي كانت تغضب، لأنها تصغي إلى ما يقال عني، وتتألم».
الخروج إلى أمريكا
وصفت السلامي الوصول إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد اليمن بأنه «أمر رائع». كانت المرة الأولى التي تخرج فيها من بقعتها، لتكتشف شكل العالم وطعم الحرية. «تعرفتُ على بشر من كل الأجناس، ومن كل الديانات، وكان الدرس الأول الذي تعلمته في أمريكا هو احترام الاختلاف مع الآخرين.. فيما يتعلق بالدراسة كانت أمريكا أيضا فرصة ذهبية، لأن الدراسة في الوطن العربي تقوم على نظرية الحفظ، ولا تسمح بفرصة التفكير، وقد تحجب بعض الأسئلة الممكنة تحت مسمى الحرام.. بينما هنالك كان من حقي أن أفكر وأن اعترض وأن أقول رأيي».
لكن.. لماذا عادت السلامي لتفتش في قضايا اليمن بعد أن غادرتها، ولماذا خرجت أفلامها من اليمن وليس من أمريكا، قالت: «قلتُ في نفسي لن أعود مجددا إلى اليمن، ما أن تمكنت من الخروج منها.. لكن ما يحدث أنه وعندما يكون أحدنا في قلب المعاناة يفكر فقط في آلية التخلص منها، ولكن ما أن يصل إلى مرحلة من الاستقرار حتى يفكر في الآخرين..حالتي تحسنت وأوضاعي أصبحت أفضل، ولكن هنالك من لم تتحسن أوضاعه، لذا كان ينبغي للنضال أن يستمر». وتابعت قائلة: «ذهبتُ إلى اليمن، في محاولة لأن تكون السينما صوتا من لا صوت له، وركزتُ كثيرا على مواضيع المرأة، لأنها تتعرض أكثر للاضطهاد والظلم، ولأني في يوم من الأيام كنتُ جزءا من هذا الواقع السيئ، لذا أحاول عبر السينما أن أمنحهن فرصة ليعبرن عن طموحاتهن ومشاكلهن».
أمينة وآلة التصوير:
من الصعب في مجتمعات منغلقة أن تدخل المرأة إلى السينما حتى في الأفلام الوثائقية، «المرأة تضع في ذهنها دائما ماذا سأقول عن نفسي، وماذا ستقول الناس عندما تشاهدني؟ لذا كنتُ أحاول دائما إقناع المرأة أنه ومن أجل التغيير لا بد من أن تتكلم، وعلى الناس أن تسمعها وتشاهدها، وعلى السينما الوثائقية أن تضع يدها على الجرح تماما».
في فيلمها الثاني «أمينة» الذي يتحدّث عن السجنين الصغير والكبير اللذين تعيشهما المرأة في العديد من الدول العربية، والذي دار حول شابة اسمها أمينة، محكوم عليها بالإعدام بعد إدانتها بقتل زوجها. ذهبت السلامي إلى السجن للتصوير، واجهت الكثير من الصعوبات في الدخول، إلا أنها لم تهدأ إلى أن تمكنت من الحصول على موافقة.
قابلت السلامي أمينة، التي تدعي البراءة وصوّرت حياتها اليومية، وتدريجياً تحول الفيلم من الحديث عن وضع أمينة، إلى الحديث عن وضع نساء أخريات كثيرات في السجن، «كان من الصعب أن أدخل إلى السجن وأخرج، كنتُ أشعر برغبة في أن أعيش الحياة التي تعيشها السجينات.. جلستُ معهن لمدة يوم كامل، ومن ثم قضيت الليلة بطولها معهن، لأشعر بما يشعرن به. ما سهل عليّ الأمر هو ذهابي إلى السجن لوحدي، لا يرافقني إلا عدة التصوير السينمائي.. في البداية استغربت السجينات كثيرا، من هذه المرأة المستعدة لأن تجازف بالدخول،من أجل الاستماع لما يدور في أروقة السجن من تفاصيل، لكن الأمر الغريب بحق هو أنّ «أمينة» التي قدمت من إحدى القرى البعيدة، في حياتها كلها لم تشاهد آلة تصوير، وقد دهشت لذلك كثيرا، إلا أنها والسجينات الأخريات تصرفن بطبيعتهن، وتحدثن بأريحية كبيرة».
تدور مواضيع السلامي حول المرأة، «لأن المرأة عادة تحس وتشعر بالمرأة أكثر من الرجل، وأنا أيضا امرأة وقد مررتُ بالكثير من التجارب الصعبة في حياتي، وتخلصتُ منها، وهذا هو ما يدفعني لأن أشعر بالمرأة التي ترزح تحت ثقل قضايا مشابهة..الرجل هو الآخر لديه مشاكله، ولم يحصل على امتيازاته وحقوقه بنسبة مائة بالمائة. مهما كان انفتاح الرجل في الوطن العربي، لا يزال إلى اليوم يتعامل مع المرأة على أنها جزء من أملاكه سواء أكانت أختا أو أما أو زوجة، وفي اليمن المرأة هي شرف الأسرة.. لا يهمه كيف تشعر وماذا تريد، وما هي طموحاتها.. ما يهمه هو كيف يحافظ على شرف القبيلة».
وفرة مادته وقلة تكلفته
لاحظنا أنّ جميع أفلام السلامي وثائقية، ولم تختر بعد الذهاب الاتجاه إلى الأفلام الروائية القصيرة أو الطويلة، «أولا: لأن هنالك أشياء كثيرة يمكن التقاطها من الواقع مباشرة من دون أن تكون ضمن خط درامي متصاعد، ثانيا: لأن الوثائقي هو الأسهل بالنسبة لي ماديا على الأقل، لأن الفيلم الروائي يحتاج إلى سيناريو، وفريق عمل وتكاليف كبيرة للغاية. القضايا مطروحة في الطريق، والمواضيع التي أطرحها هي تلك التي تزعجني شخصيا، وأشعر أن من واجبي أن أقدم شيئا عنها».
وبالرغم من أن الفيلم الوثائقي يحضره جمهور قليل، مقارنة مع الفيلم الروائي، إلا أنّ السلامي تختلف معنا حول ذلك، «الآن اختلف الأمر كثيرا، وتغيرت وجهات النظر تجاه الفيلم الوثائقي وهنالك شريحة كبيرة الجمهور تريد أن تشاهده، وفي أوروبا تعرض الأفلام الوثائقية في صالات السينما، ولم تعد رهن المهرجانات.. صحيح أن عددها قليل، وحضورها نخبوي في العادة، إلا أن هنالك اهتماما لإظهار الوثائقي بشكل أوسع».
تساءلنا إن كان وجود السلامي في الخارج، قد ساهم في أن يجعل نظرتها إلى اليمن وقضاياها أكثر حيادية عندما تتناولها سينمائيا فقالت: «اعتقد أنّ المسافة بالفعل تخلق نظرة متوازنة أكثر للأمور، أنا الآن لا أعيش الحياة الصعبة التي كنت أعيشها، أنا بعيدة طوال أيام السنة عن اليمن، لذا أذهب باستعداد تام إلى بلدي، حتى أني أتفهم حالة الغضب التي تحدث أثناء التصوير، أتفهم الأخطاء، وأحاول تجاوزها، لأني أعرف أنني عندما أنتهي سأسافر مجددا وارتاح، بينما البقاء في منطقة الألم والتعب نفسها، ربما كان سيجعلني أنكسر وأتأثر بما يدور حولي، وأتنازل أيضا عن بعض أفكاري لصالح ما هو سائد.. وجودي خارج اليمن يعطيني دافعا للعمل أكثر داخل اليمن ويجعلني أكثر حيادية».
تنكر وكاميرا خفية
الفيلم الأخير الذي شاهدناه في صالات مهرجان الخليج السينمائي «الوحش الكاسر»، كان سيودي بحياة السلامي، حيث أنها عادت متنكرة إلى اليمن، وحملت آلة تصوير صغيرة لم ينتبه لها العاملون، الذين هم على استعداد لاستخراج جواز سفر جديد أو بطاقة شخصية لك، من دون التثبت من البيانات مادمت ستقوم بدفع الرشاوي إليهم، وقد أثبتت السلامي ذلك بالصوت والصورة، لتكشف عن أشكال من الفساد الصغير، «بسبب هذا الفيلم كُتب تقرير سيء عني للغاية، لكوني أشتغل على أفلام تُسيء إلى سمعة البلد من وجهة نظرهم، ولكن لم أتردد في إكمال الفيلم، وكتبتُ جزءًا آخر منه.. لكن للأسف هنالك أشخاص مستعدون للوشاية بك، وهنالك من كتب التقرير قبل أن يُشاهد الفيلم ويعرف محتواه، بينما كنتُ أحاول التنويه والإصلاح، ولفت الانتباه إلى الفساد. لكن ومن حسن حظي أنّ ابن الرئيس وابن أخ الرئيس حصلوا على نسخة من الفيلم، فقام وزير الداخلية بجمع 1500 شخص، وعرض الفيلم، كوسيلة للتوعية، وهذا هو الهدف الذي أردتُ أن أصل إليه». تساءلنا: فيلم الوحش الكاسر يركز على الفساد الذي يحدث في الوظائف الدنيا، لكن ماذا أيضا عن الفساد الكبير في الهرم الأعلى لأي مجتمع؟ فأجابت السلامي: «الفساد الصغير من السهل أن نعرفه، ومن السهل أن ندخل بين الناس لكي نصوره، ولكن الفساد الكبير صعب، من الصعب أن اشتغل على فيلم وثائقي من دون وثائق، وهو عادة ما يحدث بتلاعب، وبدون أدلة كافية. كانت هنالك مشاريع أريد القيام بها ولكن تمّ توقيفي، إلا ما يتعلق بموضوع النفط، فقد كان فسادا كبيرا، واستطعتُ أن أحصل على وثائق تدل عليه، إلا أنّ الأمن القومي والأمن السياسي أخرجاني بالقوة قبل أن أكمل الموضوع».
صمتت قليلا ثم أردفت: «ولكن حتى الفساد الصغير المتعلق بمنح جوازات سفر، بمنتهى السهولة بسبب الرشوة هو في النهاية فساد كبير، فكم يؤخذ من جيب المواطن، وكم تخسر الدولة؟ .
كانت السلامي مضطرة لأن تفهم في تقنية التصوير، لأنها من قام بتصوير الفيلم عبر ما اسمته «الكاميرا الخفية»، لذا بحثت عن كاميرا لا تُشاهد، وبدرجة عالية من الجودة، «كنتُ متألمة وأنا أصور..فالناس تعرف بوجود الفساد وتقر به ولكن يختلف الأمر تماما عندما يُرصد بالكاميرا ويوثق للزمن».
أفلامي في التلفاز!
في ظل الأحداث الأخيرة التي يشهدها الوطن العربي، واليمن على وجه الخصوص، كُنّا نتساءل إن كانت الأوضاع ستعود بخير على السينما وعلى مستوى الحرية، فقالت: «ليس فقط على مستوى السينما، وإنما على كل شيء، فبدون حرية لا يستطيع أحدنا أن يُبدع.. لن أقول ان اليمن أفضل من الدول العربية، ولكن لدى اليمن سقف معقول من الحرية في الصحافة والإعلام، خصوصا في الصحف الالكترونية، وأحيانا أنا نفسي أنزعج من الحرية المجانية عندما يركز بعض الإعلاميين على شخصنة الأمور، وعلى الشتم، ويُسيئون استخدام مفهوم الحرية التي ينبغي أن ترتبط بالالتزام الأخلاقي، فهنالك من يستغلها كأسلوب تهديد.. «ادفع لي أو سأكتب عنك». أذكرُ أني شاهدتُ في مهرجان دبي السينمائي فيلما وثائقيا عن العراق، فوجدتُ أنّ الفيلم ينتقد ليس لأسباب فنية، وإنما من مبدأ أنّ الفيلم يُسيء لسمعة العراق كما قالت مجموعة من الذين نعول أن يكون لديهم وعي مختلف، خصوصا وأنهم يطالبون بالحرية، إلا أننا نجدهم يتحسسون من أشياء بسيطة، وهذا ما يخيفني بصدق.. فإذا كانت هذه هي النخبة فما بال البقية أو العامة!».
قبل وجود التلفاز كانت السينما موجودة في اليمن، والآن مع وجود التلفاز الناس لا تذهب إلى السينما، كما أن عدد دور السينما محدود للغاية. «لذا أعرض أفلامي في التلفاز، تحديدا عبر القنوات العربية أو الفرنسية، لأنه من الصعب أن يعرض التلفزيون اليمني القضايا الحساسة التي أطرحها. فيلم «الوحش الكاسر» وُعدت بعرضه في التلفزيون اليمني، ولكن في كل مرة يتم تأخير العرض». كان صادما لنا أن تقبل السلامي بعرض أفلامها عبر التلفاز بدلا من السينما إلا أنها بررت ذلك، «لأنها أفلام وثائقية أقبل بذلك، فالمهم بالدرجة الأولى أن يوصل الفيلم رسالته.. أما لو كان روائيا فالأمر بالتأكيد سيكون مختلفا».
دموع سبأ في كتاب:
المفارقة أنها اشتغلت على سيرتها الذاتية ضمن كتاب حمل عنوان«دموع سبأ»، وليس عبر فيلم سينمائي، كما أنها اختارت اللغة الانجليزية لتعبر بها على اللغة العربية، « يحتوي الكتاب على قصة حياتي، وعلى قصص شخصيات مرموقة في اليمن تعرفتُ عليها، وفهمتُ أشياء كثيرة بواستطها خصوصا ما يتعلق بالسياسة، و الحق يقال أن هؤلاء الرجال هم من أثروا في حياتي، وآثرتُ أن اكتب عنهم إلى جوار قصتي التي قصصتها عبر التاريخ اليمني، كما قمتُ أيضا بعرض قضايا المرأة من خلال قصتي.. من مثل قضية الزواج المبكر، والأحداث التي قد تعيق حياة المرأة وقراراتها، لكي يتولد لديهم الشعور بالشجاعة والإصرار على الخروج من مآزقهم لاحقا.. زوجي هو الذي شجعني على كتابة الكتاب، بل إنه ساعدني في كتابته حقا، وهو لا يجيد العربية لذا كتبناه معا باللغة الانجليزية، ومن ثم ترجم إلى الفرنسية. أما تحويله إلى السينما، فسيكون مكلفا جدا».
لم تضع السلامية حياتها الصعبة في السينما، ولكنها وضعت حكايات فتيات ونساء من اليمن تحت الأضواء. لكنها أخبرتنا عن مشروع سينمائي روائي طويل انتهت من كتابته العام الماضي، وستبدأ قريبا تصويره، يتحدث عن قضية الزواج المبكر. «بدأتُ البحث عن نساء ليمثلن، لا أبحث عن ممثلات محترفات، وإنما أبحث عن نساء عاديات».
المنتج .. تاجر وليس فنانا
ترى خديجة السلامي أنّ الفضل الكبير للمهرجانات التي تقام من أجل الشباب والشابات، «كلنا لا نملك تاريخا طويلا في السينما، لذا هذه المهرجانات تشجع على الإنتاج والمغامرة». وعن السينما الخليجية قالت: «لا ينقص السينما الخليجية أي شيء سوى أن يعكس اهتمامات واقعها.. ما لفت انتباهي هو وفرة المخرجات السينمائيات الخليجيات، لذا كان هنالك طرح سينمائي يخص المرأة. بإمكان أحدنا الآن أن يفهم المجتمعات عبر الأفلام، لأنها تعكس ما يعيشون..أنا بصدق لم أكن أعرف الكثير عن الخليج، لكني بدأت أفهم حياتهم وواقعهم وطموحاتهم من خلال السينما، أما مشاكل الأفلام الخليجية، فتكمن في حبك القصة، فعادة ما تكون القصة من أولها إلى آخرها معروفة، ومتوقعة..لكن في العام الماضي شاهدتُ أفلاما قوية من عمان والبحرين..فيها حبكة وصورة، ولا تعطي مفاتيحها بسرعة، الرهان على الوقت حيث سيرى المخرج تجارب أخرى وسيتعلم منها.. الجميل أيضا أن المهرجانات توفر فرصا ذهبية للقاءات ب سينمائيين كبار، وفرص لطرح الأسئلة، وحلقات النقاش».
وعن كيف تحافظ السينما المختلفة على نفسها إلى جوار السينما التجارية قالت: «ما يقف إلى جوار السينمائي المختلف هو أن ينجح فيلمه في المهرجان، وأن يحصل على جائزة تدعمه.. ولكن للأسف بعض المخرجين المستقلين من الصعب أن ينجحوا في تحقيق قاعدة جيدة لأنفسهم، وهذه المشكلة عالمية وليست عربية فقط لأن الممول أو المنتج في الغالب هو رجل أعمال يريد أن يربح، وليس فنانا.. من خلال تجربتي في فيلمي الأول مع المنتجين وجدتُ أنهم يتدخلون في كل شيء في السيناريو، وفي التصوير، وفي طريقة الإخراج، فتضايقتُ ورفضت ذلك وبشدة. لذا في الأفلام التالية ابتعدت قدر الإمكان عن البحث عن المنتجين الذين قد يغيروا فكرة عملي، ومن حسن حظي لديّ وظيفتي المستقلة، ولا أحب أن اعمل وفق مزاج شخص لا علاقة له أصلا بما أطرحه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.